التعليم كيان ترتبط أوصاله بأشكال ومجالات وتكوينات الحياة الأخرى، فهو لا يسير كمنظومة متوحّدة بذاتها، غير آبهة بما حولها من معطيات وتغيرات واحتياجات ورؤى مستقبلية، فهو إن لم يكن القاعدة المتينة التي يقوم عليها كل ذلك، وإن لم يكن رأس الهرم الذي لا بدّ أن يتم التركيز بشأنه، وإن كنا غير توّاقين لإضفاء الطابع الإعلامي الرنّان الذي ينادي بأنني وحدي ولا أحد سواي، فإن التعليم لا يخلو ولا يمكن تجاهل كونه مرتبطا ارتباطا وثيقا مع كل المنظومات من حوله، والذي لا يمكن بأي شكل من هذه الأشكال أن يسير لوحده متجرّدا مما يحيط به ويشكله، وتصاغ الرؤى بشأنه.
وبتتبع خط سير التعليم عبر العصور، وكفكرة بارقة من ندوة التعليم في الحمراء، التي تم فيها عرض وتتبع المنظومة التعليمية، ومقارنتها ما بين الأمس الماضي واليوم الحاضر، من خلال مراجعة الوثائق القديمة، ولوغاريتميات البيانات التي تشير إلى كل من أعداد المباني المدرسية، والخدمات المساندة ما بين الماضي والحاضر، وكذلك الأنظمة التعليمية والمناهج الدراسية، وتقويم تعلم الطلبة وما يرافق كل ذلك من هيئات إدارية وتدريسية، وقوائم الطلبة وأعدادهم، والمشاركة المجتمعية والرعاية الطلابية، كل ذلك يسير عبر منظومة ونمط يمكن قراءته، لاستقراء منظومة التعليم في المستقبل، التي كانت بتنظيم من مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري الأهلية بولاية الحمراء.
نجد ومن خلال قراءة خط سير التعليم، إن منظومة التعليم تسير وتنحو إلى مجالين يسيران بالتوازي، ولا يمكن إعلاء شأن وجانب دون الآخر، فإن التعليم يمكن اعتباره وعلى نحو ثابت، وعلى مر العصور يسير نحو بناء الإنسان وإنشائه، بتكوين يساعده على التعامل مع معطيات الحياة، كما أنه يسير باتجاه يأخذ الطابع الصناعي، لبناء مخرجات تناسب سوق العمل؛ لتأهيلها لتكون قوى عاملة فاعلة في كل المجالات العمليّة للبناء المجتمعي والرقي به على كافة الأصعدة، وجميع ما يلاقي التعليم من تغيّرات، إلا أنه أكثر ما يطال قراءة احتياجات سوق العمل وتطور أنظمة التعليم، ويظل بذلك البند الأول من أهداف التعليم الرئيسية الأولى، قائما بحد ذاته شامخا لا يتبدّل كون الإنسان هو الإنسان ذاته عبر الزمان ومنذ الأزل وحتى قادم الأيام وفي المستقبل.
لن أتطرّق إلى الحديث عن الجانب الاقتصادي بمتغيّراته واحتياجات سوق العمل، التي كانت فيما مضى تتغيّر وفق منظومة، قد تطال عددا من السنين فتسمّى الخطة بعدها كالخطّة الخمسينية على سبيل المثال، فيطالها التغيير والتعديل مرة بعد مرة، ومع كل قراءة للخط الاستقرائي التطوري، ويقوم على ذلك قادة سوق العمل وقادة الدول والمنظمة العالمية ككل، ليستجيب لها التعليم بداية من قاعدة الهرم ومنذ التعليم الأولي وما قبل الأساسي، إلى آخر مراحل التعليم الجامعية وما يفوقها وبما يعادل التعليم المستمر والتعلّم مدى الحياة، لتتلاءم مع تلك الرؤى والأهداف التطورية التي تتناسب مع سوق العمل.
وإن كانت أنظمة التعليم يطالها التغيير والتطوير، إلا أن ذلك له آثاره على خط البناء الثاني الذي يسير بالتوازي مع غايات التعليم، ألا وهو بناء الإنسان، فكما يطال التغيير سوق العمل واحتياجاته فكذلك بناء الإنسان له ثوابته، وتخضع بعض من جوانبه للتغيير، فمن الضرورة والحاجة الملحّة القصوى أن يبنى الإنسان على التعامل مع المتغيّرات، وعلى تلك المعطيات التي تتغيّر مرة بعد مرة، وفي خط سير يتعدل مساره مرارا وتكرارا، مما يحيطه بعدد من التحدّيات والمتغيّرات، التي تبعده عن دائرة الأمان ووهم الثوابت، وتحرره من قيود الافتراضات المطلقة، بل تدرّبه على أن كل ما حوله محض افتراضات قابلة للنقض والتغيير.
فلا يُبنى الإنسان حسب المتغيّرات، ولا يتم تطويعه لما يتناسب معه بل يبنى من الأساس على المتغيرات، ولا مجال لإضاعة الوقت بما يسمى وكما أطلق عليه الكاتب المصري عبدالرحيم كمال « إهدار البال العام »، عن طريق تراشق النّقد بل بصناعة فرد يمتلئ بالمرونة الفكرية أثناء عمليات التفكير العلمية، التي تكون قائمة من الأساس على مجموعة من المتغيّرات، والتي كما نرى أن بعض تلك المتغيّرات تكون على نحو فادح تكسر النمط القديم والشكل المعتاد، فوحدها المرونة وعن طريقها تصنع إنسانا يعرف أن التغيير شكل من أشكال الحياة الحيوية، التي توحي بالاستمرارية والنمو.
وبتفصيل أكثر عن تلك المرونة الفكرية، نجد أنها قائمة وتكون في أحسن أحوالها عندما تُبنى على قاعدة معرفيّة متينة، يستطيع صاحبها ليس تخزينها في عقله فحسب، بل خفّة وتلقائية الحصول عليها من مكامنها بلا تعقيدات كبيرة، ولتسهيل خاصية المرونة الفكرية لا بدّ من أفق رحب تسبح فيه فضاءات الفكرة، متحرّرة من قيود الفكرة المحاطة بالأسياج، التي تحد من إمكانية نموها وتطورها إلى أن تطاول الحلول، وتجد عتبة الباب الأكثر منطقية وملائمة.
ولا شيء يحقّق تلك المساحة الفسيحة والفضاءات الرحبة أكثر من أن يعتاد المتعلّم أن ينتقل ما بين مهارات الذكاءات المتعددة، كأن ينفتح أفقه على كافة المجالات، التي تتوسع من خلالها مداركه، فتزداد معرفته بما يجعله أكثر انفتاحا على المتغيّرات.
وتلك المرونة في التفكير كنموذج عميق، وكمشروع لتنمية مستدامة بحيث تكون هناك حلقة متواصلة لإعادة تدوير الأفكار، لتنبثق منها أفكار أخرى، أو حركة دائرية بأن تبدأ بالفكرة إلى أن تعود إلى ذات الفكرة، كتعزيز لها بعد رحلة بحث. وأشارت إلى ذلك الدكتورة هدى بنت مبارك الدائرية في ندوة التنمية المستدامة في البيئة المدرسية في جلسة حوارية، ضمن البرامج الثقافية المقدّمة ضمن برامج وفعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب ٢٠١٣م، حول تنمية مستدامة قوامها إعادة تدوير الأفكار قبل المواد، لتكون بذلك غير محصورة كمصطلح على الجانب البيئي المادي، أو أن تكون محدودة في إعادة تدوير المواد والبلاستيك والمعطيات المادية فقط، لتكون بذلك التنمية المستدامة تغوص في أعماق الهويّة، ليكون هناك انبثاق من الجوهر الأم، ليكون هناك تنامٍ وإعادة تدوير، وتحديد يطال التغيير والنمو الذاتي بدون المساس بالكيان الحقيقي لهويّة التعليم، والذي هو الأساس المعوّل عليه لكل مجالات الحياة الأخرى.
وبتتبع خط سير التعليم عبر العصور، وكفكرة بارقة من ندوة التعليم في الحمراء، التي تم فيها عرض وتتبع المنظومة التعليمية، ومقارنتها ما بين الأمس الماضي واليوم الحاضر، من خلال مراجعة الوثائق القديمة، ولوغاريتميات البيانات التي تشير إلى كل من أعداد المباني المدرسية، والخدمات المساندة ما بين الماضي والحاضر، وكذلك الأنظمة التعليمية والمناهج الدراسية، وتقويم تعلم الطلبة وما يرافق كل ذلك من هيئات إدارية وتدريسية، وقوائم الطلبة وأعدادهم، والمشاركة المجتمعية والرعاية الطلابية، كل ذلك يسير عبر منظومة ونمط يمكن قراءته، لاستقراء منظومة التعليم في المستقبل، التي كانت بتنظيم من مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري الأهلية بولاية الحمراء.
نجد ومن خلال قراءة خط سير التعليم، إن منظومة التعليم تسير وتنحو إلى مجالين يسيران بالتوازي، ولا يمكن إعلاء شأن وجانب دون الآخر، فإن التعليم يمكن اعتباره وعلى نحو ثابت، وعلى مر العصور يسير نحو بناء الإنسان وإنشائه، بتكوين يساعده على التعامل مع معطيات الحياة، كما أنه يسير باتجاه يأخذ الطابع الصناعي، لبناء مخرجات تناسب سوق العمل؛ لتأهيلها لتكون قوى عاملة فاعلة في كل المجالات العمليّة للبناء المجتمعي والرقي به على كافة الأصعدة، وجميع ما يلاقي التعليم من تغيّرات، إلا أنه أكثر ما يطال قراءة احتياجات سوق العمل وتطور أنظمة التعليم، ويظل بذلك البند الأول من أهداف التعليم الرئيسية الأولى، قائما بحد ذاته شامخا لا يتبدّل كون الإنسان هو الإنسان ذاته عبر الزمان ومنذ الأزل وحتى قادم الأيام وفي المستقبل.
لن أتطرّق إلى الحديث عن الجانب الاقتصادي بمتغيّراته واحتياجات سوق العمل، التي كانت فيما مضى تتغيّر وفق منظومة، قد تطال عددا من السنين فتسمّى الخطة بعدها كالخطّة الخمسينية على سبيل المثال، فيطالها التغيير والتعديل مرة بعد مرة، ومع كل قراءة للخط الاستقرائي التطوري، ويقوم على ذلك قادة سوق العمل وقادة الدول والمنظمة العالمية ككل، ليستجيب لها التعليم بداية من قاعدة الهرم ومنذ التعليم الأولي وما قبل الأساسي، إلى آخر مراحل التعليم الجامعية وما يفوقها وبما يعادل التعليم المستمر والتعلّم مدى الحياة، لتتلاءم مع تلك الرؤى والأهداف التطورية التي تتناسب مع سوق العمل.
وإن كانت أنظمة التعليم يطالها التغيير والتطوير، إلا أن ذلك له آثاره على خط البناء الثاني الذي يسير بالتوازي مع غايات التعليم، ألا وهو بناء الإنسان، فكما يطال التغيير سوق العمل واحتياجاته فكذلك بناء الإنسان له ثوابته، وتخضع بعض من جوانبه للتغيير، فمن الضرورة والحاجة الملحّة القصوى أن يبنى الإنسان على التعامل مع المتغيّرات، وعلى تلك المعطيات التي تتغيّر مرة بعد مرة، وفي خط سير يتعدل مساره مرارا وتكرارا، مما يحيطه بعدد من التحدّيات والمتغيّرات، التي تبعده عن دائرة الأمان ووهم الثوابت، وتحرره من قيود الافتراضات المطلقة، بل تدرّبه على أن كل ما حوله محض افتراضات قابلة للنقض والتغيير.
فلا يُبنى الإنسان حسب المتغيّرات، ولا يتم تطويعه لما يتناسب معه بل يبنى من الأساس على المتغيرات، ولا مجال لإضاعة الوقت بما يسمى وكما أطلق عليه الكاتب المصري عبدالرحيم كمال « إهدار البال العام »، عن طريق تراشق النّقد بل بصناعة فرد يمتلئ بالمرونة الفكرية أثناء عمليات التفكير العلمية، التي تكون قائمة من الأساس على مجموعة من المتغيّرات، والتي كما نرى أن بعض تلك المتغيّرات تكون على نحو فادح تكسر النمط القديم والشكل المعتاد، فوحدها المرونة وعن طريقها تصنع إنسانا يعرف أن التغيير شكل من أشكال الحياة الحيوية، التي توحي بالاستمرارية والنمو.
وبتفصيل أكثر عن تلك المرونة الفكرية، نجد أنها قائمة وتكون في أحسن أحوالها عندما تُبنى على قاعدة معرفيّة متينة، يستطيع صاحبها ليس تخزينها في عقله فحسب، بل خفّة وتلقائية الحصول عليها من مكامنها بلا تعقيدات كبيرة، ولتسهيل خاصية المرونة الفكرية لا بدّ من أفق رحب تسبح فيه فضاءات الفكرة، متحرّرة من قيود الفكرة المحاطة بالأسياج، التي تحد من إمكانية نموها وتطورها إلى أن تطاول الحلول، وتجد عتبة الباب الأكثر منطقية وملائمة.
ولا شيء يحقّق تلك المساحة الفسيحة والفضاءات الرحبة أكثر من أن يعتاد المتعلّم أن ينتقل ما بين مهارات الذكاءات المتعددة، كأن ينفتح أفقه على كافة المجالات، التي تتوسع من خلالها مداركه، فتزداد معرفته بما يجعله أكثر انفتاحا على المتغيّرات.
وتلك المرونة في التفكير كنموذج عميق، وكمشروع لتنمية مستدامة بحيث تكون هناك حلقة متواصلة لإعادة تدوير الأفكار، لتنبثق منها أفكار أخرى، أو حركة دائرية بأن تبدأ بالفكرة إلى أن تعود إلى ذات الفكرة، كتعزيز لها بعد رحلة بحث. وأشارت إلى ذلك الدكتورة هدى بنت مبارك الدائرية في ندوة التنمية المستدامة في البيئة المدرسية في جلسة حوارية، ضمن البرامج الثقافية المقدّمة ضمن برامج وفعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب ٢٠١٣م، حول تنمية مستدامة قوامها إعادة تدوير الأفكار قبل المواد، لتكون بذلك غير محصورة كمصطلح على الجانب البيئي المادي، أو أن تكون محدودة في إعادة تدوير المواد والبلاستيك والمعطيات المادية فقط، لتكون بذلك التنمية المستدامة تغوص في أعماق الهويّة، ليكون هناك انبثاق من الجوهر الأم، ليكون هناك تنامٍ وإعادة تدوير، وتحديد يطال التغيير والنمو الذاتي بدون المساس بالكيان الحقيقي لهويّة التعليم، والذي هو الأساس المعوّل عليه لكل مجالات الحياة الأخرى.