ماذا تفعل بفكرة لن تدهشك؟
عصر الكتابة الهندسيّة؛ وعلى ما يبدو قد وُلِد من جديد..ذات يوم صادفنا تلك الأعاجيب الأدبية، التي تتسم بطابع هندسي، كأن يبدأ شطر البيت بحرف وينتهي بذات الحرف، أو أن القصيدة ككل مرتّبة حسب الحروف الأبجدية، أو عن تلك الرواية التي بدايتها تتشابه مع خط نهايتها، وكأن الراوي بذلك ابتدأ من النهاية من الأساس، ولهو أمر بديع أن تطال التنظيمات الهندسيّة الكتابة الأدبية والفكرية، كشأن المخطوطات والبرديّات القديمة، فيكون هناك إعلاء من شأن الحرف والكلمة، بدون إلحاق الضرر وانتقاص المعنى، لكن ماذا لو عرضت لكم عددا من المسائل الفكرية، التي ما ان تبدأها حتى تكتشف وبعد رحلة طويلة، بأن النهاية هي ذات البداية، حيث إن النهاية على اتحاد مع البداية، وإن كان ذلك بمنطق يتجاوز المألوف؛ إلا أنه لا يتعدّى حدود البداهة، فقد تكون الطريق بحذافيرها في عتبة الباب، فلا تحسبّن النهاية إن ابتعدت إلا أن تكون أقرب ما تكون من البداية، وقد تكون للطريق بدايتان؛ واحدة عند البداية وأخرى عند النهاية، وما تلك النهايات سوى انعكاس للبدايات، وكما يقول المثل « تيتي تيتي كما رحتي جيتي »، ليكون التصميم البديع لا يطال الحرف أو الكلمات، بل ان جوهر الأمر في ذاته يعيدك إلى نقطة البداية، عبر سلسلة من الأفكار تجتمع فيها البداية والنهاية في الفكرة.
هي الأفكار المبعثرة من حولك، والتي تخرج عن عقلك حتى قيل إنها تتجاوز آلاف الأفكار في مدة محدودة، هي كطاقة مهدورة عليك استغلالها، عليك أن تصطاد بعضا منها، كأن تلاحقها عُنْوة أو أنك تقتنص تلك الأفكار، التي تستقر في عقلك أخيرا، لتركز على بعض منها حتى قيل لك إن الإنجاز مرتبط بالتركيز، فيحدث ذلك حقا فتجر الفكرة الأخرى، حتى يكون لديك سيل متتابع من الأفكار، التي تشكّل قواما منسجما من فكر مستنير في مجاله، كل ذلك لأنك اقتنصت بعضا من تلك الأفكار، ومارست عليها كل حيَل التركيز، أو ما يسمى بالعمليات العقلية وعادات التفكير، فتسرّ بذلك فيقتادك إلى مزيد من التركيز والتفكير، إلى الحدّ الذي تصل فيه إلى أنك بحاجة إلى صفاء الذّهن، حيث تعود مجددا إلى أن يُطلق عقلك الأفكار المبعثرة من جديد كمثل البداية الأولى.
وعلى نحو بديهي نجد أن تلك الأفكار، وإن بدت فذّة ومميزة وخارج نطاق المعتاد والمألوف، إلا أنها ما زالت في طورها الخام بحاجة إلى إعادة تنظيم، وذلك عبر العمليات العقلية وعادات التفكير، والتي أجمع الخبراء بأنها قائمة على الفهم والتذكر والاستدلال والتعميم والتجريد والتقويم، والتي قيل لك بعد ذلك بأن كل تلك العمليات وإن بدت لك تلقائية فطرية إلا أنك يجب ألا تركنها للفطرة، بل عليك أن تُخضعها إلى المِران والتدريب والممارسة، لتكون قادرا بذلك على معالجة أكبر كم من الأفكار والربط فيما بينها، والاسترسال في عرض النتائج، وأن تكون ناقدا فذا لكم البدائل التي تتاح أمامك، إلا أنك وبعد أن تتزايد خبرتك في مجال تطوير العمليات العقلية تعود مجددا للبحث عن تلقائيتك وعفويتك في التفكير، ولتكون في أحيان كثيرة على نحو بديهي من جديد كمثل البداية الأولى.
تختال منجزاتك أمامك وتتوالى وتتنامى على نحو تراكمي، فيهمس لك من حولك عن الجودة والكفاءة والتقييم الذاتي، فتلجأ إلى أبسط التقييمات وأعقدها، للبحث عن جدوى أفكارك التي ربطت فيما بينها، ليُدلي كل منهم بدلوه عاقدا حاجبيه، فيملي عليك الواجب والمسموح والمستحسن من بين الأفكار، مستندا في ذلك ومتكئا على أغلب الظن على أفكاره المسبقة، والتي ليس بالضرورة أنها تفوق أفكارك، فيصطدم بحائط يعلوه فلا يقبله، أو أنه بذلك يُخضع التقويم إلى تأويلات التخصص الأكاديمية، والتي لا تخلو من التعقيدات وبطء السيرورة والاستحواذ على الحرية الفكرية، كما قد يطال بعض النظريات التهميش والاستبعاد، في حين يُعلى من شأن نظريات أخرى، فتعرف بعدها أن الإيمان بالمنجزات والإيمان بأفكارك هي من يجعلها تختال حقا وبثقة، ليس أمامك فحسب بل للنقاد كذلك من حولك، من جديد كمثل البداية الأولى.
وكما تختال منجزاتك فإنك بذلك أيضا في رحلة عليك أن تتنقل فيها بثبات وبخطوات متواصلة، وإن كانت صغيرة إلا أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، رغم ذلك فإن العرف السائد أن يكون لك حكيم مرشد في مجالك ورحلتك، ليحدّثك عن خطّي البداية والنهاية، وتلك النقلات ما بين الخطوة والأخرى، وعن تعديل مساراتك مرة بعد أخرى، وعن كل المطبات التي ستواجهك، وأن ذلك المعلّم والقائد سيكون العكّاز السحري الذي تتكئ عليه، إلا أنك وبعد أن تقطع شوطا كبيرا من تلك الرحلة مستندا فعلا على الحكيم المرشد، والذي لن يفعل عنك الأشياء، ولن يسير بدلا منك ولن يكون سرّك الوضّاء تجاه كل ما ستواجهه من تجارب، بل سيرشدك ويرقبك من بعيد لتظل الرحلة في أغلبها إن لم تكن في كلّيتها مرهونة عليك وحدك، من جديد كمثل البداية الأولى.
ترسم خطتك مستندا أولًا وأخيرا على أفكارك، يقينا تحاول رسم المسار ما بين خطّي البداية والنهاية، أي ما بين الغاية والنتيجة، وما بين الهدف وتحقيقه، فترسم المسار في ذهنك جيدا، وترقّم المحطّات التي سوف تعبرها، وأنت تتقدم نحو هدفك ستتجاوز بعض المحطّات، والبعض الآخر سيجبرك على المكوث زمنا أكثر من المحطّات السابقة، ولتعرف بعدها أن بعض المحطّات بحاجة إلى خطّة مستقلة، إلا أنك تعرف أخيرا بأنك تتقدّم وتقترب من الهدف شيئا فشيئا، إلا أن يقينك وإدراكك يقول لك من البداية، وخلال خطة سيرك وخط تنقلك نحو الهدف بأنك عن طريق اليقين سوف تصل، من جديد كمثل البداية الأولى.
وإن كانت الرحلة ذات قيمة لديك، فلترى من حولك بأن الجميع في ارتحال دائم، ولكل منا وجهته الخاصة، وبلا شك ستنبثق من داخلك رغبة في أن تكون رحلتك ووجهتك ليست ككل الوجهات بعناوينها ومساراتها، فتسعى لاختصار المسافة أو أن تذهب في رحلة متفردة نحو غاية قصوى، تُسجّل لك خطوة عبر التاريخ، تدفع بعجلة الحركة التنموية، فتسعى إلى أن تكون رحلتك لا يشابهها شيء، فتبحث عن الأفكار النادرة والمميزة، إلا أن الأشياء الثمينة ليست في متناول الأيدي، ولا تطفو على السطح، ولا تأتي مع الرياح أو المطر، إلا أنك تسعى لتحصل عليها، وما أن تحصل عليها وتحقق النادر والمتفرّد، حتى تجد أن ذلك النادر مهما بدا ثمينا برّاقا، إلا أن عموم الحياة وبنمطها الاعتيادي الروتيني التكراري ستتجاهلك خوفا من كون رحلتك ضوءا غريبا في عداد المجهول، من جديد كمثل البداية الأولى
فمعانيك المختبئة خلف الكلمات، وتلك الرموز والكتابات التي تتوارى خلف تلك المعاني، والتي تحاول أن تجرّ بأنفاسها الشرح والتوضيح، فيستفزك الجميع لتكشف أوراق معانيك، لتتجلّى بمنظور الفكرة وتبتهج بمعناها، فتحاول إطالة السرد والشرح وإخراج المعنى من مكامنه، ظنّا منك بذلك بأنك ستنقله من مكانه المكنون إلى بوتقة العقل، إلا أنك ستصطدم ببعض التجارب التي قد تقول لك العكس من ذلك، وبأن لا مكان آمن لللآلئ من سجن محارتها، فتعود مجددا لحفظ المعنى بالرمز، من جديد كمثل البداية الأولى.
لتبدأ أفكارك وخبراتك الذّاتيّة بالتشكّل شيئا فشيئا، فتبدأ بتقييم كم الأفكار المتداخلة والمبعثرة من حولك، فتحاول لملمتها تحت إطار تساؤلات فلسفية، ليتساءل ذهنك حول فاعليّتها وجدّيتها، وتحاول استبطان ما ظهر منها واستظهار ما بطن، ظنّا منك أنك بذلك تحاول تنظيم ذلك في إطار أكثر ترتيبا وانتظاما، وفق إطار فلسفي لتكتشف بعدها أن تلك التساؤلات لا تشكّل أيًا من تلك الفضاءات الرحبة للمعرفة، وبأن هي مجالا أكثر رحابة للعشوائية بحدّ ذاتها، حيث الأفكار التي لا يحدّها شيء ولا تنتظم وفق أي من المنظومات، من جديد كمثل البداية الأولى.
فوزية الفهدية كاتبة وقاصة عمانية
عصر الكتابة الهندسيّة؛ وعلى ما يبدو قد وُلِد من جديد..ذات يوم صادفنا تلك الأعاجيب الأدبية، التي تتسم بطابع هندسي، كأن يبدأ شطر البيت بحرف وينتهي بذات الحرف، أو أن القصيدة ككل مرتّبة حسب الحروف الأبجدية، أو عن تلك الرواية التي بدايتها تتشابه مع خط نهايتها، وكأن الراوي بذلك ابتدأ من النهاية من الأساس، ولهو أمر بديع أن تطال التنظيمات الهندسيّة الكتابة الأدبية والفكرية، كشأن المخطوطات والبرديّات القديمة، فيكون هناك إعلاء من شأن الحرف والكلمة، بدون إلحاق الضرر وانتقاص المعنى، لكن ماذا لو عرضت لكم عددا من المسائل الفكرية، التي ما ان تبدأها حتى تكتشف وبعد رحلة طويلة، بأن النهاية هي ذات البداية، حيث إن النهاية على اتحاد مع البداية، وإن كان ذلك بمنطق يتجاوز المألوف؛ إلا أنه لا يتعدّى حدود البداهة، فقد تكون الطريق بحذافيرها في عتبة الباب، فلا تحسبّن النهاية إن ابتعدت إلا أن تكون أقرب ما تكون من البداية، وقد تكون للطريق بدايتان؛ واحدة عند البداية وأخرى عند النهاية، وما تلك النهايات سوى انعكاس للبدايات، وكما يقول المثل « تيتي تيتي كما رحتي جيتي »، ليكون التصميم البديع لا يطال الحرف أو الكلمات، بل ان جوهر الأمر في ذاته يعيدك إلى نقطة البداية، عبر سلسلة من الأفكار تجتمع فيها البداية والنهاية في الفكرة.
هي الأفكار المبعثرة من حولك، والتي تخرج عن عقلك حتى قيل إنها تتجاوز آلاف الأفكار في مدة محدودة، هي كطاقة مهدورة عليك استغلالها، عليك أن تصطاد بعضا منها، كأن تلاحقها عُنْوة أو أنك تقتنص تلك الأفكار، التي تستقر في عقلك أخيرا، لتركز على بعض منها حتى قيل لك إن الإنجاز مرتبط بالتركيز، فيحدث ذلك حقا فتجر الفكرة الأخرى، حتى يكون لديك سيل متتابع من الأفكار، التي تشكّل قواما منسجما من فكر مستنير في مجاله، كل ذلك لأنك اقتنصت بعضا من تلك الأفكار، ومارست عليها كل حيَل التركيز، أو ما يسمى بالعمليات العقلية وعادات التفكير، فتسرّ بذلك فيقتادك إلى مزيد من التركيز والتفكير، إلى الحدّ الذي تصل فيه إلى أنك بحاجة إلى صفاء الذّهن، حيث تعود مجددا إلى أن يُطلق عقلك الأفكار المبعثرة من جديد كمثل البداية الأولى.
وعلى نحو بديهي نجد أن تلك الأفكار، وإن بدت فذّة ومميزة وخارج نطاق المعتاد والمألوف، إلا أنها ما زالت في طورها الخام بحاجة إلى إعادة تنظيم، وذلك عبر العمليات العقلية وعادات التفكير، والتي أجمع الخبراء بأنها قائمة على الفهم والتذكر والاستدلال والتعميم والتجريد والتقويم، والتي قيل لك بعد ذلك بأن كل تلك العمليات وإن بدت لك تلقائية فطرية إلا أنك يجب ألا تركنها للفطرة، بل عليك أن تُخضعها إلى المِران والتدريب والممارسة، لتكون قادرا بذلك على معالجة أكبر كم من الأفكار والربط فيما بينها، والاسترسال في عرض النتائج، وأن تكون ناقدا فذا لكم البدائل التي تتاح أمامك، إلا أنك وبعد أن تتزايد خبرتك في مجال تطوير العمليات العقلية تعود مجددا للبحث عن تلقائيتك وعفويتك في التفكير، ولتكون في أحيان كثيرة على نحو بديهي من جديد كمثل البداية الأولى.
تختال منجزاتك أمامك وتتوالى وتتنامى على نحو تراكمي، فيهمس لك من حولك عن الجودة والكفاءة والتقييم الذاتي، فتلجأ إلى أبسط التقييمات وأعقدها، للبحث عن جدوى أفكارك التي ربطت فيما بينها، ليُدلي كل منهم بدلوه عاقدا حاجبيه، فيملي عليك الواجب والمسموح والمستحسن من بين الأفكار، مستندا في ذلك ومتكئا على أغلب الظن على أفكاره المسبقة، والتي ليس بالضرورة أنها تفوق أفكارك، فيصطدم بحائط يعلوه فلا يقبله، أو أنه بذلك يُخضع التقويم إلى تأويلات التخصص الأكاديمية، والتي لا تخلو من التعقيدات وبطء السيرورة والاستحواذ على الحرية الفكرية، كما قد يطال بعض النظريات التهميش والاستبعاد، في حين يُعلى من شأن نظريات أخرى، فتعرف بعدها أن الإيمان بالمنجزات والإيمان بأفكارك هي من يجعلها تختال حقا وبثقة، ليس أمامك فحسب بل للنقاد كذلك من حولك، من جديد كمثل البداية الأولى.
وكما تختال منجزاتك فإنك بذلك أيضا في رحلة عليك أن تتنقل فيها بثبات وبخطوات متواصلة، وإن كانت صغيرة إلا أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، رغم ذلك فإن العرف السائد أن يكون لك حكيم مرشد في مجالك ورحلتك، ليحدّثك عن خطّي البداية والنهاية، وتلك النقلات ما بين الخطوة والأخرى، وعن تعديل مساراتك مرة بعد أخرى، وعن كل المطبات التي ستواجهك، وأن ذلك المعلّم والقائد سيكون العكّاز السحري الذي تتكئ عليه، إلا أنك وبعد أن تقطع شوطا كبيرا من تلك الرحلة مستندا فعلا على الحكيم المرشد، والذي لن يفعل عنك الأشياء، ولن يسير بدلا منك ولن يكون سرّك الوضّاء تجاه كل ما ستواجهه من تجارب، بل سيرشدك ويرقبك من بعيد لتظل الرحلة في أغلبها إن لم تكن في كلّيتها مرهونة عليك وحدك، من جديد كمثل البداية الأولى.
ترسم خطتك مستندا أولًا وأخيرا على أفكارك، يقينا تحاول رسم المسار ما بين خطّي البداية والنهاية، أي ما بين الغاية والنتيجة، وما بين الهدف وتحقيقه، فترسم المسار في ذهنك جيدا، وترقّم المحطّات التي سوف تعبرها، وأنت تتقدم نحو هدفك ستتجاوز بعض المحطّات، والبعض الآخر سيجبرك على المكوث زمنا أكثر من المحطّات السابقة، ولتعرف بعدها أن بعض المحطّات بحاجة إلى خطّة مستقلة، إلا أنك تعرف أخيرا بأنك تتقدّم وتقترب من الهدف شيئا فشيئا، إلا أن يقينك وإدراكك يقول لك من البداية، وخلال خطة سيرك وخط تنقلك نحو الهدف بأنك عن طريق اليقين سوف تصل، من جديد كمثل البداية الأولى.
وإن كانت الرحلة ذات قيمة لديك، فلترى من حولك بأن الجميع في ارتحال دائم، ولكل منا وجهته الخاصة، وبلا شك ستنبثق من داخلك رغبة في أن تكون رحلتك ووجهتك ليست ككل الوجهات بعناوينها ومساراتها، فتسعى لاختصار المسافة أو أن تذهب في رحلة متفردة نحو غاية قصوى، تُسجّل لك خطوة عبر التاريخ، تدفع بعجلة الحركة التنموية، فتسعى إلى أن تكون رحلتك لا يشابهها شيء، فتبحث عن الأفكار النادرة والمميزة، إلا أن الأشياء الثمينة ليست في متناول الأيدي، ولا تطفو على السطح، ولا تأتي مع الرياح أو المطر، إلا أنك تسعى لتحصل عليها، وما أن تحصل عليها وتحقق النادر والمتفرّد، حتى تجد أن ذلك النادر مهما بدا ثمينا برّاقا، إلا أن عموم الحياة وبنمطها الاعتيادي الروتيني التكراري ستتجاهلك خوفا من كون رحلتك ضوءا غريبا في عداد المجهول، من جديد كمثل البداية الأولى
فمعانيك المختبئة خلف الكلمات، وتلك الرموز والكتابات التي تتوارى خلف تلك المعاني، والتي تحاول أن تجرّ بأنفاسها الشرح والتوضيح، فيستفزك الجميع لتكشف أوراق معانيك، لتتجلّى بمنظور الفكرة وتبتهج بمعناها، فتحاول إطالة السرد والشرح وإخراج المعنى من مكامنه، ظنّا منك بذلك بأنك ستنقله من مكانه المكنون إلى بوتقة العقل، إلا أنك ستصطدم ببعض التجارب التي قد تقول لك العكس من ذلك، وبأن لا مكان آمن لللآلئ من سجن محارتها، فتعود مجددا لحفظ المعنى بالرمز، من جديد كمثل البداية الأولى.
لتبدأ أفكارك وخبراتك الذّاتيّة بالتشكّل شيئا فشيئا، فتبدأ بتقييم كم الأفكار المتداخلة والمبعثرة من حولك، فتحاول لملمتها تحت إطار تساؤلات فلسفية، ليتساءل ذهنك حول فاعليّتها وجدّيتها، وتحاول استبطان ما ظهر منها واستظهار ما بطن، ظنّا منك أنك بذلك تحاول تنظيم ذلك في إطار أكثر ترتيبا وانتظاما، وفق إطار فلسفي لتكتشف بعدها أن تلك التساؤلات لا تشكّل أيًا من تلك الفضاءات الرحبة للمعرفة، وبأن هي مجالا أكثر رحابة للعشوائية بحدّ ذاتها، حيث الأفكار التي لا يحدّها شيء ولا تنتظم وفق أي من المنظومات، من جديد كمثل البداية الأولى.
فوزية الفهدية كاتبة وقاصة عمانية