تولي سلطنة عُمان عناية كبيرة بتراثها وحفظه وترميمه؛ باعتباره شاهدا على تاريخها العريق الذي لا يقتصر وجوده على المساحة الجغرافية الحالية لسلطنة عمان وإنما يمتد على مساحات واسعة في الجزيرة العربية وشرق إفريقيا وصولا إلى وسطها، وكلها أدلة شامخة على حدود الإمبراطورية العمانية وسيادتها في المنطقة.

ومن بين تلك الشواهد التي تستطيع أن تحكي عن تاريخ عمان وامتدادها «بيت العجائب» في زنجبار، وهو قصر منيف بناه السلطان برغش بن سعيد في عام 1883م ليكون قصرا رسميا للاستقبال. وقد استخدم في بنائه فنونا معمارية باذخة توازي أفخم القصور المعروفة في ذلك الوقت، كذلك كان أول مبنى تعمل فيه الكهرباء في زنجبار وأول مبنى يحتوي على مصعد كهربائي ولذلك سمي بـ«بيت العجائب».

وفي هذا الأسبوع أسندت سلطنة عمان مناقصة جديدة من أجل ترميم المبنى بالتنسيق مع حكومة زنجبار ومركز التراث العالمي التابع لليونيسكو.

وللقصر أهمية تاريخية ورمزية كبيرة بالنسبة لتاريخ الوجود العماني في شرق إفريقيا وبشكل خاص في جزيرة زنجبار، حيث يقف شامخا بجماله ليذكر العالم بالوجود العماني في تلك الجزيرة وفي شرق إفريقيا بشكل عام وما أضفاه ذلك الوجود من تنمية ثقافية واقتصادية واجتماعية للجزيرة، جعلتها حاضرة من حواضر العالم في القرن التاسع عشر، وكانت أحد أبرز المراكز التجارية في شرق إفريقيا، بل وتلك المطلة على المحيط الهندي مما جعلها مركزا لأطماع الاستعمار الأوروبي في ذلك الوقت من الزمن.

ويكشف القصر عن اهتمام العمانيين بالفنون المعمارية باعتبارها معلما من معالم الحضارة الإنسانية. ورغم مضي قرابة قرن ونصف القرن على بنائه إلا أنه ما زال أحد أبرز معالم المدينة الحجرية في زنجبار، ومحجا سياحيا.

كان بيت العجائب حتى وقت قريب عندما كان مفتوحا للزوار يحكي تاريخ العمانيين في الجزيرة ودورهم في استقرارها وتنميتها اقتصاديا وتحويلها إلى أحد المراكز الثقافية المهمة في إفريقيا، حيث كانت تصدر فيها الصحف الأسبوعية والكتب الفكرية وتسهم في طباعة التراث العماني والعربي وتصديره للعالم.

ولذلك فإن ترميم «بيت العجائب» أمر مهم للحفاظ على التراث الثقافي العماني في جزيرة زنجبار وتعزيزه.. إنه تذكير، أيضا، بماضي المنطقة ومصدر فخر لأهلها سواء من الذين تعود أصولهم لعُمان أم لأهل المنطقة من الإفريقيين الذين عاشوا حياة رخاء في ظل الحكم العماني للجزيرة. وإعادة القصر مرمما كما كان، ومفتوحا للزوار سيسهم في إنعاش السياحة الثقافية في الجزيرة وعودة السياح للقصر العجيب وكذلك عودة الحديث عن المنطقة باعتبارها جزءا أساسيا مما أنتجته الحضارة العمانية.