يُطرح في سلطنة عمان والكثير من الدول العربية وبعض الحضارات الآسيوية اليوم سؤال التمسك بالهُوية وبالقيم والأخلاق والمبادئ التي باتت كلها على المحك في لحظة تاريخية وصل فيها الغزو الغربي لاستخدام أدوات مرعبة من أجل تطبيق أفكاره بيننا، وهي أفكار هدّامة لا يمكن أن تتقبلها الثقافة العربية وقيمها الإسلامية وكذلك الفطرة الإنسانية السوية، ولذلك تتشارك الكثير من الحضارات الشرقية في استشعار الخطر القادم عليها. لكن لا بدّ من القول إن الكثير من الأفراد في الغرب لا يتقبلون الأفكار الشاذة الجديدة التي تطرحها حضارتهم الآن وتدفع العالم دفعا لاعتناقها ومن كان ضدها فهو ضد حقوق الإنسان أو واقع في العنصرية والتمييز، لكنهم أيضا لا يناهضونها أو لا يستطيعون ذلك، حتى الآن على الأقل، بسبب القوة الضخمة الإعلامية والثقافية وحتى القانونية المستخدمة للتسويق لها وتكريسها ليس لدى الكبار فقط وإنما لدى النشء منذ سنوات التأسيس الأولى، كذلك بسبب تشابكها الكبير مع الشركات التي تقدم خدمات في الدول الغربية، لدرجة وصل فيها الأمر إلى أن يجد الفرد الغربي أو مؤسسته أنه محاصر وليس أمامه من مخرج إلا الإيمان «ولو على سبيل التأليف» (من المؤلفة قلوبهم) بقيم الغرب الجديدة التي تغرقه في الشذوذ عن الطبيعة البشرية السوية.

ولا يمكن لجميع الحضارات الرافضة لهذه القيم الجديدة، سواء كانت دوافع الرفض دينية أو وراءها الفطرة الإنسانية ومنطقها الطبيعي أن تبقى تنظر لاشتغال العالم الغربي بفرض قيمه الشاذة «المثلية على سبيل المثال لا الحصر» بوصفها «موضة» عابرة أو موجة وستعبر، فالأمر أبعد وأخطر من كل ذلك ولا بدّ أن يستنفر الجميع أفراد ومؤسسات لمقاومة هذه الحركات الهدامة، وهذه لحظة تستحق أن يتشكل من أجل الوقوف أمامها تحالفات حضارية. وفي سلطنة عُمان، على سبيل المثال، نحتاج دعم كل الفعاليات والبرامج التي تكرس القيم والمبادئ ولكن ليس بالطريقة التقليدية التلقينية التي لا يمكن أن تتقبلها أجيال اليوم؛ ولذلك يحتاج هذا الجيل أن تذهب لها إلى حيث مساحاته الأثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي التي سبقنا الآخر إليها أو أن تجذبه إلى مساحاتك حين تكون مستعدا لبث رسائلك فيها بشكل حديث وخاصة في الفعاليات التراثية والرياضات الجماهيرية التي تجذب وتغري الجيل الذي على جميع المؤسسات العمل من أجل تحصينه دينيا وثقافيا وفكريا.. وهذه مهمة شاقة لكنها مهمة لا بديل عنها إلا الدمار.