انطلاقا من الآية رقم (٢٠) من سورة الرحمن، " بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ "، أتحدّث عن تلك الحدود الفاصلة، والحواجز التي تم التصنيف على أساسها، ليكون هناك بحران للتعلّم؛ بحر العلوم وبحر الفنون، ليندرج أسفل كل منهما صنوف المعارف، ليكون إما مجالا علميا، أم أنه فنّي بحت، لكن إذا ما اعتلت الأسوار يوما وتعاظمت الحواجز، فإنها لن تمنعنا من أن نسترق النظر، والتفكير في مسألة ذلك التصنيف، وما بين ماهو علمي وما هو آخذ طابعا ومنحنى فنيا جماليا.
لنجد أن الأمر تجاوز ذلك فيصل التصنيف إلى الحدّ البيولوجي، فيكون لكل شقّ من الدماغ اختصاصه ومجالاته، من بين ذلك التصنيفين للعلوم والفنون، ليكون لجزئية المخ الأيمن مسؤولية فنيّة بما يتعلق بالفكر والبديهة والتفكير العاطفي والمجالات الأدبية والخيال، وليقابلها في الجانب الآخر من جهة اليسار تحليلات أكثر منطقية وعلمية، ليكون هناك التدارس الحقيقي واستيعاب النظريّات، والتحليل الرياضي والبرهنة العلمية، يفصل " بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ".
لتأتي بعد ذلك دراسات وعلى مهل، لتبرهن وتقول إن كل جانب من الدماغ ليس بمنفصل عن قرينه الجانب الآخر، ولا تتم أعمال كل منهما بمعزل عن الجانب الآخر، فالدماغ في كليّته شبكة متّصلة متفرّعة من العصبونات والخلايا الحسية، وما كان التصنيف السابق سوى لخصخصة أكثر، ولتركّز تلك المهام في ذلك الجانب دون سواه، وليقول بعدها أرباب الفنون بأن للفنون علما تجريديا يدرّس أيضا، وليس الأمر مقتصر على الذوق الفنّي والخيال، ليتم بعد ذلك ترجمة الأمر، ونقله إلى التعليم فيكون لكل مجال علمي زاوية فنية، ولكل فنّ علم ونظريّة.
وليأتي الطب بعد ذلك ليؤمن بضرورة تدريب شقّي الدماغ على حد سواء، ليسود التناغم والانسجام والاتزان، ويتحقق ذلك بإيقاظ المجالات الفنّية والعلمية في الذهن على الدوام، وأن لا يحظى الاختصاص سواء كان علميا أم فنّيا على الحظوة الكلية، بل لا بد من تحقيق التوازن والتناغم ليعمل الدماغ بصورة أكثر جودة وحيوية، ولتلافي تلك الإشكالات التي يتسبب فيها التركيز واستنفاد طاقات جانب واحد من الدماغ، الأمر الذي من شأنه أن يغيب فيه التوازن بين قدرات الفرد، فيأتي التربويون وأرباب التعليم؛ فينادون بضرورة أن يكون للفن علم له أصول ونظريات تجريدية، فلا يترك الأمر للحرية الإبداعية العشوائية، ولتلك القدرات التي تسير كل في واد فلا نجد بعد انقضاء السنين، أيا من التطور والمنجزات، وذلك الفن الذي يليق بعصره، ومن هنا وبينما يضمن أرباب الطب صحة الدماغ، يجد التربويون راحة أكثر، ومزيدا من الاطمئنان على التعليم ليكون التعليم أكثر تكاملا وشمولية، ولتنظيم ذلك كان الحدّ الفاصل الذي يندرج تحته التصنيف ما بين ما هو علمي وما هو فني، وليتم بعدها الانسجام ما بين المدخلات والمخرجات.
ليكون لروزنامة التفكير رأي في ذلك وعلى نحو عمومي، فأقول إن الحد الفاصل ما بين العلم والفن هو ( تركيز الذهن )، والوصول بطاقات التفكير إلى أعلى مستوياتها، ليكون التفكير بذلك يمتلك جانبا فنّيا وجانبا علميا في المقابل، أو بمعنى أصح يمتلك مستويين مستوى فنّي ومستوى علمي، فأنت حين تشحذ ذهنك للوصول إلى أعلى مستويات التركيز للتفكير، فأنت تصل به إلى المستوى العلمي، أما حين يكون الأمر يتم ويجري حسب طاقات العقل الدنيا والموجات أكثر استرخاء، فإنه يكون بذلك تفكيرا فنّيا يعيد للذهن المثقل بالأفكار هدوءه واستقراره.
وكما أن الطب والتعليم ينادون بالدمج والموازنة، فإن التفكير أيضا بحاجة إلى أن تنتقل بين المستويين، فأنت بحاجة إلى تركيز الذهن لتشغّل أقصى طاقاته، كما أنك بحاجة إلى الحفاظ عليه عن طريق الوصول به إلى مستويات الراحة بين حين وآخر، وممارسة بعض المجالات الفنية والتي لا تقتصر فقط على تلك الأنشطة المصنّفة بالفن كالرسم والموسيقى والأدب، بل أن الأمر يفوق ذلك؛ فكل الأشياء تحمل في طيّاتها جانبا فنّيا بإمكانك أن تجعله يستفيق، فتعلي من شأنه سواء أكانت لك أعمال زراعية أم شؤون الحياة العادية، وتلك أيضا لها جانب علمي لا بد أن تكون مطّلعا عليها متيّقظا في التعامل معها، والأخذ بالاعتبار مسألة التفكير فيها تفكيرا علميا.
تطلب من المتعلّم التركيز للوصول إلى طاقات ذهنه العليا، لكن ذهنه في تلك اللحظة حائر ومشوّش، أو أن المهمّة التي أمامه قد جعلته في وضع مرتبك، أو أن موجات دماغه في تلك اللحظة كانت تتخذ وضعية السكون والاسترخاء، كيف سننتقل به من مستوى التركيز العادي أو قد يكون أقل من المستوى الطبيعي حتى، ليرّكز ذهنه لإتمام المهمّة المطلوبة، سواء أكان حل لغز رياضي، أو استنباط معلومة ما، أو تمرين بحاجة إلى لياقة عقليّة، وسرعة كبيرة مع التأكيد على تنفيذ المهمّة، وتكرار النتيجة النهائية مرارا وتكرارا، ليبدأ بمحاولات صغيرة مبتعدا عن الهدف، كأن يكون الأمر المطلوب حل مسار المتاهة، فهو يركّز ذهنه على نقطة البداية ليبتعد عنها قليلا لتحديد المسار الصحيح.
ليبتعد بعدها رويدا وشيئا فشيئا عن النقطة النهائية ليحدد البداية بنفسه، وبتراجع عكسي إلى أن يصل إلى البداية الحقيقية لمسار التمرين، لتركيز الذهن هل نحن بحاجة إلى كلمات تبتعد عن المستوى العمومي لتكون أكثر تخصصيّة، وأكثر دقة تقود المتعلّم من مستوى التشتت والحيرة، إلى شحذ طاقات الذهن إلى أعلى مستوياته ليتّخذ وضعية التركيز، لكن على أي نقطة سيركّز من الأساس، هل على نقطة الانطلاق التي يبدأ منها أم نقطة النهاية التي لا بدّ أن يصل إليها ويحققها، ليعود بعدها، وبتقهقر رجعي لتعديل مسار البداية.
كأن يكون الأمر على شاكلة الحوار الفلسفي التالي، ما بين المربّي والطفل المتعلّم:
يطلب المعلم من الطفل: ركّز، ليرد عليه الطفل وعلى نحو متسائل وكرد فعل بديهي: ما معنى أن أركّز؟ يعني ألا تنظر إلى أي شيء آخر سوى المسألة التي أمامك، حسنا ها أنا ذا أنظر، ثم ماذا بعد، ليتدارك المعلّم الأمر بجوابه: لا تنظر فقط بلا تركيز، بل انظر مع التفكير في المسألة، فيقول الطفل: حسنا أنا الآن أنظر وأفكّر، ثم ماذا بعد، فيقول له المعلم: لا تفكر بطريقة عشوائية، فلتحاول فهم المطلوب، حسنا أنا أحاول الآن، ركّز على المطلوب وأنظر أيضا إلى البداية، فيرد الطفل: هذه هي نقطة النهاية، وتلك هي البداية، فيقول المعلم: تتبّع المسار ما بين البداية والنهاية محاولات الوصول إليه وحل المسألة، فيقلّب الطفل نظره ما بين البداية والنهاية مع التفكير في الحل، نعم صحيح ها أنا ذا الآن قد ركّزت في المسألة، وهذه هي أولى خطوات الحل، نعم أنا أركّز الآن.
من الحوار السابق نرى كيف ابتعد المربّي من العموميات لتخصيص أكثر في العمليات العقلية، وكيف كانت كلمة ركّز والذي نفترض بها أن تكون وتتم على نحو فطري وتلقائي، إلا أن الأمر حقيقة كان بحاجة إلى قائمة من المهام التفصيلية التي تكون كالمرشد لاستحضار الفكر وتطبيق ذلك التركيز الذي كان مبهما فيما سبق، فهل أنت قادر كمعلم ومربٍ وقائد أن تختصر العمليات العقلية العليا إلى مهام تفصيلية دقيقة، لكي لا تترك الأمر على الفطرة فتكون النتائج بالتالي على الفطرة، فإذا قمت فرضا بتجميع كل المهارات العقلية التي تندرج تحت التعلّم، وتمكّنت من تحويلها إلى قائمة من المهام التفصيلية، فأنت بذلك ستساعده على شحذ طاقاته العقلية للوصول إلى أقصى قدراتها.
لنجد أن الأمر تجاوز ذلك فيصل التصنيف إلى الحدّ البيولوجي، فيكون لكل شقّ من الدماغ اختصاصه ومجالاته، من بين ذلك التصنيفين للعلوم والفنون، ليكون لجزئية المخ الأيمن مسؤولية فنيّة بما يتعلق بالفكر والبديهة والتفكير العاطفي والمجالات الأدبية والخيال، وليقابلها في الجانب الآخر من جهة اليسار تحليلات أكثر منطقية وعلمية، ليكون هناك التدارس الحقيقي واستيعاب النظريّات، والتحليل الرياضي والبرهنة العلمية، يفصل " بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ".
لتأتي بعد ذلك دراسات وعلى مهل، لتبرهن وتقول إن كل جانب من الدماغ ليس بمنفصل عن قرينه الجانب الآخر، ولا تتم أعمال كل منهما بمعزل عن الجانب الآخر، فالدماغ في كليّته شبكة متّصلة متفرّعة من العصبونات والخلايا الحسية، وما كان التصنيف السابق سوى لخصخصة أكثر، ولتركّز تلك المهام في ذلك الجانب دون سواه، وليقول بعدها أرباب الفنون بأن للفنون علما تجريديا يدرّس أيضا، وليس الأمر مقتصر على الذوق الفنّي والخيال، ليتم بعد ذلك ترجمة الأمر، ونقله إلى التعليم فيكون لكل مجال علمي زاوية فنية، ولكل فنّ علم ونظريّة.
وليأتي الطب بعد ذلك ليؤمن بضرورة تدريب شقّي الدماغ على حد سواء، ليسود التناغم والانسجام والاتزان، ويتحقق ذلك بإيقاظ المجالات الفنّية والعلمية في الذهن على الدوام، وأن لا يحظى الاختصاص سواء كان علميا أم فنّيا على الحظوة الكلية، بل لا بد من تحقيق التوازن والتناغم ليعمل الدماغ بصورة أكثر جودة وحيوية، ولتلافي تلك الإشكالات التي يتسبب فيها التركيز واستنفاد طاقات جانب واحد من الدماغ، الأمر الذي من شأنه أن يغيب فيه التوازن بين قدرات الفرد، فيأتي التربويون وأرباب التعليم؛ فينادون بضرورة أن يكون للفن علم له أصول ونظريات تجريدية، فلا يترك الأمر للحرية الإبداعية العشوائية، ولتلك القدرات التي تسير كل في واد فلا نجد بعد انقضاء السنين، أيا من التطور والمنجزات، وذلك الفن الذي يليق بعصره، ومن هنا وبينما يضمن أرباب الطب صحة الدماغ، يجد التربويون راحة أكثر، ومزيدا من الاطمئنان على التعليم ليكون التعليم أكثر تكاملا وشمولية، ولتنظيم ذلك كان الحدّ الفاصل الذي يندرج تحته التصنيف ما بين ما هو علمي وما هو فني، وليتم بعدها الانسجام ما بين المدخلات والمخرجات.
ليكون لروزنامة التفكير رأي في ذلك وعلى نحو عمومي، فأقول إن الحد الفاصل ما بين العلم والفن هو ( تركيز الذهن )، والوصول بطاقات التفكير إلى أعلى مستوياتها، ليكون التفكير بذلك يمتلك جانبا فنّيا وجانبا علميا في المقابل، أو بمعنى أصح يمتلك مستويين مستوى فنّي ومستوى علمي، فأنت حين تشحذ ذهنك للوصول إلى أعلى مستويات التركيز للتفكير، فأنت تصل به إلى المستوى العلمي، أما حين يكون الأمر يتم ويجري حسب طاقات العقل الدنيا والموجات أكثر استرخاء، فإنه يكون بذلك تفكيرا فنّيا يعيد للذهن المثقل بالأفكار هدوءه واستقراره.
وكما أن الطب والتعليم ينادون بالدمج والموازنة، فإن التفكير أيضا بحاجة إلى أن تنتقل بين المستويين، فأنت بحاجة إلى تركيز الذهن لتشغّل أقصى طاقاته، كما أنك بحاجة إلى الحفاظ عليه عن طريق الوصول به إلى مستويات الراحة بين حين وآخر، وممارسة بعض المجالات الفنية والتي لا تقتصر فقط على تلك الأنشطة المصنّفة بالفن كالرسم والموسيقى والأدب، بل أن الأمر يفوق ذلك؛ فكل الأشياء تحمل في طيّاتها جانبا فنّيا بإمكانك أن تجعله يستفيق، فتعلي من شأنه سواء أكانت لك أعمال زراعية أم شؤون الحياة العادية، وتلك أيضا لها جانب علمي لا بد أن تكون مطّلعا عليها متيّقظا في التعامل معها، والأخذ بالاعتبار مسألة التفكير فيها تفكيرا علميا.
تطلب من المتعلّم التركيز للوصول إلى طاقات ذهنه العليا، لكن ذهنه في تلك اللحظة حائر ومشوّش، أو أن المهمّة التي أمامه قد جعلته في وضع مرتبك، أو أن موجات دماغه في تلك اللحظة كانت تتخذ وضعية السكون والاسترخاء، كيف سننتقل به من مستوى التركيز العادي أو قد يكون أقل من المستوى الطبيعي حتى، ليرّكز ذهنه لإتمام المهمّة المطلوبة، سواء أكان حل لغز رياضي، أو استنباط معلومة ما، أو تمرين بحاجة إلى لياقة عقليّة، وسرعة كبيرة مع التأكيد على تنفيذ المهمّة، وتكرار النتيجة النهائية مرارا وتكرارا، ليبدأ بمحاولات صغيرة مبتعدا عن الهدف، كأن يكون الأمر المطلوب حل مسار المتاهة، فهو يركّز ذهنه على نقطة البداية ليبتعد عنها قليلا لتحديد المسار الصحيح.
ليبتعد بعدها رويدا وشيئا فشيئا عن النقطة النهائية ليحدد البداية بنفسه، وبتراجع عكسي إلى أن يصل إلى البداية الحقيقية لمسار التمرين، لتركيز الذهن هل نحن بحاجة إلى كلمات تبتعد عن المستوى العمومي لتكون أكثر تخصصيّة، وأكثر دقة تقود المتعلّم من مستوى التشتت والحيرة، إلى شحذ طاقات الذهن إلى أعلى مستوياته ليتّخذ وضعية التركيز، لكن على أي نقطة سيركّز من الأساس، هل على نقطة الانطلاق التي يبدأ منها أم نقطة النهاية التي لا بدّ أن يصل إليها ويحققها، ليعود بعدها، وبتقهقر رجعي لتعديل مسار البداية.
كأن يكون الأمر على شاكلة الحوار الفلسفي التالي، ما بين المربّي والطفل المتعلّم:
يطلب المعلم من الطفل: ركّز، ليرد عليه الطفل وعلى نحو متسائل وكرد فعل بديهي: ما معنى أن أركّز؟ يعني ألا تنظر إلى أي شيء آخر سوى المسألة التي أمامك، حسنا ها أنا ذا أنظر، ثم ماذا بعد، ليتدارك المعلّم الأمر بجوابه: لا تنظر فقط بلا تركيز، بل انظر مع التفكير في المسألة، فيقول الطفل: حسنا أنا الآن أنظر وأفكّر، ثم ماذا بعد، فيقول له المعلم: لا تفكر بطريقة عشوائية، فلتحاول فهم المطلوب، حسنا أنا أحاول الآن، ركّز على المطلوب وأنظر أيضا إلى البداية، فيرد الطفل: هذه هي نقطة النهاية، وتلك هي البداية، فيقول المعلم: تتبّع المسار ما بين البداية والنهاية محاولات الوصول إليه وحل المسألة، فيقلّب الطفل نظره ما بين البداية والنهاية مع التفكير في الحل، نعم صحيح ها أنا ذا الآن قد ركّزت في المسألة، وهذه هي أولى خطوات الحل، نعم أنا أركّز الآن.
من الحوار السابق نرى كيف ابتعد المربّي من العموميات لتخصيص أكثر في العمليات العقلية، وكيف كانت كلمة ركّز والذي نفترض بها أن تكون وتتم على نحو فطري وتلقائي، إلا أن الأمر حقيقة كان بحاجة إلى قائمة من المهام التفصيلية التي تكون كالمرشد لاستحضار الفكر وتطبيق ذلك التركيز الذي كان مبهما فيما سبق، فهل أنت قادر كمعلم ومربٍ وقائد أن تختصر العمليات العقلية العليا إلى مهام تفصيلية دقيقة، لكي لا تترك الأمر على الفطرة فتكون النتائج بالتالي على الفطرة، فإذا قمت فرضا بتجميع كل المهارات العقلية التي تندرج تحت التعلّم، وتمكّنت من تحويلها إلى قائمة من المهام التفصيلية، فأنت بذلك ستساعده على شحذ طاقاته العقلية للوصول إلى أقصى قدراتها.