الطفل يصاب بتزعزع الصورة الذاتية ونقص الدافعية فيحجم عن الذهاب إلى المدرسة -

الصعوبات ناتجة عن نقص الثروة اللغوية لدى الطفل في المراحل الدراسية الأولى -

يواجه العديد من الأطفال تحديا مبكرا على مستوى الإدراك المعرفي، يتعلق باستيعاب مضامين النص القرائي في المنهج الدراسي وهو الاستيعاب الذي تتشكل من خلاله قدرة الطفل على فهم المحتوى والمضمون، ويستطيع من خلاله فيما بعد الإجابة على الأسئلة اللاحقة، وتعد صعوبات تأخر الفهم القرائي من أبرز الصعوبات التي تتطلب شراكة فاعلة بين الأخصائيين التربويين لوضع الحلول المناسبة والأخذ بيد الطفل وصغار السن من الطلبة، لاجتياز هذا التحدي وتشجيعهم على تجاوز هذا الواقع، وصولا بهم الى اكتساب الثقة في ربط المعلومة خلال قراءة النص واستيعاب المضامين بصورة أكثر فاعلية . «عمان» اقتربت في هذه المساحة من أولياء الامور لفهم تحديات الفهم القرائي لدى الأطفال وأبرز الخطوات التي يلجأ اليها الآباء والأمهات لمساعدة أطفالهم في تحقيق تقدم ملموس، وعدم التأثر بالإخفاق وبطء الاستيعاب فكانت هذه الحصيلة التي قدمت مقاربة للتعرف عن قرب على هذا التحدي التربوي .

تنويع طرق التدريس !

تعاني عهود بنت صالح السيابية مع ابنها ( 8 سنوات) من مشكلة «صعوبة الفهم القرائي» بأنه لا يستوعب ما يقرأ، ولا يدرك ما تحتويه النصوص من معان وحروف ورموز، مما يؤثر كثيرا على مستواه التحصيلي وتأخره الدراسي عن بقية زملائه.

من جهتها قالت فاطمة بنت سالم الناعبية: تلقيت شكاوى من معلمات ابنتي بسبب صعوبة فهمها للنصوص القرائية، مع محاولتي العديدة في التركيز على تنويع طرق التدريس ولكن دون جدوى، وأدى ذلك إلى تأثر نفسيتها وعدم استجابتها لأي محاولة لتصحيح الوضع.

وقمنا بعرض مشكلة اضطراب الفهم القرائي على ميساء بنت بطي البلوشية أخصائية نفسية فقالت: اضطراب الفهم القرائي هو عدم القدرة على فهم ما يقرأه الفرد بصمت أو بصوت عال، وبالتالي فإن الطفل ذا صعوبة الفهم القرائي قدرته على القراءة ضعيفة واستيعابه للنص بطيء جدا.

وتضيف البلوشية: غالبا هذه المشكلة الاستيعابية يواجهها ذوو صعوبات التعلم ويجدون عائقا في تطويرهم دراسيا، فتشكل تحديا كبيرا من مضيهم قدما في المسيرة التعليمية واكتساب المزيد من العلم والمعارف، لذلك فإنها تعد من أكثر المشكلات تأثيرا عليهم، حيث يلاحظ على من يعانون من مشكلة صعوبة الفهم القرائي بأنهم لا يستوعبون ما يقرأون، ولا يدركون ما تحتويه النصوص من معان وحروف ورموز، فيؤدي ذلك إلى الرجوع بأثر سلبي على تحصيلهم الأكاديمي في مختلف الموضوعات الدراسية. مشيرة إلى أن الطفل يصاب بتزعزع الصورة الذاتية، ونقص الدافعية والإحباط والقلق، ويدرك بأنه يفتقر للقدرة على التوافق مع الآخرين والتفاعل معهم، وفي حالات كثيرة يرفض الذهاب للمدرسة لتفادي الإحراج وعدم التأقلم مع بعض الطلبة، ويؤدي انخفاض مستوى الفهم القرائي للطفل عن معدل عمره العقلي بعام أو أكثر إلى الكثير من الصعوبات في القراءة والتركيز على المفردات اللغوية، وتتضمن بعض الصعوبات ضعف اهتمام الطفل بالفكرة العامة للنص الذي أمامه، أو قلة الاهتمام بالتفاصيل الواردة، أو معاني الكلمات وعدم التمييز للكلمات، أو تدني فهم التعليمات من المعلمة وضعف القدرة على اتباعها أو ضعف القدرة على إدراك زملائه والوصول للمستوى المطلوب.

معالجة المعلومات

وأوضحت البلوشية أن من أهم أسباب صعوبات الفهم القرائي القصور في معالجة المعلومات لدى الطفل واستقباله لكمية المعلومات، ونقص الثروة اللغوية التي يجب أن تكون لدى الطفل في المراحل الدراسية الأولى، بالإضافة إلى ضعف ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات الموجودة في ذاكرته خاصة للنصوص القرائية، والاهتمام بالقراءة دون الاهتمام بفهم المقروء وترتيب الجمل، والافتقار لمهارات الفهم القرائي عند التركيز على الكلمات ، واضطراب حركة العين الذي يؤدي إلى قلة التركيز.

وهناك العديد من الطرق التي يمكن اتباعها لتقييم صعوبات الفهم القرائي لدى الأطفال كاتباع طريقة طرح الأسئلة الواضحة حول الأحداث الواردة بشكل مباشر في النص، وطرح بعض الأسئلة الاستنتاجية حول المعلومات الضمنية في النص والطلب من الطفل الإجابة عليها أو البحث من خلال النص، أو يمكن استخدام تقنيات أخرى من أجل اختبار فهم الطفل من خلال قدرة الطفل على إعادة سرد القصة بكلمات الطفل الخاصة أو تلخيص الفكرة الرئيسية أو المغزى من القصة، وضرورة مناقشته للقصة مع زملائه لرفع ثقته بنفسه.

طريقة للمعالجة

وأشارت البلوشية: هناك طريقة أخرى مميزة شائعة في تقييم الفهم القرائي تسمى «اختبار كلوز»، حيث يتم في هذا الاختبار حذف بعض الكلمات من النص والطلب من الطفل ملء الفراغات بالكلمات المناسبة وكتاباتها، وتساعد هذه الطريقة في التركيز والتفكير وتنمية قدرات الطفل الاستيعابية، ومع مرور الوقت يبدأ الطفل في فهم النصوص القرائية، بالإضافة إلى مراقبة تقدم الطفل من خلال أداء الاختبارات البسيطة لمعرفة تقدم الطفل، والبدء بالمستويات التالية التي تحتاج الى جهد أكثر.

مسؤولية مشتركة

التغلب على تحديات الفهم القرائي لدى الطلبة يعتمد على اكتشاف المشكلة مبكرا من قبل أولياء الأمور والمختصين في المدرسة وبالتالي فإن المسؤولية تصبح مشتركة بين الجانبين للتعاون والدفع بقدرات الطفل، وبطرق متدرجة في تجاوز هذا التحدي من خلال برنامج تقييم صارم، ومستمر يمكن الحكم من خلاله على المستوى الذي وصل اليه الطفل في فترة لاحقة من المتابعة والتدريب ووضع المعالجات، والمؤكد ان الاستيعاب السريع لمضمون النصوص القرائية، يعطي نتائج طيبة للطفل مستقبلا بما يساعده على ترتيب دراسته ومسيرته التعليمية.