انتهت مساء أمس العملية الانتخابية لأعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة، وبعيدا عن النتائج والمؤشرات التي أعلنتها اللجنة الرئيسية المكلفة بالإشراف على العملية الانتخابية التي عكست توجهات الناخبين وطموحاتهم للمرحلة القادمة، فإن من المهم الحديث عن الأدوات التي استخدمت في العملية الانتخابية ولفتت انتباه الخارج قبل الداخل. وما نتحدث عنه هنا بالتحديد استخدام التقنية الحديثة في عملية انتخابية واسعة وغير محدودة، حيث كان مدعوا للمشاركة في الانتخابات أكثر من ٧٣١ ألف مواطن وفكرة الذهاب إلى انتخابات إلكترونية بالكامل عبر استخدام تطبيق يعمل على الهواتف الذكية رغم كونها فكرة ذكية إلا أنها لم تخلو من مجازفة خاصة أنها الفكرة غير مسبوقة في العالم في انتخابات بهذا الحجم.

إن الإيمان بما تستطيع التكنولوجيا توفيره وتسهيله في تفاصيل حياتنا اليومية هو إيمان بالعلم، وأن تتجه وزارة الداخلية، وهي الجهة المنوط بها تنظيم الانتخابات «البلدية وكذلك انتخابات مجلس الشورى» إلى خيار العلم بهذه الطريقة يعطينا مؤشرا نستطيع البناء عليه في توجهات الدولة المستقبلية، خاصة إذا ما عرفنا أن تصميم التطبيق الذي استطاع استيعاب العملية الانتخابية وإظهار جميع مؤشراتها لحظة بلحظة هو من تصميم شباب عمانيين، وأن جميع الفريق الذي عمل لاحقا في متابعة تفاصيل العملية الانتخابية هم عمانيون استطاعوا أن يديروا عملية انتخابية كبرى بتقنيات حديثة لا مجال فيها للخطأ وهو أمر يحدث لأول مرة وبنجاح كبير.

إن سلطنة عمان تستطيع اليوم أن تكون ملهمة للكثير من الدول في هذه التجربة المهمة. لقد استطاع تطبيق «أنتخب» أن يضع نفسه في مقدمة التطبيقات التي صنعت تحولا جوهريا في العمليات الانتخابية ليس على المستوى المحلي فقط ولكن على المستوى الإقليمي والدولي.. وعندما تذكر التجارب في هذا المجال ستذكر التجربة العمانية. ولا شك أن هذه التجربة ستتطور إلى حين انتخابات مجلس الشورى العام القادم وستأخذ بكل الملاحظات التي وصلت إلى اللجنة الفنية، كما أن هذه التجربة ستكون ملهمة للمؤسسات العمانية نفسها خلال مسيرتها نحو التحول الرقمي وفي مختلف المجالات.