لا شيء سيجعلك تشعرُ بالضجر من المكوث لثلاث ساعات متواصلة إزاء الإبهار الذي يُقدمه جميس كاميرون كاتب ومخرج فيلم «أفتار» في صالات السينما الآن، ففي الجمعة الماضية التي اصطحبتُ فيها عائلتي كانت المقاعد ممتلئة من أولها حتى آخرها، رغم أنّ الفارق بين عرض الجزء الأول والثاني ثلاثة عشر عاما تقريبا، إلا أنّ الناس لم تكن لتنسى الأثر الكبير الذي أحدثه عام 2009.
دفعتُ أبنائي لمتابعة الجزء الأول الذي عُرض عندما كانوا صغارا، ليتسنى لهم فهم اللعبة التي يشتغل عليها الفيلم، ولذا فقد حضرنا ونحن نفكرُ ماذا باستطاعة كاميرون أن يفعل أكثر مما فعله في المرّة الماضية عندما حطّم أرقاما قياسية في الأرباح؟
في الحقيقة لم يُخيب آمالنا أبدا، فلقد صنع مُجددا تحفة سينمائية بصرية لا تقل إبهارا عن النسخة السابقة. وأكثر من ذلك.. جعلنا ننتقل من إطار لآخر بشكل مُذهل، مُركبا صورا جديدة من أمّنا الطبيعة. تمكن أيضا من إنصاف ثلاث قيم أساسية باتت مفتقدة في حياتنا وحياة أبنائنا إلى حد ما، وأعني: قيمة تآزر العائلة، قيمة تأمل الطبيعة، وقيمة الخيال.
فما يفعله كاميرون بذكاء أنّه بواسطة التقنية الحديثة -التي يعتبرها البعض العدو الأول للقيم الثلاث- يفعل العكس تماما، حيث يُعيدُ إلى تلك القيم مجدها وقوتها لا سيما وأنّ الفيلم يُخاطب شريحة مُهمة من المراهقين.
تجلت القيمة الأولى في إبراز دور العائلة وتعاضدها، في هذا الوقت العصيب التي تضمحلُ فيه الألفة والتآزر في مجتمعات تنتصر للمادية، وتقف عاجزة أمام موجات العنف العائلية التي تعصفُ بالعالم بصورة مرعبة، وقصص القتل التي تتداولها وسائل التواصل الاجتماعي من حين لآخر.
«جايك سالي» بطل الفيلم يخبرنا وقت الشدة بأنّ: «العائلة هي حصننا المنيع». وعندما يقول لابنه «أنا أراك»، فهو ينقله من القطيعة ليضمه لنسيج العائلة. كما يُعطي الفيلم قيمة حتى للآباء السيئين الذين يمكن أن نُقابل سيئاتهم ورغباتهم الانتقامية بالمحبة والغفران.
يُعلمنا كاميرون أيضًا أنّ الطبيعة هي أكثر الصور الأمومية شساعة وأنّ الإنسان هو الأكثر توحشا منها كلما استشرس الطمعُ فيه، وهنا تتجلى القيمة الثانية في إبراز الطبيعة في هذه الصورة الخلابة، فلقد نقلنا كاميرون من الغابات وكثافة تفاصيلها التي ظهرت في الجزء الأول إلى الحياة البحرية المليئة بتفاصيل مُغايرة وكائنات لا تقل سحرية، ولذا ظهر الفيلم بعنوان جانبي: «طريق الماء»، وكأن كاميرون يُلقننا حكمة أينشتاين: «انظر إلى الطبيعة بعمق وعقب هذا ستفهم كلَّ أمر بطريقة أفضل».
ولعلي أسأل عن الأجيال الجديدة المتسمرة وراء الشاشات إن كانت ستعرف كيف تُنشئ اتصالا روحيا بالطبيعة أو تدرك أهمية الحيوات المجاورة للبشرية وستدافع عن حياتها؟
احتجتُ إلى بعض من الوقت للخروج من خيال كاميرون الساحر، فهو يجعلنا نتأرجح تحت تلك التأثيرات شديدة الحساسية لجعل الخيال شريكا غير محدود في البطولة، لقد (أدرك كاميرون جيدًا أكثر ما كان الجمهورُ مُغرمًا به في عرض عام 2009، حيث لم يقتصر الأمر على تقنيات الحركة والمؤامرة، بل عجائب عالم «باندورا»، الذي يتعرف إليه المشاهد جنبًا إلى جنب مع الشخصيات)، ولذا كان الخيال هو القيمة الثالثة التي أينعت بصحبة الرهبة البصرية والعاطفية.
لقد وجد أرسطو بأنّ الخيال هو «أحد أسس المعرفة، إن لم يكن كلها». بينما الحياة الآن والمنظومة التعليمية لدينا تعمل بصورة مستمرة لوأد الخيال، دون إدراك يقظ أنّ الخيال هو طريقة من طرق استيعاب العالم. وكما يبدو فإن خيال كاميرون الذي تبدى لنا من خلال عدّة أفلام له، منحه القدرة على إيجاد انعكاس شديد الواقعية على حياتنا.
الكاتب جورج برنارد شو يرى أهمية كبيرة للخيال وهو يُميز بين نوعين من الناس: «بعض الناس يرون الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا، وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبداً ويتساءلون لم لا»، وكم نحن بحاجة أساسية إلى جيل جديد يشقُّ حياته ومصاعبها قائلا بتحدٍ: «لم لا».
دفعتُ أبنائي لمتابعة الجزء الأول الذي عُرض عندما كانوا صغارا، ليتسنى لهم فهم اللعبة التي يشتغل عليها الفيلم، ولذا فقد حضرنا ونحن نفكرُ ماذا باستطاعة كاميرون أن يفعل أكثر مما فعله في المرّة الماضية عندما حطّم أرقاما قياسية في الأرباح؟
في الحقيقة لم يُخيب آمالنا أبدا، فلقد صنع مُجددا تحفة سينمائية بصرية لا تقل إبهارا عن النسخة السابقة. وأكثر من ذلك.. جعلنا ننتقل من إطار لآخر بشكل مُذهل، مُركبا صورا جديدة من أمّنا الطبيعة. تمكن أيضا من إنصاف ثلاث قيم أساسية باتت مفتقدة في حياتنا وحياة أبنائنا إلى حد ما، وأعني: قيمة تآزر العائلة، قيمة تأمل الطبيعة، وقيمة الخيال.
فما يفعله كاميرون بذكاء أنّه بواسطة التقنية الحديثة -التي يعتبرها البعض العدو الأول للقيم الثلاث- يفعل العكس تماما، حيث يُعيدُ إلى تلك القيم مجدها وقوتها لا سيما وأنّ الفيلم يُخاطب شريحة مُهمة من المراهقين.
تجلت القيمة الأولى في إبراز دور العائلة وتعاضدها، في هذا الوقت العصيب التي تضمحلُ فيه الألفة والتآزر في مجتمعات تنتصر للمادية، وتقف عاجزة أمام موجات العنف العائلية التي تعصفُ بالعالم بصورة مرعبة، وقصص القتل التي تتداولها وسائل التواصل الاجتماعي من حين لآخر.
«جايك سالي» بطل الفيلم يخبرنا وقت الشدة بأنّ: «العائلة هي حصننا المنيع». وعندما يقول لابنه «أنا أراك»، فهو ينقله من القطيعة ليضمه لنسيج العائلة. كما يُعطي الفيلم قيمة حتى للآباء السيئين الذين يمكن أن نُقابل سيئاتهم ورغباتهم الانتقامية بالمحبة والغفران.
يُعلمنا كاميرون أيضًا أنّ الطبيعة هي أكثر الصور الأمومية شساعة وأنّ الإنسان هو الأكثر توحشا منها كلما استشرس الطمعُ فيه، وهنا تتجلى القيمة الثانية في إبراز الطبيعة في هذه الصورة الخلابة، فلقد نقلنا كاميرون من الغابات وكثافة تفاصيلها التي ظهرت في الجزء الأول إلى الحياة البحرية المليئة بتفاصيل مُغايرة وكائنات لا تقل سحرية، ولذا ظهر الفيلم بعنوان جانبي: «طريق الماء»، وكأن كاميرون يُلقننا حكمة أينشتاين: «انظر إلى الطبيعة بعمق وعقب هذا ستفهم كلَّ أمر بطريقة أفضل».
ولعلي أسأل عن الأجيال الجديدة المتسمرة وراء الشاشات إن كانت ستعرف كيف تُنشئ اتصالا روحيا بالطبيعة أو تدرك أهمية الحيوات المجاورة للبشرية وستدافع عن حياتها؟
احتجتُ إلى بعض من الوقت للخروج من خيال كاميرون الساحر، فهو يجعلنا نتأرجح تحت تلك التأثيرات شديدة الحساسية لجعل الخيال شريكا غير محدود في البطولة، لقد (أدرك كاميرون جيدًا أكثر ما كان الجمهورُ مُغرمًا به في عرض عام 2009، حيث لم يقتصر الأمر على تقنيات الحركة والمؤامرة، بل عجائب عالم «باندورا»، الذي يتعرف إليه المشاهد جنبًا إلى جنب مع الشخصيات)، ولذا كان الخيال هو القيمة الثالثة التي أينعت بصحبة الرهبة البصرية والعاطفية.
لقد وجد أرسطو بأنّ الخيال هو «أحد أسس المعرفة، إن لم يكن كلها». بينما الحياة الآن والمنظومة التعليمية لدينا تعمل بصورة مستمرة لوأد الخيال، دون إدراك يقظ أنّ الخيال هو طريقة من طرق استيعاب العالم. وكما يبدو فإن خيال كاميرون الذي تبدى لنا من خلال عدّة أفلام له، منحه القدرة على إيجاد انعكاس شديد الواقعية على حياتنا.
الكاتب جورج برنارد شو يرى أهمية كبيرة للخيال وهو يُميز بين نوعين من الناس: «بعض الناس يرون الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا، وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبداً ويتساءلون لم لا»، وكم نحن بحاجة أساسية إلى جيل جديد يشقُّ حياته ومصاعبها قائلا بتحدٍ: «لم لا».