المرحلة القادمة في عمان هي مرحلة عمل حقيقي مبني على وضوح الرؤية لدى الجميع وعدم تداخل الاختصاصات وتضاربها، صحيح أن الجميع يعمل من أجل عمان ولكن عندما يكون هناك تصوُّر واضح لأدوار مجلس الشورى وأدوار المجالس البلدية على سبيل المثال يستطيع كل مجلس أن يتفرغ لعمله دون أن يتشابك مع المجلس الآخر ويكون الجهد ضائعا.

وأمس ركّز حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- خلال لقائه برئيس وأعضاء مكتب مجلس الشورى على ضرورة أن يركز أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى على صلاحياتهم التي منحهم إياها قانون مجلس عمان وينطلقوا منها لخدمة عمان، على أن أدوارهم لا بد أن تتكامل مع أدوار أعضاء المجالس البلدية ومؤسسات الدولة الأخرى.

والواضح من خلال تأكيدات عاهل البلاد المفدى خلال لقائه بأعضاء مكتب مجلسي الدولة والشورى وحديثه -حفظه الله- عن السياسات العليا للدولة وخطط المستقبل وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الخاصة والحديث عن اختصاصات المجالس وتكاملها مع بعضها البعض من جهة وتكاملها مع مجلس الوزراء أن المرحلة القادمة مرحلة عمل تخصصي ومرحلة الرؤى الكبرى التي تستشرف المستقبل وتقرأ تحدياته حتى لا نتفاجأ في لحظة أننا أمام تحديات يمكن أن تمس بنية المجتمع وكيان الدولة. وإذا كان حديث جلالة سلطان البلاد لمجلسي الدولة والشورى إلا أن الأمر يتعلق بجميع المؤسسات في بلادنا ويتعلق بنا كأفراد حيث إن علينا أن نُعلي مصلحة عمان قبل أي مصلحة خاصة. ولا يمكن أن يكتمل مشهد البناء الذي ننشده دون أن يبدأ بالأفراد؛ فالدولة كما هي مجموعة مؤسسات هي قبل ذلك مجموعة أفراد تجمعهم تحديات واحدة وأيضا طموحات واحدة.. ولا يصلح الجمع إلا بصلاح الفرد وفق قواعد المنطق وحقيقة الأشياء.

إن الأمم لا تُبنى بمعزل عن أبنائها، لذلك علينا أن نقرأ في توجيهات جلالته مسار المرحلة القادمة الذي يأخذنا إلى حيث عمان التي نريد ونحلم، وإلى حيث عمان التي وضع أجدادنا لبناتها لبنة لبنة عبر التاريخ. وهذا المطلب يحتاج إلى عمل جاد بعيدا عن ثقافة التذمر فالإنسان الصلب وحده الذي يستطيع العبور نحو المستقبل ويستطيع البقاء، والعمانيون كانوا على الدوام جبالا صامدة أمام تحديات الزمان.