قبل نصف قرن من الزمن العماني، دارت في بيت الفلج، وفي مبنى صغير جدا أول مطبعة عمانية رُكّبت على عَجَل، سرى صوتها في الأحياء القريبة وكأنه صفير قادم من أزمنة أسطورية سحيقة. لم تعتد القرية الهادئة ذلك الصوت، فلم يكن يقلق هدوء مساءاتها إلا صوت خرير الماء المنساب في فلجها الذي كانت تراه وكأنه نهر عظيم، تنساب على صفحة مائه حكايات أزمنة وتفاصيل بشر. تساءل الناس عن سر الصوت ومصدره، وبقي السؤال الذي يبحث عن إجابة أو ربما عن «صحفي» يكشف حقيقته.. لكن عندما تسلل ضوء الشمس صباحا في الأرجاء ظهر المشهد بكثير من الجلاء.. إنه أكبر من مجرد صحفي واحد، إنها صحيفة بأكملها، وعلى صفحاتها الثمان إجابات عن الكثير من الأسئلة التي كانت تشغل الناس في تلك الفترة المبكرة من النهضة العمانية الحديثة.. ولم تكد خيوط الشمس تنساب فوق تلال مسقط وربواتها حتى كانت الجريدة الوليدة التي حملت اسم البلد «عمان»، الأمر الذي أضاف لها مسؤولية كبيرة فوق مسؤوليتها المهنية الأساسية، فإذا كانت عمان البلد ذاهبة نحو نهضة جديدة ومسارات تنموية كبرى في مطلع سبعينيات القرن الماضي فإن عمان الجريدة كان عليها أن تواكب كل ذلك وتذهب نحو نهضة صحفية مماثلة.
مضى أكثر من نصف قرن منذ أن دارت تلك المطبعة بالعدد الأول من جريدة عمان، الذي نعيد طباعته اليوم هدية للقراء، وإلى أن دارت في وقت مبكر من صباح اليوم المطبعة بهذا العدد الذي هو بين يدي القراء الآن، وبين العدد الأول المُضمّخ بأحبار الولادة الأولى وأخبارها وهذا العدد مسيرة طويلة من الصحافة ومن التحولات البشرية في مسارات الحياة كلها: سياسة واقتصادا واجتماعا وفي التكنولوجيا التي فاقت كل التصورات، وفي صناعة الصحافة نفسها أيضا. ولم تتأخر الجريدة عن اللحاق بركب التطور الصحفي بل واكبته بكل أدواته الحديثة وبكل تحولاته، لكنها بقيت تحمل ثوابتها المهنية وبقيت رسالتها العميقة المتمثلة في صناعة الوعي وبث خطاب التنوير الذي يستطيع الجميع تلمسه اليوم بعد نصف قرن من العمل والجهد.
وكانت وراء كل هذا الأثر الذي حققته الرسالة السامية لهذه الجريدة أعمار أفنيت بين الحبر والورق، وأجيال تعاقبت من لحظة التأسيس حتى هذه اللحظة التي تلتقي فيها الأجيال في مكان واحد لتحتفل بنصف قرن من الزمن كانت فيه جريدة عمان تضيء المكان وتملأ الدنيا وتشغل الناس. وإن كانت تلك الأعمار قد تحولت إلى حبر، فإن الحبر خالد إلى الأبد.
مضى أكثر من نصف قرن منذ أن دارت تلك المطبعة بالعدد الأول من جريدة عمان، الذي نعيد طباعته اليوم هدية للقراء، وإلى أن دارت في وقت مبكر من صباح اليوم المطبعة بهذا العدد الذي هو بين يدي القراء الآن، وبين العدد الأول المُضمّخ بأحبار الولادة الأولى وأخبارها وهذا العدد مسيرة طويلة من الصحافة ومن التحولات البشرية في مسارات الحياة كلها: سياسة واقتصادا واجتماعا وفي التكنولوجيا التي فاقت كل التصورات، وفي صناعة الصحافة نفسها أيضا. ولم تتأخر الجريدة عن اللحاق بركب التطور الصحفي بل واكبته بكل أدواته الحديثة وبكل تحولاته، لكنها بقيت تحمل ثوابتها المهنية وبقيت رسالتها العميقة المتمثلة في صناعة الوعي وبث خطاب التنوير الذي يستطيع الجميع تلمسه اليوم بعد نصف قرن من العمل والجهد.
وكانت وراء كل هذا الأثر الذي حققته الرسالة السامية لهذه الجريدة أعمار أفنيت بين الحبر والورق، وأجيال تعاقبت من لحظة التأسيس حتى هذه اللحظة التي تلتقي فيها الأجيال في مكان واحد لتحتفل بنصف قرن من الزمن كانت فيه جريدة عمان تضيء المكان وتملأ الدنيا وتشغل الناس. وإن كانت تلك الأعمار قد تحولت إلى حبر، فإن الحبر خالد إلى الأبد.