اشتغال المجتمع بأسئلة المجالس البلدية هذه الأيام ظاهرة صحية جدا، وسؤالهم حول دوره من حيث الصلاحيات أو حتى من حيث ما قام به الأعضاء في الدورتين الماضيتين في غاية الأهمية لأسباب كثيرة ومتنوعة. أول تلك الأسباب تتمثل في أن الحملة الإعلامية التي تقوم بها وسائل الإعلام بالتنسيق مع وزارة الداخلية قد نجحت واستطاعت أن تولد لدى الناس الكثير من الأسئلة حول المجالس. أما السبب الآخر فيتمثل في حقيقة السؤال نفسه، لأن السؤال هو أحد أهم طرق الوصول إلى المعرفة، والمعرفة التي أقصدها هنا هو أن دور المجالس البلدية سيكون مختلفا في المرحلة القادمة، وهذا ما بدأ يلمسه الناس خلال الفترة الماضية التي صدر فيها نظام المحافظات، وكذلك الاهتمام السامي من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بسياسة اللامركزية في إدارة المحافظات، حتى أن جلالته - أعزه الله- صار يؤكد عليه في أغلب خطاباته واجتماعات مجلس الوزراء المستمرة. ولا شك أن هدف هذا التأكيد أن تصل الفكرة إلى الناس كما تصل إلى المسؤولين والمعنيين.

ونستطيع أن نتلمس هذا الأمر أيضا عبر المقالات التي تكتب في الصحف اليومية والتي تعبر عن شعور بأن ثمة تغييرا بدأ يحدث في المحافظات وليس مجرد خطاب لا يصل إلى حد التغيير.

والمؤكد أن الحكومة مهتمة بضرورة أن تصل هذه الفكرة للجميع وخاصة في هذا التوقيت بالذات وهو التوقيت الذي يسبق انتخابات المجالس البلدية، لأن الناس عندما يشعرون أن ثمة تغييرا إيجابيا فإنها تريد أن تكون جزءا من التغيير وأول ما يمكن أن يحصل في هذا الموضوع هو أن يشارك الجميع في انتخابات المجالس البلدية المقررة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.. وإضافة إلى المشاركة فإن المطلب الحقيقي هو اختيار الكفاءات التي تستطيع أن تتواكب ومتطلبات المرحلة: متطلبات المجتمع من المجالس وكذلك متطلبات المحافظات التي تذهب باتجاه أن تكون أقرب إلى الإدارة الذاتية فيما يتعلق بالمشروعات التنموية.

كما أن الحكومة مهتمة أيضا بتطوير الإدارة المحلية في المحافظات وأمس الأول أطلقت مبادرة وطنية في هذا السياق تستهدف أصحاب السمو والمعالي والسعادة المحافظين من أجل المزيد من بلورة فكرة الإدارة المحلية وفقا لتوجهات رؤية عمان 2040.

وفي الحقيقة فإن الانتخابات القادمة ستكون مؤشرا حقيقيا لمدى تفاعل الناس مع المتغيرات الجديدة المتعلق بإدارة المحافظات؛ لذلك فإن الجميع مطالب أن يكون عند مستوى الحدث ومستوى التغيير ومستوى أيضا طموحاتنا جميعا. فلا يمكن منطقًا أن يكون سقف طموحات المجتمع عالية دون أن يعمل من أجل الوصول إلى السقف.. وأولى مراحل ذلك العمل هو أن نختار أعضاء يستطيعون أن يساهموا في تحقيق طموحاتنا من المجالس البلدية.