عشية الاحتفال بالعيد الوطني « 52 » المجيد، وانطلاقة السنة الثالثة للنهضة المتجددة، تحددت أولويات وطنية سنحصرها في مسألتين استراتيجيتين ذات أبعاد وأعماق ودلالات متعددة، وقد جاءتا بتوجيهات من لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ أثناء ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي في قصر الحصن العامر بصلالة، تحملان تحولات كبرى لمسارات كانت نتيجة الأزمة النفطية وجائحة كورونا، ونركز هنا على مفهوم التحولات، وتوصيفها بالكبيرة، وسنلجأ إلى ذلك من خلال التوقف عند المسألتين «استقراء وتحليلا» لعدة غايات، وهذه الغايات تقف من بين الأسباب الأساسية الدافعة لمسعانا بإعادة تشكيل الرأي العام بقضايا استراتيجية وطنية وردت في الخطاب ولم تحظ بالنفاذ للذهنيات الاجتماعية، ولم تستوقف صناع الرأي من الاتجاهات العميقة.
وسنتناولها من خلال المحاور التالية:
أولا، أبرز الغايات:
- حمل السلطات التنفيذية الحكومية والرقابية الحكومية والمستقلة مسؤولية ضمانة نجاح التحولات الواردة في التوجيهات السامية.
-اعتبار التوجيهات أهم عوامل عودة التفاؤل الاجتماعي الذي ينبغي أن يكون عنوان مرحلة التحولات.
-التشديد على أن عامل نجاحها كتحولات من جهة، وتأثيراتها على عودة التفاؤل الاجتماعي من جهة ثانية، يكمن في إنجازها كاملة وفي أجلها الزمني كما هو وارد في التوجيهات.
-نجاحها وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية سيؤسس ذهنية اجتماعية جديدة متفائلة، وذات ثقة بالتطبيق.
ثانيا: المسألتان الاستراتيجيتان.
وهما:
-إنجاز كل المشروعات التنموية للخطة الخمسية العاشرة 2021- 2025، وماذا ينبغي أن يعني ذلك الآن ؟
-استكمال المبادرات الخاصة بالتشغيل والبرنامج الوطني للتشغيل، فكيف استقبلت الجهات الحكومية المركزية واللامركزية هذا التوجيه ؟ وكيف ينبغي أن يفهم في إطار سياق المسألة الأولى ؟
فلو توقفنا عند المسألة الأولى، فإنها تعني خروج البلاد من الأزمة المالية التي أوقفت تنفيذ الكثير من المشاريع التنموية للخطة بسبب انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا، والآن بعد عودة الأسعار النفطية للارتفاع، تعود عملية إنجاز المشاريع التنموية كما خطط لها دون تأخير، وهذه طبيعة التحول الذي أشرنا إليه سابقا، وهو فعلا تحول من مسار تجميد الكثير من المشاريع التنموية للخطة التنموية العاشرة، إلى إنجازها وضمن إطارها الزمني المخطط له، أي خمس سنوات، ولم تبق منها سوى ثلاث سنوات حتى الآن، ورغم ذلك، فالسلطة التنفيذية محكومة الآن بقيد الالتزام الزمني لإنجازات كل مشاريع الخطة.
وتستوقفنا هنا صياغة عبارات هذا التوجيه، فهي لها دلالات قطعية، لا تقبل التأويل، مثل عبارة «ضرورة الانتهاء من المشروعات التنموية المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة، والعمل على ضمان تنفيذها خلال الفترات الزمنية المحددة لها» ويفهم هنا كل مشاريع الخطة التنموية، ويحمل الجهات التنفيذية والرقابية ضمانة التنفيذ، وبذلك تجد السلطة التنفيذية نفسها الآن أمام مسؤولية وطنية ذات بعد سياسي حاكم، وفي إطار زمني ضاغط، وينبغي أن تستشعر بذلك الآن، ومن ثم عليها أن تطرح التساؤل التالي، كيف يمكن تحقيق كل مشاريع التنمية في الخطة خلال ما تبقى من سنوات؟ هنا التحدي الأكبر، وهنا كذلك يبرز دور مجلس الشورى في الرقابة على التنفيذ، فأمامه الآن قضية الرقابة بأدواتها السبع، فكيف سيتم تفعيلها مساهمة منه في ضمانة التنفيذ بماهياته وقيده الزمني ؟
وفي الخطة العاشرة مشاريع تنموية ضخمة تركز على قضية التنويع الاقتصادي، وزيادة مساهمة القطاعات والأنشطة غير النفطية حيث تضع الخطة مستهدفا لمتوسط معدل نمو سنوي يقارب 2. 3% في الناتج المحل للأنشطة غير النفطية، من خلال التركيز على مشاريع اقتصادية طموحة مثل الصناعات التحويلية ذات التكنولوجيا الحديثة، والزراعة والثروة السمكية والتصنيع الزراعي والغذائي والنقل والتخزين واللوجستيات، كما تضمنت الخطة العديد من المشاريع التنموية ذات البعد الاجتماعي لمختلف المحافظات مثل المستشفيات والمساكن الاجتماعية والطرق الداخلية، وكل ما سبق من مشاريع الخطة ذات الأجل الزمني المتوسط، ولم يتبق منها إلا ثلاث سنوات، كفيلة بأن توفر فرص عمل من حيث الكم والنوع، وتحفز الأنشطة الاقتصادية التي تضررت كثيرا من سياسات مواجهة انهيار أسعار النفط وكورونا.
ومن المعروف أن الخطة الخمسية العاشرة تعد البرنامج التنفيذي الأول لرؤية عمان 2040، وبالتالي، فإن تحقيق مشاريعها التنموية المعتمدة، يعني كذلك أن البلاد تمضي قدما في مسار تحقيق حالة الاطمئنان المستقبلية من خلال عدم الاعتماد على النفط، وصناعة مصادر دخل مستدامة – أي غير ناضبة – وكذلك تعني إجراء مراجعة شاملة لكل ما اتخذ داخل سنوات مواجهة الأزمة النفطية في ظل انكشاف حقيقة مسلم بها الآن، وقد ناقشناها مع نخب حكومية عليا مؤخرا، وهي - أي الحقيقة - أن الكثير من حالة عدم الرضا الاجتماعي للسياسات والقوانين والقرارات داخل سنوات الأزمة، وراؤه عدم تكامل أدوار بعض المؤسسات التنفيذية الحكومية، حيث تقوم كل جهة باتخاذ مسارات بمعزل عن غيرها، وبمعزل عن معرفة تأثير مجمل المسارات الحكومية على المجتمع، وهى بذلك تثقل كاهل المجتمع دون أن تدري، وتمس أساسيات معيشته.
لذلك، فلابد من وجود آلية تنسيقية تصنع التكامل بين المؤسسات، وتردم الهوة التي كانت تنتج التراكم السلبي في النتائج / التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، وهذا من دواعي المرحلة الوطنية الجديدة اتساقا مع التوجيهات السامية لكي تكون النقلة الجديدة ملموسة اجتماعيا واقتصاديا، لكن، كيف ستكون هذه الآلية ؟ نتركها للفهم السياسي للسياقات سالفة الذكر، مع تشديدنا على ضرورة وجودها عاجلا في ضوء تجربة مواجهة أزمتي النفط وكورنا.
المسألة الثانية المتعلقة بالتشغيل، فقد جاءت عباراتها كذلك قطعية وتعبر عن إرادة سياسية واضحة، نلمسها كما وردت في عباراتها التالية «أهمية قيام الجهات المعنية بالتنسيق مع مختلف القطاعات لاستكمال المبادرات الخاصة بالتشغيل، والبرنامج الوطني للتشغيل، والعمل على سرعة تنفيذ ودعم مبادرات التشغيل المعتمدة في مختلف القطاعات ومتابعتها» والمفردات المستخدمة تعبر عن إشكالية التشغيل التي تعد من أهم التحديات التي تواجه البلاد، ومن هنا ينبغي على السلط التنفيذية أن تفهم الأسباب التي تجعل من قضية الباحثين تتصدر الأولويات المتجددة الآن.
ما يلفت اهتمامنا في تلك العبارة ثلاث قضايا أساسية ترمي الكرة في ملاعب التنفيذ وهي «الحديث عن التنسيق» وكذلك: المطالبة بسرعة تنفيذ ودعم المبادرات وبرنامج التشغيل، وأخيرا، متابعتها: وهذه العبارات تدعم ما طرحناه سابقا من ضرورة وجود آلية تنسيقية أو تفعيلها وتطويرها - إن وجدت - لكي تكون في مستوى قوة الرهانات السياسية الجديدة، والتحديات الناجمة عن قضية الباحثين عن عمل، خاصة أن البرنامج الوطني للتشغيل والمبادرات تعد مثالية إذا نفذت نوعيا وكميا، وفي التواقيت المستحقة، وهنا علينا توضيح هذه المثالية حتى نضع التوجيه السامي باستكمال المبادرات والبرنامج في إطار الرهانات عليها الآن.
وهي نجدها في أن المبادرات وبرنامج التشغيل تركزان على توفير فرص عمل مناسبة ومستدامة، وهنا التساؤل، من أين جاءت فكرة الوظائف المؤقتة ؟ وهل نلمس من سياقات التوجيهات ومن مضامين المبادرات وبرنامج التشغيل مثل هذه الوظائف التي أصبحت لها انعكاساتها السلبية على الشباب الذين يجدون أنفسهم بعد الانتهاء من العقود المؤقتة رغم خبرات العمل في قائمة الباحثين عن عمل، لأنه لا توجد رؤية لهم بعد الانتهاء من العقود المؤقتة، وهنا نتعمق قليلا في المضامين، فمن ضمن البرنامج ثلاثة مسارات أساسية لتوفير فرص عمل للعمانيين في القطاعين الحكومي والخاص، وهي تأهيلية وإحلالية – أي ليست وظائف مؤقتة – وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون بين البرنامج والجهات الحكومية والخاصة، نذكر على سبيل المثال، برنامج تعاون مع الشركة العمانية لإدارة السفن لتأهيل الكوادر الوطنية لشغل الوظائف المتاحة في قطاع النقل عامة، والقطاع البحري خاصة.
ومثال آخر مهم، وهو التوقيع مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية «مدائن» لإيجاد نظام إحلال وتوأمة وظائف متوسطة وعليا بالمدن الصناعية التابعة لمدائن، بينما تركز المبادرات على تطويـر منظومـة التدريـب والتأهيـل للكوادر العُمانية (الباحثين عن عمل / الطلبة المُقبلين على التخرج) وبما يضمـن جاهزيـة الخريجيـن لسـوق العمل ويتلاءم مع متطلبات مختلف قطاعات سوق العمل ومؤهلاتهم العلمية، والتركيز على تحديد فرص العمل الموجودة في مختلف القطاعات الاقتصادية، ولو تم تطبيق هذه المبادرات والبرنامج الوطني للتشغيل في حينها وفق محددات التوجيهات السامية، فلن تكون قضية الباحثين تحتل الآن قمة التحديات، ولن تظهر قضية العقود المؤقتة، ولنجاعة تنفيذ هذه المبادرات والبرنامج ينبغي إشراك اللامركزية فيها، فكل محافظة برئاسة المحافظ ينبغي أن تعقد الورش التنفيذية مع الشركاء المحليين الممثلين للمركزية وللقطاع الخاص لدواعي التأهيل والإحلال.
وسنتناولها من خلال المحاور التالية:
أولا، أبرز الغايات:
- حمل السلطات التنفيذية الحكومية والرقابية الحكومية والمستقلة مسؤولية ضمانة نجاح التحولات الواردة في التوجيهات السامية.
-اعتبار التوجيهات أهم عوامل عودة التفاؤل الاجتماعي الذي ينبغي أن يكون عنوان مرحلة التحولات.
-التشديد على أن عامل نجاحها كتحولات من جهة، وتأثيراتها على عودة التفاؤل الاجتماعي من جهة ثانية، يكمن في إنجازها كاملة وفي أجلها الزمني كما هو وارد في التوجيهات.
-نجاحها وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية سيؤسس ذهنية اجتماعية جديدة متفائلة، وذات ثقة بالتطبيق.
ثانيا: المسألتان الاستراتيجيتان.
وهما:
-إنجاز كل المشروعات التنموية للخطة الخمسية العاشرة 2021- 2025، وماذا ينبغي أن يعني ذلك الآن ؟
-استكمال المبادرات الخاصة بالتشغيل والبرنامج الوطني للتشغيل، فكيف استقبلت الجهات الحكومية المركزية واللامركزية هذا التوجيه ؟ وكيف ينبغي أن يفهم في إطار سياق المسألة الأولى ؟
فلو توقفنا عند المسألة الأولى، فإنها تعني خروج البلاد من الأزمة المالية التي أوقفت تنفيذ الكثير من المشاريع التنموية للخطة بسبب انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا، والآن بعد عودة الأسعار النفطية للارتفاع، تعود عملية إنجاز المشاريع التنموية كما خطط لها دون تأخير، وهذه طبيعة التحول الذي أشرنا إليه سابقا، وهو فعلا تحول من مسار تجميد الكثير من المشاريع التنموية للخطة التنموية العاشرة، إلى إنجازها وضمن إطارها الزمني المخطط له، أي خمس سنوات، ولم تبق منها سوى ثلاث سنوات حتى الآن، ورغم ذلك، فالسلطة التنفيذية محكومة الآن بقيد الالتزام الزمني لإنجازات كل مشاريع الخطة.
وتستوقفنا هنا صياغة عبارات هذا التوجيه، فهي لها دلالات قطعية، لا تقبل التأويل، مثل عبارة «ضرورة الانتهاء من المشروعات التنموية المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة، والعمل على ضمان تنفيذها خلال الفترات الزمنية المحددة لها» ويفهم هنا كل مشاريع الخطة التنموية، ويحمل الجهات التنفيذية والرقابية ضمانة التنفيذ، وبذلك تجد السلطة التنفيذية نفسها الآن أمام مسؤولية وطنية ذات بعد سياسي حاكم، وفي إطار زمني ضاغط، وينبغي أن تستشعر بذلك الآن، ومن ثم عليها أن تطرح التساؤل التالي، كيف يمكن تحقيق كل مشاريع التنمية في الخطة خلال ما تبقى من سنوات؟ هنا التحدي الأكبر، وهنا كذلك يبرز دور مجلس الشورى في الرقابة على التنفيذ، فأمامه الآن قضية الرقابة بأدواتها السبع، فكيف سيتم تفعيلها مساهمة منه في ضمانة التنفيذ بماهياته وقيده الزمني ؟
وفي الخطة العاشرة مشاريع تنموية ضخمة تركز على قضية التنويع الاقتصادي، وزيادة مساهمة القطاعات والأنشطة غير النفطية حيث تضع الخطة مستهدفا لمتوسط معدل نمو سنوي يقارب 2. 3% في الناتج المحل للأنشطة غير النفطية، من خلال التركيز على مشاريع اقتصادية طموحة مثل الصناعات التحويلية ذات التكنولوجيا الحديثة، والزراعة والثروة السمكية والتصنيع الزراعي والغذائي والنقل والتخزين واللوجستيات، كما تضمنت الخطة العديد من المشاريع التنموية ذات البعد الاجتماعي لمختلف المحافظات مثل المستشفيات والمساكن الاجتماعية والطرق الداخلية، وكل ما سبق من مشاريع الخطة ذات الأجل الزمني المتوسط، ولم يتبق منها إلا ثلاث سنوات، كفيلة بأن توفر فرص عمل من حيث الكم والنوع، وتحفز الأنشطة الاقتصادية التي تضررت كثيرا من سياسات مواجهة انهيار أسعار النفط وكورونا.
ومن المعروف أن الخطة الخمسية العاشرة تعد البرنامج التنفيذي الأول لرؤية عمان 2040، وبالتالي، فإن تحقيق مشاريعها التنموية المعتمدة، يعني كذلك أن البلاد تمضي قدما في مسار تحقيق حالة الاطمئنان المستقبلية من خلال عدم الاعتماد على النفط، وصناعة مصادر دخل مستدامة – أي غير ناضبة – وكذلك تعني إجراء مراجعة شاملة لكل ما اتخذ داخل سنوات مواجهة الأزمة النفطية في ظل انكشاف حقيقة مسلم بها الآن، وقد ناقشناها مع نخب حكومية عليا مؤخرا، وهي - أي الحقيقة - أن الكثير من حالة عدم الرضا الاجتماعي للسياسات والقوانين والقرارات داخل سنوات الأزمة، وراؤه عدم تكامل أدوار بعض المؤسسات التنفيذية الحكومية، حيث تقوم كل جهة باتخاذ مسارات بمعزل عن غيرها، وبمعزل عن معرفة تأثير مجمل المسارات الحكومية على المجتمع، وهى بذلك تثقل كاهل المجتمع دون أن تدري، وتمس أساسيات معيشته.
لذلك، فلابد من وجود آلية تنسيقية تصنع التكامل بين المؤسسات، وتردم الهوة التي كانت تنتج التراكم السلبي في النتائج / التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، وهذا من دواعي المرحلة الوطنية الجديدة اتساقا مع التوجيهات السامية لكي تكون النقلة الجديدة ملموسة اجتماعيا واقتصاديا، لكن، كيف ستكون هذه الآلية ؟ نتركها للفهم السياسي للسياقات سالفة الذكر، مع تشديدنا على ضرورة وجودها عاجلا في ضوء تجربة مواجهة أزمتي النفط وكورنا.
المسألة الثانية المتعلقة بالتشغيل، فقد جاءت عباراتها كذلك قطعية وتعبر عن إرادة سياسية واضحة، نلمسها كما وردت في عباراتها التالية «أهمية قيام الجهات المعنية بالتنسيق مع مختلف القطاعات لاستكمال المبادرات الخاصة بالتشغيل، والبرنامج الوطني للتشغيل، والعمل على سرعة تنفيذ ودعم مبادرات التشغيل المعتمدة في مختلف القطاعات ومتابعتها» والمفردات المستخدمة تعبر عن إشكالية التشغيل التي تعد من أهم التحديات التي تواجه البلاد، ومن هنا ينبغي على السلط التنفيذية أن تفهم الأسباب التي تجعل من قضية الباحثين تتصدر الأولويات المتجددة الآن.
ما يلفت اهتمامنا في تلك العبارة ثلاث قضايا أساسية ترمي الكرة في ملاعب التنفيذ وهي «الحديث عن التنسيق» وكذلك: المطالبة بسرعة تنفيذ ودعم المبادرات وبرنامج التشغيل، وأخيرا، متابعتها: وهذه العبارات تدعم ما طرحناه سابقا من ضرورة وجود آلية تنسيقية أو تفعيلها وتطويرها - إن وجدت - لكي تكون في مستوى قوة الرهانات السياسية الجديدة، والتحديات الناجمة عن قضية الباحثين عن عمل، خاصة أن البرنامج الوطني للتشغيل والمبادرات تعد مثالية إذا نفذت نوعيا وكميا، وفي التواقيت المستحقة، وهنا علينا توضيح هذه المثالية حتى نضع التوجيه السامي باستكمال المبادرات والبرنامج في إطار الرهانات عليها الآن.
وهي نجدها في أن المبادرات وبرنامج التشغيل تركزان على توفير فرص عمل مناسبة ومستدامة، وهنا التساؤل، من أين جاءت فكرة الوظائف المؤقتة ؟ وهل نلمس من سياقات التوجيهات ومن مضامين المبادرات وبرنامج التشغيل مثل هذه الوظائف التي أصبحت لها انعكاساتها السلبية على الشباب الذين يجدون أنفسهم بعد الانتهاء من العقود المؤقتة رغم خبرات العمل في قائمة الباحثين عن عمل، لأنه لا توجد رؤية لهم بعد الانتهاء من العقود المؤقتة، وهنا نتعمق قليلا في المضامين، فمن ضمن البرنامج ثلاثة مسارات أساسية لتوفير فرص عمل للعمانيين في القطاعين الحكومي والخاص، وهي تأهيلية وإحلالية – أي ليست وظائف مؤقتة – وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون بين البرنامج والجهات الحكومية والخاصة، نذكر على سبيل المثال، برنامج تعاون مع الشركة العمانية لإدارة السفن لتأهيل الكوادر الوطنية لشغل الوظائف المتاحة في قطاع النقل عامة، والقطاع البحري خاصة.
ومثال آخر مهم، وهو التوقيع مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية «مدائن» لإيجاد نظام إحلال وتوأمة وظائف متوسطة وعليا بالمدن الصناعية التابعة لمدائن، بينما تركز المبادرات على تطويـر منظومـة التدريـب والتأهيـل للكوادر العُمانية (الباحثين عن عمل / الطلبة المُقبلين على التخرج) وبما يضمـن جاهزيـة الخريجيـن لسـوق العمل ويتلاءم مع متطلبات مختلف قطاعات سوق العمل ومؤهلاتهم العلمية، والتركيز على تحديد فرص العمل الموجودة في مختلف القطاعات الاقتصادية، ولو تم تطبيق هذه المبادرات والبرنامج الوطني للتشغيل في حينها وفق محددات التوجيهات السامية، فلن تكون قضية الباحثين تحتل الآن قمة التحديات، ولن تظهر قضية العقود المؤقتة، ولنجاعة تنفيذ هذه المبادرات والبرنامج ينبغي إشراك اللامركزية فيها، فكل محافظة برئاسة المحافظ ينبغي أن تعقد الورش التنفيذية مع الشركاء المحليين الممثلين للمركزية وللقطاع الخاص لدواعي التأهيل والإحلال.