يمكن الانطلاق في هذه المناقشة من المعنى الذي تشير إليه مقولة مروية عن الأديب المصري مصطفى صادق الرافعي، رحمه الله: "إن لم تزد على الحياة شيئا، فأنت زائد عليها" وهل بمقدور أي أحد أن يزيد على الحياة شيئا، الواقع يعكس شيئا من المعنى الذي يحمله هذا النص، فحتى الفقير الذي لا يملك شيئا من الزيادة ليدفع به إلى الحياة، يمكنه ذلك من خلال ما تثيره حالته في نفوس الآخرين الذين يتسابقون لإقالة عثرته، فبحالته هذه أضاف بعدا إنسانيا كامنا في نفوس آخرين، عندهم الاستعداد لإضافة قيمة معنوية ومادية في حياته وحياة الآخرين من أمثاله، ولكن لأنهم لم يصطدموا بمحفز ما، جعلهم ينزون قليلا عن مساهمتهم في الحياة، ومتى توفر هذا الدافع وهو حالة هذا الفقير، أو الضعيف، أو من تكالبت عليه ظروف ما، وأوقعته في مأزق الحاجة والشفقة، كان ذلك دافعا معنويا كبيرا لآخرين، ليجعلوا من الحياة معاني كثيرة فيها الرحمة، والإنسانية، والكرم، والغنى، والسخاء، والنبل، والشهامة، وهذه في مجملها قضايا على قدر كبير من الأهمية، ومثل هذه القضايا يتساوى فيها حالتي العام والخاص، فهي بقدر خصوصية القائم بها، هي في الوقت عمومية الشيوع، والقدوة، والاطمئنان، وبأن الإنسانية لم تفقد بريقها، ولم تفقد حضورها، ولم تفقد تألقها، في كل زمان، ومكان.
تحضر هنا عناوين كثيرة تمثل قضايا جوهرية في حياة الناس؛ بشكل عام، في كل بقاع الدنيا، ولا يمكن لأي مجتمع كان أن يخلو من هذه القضايا، سواء تلك المتعلقة بالفرد نفسه كفرد في المجتمع، أو تلك المتعلقة بالمجتمع في عموميته، وعندما يحتمل العنوان ليكون قضية، فإن ذلك معناه أن على درجة من الحساسية، ويثير تساؤلات لا بد أن تطرح، ويبحث عن الأسباب الكامنة لذات القضية، كما يبحث عن حلول لها، ومما يلاحظ أكثر أن مجمل القضايا التي تثار سواء على مستوى الفرد، أو مستوى المجموع هي قضايا أزلية، تدخل عليها تحديثات انعكاسا لديناميكية الحياة، وحركة الناس فيها، ومجمل التقاطعات التي تحدث بينهم، فبقدر ما هناك توافقات بين أفراد المجتمع الواحد، يقابله مجموعة من التصادمات، والاختلافات، وهي التي تشعل فتيل القضايا بينهم، ولا يزال الحال يراوح مكانه في بقاء مجمل القضايا المثارة بينهم، وينظر إلى مجمل المساعي الذاهبة إلى إيجاد الحلول التي من شأنها أن توقف نمو وتفرعات القضايا على أنها حلول مؤقتة، وأنها لا تلبي الرغبات، وأنها حلول منقوصة، وأنها حلول غير عملية، وأنها حلول لا تزال تنتصر لغير طالبيها، أو مستحقيها، وهذه كلها في حد ذاتها إشكاليات موضوعية، وستظل كذلك، لأن غاية الناس لا تدرك؛ كما هو معروف، فالأسرة قضية، وتتضمن بين جنباتها قضايا فرعية، والوطن قضية؛ وهو في حد ذاتها يحتمل قضايا عديدة، والقومية قضية، والعنصرية قضية، والمذاهب قضية، والجندرة قضية، والأثنية قضية، والأعراق قضية، والفقر قضية، والغنى قضية، والحياد قضية، وعدم الحياد قضية، وما يحدث بين زوايا المجتمع مجموعة من القضايا المتنوعة والمتعددة، وهل الجميع معني بكل هذه القضايا؛ على إختلافها وتعددها وتنوعها؟ طبعا لا؛ وإنما هناك تدرج موضوعي للإهتمام بكل قضية، ولمن تعود، ولذلك عندما نسقط معاني الحديث الشريف المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بدرجات تغيير المنكر في قوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان" – انتهى النص – فإننا بذلك أننا معنيون بالإهتمام بجميع القضايا باختلاف درجاتها، ولكننا نقف عند تحمل مسؤلياتها عند مستويات معينة؛ كما بينها الحديث الشريف، وذلك لوجوب تحقق شروط معينة عند كل درجة من درجات التغيير، فاليد معني بها صاحب السلطة، واللسان معني بها صاحب المعرفة، والقلب هو قاسم مشترك عند الجميع، فالجميع يمكنه أن ينكر مآوي القضايا وما تذهب إليه في جانبها السلبي، فالقضايا بهذا التنوع كله هي في النهاية تؤول إلى نتيجتين إما نتيجة إيجابية، وذلك هو ما يذهب إليه صلاح المجتمع، وحياة عامة الناس، وإما نتيجة سلبية، وذلك ما يجب تداركه قبل وقوع وتأثيراته السلبية على حياة الناس.
من الأسئلة المطروحة هنا أيضا: كيف يتبلور الموضوع ليصبح قضية؟ لأنه ليس كل موضوع هو قضية، مع التسليم أن كل ما يشغل بال فرد ما هو قضية خاصة، تعنيه أكثر من غيره، فالقضية الفردية قد تترقى في تأثيراتها، وفي خطورة شموليتها لتصبح قضية عامة تخص كل الناس، ومن هنا لا يجب التهاون مع القضايا الفردية الخاصة، فالفرد عضو في المجتمع، وبحسب الحديث الشريف، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى" – انتهى النص – وبحسب هذه الصورة؛ فتبلور القضايا تنطلق من الخاص، فتتوسع لتصل إلى العام، ومتى وصلت إلى هذا المستوى من التأثير والاهتمام أصبح الاهتمام بها واجبا جماعيا، وإن تمايز الواجب في التصدي له بين الفرد والجماعة، كل قدر ما يتيسر له من صلاحيات وقدرات، وتفويضات ذاتية، أو تفويضات يخولها أفراد المجتمع لبعضهم البعض – وفق العرف المتبع - وبحسب ما جاء في حديث درجات تغيير المنكر، والإنسان طوال سنوات حياته الممتدة لن يخلو من قضية ما تؤرقه، وتقض مضجعه بدرجات مختلفة، بدءا من أسرته الصغيرة التي يحافظ عليها من كل ما من شأنه أن يؤرقها ويفض تآلفها وتكاتفها، وتوافقها، مرورا بمجتمعه المحيط، وصولا إلى القضية الكبرى التي تشغل بال الوطن في أي منحى من مناحي الحياة العامة، ولا يمكن لأي فرد أن يكون بمنأى عن قضايا الوطن، وإن لم يستطع أن يساهم في حلها بمساهمة مباشرة، ولكن تبقى في دائرة اهتمامه الخاص، فالوطن سفينة كبرى تحمل الجميع، وأي عيب فيها سيغرق الجميع بلا جدال، ولذلك لا يمكن أن يغض الطرف عن أي قضية مثارة، سواء على مستوى المجتمع، أو مستوى الوطن، وفي ذلك فرض عين.
قد يطرح السؤال التالي: ما هي الفواصل الموضوعية بين مختلف القضايا؟ ويمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال النظر إلى ذات القضايا، وموضوعيتها، وعناوينها، فالعناوين هي التي توجد هذه الفواصل، فهناك قضية اقتصادية، وهناك قضية إنسانية، وهناك قضية اجتماعية، وهناك قضية ثقافية، وهناك قضية سياسية، وهناك قضية ذاتية "فردية" وفي كل هذه القضايا هناك من يحمل همها فرد، قبل الجماعة، ويعمل على تكريس جهودها لحلها؛ يصل أو لا يصل إلى حل ما؛ هذه مسألة أخرى، ولكن الواقع يقول أنه لا يخلو أحد من كان من قضية تشغل باله، وتأخذ بتلابيب اهتماماته، ولا يكاد يهنأ دون أن يصل إلى مستوى من الرضى بأن قضيته قد حلت، أو على الأقل في طريقها إلى الحل، ولذلك فتوصيف "قادة الرأي" في أي مجتمع لم يأت من فراغ، فهؤلاء القادة يظلون أصحاب قضية يتحملون هم الفرد والمجتمع على حد سواء، ويكرسون جهودهم لإيجاد الحلول الموضوعية لمختلف القضايا، انطلاقا من إيمانهم اليقيني ليس فقط "إن لم تزد على الحياة شيئا، فأنت زائد عليها" – وفق مقولة الرافعي – فهذا أمر مفروغ منه، وإنما أيضا انطلاقا من واجب إنساني ووطني بضرورة إضفاء أو شيوع الكثير من الهدوء والاستقرار وتخييم ذلك على المشهد العام، وقد يتعرض هؤلاء كلهم لكثير من المشاق، والعراقيل من المحيطين بهم، ولكنهم بحكم همتهم وإيمانهم بما يقومون به، لا يستسلمون، وذلك للوصول إلى الغايات الكبرى لاستقرار المجتمعات والأوطان على حد سواء، وقد تلتحم القضايا بعضها ببعض، وتذوب الفواصل بين عناوينها في كثير من المواقف، لأنها ترتبط بأمن المجتمع، وبأمن الوطن كذلك، ولذا من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها الجميع أن يغض الطرف عن القضايا الصغيرة على اعتبار أنها صغيرة، وقد لا يكون لها تأثيرات مباشرة عن الأمن الوطني، وهذه من الأخطاء، فـ "معظم النار من مستصغر الشرر".
تحضر هنا عناوين كثيرة تمثل قضايا جوهرية في حياة الناس؛ بشكل عام، في كل بقاع الدنيا، ولا يمكن لأي مجتمع كان أن يخلو من هذه القضايا، سواء تلك المتعلقة بالفرد نفسه كفرد في المجتمع، أو تلك المتعلقة بالمجتمع في عموميته، وعندما يحتمل العنوان ليكون قضية، فإن ذلك معناه أن على درجة من الحساسية، ويثير تساؤلات لا بد أن تطرح، ويبحث عن الأسباب الكامنة لذات القضية، كما يبحث عن حلول لها، ومما يلاحظ أكثر أن مجمل القضايا التي تثار سواء على مستوى الفرد، أو مستوى المجموع هي قضايا أزلية، تدخل عليها تحديثات انعكاسا لديناميكية الحياة، وحركة الناس فيها، ومجمل التقاطعات التي تحدث بينهم، فبقدر ما هناك توافقات بين أفراد المجتمع الواحد، يقابله مجموعة من التصادمات، والاختلافات، وهي التي تشعل فتيل القضايا بينهم، ولا يزال الحال يراوح مكانه في بقاء مجمل القضايا المثارة بينهم، وينظر إلى مجمل المساعي الذاهبة إلى إيجاد الحلول التي من شأنها أن توقف نمو وتفرعات القضايا على أنها حلول مؤقتة، وأنها لا تلبي الرغبات، وأنها حلول منقوصة، وأنها حلول غير عملية، وأنها حلول لا تزال تنتصر لغير طالبيها، أو مستحقيها، وهذه كلها في حد ذاتها إشكاليات موضوعية، وستظل كذلك، لأن غاية الناس لا تدرك؛ كما هو معروف، فالأسرة قضية، وتتضمن بين جنباتها قضايا فرعية، والوطن قضية؛ وهو في حد ذاتها يحتمل قضايا عديدة، والقومية قضية، والعنصرية قضية، والمذاهب قضية، والجندرة قضية، والأثنية قضية، والأعراق قضية، والفقر قضية، والغنى قضية، والحياد قضية، وعدم الحياد قضية، وما يحدث بين زوايا المجتمع مجموعة من القضايا المتنوعة والمتعددة، وهل الجميع معني بكل هذه القضايا؛ على إختلافها وتعددها وتنوعها؟ طبعا لا؛ وإنما هناك تدرج موضوعي للإهتمام بكل قضية، ولمن تعود، ولذلك عندما نسقط معاني الحديث الشريف المروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بدرجات تغيير المنكر في قوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان" – انتهى النص – فإننا بذلك أننا معنيون بالإهتمام بجميع القضايا باختلاف درجاتها، ولكننا نقف عند تحمل مسؤلياتها عند مستويات معينة؛ كما بينها الحديث الشريف، وذلك لوجوب تحقق شروط معينة عند كل درجة من درجات التغيير، فاليد معني بها صاحب السلطة، واللسان معني بها صاحب المعرفة، والقلب هو قاسم مشترك عند الجميع، فالجميع يمكنه أن ينكر مآوي القضايا وما تذهب إليه في جانبها السلبي، فالقضايا بهذا التنوع كله هي في النهاية تؤول إلى نتيجتين إما نتيجة إيجابية، وذلك هو ما يذهب إليه صلاح المجتمع، وحياة عامة الناس، وإما نتيجة سلبية، وذلك ما يجب تداركه قبل وقوع وتأثيراته السلبية على حياة الناس.
من الأسئلة المطروحة هنا أيضا: كيف يتبلور الموضوع ليصبح قضية؟ لأنه ليس كل موضوع هو قضية، مع التسليم أن كل ما يشغل بال فرد ما هو قضية خاصة، تعنيه أكثر من غيره، فالقضية الفردية قد تترقى في تأثيراتها، وفي خطورة شموليتها لتصبح قضية عامة تخص كل الناس، ومن هنا لا يجب التهاون مع القضايا الفردية الخاصة، فالفرد عضو في المجتمع، وبحسب الحديث الشريف، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى" – انتهى النص – وبحسب هذه الصورة؛ فتبلور القضايا تنطلق من الخاص، فتتوسع لتصل إلى العام، ومتى وصلت إلى هذا المستوى من التأثير والاهتمام أصبح الاهتمام بها واجبا جماعيا، وإن تمايز الواجب في التصدي له بين الفرد والجماعة، كل قدر ما يتيسر له من صلاحيات وقدرات، وتفويضات ذاتية، أو تفويضات يخولها أفراد المجتمع لبعضهم البعض – وفق العرف المتبع - وبحسب ما جاء في حديث درجات تغيير المنكر، والإنسان طوال سنوات حياته الممتدة لن يخلو من قضية ما تؤرقه، وتقض مضجعه بدرجات مختلفة، بدءا من أسرته الصغيرة التي يحافظ عليها من كل ما من شأنه أن يؤرقها ويفض تآلفها وتكاتفها، وتوافقها، مرورا بمجتمعه المحيط، وصولا إلى القضية الكبرى التي تشغل بال الوطن في أي منحى من مناحي الحياة العامة، ولا يمكن لأي فرد أن يكون بمنأى عن قضايا الوطن، وإن لم يستطع أن يساهم في حلها بمساهمة مباشرة، ولكن تبقى في دائرة اهتمامه الخاص، فالوطن سفينة كبرى تحمل الجميع، وأي عيب فيها سيغرق الجميع بلا جدال، ولذلك لا يمكن أن يغض الطرف عن أي قضية مثارة، سواء على مستوى المجتمع، أو مستوى الوطن، وفي ذلك فرض عين.
قد يطرح السؤال التالي: ما هي الفواصل الموضوعية بين مختلف القضايا؟ ويمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال النظر إلى ذات القضايا، وموضوعيتها، وعناوينها، فالعناوين هي التي توجد هذه الفواصل، فهناك قضية اقتصادية، وهناك قضية إنسانية، وهناك قضية اجتماعية، وهناك قضية ثقافية، وهناك قضية سياسية، وهناك قضية ذاتية "فردية" وفي كل هذه القضايا هناك من يحمل همها فرد، قبل الجماعة، ويعمل على تكريس جهودها لحلها؛ يصل أو لا يصل إلى حل ما؛ هذه مسألة أخرى، ولكن الواقع يقول أنه لا يخلو أحد من كان من قضية تشغل باله، وتأخذ بتلابيب اهتماماته، ولا يكاد يهنأ دون أن يصل إلى مستوى من الرضى بأن قضيته قد حلت، أو على الأقل في طريقها إلى الحل، ولذلك فتوصيف "قادة الرأي" في أي مجتمع لم يأت من فراغ، فهؤلاء القادة يظلون أصحاب قضية يتحملون هم الفرد والمجتمع على حد سواء، ويكرسون جهودهم لإيجاد الحلول الموضوعية لمختلف القضايا، انطلاقا من إيمانهم اليقيني ليس فقط "إن لم تزد على الحياة شيئا، فأنت زائد عليها" – وفق مقولة الرافعي – فهذا أمر مفروغ منه، وإنما أيضا انطلاقا من واجب إنساني ووطني بضرورة إضفاء أو شيوع الكثير من الهدوء والاستقرار وتخييم ذلك على المشهد العام، وقد يتعرض هؤلاء كلهم لكثير من المشاق، والعراقيل من المحيطين بهم، ولكنهم بحكم همتهم وإيمانهم بما يقومون به، لا يستسلمون، وذلك للوصول إلى الغايات الكبرى لاستقرار المجتمعات والأوطان على حد سواء، وقد تلتحم القضايا بعضها ببعض، وتذوب الفواصل بين عناوينها في كثير من المواقف، لأنها ترتبط بأمن المجتمع، وبأمن الوطن كذلك، ولذا من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها الجميع أن يغض الطرف عن القضايا الصغيرة على اعتبار أنها صغيرة، وقد لا يكون لها تأثيرات مباشرة عن الأمن الوطني، وهذه من الأخطاء، فـ "معظم النار من مستصغر الشرر".