على مدى أكثر من أربعة آلاف عام انعطف مسار التاريخ العماني عدة مرات، مثله في ذلك مثل تاريخ الكثير من الأمم والبلدان. وقد رانَ على بعض تلك المنعطفات غبار الزمن وعوادي الدهر فأصبحت غير معلومة، وعسى أن تكشف البحوث والتنقيبات الآثارية عما انطوى واندرس منها. أما البعض الآخر من تلك المنعطفات فلا يزال حاضراً في ذاكرة من لهم دراية أو اطلاع على بعض جوانب التاريخ، وغامضا أو منسياً لدى آخرين. وليس من مجانبة الصواب أو التجني على الحقيقة القول إن كثيراً من منعطفات تاريخ عمان المعلوم كان نتيجة صراعات داخلية ناتجة عن ضعف اللُحمة الوطنية، أو «العصبية» حسب المصطلح الخلدوني. وقد أدت الصراعات التي مرت بها عمان والضعف الذي رافقها أو نتج عنها دخول عمان في فترات مما يمكن تسميته دياجير الصراع الداخلي، الأمر الذي أدى بدوره إلى تدخل خارجي أودى بالوحدة الترابية لعمان. أما البعض الآخر من منعطفات التاريخ العماني فقد كانت نتاج جهود لإعادة اللُحمة أو تقوية «العصبية» أدت إلى اتفاق عام، أو «إجماع وطني» على تغيير وضع قائم ناتج في الغالب عن تدخل خارجي.
تعمل الدول الحديثة على ترسيخ الوحدة والهوية الوطنية لها بعدة وسائل، منها إبراز و تخليد مناسباتها وشخصياتها التاريخية. وحيث أن الثقافة والعمران العماني يكاد يخلو من ذلك، إلا من بعض مسميات المدارس والمعسكرات، فإنه من المناسب في هذه المرحلة اختيار أهم المعالم المضيئة في التاريخ العماني لإبرازها وتخليدها. ومن المهم في اختيار المنعطفات أو المناسبات التاريخية أن تكون من تلك التي هي محل إجماع وطني ولا خلاف عليها في الحاضر والماضي، لإبرازها بالطريقة التي تليق بها، وذلك لتعزيز اللحمة الوطنية، ولشَدّ عزائم الجيل الحالي لبناء مستقبل مشرق ولتذكير الأجيال القادمة بماضي عمان المجيد. هناك بعض المنعطفات التاريخية، التي أعتقد أنه من المناسب أن تعمل الجهات المعنية بالثقافة والتراث وبالتخطيط العمراني وبالتطوير البلدي على تخليدها وابرازها بصورة مناسبة، لا سيما في المدن الكبرى ومراكز الولايات. ويمكن أن يتخذ التخليد والإبراز عدة صور، منها أن يخلد يوم المناسبة كيوم وطني يتم الاحتفال به سنوياً، أو أن يقام نصب تذكرية أو ساحات عامة لها أو أن تسمى شوارع أو مبان تذكّر بها.
ومن المعالم أو المناسبات التاريخية التي يجدر تخليدها معركة سلّوت، وهي المعركة التي انتصر فيها العمانيون بقيادة مالك بن فهم الأزدي على الفرس، وكان من نتائجها إخراج الفرس من عمان واستعادتها لاستقلالها. لا يعرف بالضبط تاريخ وقوع المعركة، ولكن المؤكد أنها وقعت بعد هجرة بعض قبائل الأزد من اليمن إلى عمان على إثر انهيار سد مأرب، أي قبل البعثة النبوية بفترة طويلة، الأمر الذي يؤكد أن موقعة سلّوت هي أول معركة ينتصر فيها العرب على الفرس، وليس كما هو شائع في بعض كتب التاريخ العربي أن تلك المعركة كانت معركة ذي قار، التي وقعت في عام 604 أو عام 609 أو عام 624 ميلادية، أي في فترة قريبة من سنة البعثة النبوية أو نزول الوحي على النبي محمد (ص) في عام 610 ميلادية. معلوم أن المعركة دارت في منطقة سلّوت التي تتبع حالياً ولاية بهلا، وربما يمكن تحديد تاريخ أو فترة وقوعها بدقة من خلال التنقيبات الآثارية الجارية حاليا في قرية سلّوت، وكذلك من خلال الاستعانة بالمراجع التاريخية الموثّقة في اليمن و إيران.
المناسبة الثانية التي تستحق التخليد هي السنة التي دخل فيها الإسلام إلى عمان، أي مناسبة وصول مبعوث النبي (ص) إلى عمان حاملا رسالة الدعوة إلى الإسلام إلى ملكيها عبد وجيفر. ومع أن بعضاً من أهل عمان، ومنهم مازن بن غضوبة الطائي، قد آمن بالإسلام قبل وصول الرسالة، إلا إنه من الأنسب أن يكون التخليد لتاريخ وصول الرسالة وليس لإسلام مازن بن غضوبة، لأن وصول الرسالة حدث سياسي اجتماعي، بينما إسلام مازن ومن معه كان شأنا شخصيا. وتنبع أهمية تخليد هذه المناسبة أن اعتناق الدولة العمانية، ممثلة في ملكيها في ذلك الوقت، للإسلام ديناً وعقيدة ونظاما قد تم إطار «إجماع وطني»، حيث تشير كتب التاريخ إلى أن الملكين جيفر وعبد تشاورا مع قبائل عمان بعد وصول رسالة الرسول (ص) إليهما، مما يمكن معه القول كذلك إن اعتناق الدولة العمانية للإسلام قد تم بصورة «دستورية» وعلى أساس الشورى.
المناسبة الثالثة هي مبايعة الإمام الجنلدى بن مسعود بالإمامة في عمان في عام 132 هجرية/750 ميلادية، الأمر الذي يعني من النواحي الدستورية والسياسية استقلال عمان عن مركز الخلافة، الذي انتقل من دمشق بعد انتهاء حكم الأمويين إلى بغداد مع بداية حكم العباسيين. وبمبايعة الإمام الجنلدى تم تدشين عهد أصبحت به عمان منذ ذلك التاريخ دولة مستقلة متصلة الحكم. ومع أن عمان تعرضت فيما بعد ذلك التاريخ للغزو عدة مرات وخضعت أجزاء منها للاحتلال الأجنبي، أو تقسمت بين أكثر من طرف داخلي وتقلصت سيطرة الحكم المركزي فيها، إلا أنها حافظت على استقلالها وعلى وجود نظام حكم فيها يتمتع بالشرعية، مما مكن الدولة من فرض نوع من السيطرة على كل أو بعض مناطقها.
المناسبة الرابعة هي يوم طرد البرتغاليين من آخر معاقلهم في عمان، في شهر يناير أو فبراير من عام 1650، أي في عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، وذلك بعد سنوات من تدشين العمانيين مرحلة أخرى في تاريخهم بمبايعة ناصر بن مرشد اليعربي إماماً على عمان. كانت إمامة ناصر بن مرشد أشبه بانقلاب قصر على فصيل آخر من أسرته في الرستاق، وقد سانده في ذلك كبير علماء وفقهاء ذلك الزمان، خميس بن سعيد الشقصي ومن معه من أهل الحل والعقد. بدأ الإمام ناصر بن مرشد عهده بتوحيد عمان، واصطدم في سبيل تحقيق ذلك مع عدد من المناوئيين أو المعارضين له في بعض المناطق والمدن العمانية. وبعد وفاته بويع بالإمامة ابن عمه سلطان بن سيف بن مالك، وكان الأمر قد استتب لليعاربة في معظم مناطق عمان، وتم إجلاء البرتغاليين عن أكثر موانئ عمان الشمالية. أكمل الإمام سلطان بن سيف المسيرة بطرد البرتغاليين من آخر معاقلهم في ميناء مسقط وتحرير كامل عمان التراب والبحر العماني منهم، مما يجعل ذلك اليوم معلمة من معالم التاريخ العماني. وبتحرير مسقط دشن الإمام سلطان بن سيف إمبراطورية عمانية، شملت عمان كلها ومناطق أخرى على بحر عمان وبحر العرب وشمال المحيط الهندي، استمرت لحوالي مائتي عام.
المناسبة الخامسة هي يوم إجلاء الفرس عن عمان، وذلك في عهد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي. المعروف أن الفرس دخلوا عمان في بداية ثلاثينات القرن الثامن عشر، وذلك خلال فترة انقسام وضعف أسرة اليعاربة، وهو انقسام نتجت عنه حروب أهلية عمت كافة مناطق عمان واستمرت لمدة زادت على عشرين عاماً. وتجمع المصادر التاريخية أن فترة الغزو الفارسي والحروب الأهلية التي رافقته كانت من أكثر الفترات قسوة وبؤساً في تأريخ عمان. وبعد صراع مرير مع الفرس، تكمن الإمام أحمد بن سعيد من إخراجهم من آخر معاقلهم وتحصيناتهم، الأمر الذي قوى من اللُحمة الوطنية وزاد من التفاف العمانيين حول الإمام أحمد. وتذكر بعض المصادر أن آخر المنازلات مع الفرس كانت في البحر المقابل لساحل ولاية بركاء. المناسبة السادسة هي يوم التغيير، أو يوم «النهضة» في الثالث والعشرين من يوليو من عام 1970. ويتذكر كثير من العمانيين حالياً السنوات العجاف التي مرت بها عمان قبل ذلك، ويدركون الأثر الذي تركه خبر التغيير الذي وقع في ذلك اليوم. إن الذي أعلن في الثالث والعشرين من يوليو كان بداية لنهضة حقيقية وشاملة، قادها السلطان قابوس رحمه الله. وقد اشترك كل العمانيين في الدفع إلى التغيير الذي حدث في ذلك اليوم، فلم يكونوا متلهفين ينتظرون فقط تغيير الوضع الذين كان قائما، وإنما سعوا وعملوا معا بمختلف الوسائل من أجل وقوعه. وقد تساوى جميع العمانيين في السعي والجهد الذي أدى إلى قيام النهضة، سواء من بقي منهم في البلاد صابرا على البلاء وشظف العيش أو شاهرا السلاح، أو من هاجر إلى الخارج من أجل النضال السياسي أو لطلب العلم أو السعي من أجل الرزق. ولأن المعاناة والتضحيات من أجل ذلك التغيير كانت كبيرة، فإن يوم الثالث والعشرين من يوليو هو حقا من معالم التاريخ العماني.
تلك كانت بعض من أيام عمان الغُرر، ومن المناسب إزالة غبار الزمن عنها، لتبقى ساطعة تنير درب كل الساعين إلى رفعة و مجد عمان.
«تلك أيامٌ لنا نذكُرها
هي في التاريخ أيامٌ غررْ»
د. عبدالملك بن عبدالله الهِنائي باحث في الاقتصاد السياسي وقضايا التنمية
تعمل الدول الحديثة على ترسيخ الوحدة والهوية الوطنية لها بعدة وسائل، منها إبراز و تخليد مناسباتها وشخصياتها التاريخية. وحيث أن الثقافة والعمران العماني يكاد يخلو من ذلك، إلا من بعض مسميات المدارس والمعسكرات، فإنه من المناسب في هذه المرحلة اختيار أهم المعالم المضيئة في التاريخ العماني لإبرازها وتخليدها. ومن المهم في اختيار المنعطفات أو المناسبات التاريخية أن تكون من تلك التي هي محل إجماع وطني ولا خلاف عليها في الحاضر والماضي، لإبرازها بالطريقة التي تليق بها، وذلك لتعزيز اللحمة الوطنية، ولشَدّ عزائم الجيل الحالي لبناء مستقبل مشرق ولتذكير الأجيال القادمة بماضي عمان المجيد. هناك بعض المنعطفات التاريخية، التي أعتقد أنه من المناسب أن تعمل الجهات المعنية بالثقافة والتراث وبالتخطيط العمراني وبالتطوير البلدي على تخليدها وابرازها بصورة مناسبة، لا سيما في المدن الكبرى ومراكز الولايات. ويمكن أن يتخذ التخليد والإبراز عدة صور، منها أن يخلد يوم المناسبة كيوم وطني يتم الاحتفال به سنوياً، أو أن يقام نصب تذكرية أو ساحات عامة لها أو أن تسمى شوارع أو مبان تذكّر بها.
ومن المعالم أو المناسبات التاريخية التي يجدر تخليدها معركة سلّوت، وهي المعركة التي انتصر فيها العمانيون بقيادة مالك بن فهم الأزدي على الفرس، وكان من نتائجها إخراج الفرس من عمان واستعادتها لاستقلالها. لا يعرف بالضبط تاريخ وقوع المعركة، ولكن المؤكد أنها وقعت بعد هجرة بعض قبائل الأزد من اليمن إلى عمان على إثر انهيار سد مأرب، أي قبل البعثة النبوية بفترة طويلة، الأمر الذي يؤكد أن موقعة سلّوت هي أول معركة ينتصر فيها العرب على الفرس، وليس كما هو شائع في بعض كتب التاريخ العربي أن تلك المعركة كانت معركة ذي قار، التي وقعت في عام 604 أو عام 609 أو عام 624 ميلادية، أي في فترة قريبة من سنة البعثة النبوية أو نزول الوحي على النبي محمد (ص) في عام 610 ميلادية. معلوم أن المعركة دارت في منطقة سلّوت التي تتبع حالياً ولاية بهلا، وربما يمكن تحديد تاريخ أو فترة وقوعها بدقة من خلال التنقيبات الآثارية الجارية حاليا في قرية سلّوت، وكذلك من خلال الاستعانة بالمراجع التاريخية الموثّقة في اليمن و إيران.
المناسبة الثانية التي تستحق التخليد هي السنة التي دخل فيها الإسلام إلى عمان، أي مناسبة وصول مبعوث النبي (ص) إلى عمان حاملا رسالة الدعوة إلى الإسلام إلى ملكيها عبد وجيفر. ومع أن بعضاً من أهل عمان، ومنهم مازن بن غضوبة الطائي، قد آمن بالإسلام قبل وصول الرسالة، إلا إنه من الأنسب أن يكون التخليد لتاريخ وصول الرسالة وليس لإسلام مازن بن غضوبة، لأن وصول الرسالة حدث سياسي اجتماعي، بينما إسلام مازن ومن معه كان شأنا شخصيا. وتنبع أهمية تخليد هذه المناسبة أن اعتناق الدولة العمانية، ممثلة في ملكيها في ذلك الوقت، للإسلام ديناً وعقيدة ونظاما قد تم إطار «إجماع وطني»، حيث تشير كتب التاريخ إلى أن الملكين جيفر وعبد تشاورا مع قبائل عمان بعد وصول رسالة الرسول (ص) إليهما، مما يمكن معه القول كذلك إن اعتناق الدولة العمانية للإسلام قد تم بصورة «دستورية» وعلى أساس الشورى.
المناسبة الثالثة هي مبايعة الإمام الجنلدى بن مسعود بالإمامة في عمان في عام 132 هجرية/750 ميلادية، الأمر الذي يعني من النواحي الدستورية والسياسية استقلال عمان عن مركز الخلافة، الذي انتقل من دمشق بعد انتهاء حكم الأمويين إلى بغداد مع بداية حكم العباسيين. وبمبايعة الإمام الجنلدى تم تدشين عهد أصبحت به عمان منذ ذلك التاريخ دولة مستقلة متصلة الحكم. ومع أن عمان تعرضت فيما بعد ذلك التاريخ للغزو عدة مرات وخضعت أجزاء منها للاحتلال الأجنبي، أو تقسمت بين أكثر من طرف داخلي وتقلصت سيطرة الحكم المركزي فيها، إلا أنها حافظت على استقلالها وعلى وجود نظام حكم فيها يتمتع بالشرعية، مما مكن الدولة من فرض نوع من السيطرة على كل أو بعض مناطقها.
المناسبة الرابعة هي يوم طرد البرتغاليين من آخر معاقلهم في عمان، في شهر يناير أو فبراير من عام 1650، أي في عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، وذلك بعد سنوات من تدشين العمانيين مرحلة أخرى في تاريخهم بمبايعة ناصر بن مرشد اليعربي إماماً على عمان. كانت إمامة ناصر بن مرشد أشبه بانقلاب قصر على فصيل آخر من أسرته في الرستاق، وقد سانده في ذلك كبير علماء وفقهاء ذلك الزمان، خميس بن سعيد الشقصي ومن معه من أهل الحل والعقد. بدأ الإمام ناصر بن مرشد عهده بتوحيد عمان، واصطدم في سبيل تحقيق ذلك مع عدد من المناوئيين أو المعارضين له في بعض المناطق والمدن العمانية. وبعد وفاته بويع بالإمامة ابن عمه سلطان بن سيف بن مالك، وكان الأمر قد استتب لليعاربة في معظم مناطق عمان، وتم إجلاء البرتغاليين عن أكثر موانئ عمان الشمالية. أكمل الإمام سلطان بن سيف المسيرة بطرد البرتغاليين من آخر معاقلهم في ميناء مسقط وتحرير كامل عمان التراب والبحر العماني منهم، مما يجعل ذلك اليوم معلمة من معالم التاريخ العماني. وبتحرير مسقط دشن الإمام سلطان بن سيف إمبراطورية عمانية، شملت عمان كلها ومناطق أخرى على بحر عمان وبحر العرب وشمال المحيط الهندي، استمرت لحوالي مائتي عام.
المناسبة الخامسة هي يوم إجلاء الفرس عن عمان، وذلك في عهد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي. المعروف أن الفرس دخلوا عمان في بداية ثلاثينات القرن الثامن عشر، وذلك خلال فترة انقسام وضعف أسرة اليعاربة، وهو انقسام نتجت عنه حروب أهلية عمت كافة مناطق عمان واستمرت لمدة زادت على عشرين عاماً. وتجمع المصادر التاريخية أن فترة الغزو الفارسي والحروب الأهلية التي رافقته كانت من أكثر الفترات قسوة وبؤساً في تأريخ عمان. وبعد صراع مرير مع الفرس، تكمن الإمام أحمد بن سعيد من إخراجهم من آخر معاقلهم وتحصيناتهم، الأمر الذي قوى من اللُحمة الوطنية وزاد من التفاف العمانيين حول الإمام أحمد. وتذكر بعض المصادر أن آخر المنازلات مع الفرس كانت في البحر المقابل لساحل ولاية بركاء. المناسبة السادسة هي يوم التغيير، أو يوم «النهضة» في الثالث والعشرين من يوليو من عام 1970. ويتذكر كثير من العمانيين حالياً السنوات العجاف التي مرت بها عمان قبل ذلك، ويدركون الأثر الذي تركه خبر التغيير الذي وقع في ذلك اليوم. إن الذي أعلن في الثالث والعشرين من يوليو كان بداية لنهضة حقيقية وشاملة، قادها السلطان قابوس رحمه الله. وقد اشترك كل العمانيين في الدفع إلى التغيير الذي حدث في ذلك اليوم، فلم يكونوا متلهفين ينتظرون فقط تغيير الوضع الذين كان قائما، وإنما سعوا وعملوا معا بمختلف الوسائل من أجل وقوعه. وقد تساوى جميع العمانيين في السعي والجهد الذي أدى إلى قيام النهضة، سواء من بقي منهم في البلاد صابرا على البلاء وشظف العيش أو شاهرا السلاح، أو من هاجر إلى الخارج من أجل النضال السياسي أو لطلب العلم أو السعي من أجل الرزق. ولأن المعاناة والتضحيات من أجل ذلك التغيير كانت كبيرة، فإن يوم الثالث والعشرين من يوليو هو حقا من معالم التاريخ العماني.
تلك كانت بعض من أيام عمان الغُرر، ومن المناسب إزالة غبار الزمن عنها، لتبقى ساطعة تنير درب كل الساعين إلى رفعة و مجد عمان.
«تلك أيامٌ لنا نذكُرها
هي في التاريخ أيامٌ غررْ»
د. عبدالملك بن عبدالله الهِنائي باحث في الاقتصاد السياسي وقضايا التنمية