كان البون شاسعا بين ما حدث في حرب يونيو ١٩٦٧، وما حققه الجيش المصري في حرب أكتوبر ١٩٧٣، فقد سجلت الوثائق الإسرائيلية المشهدين، والفرق بينهما كان هائلا، وخصوصًا حرب أكتوبر ١٩٧٣، التي سجلتها الوثائق الإسرائيلية من خلال ترجمة دقيقة نشرها في أربع مجلدات المركز القومي للترجمة في مصر، من خلال فريق عمل تحت إشراف المرحوم الدكتور إبراهيم البحراوي أستاذ الأدب العِبْري بجامعة عين شمس، وهي أحداث لم تستطع أجهزة المخابرات الإسرائيلية أن تخفيها، وأعتقد أن كل عربي عليه أن يفخر بهذه الحرب التي أعادت للعرب روحهم المفقودة، ولعل الذاكرة تتداعى لكي تربط بين ذكريات قاسية عشناها مع الهزيمة، وذكريات مفعمة بالفخر عشناها أيضا مع حرب أكتوبر ١٩٧٣.
أمضيت طفولتي وشبابي في قريتي شمال دلتا مصر، وكنت أعتقد أن العالم كله ينتهي عند حدود هذه القرية الهادئة، الواقعة على أحد فروع النيل، حيث الحقول والمزارع الخضراء الممتدة عبر الأفق البعيد. كنت ورفاقي من أبناء عمومتي نلعب الكرة ونختلس بعض الوقت بعيدًا عن مراقبة الكبار للاستحمام في النهر، وخصوصًا وقت القيظ صيفا وأحيانًا نمارس هواية صيد الأسماك ونتبادل الكتب والصحف التي كانت تصل إلى القرية عصر كل يوم، وددت لو عاد هذا الزمن الذي من المستحيل أن يعود.
في صباح ٥ يونيو ١٩٦٧، استيقظت على جلبة وضجيج في بهو الدار وقد توافدت جموع من أهل القرية، يهللون ويصفقون وخرجت من غرفتي لأجد المشهد باديا على وجوه الجميع، وقد بادرت بالسؤال قائلا ماذا حدث؟ لقد بدأت الحرب، الجميع يتحلق حول المذياع وصوت المذيع أحمد سعيد يملأ المكان، لقد أوشك الجيش المصري على دخول تل أبيب افرحوا يا عرب، الإسرائيليون يحزمون أمتعتهم في طريقهم للهروب من إسرائيل!
لقد راح أهل القرية يلتفون حول المذياع لمتابعة أحداث النصر العظيم. لم أكن قد تجاوزت السادسة عشرة من عمري، ورحت أتحدث إلى أبناء عمومتي أحرضهم على فعل شيء ما، وفي ظل نشوة الفرح والبهجة اقترحت عليهم اقتراحا: علينا واجب لابد وأن نؤديه، فعلينا أن نقدم أنفسنا لكي نكون في خدمة جيشنا، نتدرب على حمل السلاح، أو أن نكون في خلفية الجيش لنقل المؤن أو حفر الأنفاق، بالتأكيد علينا واجب. وقد تحمس لفكرتي ثلاثة من أبناء عمومتي، وعرضنا الأمر على والدي الذي أصابته الدهشة من اقتراحنا لكنه بعد جدل طويل وافقنا على ما اعتزمنا عليه، بل راح يشجعنا رغم صغر سننا.
أعددنا حقائبنا الصغيرة وذهبنا إلى عاصمة الإقليم "كفر الشيخ"، رحنا نتناقش ونحن في الطريق عن وجهتنا. اقترح أحدنا أن نتوجه إلى مبنى الاتحاد الاشتراكي، وعندما اقتربنا منه وجدنا أبوابه موصدة، كانت مديرية الأمن في نفس الشارع، حملنا حقائبنا التي تركناها في مدخل المبنى، الذي بدا خاليا من الجنود والضباط. لأول مرة أدخل إلى هذا المبنى الذي بدا عريقا وشامخا، وقد عرفت فيما بعد أنه بني في سبعينيات القرن التاسع عشر، لم نجد أحدًا في الطابق الأرضي لذا صعدنا للطابق الأول، وقد بدا هو الآخر خاليا، ووجدنا لافتة صغيرة على أحد الغرف كتب عليها "حكمدار المديرية"، طرقنا الباب ودلفنا إلى داخل الغرفة، فإذا بضابط برتبة عميد يجلس على مكتبه منكفئا على صوت مذياع صغير، أشار إلينا بالجلوس، وكانت نشرة الساعة الخامسة من إذاعة لندن، وقد راح المذيع يقدم الصورة البائسة: الجنود المصريون يهيمون على وجوههم في صحراء سيناء بعد أن دمرت إسرائيل كل قواعد الطيران المصري. انتهى المذيع من قراءة النشرة وأغلق الضابط المذياع ورفع رأسه، وراحت الدموع تنهمر من عينيه، وبدت عليه علامات الألم والمرارة، وسألنا: ماذا تريدون؟ أجبت. نريد أن نقدم أنفسنا كمتطوعين في القوات المسلحة المصرية، أجاب الضابط بعد صمت طويل: عودوا إلى بيوتكم لقد انتهى كل شيء، لقد كذبوا علينا !
في صمت مهيب غادرنا غرفة الضابط وهبطنا إلى الطابق الأرضي وحملنا حقائبنا ورحنا نجوب شوارع المدينة، والناس في كل مكان ما يزالون يحلقون حول المذياع، صوت أحمد سعيد يتردد في أصداء المدينة، كادت الأرض أن تميد من تحت أقدامنا إلى أن وصلنا إلى قريتنا مع غروب الشمس، لم يتفوه أحدنا بكلمة دخلنا البيت من الباب الخلفي، وفي أقرب غرفة رحنا نجهش بالبكاء، وكأننا نعيش كابوسا لا يحدث إلا في الأحلام المزعجة.
عاد أصدقائي إلى بيوتهم، ورحت أستعيد المشهد، وكأنني أحلم حلما تعيسا، وقد تملكتني الرغبة في الهروب إلى النوم، ولم أستيقظ إلا في صباح اليوم التالي، فمن عادتي ومازلت حينما تضيق نفسي أهرب إلي النوم في أحلام حزينة من خلال مشاهد منقطعة الصلة ببعضها، وكأنني أشاهد مقاطع من أفلام الرعب، وتصورت أن ما سمعته من الضابط الكبير بالأمس كان مجرد كابوس، إلا أن الخبر كان قد انتشر في القرية كالنار في الهشيم، وعم الصمت الحزين كل شيء، وراح أهل قريتي ينتظرون الخبر عن مصير أبنائهم المجندين، ولم يمض أكثر من أسبوع إلا وكان خبر استشهاد اثنين من أبناء عمومتي، بينما ثلاثة آخرون كانوا في عداد المفقودين.
في قريتنا الصغيرة عاش "صنع الله مكاوي" ابنا لرجل لا نعرف من أين أتى إلى قريتنا، كان يقطن بيتا متواضعًا على أطراف القرية، وقد تلقى خبر استشهاد ابنه "صنع الله" عمي محمد "شيخ القرية" وقد كلف أحد الخفراء لكي يأتي بعم مكاوي – كما كنا نناديه – وكان رجلًا بائسا فاقد السمع ضعيف البصر، وقد أخذ عمي يناديه في أذنه من خلال مقدمة طويلة، إلا أن الرجل قد شعر بهول الرسالة، فإذا به يصرخ بصوت اخترق عنان السماء: يا ولدي.. يا ولدي. ولم يتمالك جميع الحضور أنفسهم وقد أجهشوا جميعًا بالبكاء، وكان بعضهم يبكي على أبنائه الذين لا يُعرف مصيرهم بعد.
مضت الحياة في قريتي رتيبة، وقد بدا الحزن على وجوه الجميع، إلا أن الناس راحوا يتداولون أحاديثهم الخافتة عن جمال عبد الناصر، وراح بعضهم يقول بحكايات عن عبقريته، فمن غير المعقول أن يظل القائد مهزوما، وراحت الشائعات تتردد عن الجيش المصري الذي ما يزال يخوض حربا ضارية خلف خطوط العدو، وترددت بطولات وهمية عن عمليات فدائية يقوم بها بدو سيناء، وكثرت الحكايات التي راح يتداولها العامة، إلا إنني رغم صغر سني لم أكن أصدق مثل هذه الروايات.
خرج القائد الذي أعلن على الناس الحقيقة معلنًا تحمله المسئولية عن الهزيمة، وعزمه على التنحي والعودة إلى صفوف الجماهير، وقد صاحب ذلك حشود هائلة خرجت لتملأ كل فراغات العاصمة، وامتدت لتعم كل أنحاء مصر. ورحت أتساءل: كيف لمن كان سببًا في الهزيمة أن يكون قائدًا للنصر؟ لم ينهزم الجيش فقط، بل هُزمت النفوس، وعم الحزن كل البيوت، وحدثت تحولات فكرية وسياسية واجتماعية أفقدت الكثيرين ثقتهم في قيادتهم، ولعلها كانت البداية لخروج أعدادٍ كبيرة من الشباب حينما قرروا الهجرة إلى أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية.
حدث شرخ كبير في المجتمع المصري، بدت ملامحه لأول مرة في المظاهرات الغاضبة التي عمت الجامعات المصرية، وراح جمال عبد الناصر يطبب الجروح الغائرة، ويهدئ النفوس الغاضبة، وقد دفع بقيادات جديدة من القوات المسلحة، إلا أن الغضب كان عارما، لم تمض أكثر من ثلاث سنوات إلا وقد استعاد الجيش المصري قدرته على القتال من خلال برامج تسليح جديدة، ومضاعفة التدريب ليل نهار، وبينما الجيش على أهبة الاستعداد للحرب إذا بالخبر الذي وقع على المصريين كالصاعقة.. مات جمال عبد الناصر، القائد الذي علقوا عليه كل آمالهم، وكان رحيله بمثابة صدمة قوية أصابت القلوب والنفوس المنهكة. لقد جئت إلى القاهرة طالبا في الجامعة عقب أسبوعين من رحيل جمال عبد الناصر، وكان الحزن يعم المدينة الكبيرة وكان شعور الناس بمرارة الفقد لا يقل عن ألمهم من مرارة الهزيمة. ( يتبع.. شاهد على استعادة الروح )
أمضيت طفولتي وشبابي في قريتي شمال دلتا مصر، وكنت أعتقد أن العالم كله ينتهي عند حدود هذه القرية الهادئة، الواقعة على أحد فروع النيل، حيث الحقول والمزارع الخضراء الممتدة عبر الأفق البعيد. كنت ورفاقي من أبناء عمومتي نلعب الكرة ونختلس بعض الوقت بعيدًا عن مراقبة الكبار للاستحمام في النهر، وخصوصًا وقت القيظ صيفا وأحيانًا نمارس هواية صيد الأسماك ونتبادل الكتب والصحف التي كانت تصل إلى القرية عصر كل يوم، وددت لو عاد هذا الزمن الذي من المستحيل أن يعود.
في صباح ٥ يونيو ١٩٦٧، استيقظت على جلبة وضجيج في بهو الدار وقد توافدت جموع من أهل القرية، يهللون ويصفقون وخرجت من غرفتي لأجد المشهد باديا على وجوه الجميع، وقد بادرت بالسؤال قائلا ماذا حدث؟ لقد بدأت الحرب، الجميع يتحلق حول المذياع وصوت المذيع أحمد سعيد يملأ المكان، لقد أوشك الجيش المصري على دخول تل أبيب افرحوا يا عرب، الإسرائيليون يحزمون أمتعتهم في طريقهم للهروب من إسرائيل!
لقد راح أهل القرية يلتفون حول المذياع لمتابعة أحداث النصر العظيم. لم أكن قد تجاوزت السادسة عشرة من عمري، ورحت أتحدث إلى أبناء عمومتي أحرضهم على فعل شيء ما، وفي ظل نشوة الفرح والبهجة اقترحت عليهم اقتراحا: علينا واجب لابد وأن نؤديه، فعلينا أن نقدم أنفسنا لكي نكون في خدمة جيشنا، نتدرب على حمل السلاح، أو أن نكون في خلفية الجيش لنقل المؤن أو حفر الأنفاق، بالتأكيد علينا واجب. وقد تحمس لفكرتي ثلاثة من أبناء عمومتي، وعرضنا الأمر على والدي الذي أصابته الدهشة من اقتراحنا لكنه بعد جدل طويل وافقنا على ما اعتزمنا عليه، بل راح يشجعنا رغم صغر سننا.
أعددنا حقائبنا الصغيرة وذهبنا إلى عاصمة الإقليم "كفر الشيخ"، رحنا نتناقش ونحن في الطريق عن وجهتنا. اقترح أحدنا أن نتوجه إلى مبنى الاتحاد الاشتراكي، وعندما اقتربنا منه وجدنا أبوابه موصدة، كانت مديرية الأمن في نفس الشارع، حملنا حقائبنا التي تركناها في مدخل المبنى، الذي بدا خاليا من الجنود والضباط. لأول مرة أدخل إلى هذا المبنى الذي بدا عريقا وشامخا، وقد عرفت فيما بعد أنه بني في سبعينيات القرن التاسع عشر، لم نجد أحدًا في الطابق الأرضي لذا صعدنا للطابق الأول، وقد بدا هو الآخر خاليا، ووجدنا لافتة صغيرة على أحد الغرف كتب عليها "حكمدار المديرية"، طرقنا الباب ودلفنا إلى داخل الغرفة، فإذا بضابط برتبة عميد يجلس على مكتبه منكفئا على صوت مذياع صغير، أشار إلينا بالجلوس، وكانت نشرة الساعة الخامسة من إذاعة لندن، وقد راح المذيع يقدم الصورة البائسة: الجنود المصريون يهيمون على وجوههم في صحراء سيناء بعد أن دمرت إسرائيل كل قواعد الطيران المصري. انتهى المذيع من قراءة النشرة وأغلق الضابط المذياع ورفع رأسه، وراحت الدموع تنهمر من عينيه، وبدت عليه علامات الألم والمرارة، وسألنا: ماذا تريدون؟ أجبت. نريد أن نقدم أنفسنا كمتطوعين في القوات المسلحة المصرية، أجاب الضابط بعد صمت طويل: عودوا إلى بيوتكم لقد انتهى كل شيء، لقد كذبوا علينا !
في صمت مهيب غادرنا غرفة الضابط وهبطنا إلى الطابق الأرضي وحملنا حقائبنا ورحنا نجوب شوارع المدينة، والناس في كل مكان ما يزالون يحلقون حول المذياع، صوت أحمد سعيد يتردد في أصداء المدينة، كادت الأرض أن تميد من تحت أقدامنا إلى أن وصلنا إلى قريتنا مع غروب الشمس، لم يتفوه أحدنا بكلمة دخلنا البيت من الباب الخلفي، وفي أقرب غرفة رحنا نجهش بالبكاء، وكأننا نعيش كابوسا لا يحدث إلا في الأحلام المزعجة.
عاد أصدقائي إلى بيوتهم، ورحت أستعيد المشهد، وكأنني أحلم حلما تعيسا، وقد تملكتني الرغبة في الهروب إلى النوم، ولم أستيقظ إلا في صباح اليوم التالي، فمن عادتي ومازلت حينما تضيق نفسي أهرب إلي النوم في أحلام حزينة من خلال مشاهد منقطعة الصلة ببعضها، وكأنني أشاهد مقاطع من أفلام الرعب، وتصورت أن ما سمعته من الضابط الكبير بالأمس كان مجرد كابوس، إلا أن الخبر كان قد انتشر في القرية كالنار في الهشيم، وعم الصمت الحزين كل شيء، وراح أهل قريتي ينتظرون الخبر عن مصير أبنائهم المجندين، ولم يمض أكثر من أسبوع إلا وكان خبر استشهاد اثنين من أبناء عمومتي، بينما ثلاثة آخرون كانوا في عداد المفقودين.
في قريتنا الصغيرة عاش "صنع الله مكاوي" ابنا لرجل لا نعرف من أين أتى إلى قريتنا، كان يقطن بيتا متواضعًا على أطراف القرية، وقد تلقى خبر استشهاد ابنه "صنع الله" عمي محمد "شيخ القرية" وقد كلف أحد الخفراء لكي يأتي بعم مكاوي – كما كنا نناديه – وكان رجلًا بائسا فاقد السمع ضعيف البصر، وقد أخذ عمي يناديه في أذنه من خلال مقدمة طويلة، إلا أن الرجل قد شعر بهول الرسالة، فإذا به يصرخ بصوت اخترق عنان السماء: يا ولدي.. يا ولدي. ولم يتمالك جميع الحضور أنفسهم وقد أجهشوا جميعًا بالبكاء، وكان بعضهم يبكي على أبنائه الذين لا يُعرف مصيرهم بعد.
مضت الحياة في قريتي رتيبة، وقد بدا الحزن على وجوه الجميع، إلا أن الناس راحوا يتداولون أحاديثهم الخافتة عن جمال عبد الناصر، وراح بعضهم يقول بحكايات عن عبقريته، فمن غير المعقول أن يظل القائد مهزوما، وراحت الشائعات تتردد عن الجيش المصري الذي ما يزال يخوض حربا ضارية خلف خطوط العدو، وترددت بطولات وهمية عن عمليات فدائية يقوم بها بدو سيناء، وكثرت الحكايات التي راح يتداولها العامة، إلا إنني رغم صغر سني لم أكن أصدق مثل هذه الروايات.
خرج القائد الذي أعلن على الناس الحقيقة معلنًا تحمله المسئولية عن الهزيمة، وعزمه على التنحي والعودة إلى صفوف الجماهير، وقد صاحب ذلك حشود هائلة خرجت لتملأ كل فراغات العاصمة، وامتدت لتعم كل أنحاء مصر. ورحت أتساءل: كيف لمن كان سببًا في الهزيمة أن يكون قائدًا للنصر؟ لم ينهزم الجيش فقط، بل هُزمت النفوس، وعم الحزن كل البيوت، وحدثت تحولات فكرية وسياسية واجتماعية أفقدت الكثيرين ثقتهم في قيادتهم، ولعلها كانت البداية لخروج أعدادٍ كبيرة من الشباب حينما قرروا الهجرة إلى أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية.
حدث شرخ كبير في المجتمع المصري، بدت ملامحه لأول مرة في المظاهرات الغاضبة التي عمت الجامعات المصرية، وراح جمال عبد الناصر يطبب الجروح الغائرة، ويهدئ النفوس الغاضبة، وقد دفع بقيادات جديدة من القوات المسلحة، إلا أن الغضب كان عارما، لم تمض أكثر من ثلاث سنوات إلا وقد استعاد الجيش المصري قدرته على القتال من خلال برامج تسليح جديدة، ومضاعفة التدريب ليل نهار، وبينما الجيش على أهبة الاستعداد للحرب إذا بالخبر الذي وقع على المصريين كالصاعقة.. مات جمال عبد الناصر، القائد الذي علقوا عليه كل آمالهم، وكان رحيله بمثابة صدمة قوية أصابت القلوب والنفوس المنهكة. لقد جئت إلى القاهرة طالبا في الجامعة عقب أسبوعين من رحيل جمال عبد الناصر، وكان الحزن يعم المدينة الكبيرة وكان شعور الناس بمرارة الفقد لا يقل عن ألمهم من مرارة الهزيمة. ( يتبع.. شاهد على استعادة الروح )