تقاس تجربة النضج عند أي مجتمع؛ بما ينعكس على الواقع من أفكار، ومن رؤى، وهذه الأفكار والرؤى لن تأتي بمحض الصدفة، بل أي إنعكاس لكثير من الطموحات والآمال، وحاجة الواقع، وتجربة النضج هذه توصف بأن لها القدرة على توظيف المفاهيم، والمعاني، بما تحتاجه متطلبات الحياة اليومية عند الناس، وهذا ليس أمرا سهلا إطلاقا، حيث يحتاج إلى كثير من المعرفة الأصيلة، وخاصة المعرفة القائمة على الجهد البحثي الدقيق، لا التنظير الأفقي للمعرفة، صحيح أن كلا الأمرين يصبان في خانة المعرفة، ولكن هناك فرق في النتائج بين البحث القائم على نتائج تجربة المختبر، وبين البحث القائم على تجربة الاستنتاجات النظرية، واليوم نقرأ ونشاهد جهد الباحثين من الشباب الطموحين في مجالات العلوم المختلفة، وهم بذلك ينجزون نتائج مقدرة، ويحتلون مراكز مهمة في تصنيف الباحثين على مستوى العالم، وكل ما يقوم به هؤلاء الباحثون المتأصلون ببحوثهم العلمية هو توظيف المفاهيم، سواء المفاهيم في مجال الطاقة، أو مجالات الزراعة، أو مجالات المعادن، أو مجالات التقنيات الحديثة، أو في المجالات النظرية الأخرى، وبهذه النتائج التي يتوصلون إليها يراكمون من ارتفاع معدل نمو المجتمعات، وقدرتها على مجابهة الحياة في مجالاتها المختلفة، وذلك من خلال وجود بدائل وحلول فورية للمشاكل التي تواجهها المجتمعات، وهذه الجهود في مجملها تحافظ على أي مفهوم يذهب إلى تأصيل ما يسمى بـ "التركيبة الاجتماعية، أو التركيبة السكانية" صحيح أن التركيبة السكانية قائمة وملموسة بفعل حركة أفراد المجتمع (النمو السكاني، الخدمات العامة، الأعراق، الديانات، النوع الإنساني) ولكن التركيبة الاجتماعية هي كل ما من شأنه أن يقوي ويعضد من مستوى كل العلاقات القائمة بين هذه المكونات بعضها ببعض، فهذه كلها لها استحقاقات بنيوية، وتحتاج إلى جهد خلاق من شأنه أن يعلي من شأن هذه البنيوية المتوغلة بين هذه العناصر، ليكون العائد هو تعزيز دور الوطن ومن فيه.
يمثل الوعي الجمعي أحد الضرورات الأساسية والمهمة في تمتين البنى للعلاقات البنيوية بين معززات التركيبة الاجتماعية، ففي ظل فقدان هذا الوعي؛ تكون هذه التركيبة معرضة للتشتت، وللضياع، وبالتالي ضرب لحمة المجتمع في مقتلها، ومتى وصل الأمر إلى هذا المستوى تكون الدولة كلها على شفير الهاوية، ولعلنا نعيش اليوم أكثر من تجربة دولية يمكن أن يشار إليها كنموذج لهذا التشتت، وذلك لتماهي الوعي الجمعي الحقيقي؛ وسط مفاهيم كثيرة، إما فرضت بقوة التأثير من الأطراف اللاعبة أدوارا ما، وإما لأن مكونات التركيبة الاجتماعية في هذه الدول لم تعد تمثل ما يمكن أن يقاس على أنها تركيبة اجتماعية قادرة على إيجاد بدائل لمشاكلها، وبدلا من أن تبذل جهود كبيرة في هذا الجانب، تراها مجموعات متفرقة، تنازع بعضها بعضا، وتتصادم مع بعضها البعض، وكأنها فقدت قدرتها على الإبتكار والإبداع في ظل ما هو متاح لها من موارد، ومن عقول، ومن إمكانيات مادية تجلبها لها مواردها الطبيعية، وهذا كله يسجل إخفاقا قاسيا لمفهوم الوعي الجمعي.
تمثل الهويات واحدة من معززات التركيبة الاجتماعية؛ وهنا – وفق هذا السياق - لا ينظر إليها على أنها فاعل سلبي، ولكن ينظر إليها على أنها مفردة من مفردات هذه التركيبة الاجتماعية، ذلك أن الهويات مقياس مهم للتقييم المعياري إن كانت هذه التركيبة تتحرك؛ في تفاعلاتها المختلفة، تفاعلا إيجابيا، أو تفاعلا سلبيا؛ كما ينظر إليها أيضا من جانب النشأة والتكوين، بالإضافة إلى مدى التحامها مع قضايا الوطن من خلال الفهم الواسع لمختلف البناءات الاجتماعية من: مفاهيم، وقيم، واتفاقات مجتمعية متنوعة، ويتداخل معها في نفس المستوى الأفقي النزعات الفردية فهي واحدة من المعوقات التي تقف في طريق البناءات في التركيبة الاجتماعية، وذلك لانتصارها لخصوصيتها وطموحاتها؛ بينما البناءات في التركيبة الاجتماعية تذهب إلى الأبعد من ذلك؛ حيث "هم المجتمع" واستحقاقات أفراده، ومع أن هذه المسألة مسلم بها إلى حد كبير (لأنها واقع) وأنها من الفطرة أيضا، ولكن هذه النزعة لها حلول للحد من تناميها وتفوقها على النزعة العامة التي يشترك فيها الجميع، يأتي في مقدمتها تطبيق العدالة وتحييد المواقف التي يؤمن بأهميتها العامة، كذلك إعطاء مساحة محدودة للفعل الفردي، وخاصة في بيئات المؤسسات القائمة على التنظيم، وعلى محددات الأدوار، وعلى التوازن في العلاقات، وعلى أعطاء الجهد الجماعي (مفهوم الفريق الواحد) أولوية أولى، وهذا لا يمنع أن تتاح الفرصة للتميز داخل هذه مكونات هذه التصنيفات.
من هنا يأتي ضرورة توغل مفهوم المسؤولية الاجتماعية عند كل فرد في المجتمع، أو عند الغالبية من السكان؛ على أقل تقدير؛ لأن البناءات الموضوعية لتعزيز العناصر في التركيبة السكانية لا يمكن أن تتحرك بصورة مفردة، فلا بد أن يظهر فيه البعد الجمعي، والذي هو أساسه "الوعي الجمعي" فالقانون؛ على سبيل المثال؛ وهو أحد البناءات المهمة في التركيبة الاجتماعية، لن يكون له قيمة إن لم يستشعر أهميته الغالبية العظمى من السكان، فلا يكفيه أن يتقيد به فرد واحد من خمسين فردا، فالمعادلة لا بد أن تكون وفق الصيغة الحسابية التالية: (50+1) حيث الغالبية المطلقة، وهذا ينطبق على النظام ككل، ولا يقبل التجزئة بأي حال من الأحوال، وعندما نذكر القانون هنا؛ فإننا نشير بذلك إلى كل العلاقات القائمة بين الأفراد بعضهم ببعض، وبين الأفراد ومؤسساتهم العامة والخاصة على حد سواء، ويأتي في مقدمة ذلك علاقات الأفراد بخالقهم عز وجل؛ والذي هو أساس كل علاقة سوية بين طرفين، فالتكاتف، والتعاون، والتضحية؛ في بعض المواقف؛ والشعور بالمسؤولية الاجتماعية أو المسؤولية العامة، كل هذه المناخات تحتاج إلى كثير من البناءات الحيوية، وحيويتها هنا؛ هو مقدار البذل، وملامسة النتائج على الواقع، فالمسألة فيها بعد رأسي أكثر منه بعد أفقي، لأن الأفقي متحقق، بفعل وجوده في حياة الناس، سواء أكان مفهوم تحتضنه الذاكرة، أو يصدقه واقع العمل، فالتعاون كمفهوم تنظيري هو بعد أفقي، وعند تحوله إلى بعد رأسي؛ فهنا يحتاج إلى شيء من البناء الموضوعي، لأنه مطلوب منه نتيجة على الواقع، وهذا الحكم ينطبق على كل المفاهيم التي يعرفها الناس ويتداولونها نظريا أكثر منه عمليا.
تحفل الحركة التاريخية الإنسانية؛ بنشاط غير منكور عبر جهود الفاعلين فيها، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، وإلا لما وصلت الإنسانية اليوم إلى هذا "التراكم" المعرفي (الكمي/ النوعي) على حد سواء، صحيح أن هذه الحركة بدأت بخطوات بدائية جدا، كانت فيها المادة الملموسة هي سيدة الموقف، قبل أن تصل الأفكار والرؤى لتنقل هذه الحركة من مستوى بدائيتها إلى مستوى تألقها، وتميزها كما هو حاصل اليوم، فمن استخدام الطوب – على سبيل المثال – في البناء، إلى استخدام التقنية التكنولوجية في ذات البناء، ومن إرسال الحمام الزاجل؛ لنقل الرسائل؛ كأسرع وسيلة، إلى لمسة زر، بل غمضة عين في زمن يقدر بأقل من الثانية الواحدة، وفي أدق تفاصيل هذه الرسائل، والأمثلة كثيرة في هذه الحياة، مع تقييم الموقف بأن الحركة التاريخية الإنسانية لن تقف عند هذا الحد، بل ستواصل تألقها في الإنجازين (الكمي/ النوعي) ومن يكتب الله له عمرا مباركا سيقف على أحوال ومشاهد غير واردة على الذهن في هذه اللحظة، وهذا كله من فضل الله على الإنسان من ناحية، ومن قدرة الإنسان؛ الذي حباه الله؛ بنعمة العقل ليوظفه هذا التوظيف السليم، الذاهب إلى خدمة البشرية، مع الاعتراف أن هذا المنجز فيه ما فيه من وسائل لم تكن في صالح البشرية إطلاقا، وهذا ما يعكس الجانب الآخر لهذا الإنسان حيث نزعة تجاذبات الذات، وما تسعى إليه من تعظيم مصالحها الخاصة.
يمكن الإشارة هنا؛ إلماما – في ختام هذه المناقشة - إلى دور الاستقطابات السياسية للوقوع في مأزق الشتات، فلا تجد البناءات المتنفس للساهمة في التركيبة الاجتماعية، وهذا؛ وإن كان احتمال ضعيف؛ في الظروف العادية، إلا أنه يمكن أن يكون فاعلا في ظل هوس المنافسة بين الدول، والمكائد التي تُسَوِّقُها الأنظمة السياسية لأسقاط بعضها لبعض، فـ "عدو المرء؛ من يعمل كعمله".
يمثل الوعي الجمعي أحد الضرورات الأساسية والمهمة في تمتين البنى للعلاقات البنيوية بين معززات التركيبة الاجتماعية، ففي ظل فقدان هذا الوعي؛ تكون هذه التركيبة معرضة للتشتت، وللضياع، وبالتالي ضرب لحمة المجتمع في مقتلها، ومتى وصل الأمر إلى هذا المستوى تكون الدولة كلها على شفير الهاوية، ولعلنا نعيش اليوم أكثر من تجربة دولية يمكن أن يشار إليها كنموذج لهذا التشتت، وذلك لتماهي الوعي الجمعي الحقيقي؛ وسط مفاهيم كثيرة، إما فرضت بقوة التأثير من الأطراف اللاعبة أدوارا ما، وإما لأن مكونات التركيبة الاجتماعية في هذه الدول لم تعد تمثل ما يمكن أن يقاس على أنها تركيبة اجتماعية قادرة على إيجاد بدائل لمشاكلها، وبدلا من أن تبذل جهود كبيرة في هذا الجانب، تراها مجموعات متفرقة، تنازع بعضها بعضا، وتتصادم مع بعضها البعض، وكأنها فقدت قدرتها على الإبتكار والإبداع في ظل ما هو متاح لها من موارد، ومن عقول، ومن إمكانيات مادية تجلبها لها مواردها الطبيعية، وهذا كله يسجل إخفاقا قاسيا لمفهوم الوعي الجمعي.
تمثل الهويات واحدة من معززات التركيبة الاجتماعية؛ وهنا – وفق هذا السياق - لا ينظر إليها على أنها فاعل سلبي، ولكن ينظر إليها على أنها مفردة من مفردات هذه التركيبة الاجتماعية، ذلك أن الهويات مقياس مهم للتقييم المعياري إن كانت هذه التركيبة تتحرك؛ في تفاعلاتها المختلفة، تفاعلا إيجابيا، أو تفاعلا سلبيا؛ كما ينظر إليها أيضا من جانب النشأة والتكوين، بالإضافة إلى مدى التحامها مع قضايا الوطن من خلال الفهم الواسع لمختلف البناءات الاجتماعية من: مفاهيم، وقيم، واتفاقات مجتمعية متنوعة، ويتداخل معها في نفس المستوى الأفقي النزعات الفردية فهي واحدة من المعوقات التي تقف في طريق البناءات في التركيبة الاجتماعية، وذلك لانتصارها لخصوصيتها وطموحاتها؛ بينما البناءات في التركيبة الاجتماعية تذهب إلى الأبعد من ذلك؛ حيث "هم المجتمع" واستحقاقات أفراده، ومع أن هذه المسألة مسلم بها إلى حد كبير (لأنها واقع) وأنها من الفطرة أيضا، ولكن هذه النزعة لها حلول للحد من تناميها وتفوقها على النزعة العامة التي يشترك فيها الجميع، يأتي في مقدمتها تطبيق العدالة وتحييد المواقف التي يؤمن بأهميتها العامة، كذلك إعطاء مساحة محدودة للفعل الفردي، وخاصة في بيئات المؤسسات القائمة على التنظيم، وعلى محددات الأدوار، وعلى التوازن في العلاقات، وعلى أعطاء الجهد الجماعي (مفهوم الفريق الواحد) أولوية أولى، وهذا لا يمنع أن تتاح الفرصة للتميز داخل هذه مكونات هذه التصنيفات.
من هنا يأتي ضرورة توغل مفهوم المسؤولية الاجتماعية عند كل فرد في المجتمع، أو عند الغالبية من السكان؛ على أقل تقدير؛ لأن البناءات الموضوعية لتعزيز العناصر في التركيبة السكانية لا يمكن أن تتحرك بصورة مفردة، فلا بد أن يظهر فيه البعد الجمعي، والذي هو أساسه "الوعي الجمعي" فالقانون؛ على سبيل المثال؛ وهو أحد البناءات المهمة في التركيبة الاجتماعية، لن يكون له قيمة إن لم يستشعر أهميته الغالبية العظمى من السكان، فلا يكفيه أن يتقيد به فرد واحد من خمسين فردا، فالمعادلة لا بد أن تكون وفق الصيغة الحسابية التالية: (50+1) حيث الغالبية المطلقة، وهذا ينطبق على النظام ككل، ولا يقبل التجزئة بأي حال من الأحوال، وعندما نذكر القانون هنا؛ فإننا نشير بذلك إلى كل العلاقات القائمة بين الأفراد بعضهم ببعض، وبين الأفراد ومؤسساتهم العامة والخاصة على حد سواء، ويأتي في مقدمة ذلك علاقات الأفراد بخالقهم عز وجل؛ والذي هو أساس كل علاقة سوية بين طرفين، فالتكاتف، والتعاون، والتضحية؛ في بعض المواقف؛ والشعور بالمسؤولية الاجتماعية أو المسؤولية العامة، كل هذه المناخات تحتاج إلى كثير من البناءات الحيوية، وحيويتها هنا؛ هو مقدار البذل، وملامسة النتائج على الواقع، فالمسألة فيها بعد رأسي أكثر منه بعد أفقي، لأن الأفقي متحقق، بفعل وجوده في حياة الناس، سواء أكان مفهوم تحتضنه الذاكرة، أو يصدقه واقع العمل، فالتعاون كمفهوم تنظيري هو بعد أفقي، وعند تحوله إلى بعد رأسي؛ فهنا يحتاج إلى شيء من البناء الموضوعي، لأنه مطلوب منه نتيجة على الواقع، وهذا الحكم ينطبق على كل المفاهيم التي يعرفها الناس ويتداولونها نظريا أكثر منه عمليا.
تحفل الحركة التاريخية الإنسانية؛ بنشاط غير منكور عبر جهود الفاعلين فيها، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، وإلا لما وصلت الإنسانية اليوم إلى هذا "التراكم" المعرفي (الكمي/ النوعي) على حد سواء، صحيح أن هذه الحركة بدأت بخطوات بدائية جدا، كانت فيها المادة الملموسة هي سيدة الموقف، قبل أن تصل الأفكار والرؤى لتنقل هذه الحركة من مستوى بدائيتها إلى مستوى تألقها، وتميزها كما هو حاصل اليوم، فمن استخدام الطوب – على سبيل المثال – في البناء، إلى استخدام التقنية التكنولوجية في ذات البناء، ومن إرسال الحمام الزاجل؛ لنقل الرسائل؛ كأسرع وسيلة، إلى لمسة زر، بل غمضة عين في زمن يقدر بأقل من الثانية الواحدة، وفي أدق تفاصيل هذه الرسائل، والأمثلة كثيرة في هذه الحياة، مع تقييم الموقف بأن الحركة التاريخية الإنسانية لن تقف عند هذا الحد، بل ستواصل تألقها في الإنجازين (الكمي/ النوعي) ومن يكتب الله له عمرا مباركا سيقف على أحوال ومشاهد غير واردة على الذهن في هذه اللحظة، وهذا كله من فضل الله على الإنسان من ناحية، ومن قدرة الإنسان؛ الذي حباه الله؛ بنعمة العقل ليوظفه هذا التوظيف السليم، الذاهب إلى خدمة البشرية، مع الاعتراف أن هذا المنجز فيه ما فيه من وسائل لم تكن في صالح البشرية إطلاقا، وهذا ما يعكس الجانب الآخر لهذا الإنسان حيث نزعة تجاذبات الذات، وما تسعى إليه من تعظيم مصالحها الخاصة.
يمكن الإشارة هنا؛ إلماما – في ختام هذه المناقشة - إلى دور الاستقطابات السياسية للوقوع في مأزق الشتات، فلا تجد البناءات المتنفس للساهمة في التركيبة الاجتماعية، وهذا؛ وإن كان احتمال ضعيف؛ في الظروف العادية، إلا أنه يمكن أن يكون فاعلا في ظل هوس المنافسة بين الدول، والمكائد التي تُسَوِّقُها الأنظمة السياسية لأسقاط بعضها لبعض، فـ "عدو المرء؛ من يعمل كعمله".