ينبغي ألا يمُر موت "حور" بهدوء، حتى وإن كنا نُسلم بقضاء الله وقدره، فهذا الموت يخصنا جميعا ويوجعنا، لأنّه كان من الممكن أن يكون مصير أي طفل من أطفالنا أيضا. لقد انتزعت "حور" الفتاة الصغيرة من شغفها بيومها الدراسي الأول، تحت عجلات قدر مروع، وتلت تلك الحادثة حادثة دهس أخرى، وكل ما نخشاه أن تمضي وتضمحل هذه الأوجاع والآلام لنسيان وتخدير موضعي!
في السنوات الماضية، رافقنا رعب أن يُنسى أطفالنا على مقاعد حافلات المدرسة، فيذهبون لغفوة أبدية تذيب نياط القلب والروح، لذا يتكبد بعض أولياء الأمور عبء توصيل أبنائهم بأنفسهم أو تأجير سيارات خاصة، كي لا يكون الثمن أغلى ما لديهم في الدنيا، ولكن الأغلبية لا يملكون ترف الوقت ولا ترف المال أيضا!
وكما يبدو لا يمكن أن يكون وراء عذابات من هذا النوع شخص واحد يأخذ عقابه وينتهي الأمر، فهنالك أسباب متشعبة ومتضافرة تصنع هذه الآلة الشريرة الحاصدة للأرواح، فهل ستفتح يوما ملفات مساءلة حولها؟
ولعلنا نسأل: كيف يمكن للإجراءات الاحترازية أن تتكثف في أماكن انتظار الطلبة، في توقيت دخولهم وخروجهم من الحافلات خاصةً في المناطق المزدحمة؟
حافلات بعضها متهالك، مفتقد لمعايير السلامة، وبطاقة استيعابية هائلة، فقد يبقى ربع الطلبة وقوفا، حيث إنّ ضربة واحدة على المكابح من سائق متهور، ستؤدي إلى تدافع لا تحمد عقباه!
أغلب الحافلات في المناطق لا تمر المنازل بيتا بيتا، وإنّما تذهب لنقاط تجمع بعيدة عن المنازل، مما يعني قطع الشوارع والمزارع واحتمالية التعرّض للأذى أو التحرش.. فالسائق معني بتوفير الوقت وحسب.
وعند العودة من المدارس، يُترك بعض الطلبة في منتصف الشارع ويُطلب منهم اتخاذ قرار العبور، وهم المحملون بشغف الركض، غير مدركين ما ينتظرهم من أهوال قاسية!
وبعودة التعليم المسائي، يتعقد موضوع الحافلات أكثر فأكثر، وتحديدا على الصغار المُنتظرين تحت فوهة الشمس، لأنّ راعي الحافلة قد يجلب أكثر من "تريب" واحد وعليهم البقاء حتى تفتح أبواب التعليم الصباحي ويسمح لهم بالدخول!
وإن كانت المؤشرات الأولية للحادثة تدل على إهمال واضح من قبل سائق الحافلة، أو رعونة من سائق السيارة القاتلة، فإننا لا بد أن نسأل: ما الضوابط التي يتم من خلالها اختيار سائقي الحافلات المدرسية ليكونوا مؤهلين لتحمّل هذه المسؤولية؟
فإن كان الهدف إعطاء السائق "عقد" دون التأكد من إمكانياته، فذلك يعني بالتأكيد أننا سنسمع حوادث مماثلة وبصورة مطردة.
من جهة أخرى علينا أن ننظر لسائقي هذه الحافلات نظرة واقعية قبل أن نرجمهم باللوم والتحامل، فرواتبهم متواضعة، وبالنسبة للسائق فهذا العمل هو محطة عبور إلى وظيفة أفضل، أو قد يكون عمله هذا جوار عمل آخر لتحسين أوضاعه المعيشية.
والسؤال: لماذا لا تتعاقد وزارة التربية والتعليم مع شركة نقل محترمة بإدارة تشغيلية مستقلة، تعمل على توفير رواتب ثابتة وجيدة للعمانيين على مدار العام، وستعود هذه الخطوة بالفائدة على الباحثين عن عمل من جهة وعلى الطلبة وأهاليهم والمعلمين من جهة أخرى، حيث يتم تدريب سائقي الحافلات على أهمية الالتزام بجميع قواعد السلامة المعتمدة دوليا.
هنالك من اقترح أن يُشكل بعض المتقاعدين مشروعا كهذا، شركة تُوكل إليها جميع عقود المدارس، فتتولى جميع المسؤوليات من صعود الطلبة صباحا ذهابا للمدرسة إلى العودة مساء إلى البيت، وكل ما يتعلق بصيانة الحافلات ومكيفاتها، وتوفير مشرفين ومشرفات.
ليس الأهالي والطلبة وحسب من سيهنأ بالهم، بل حتى المعلم المُكره -جوار أعباء التدريس، والذي يكابد إحباطات مستمرة- المُكره على المناوبة مع الحافلات المدرسية بعد يوم دراسي مُنهك، سيناله قسط من البهجة لو تحقق الأمر.
ومن أجل روح "حور" وأرواح من ذهبوا قبلها، على هذه الحادثة ألا تكون عابرة، فحكمة "يا رمضان دوك جرابك"، لن تُصلح العشوائية التي تُدار بها الحافلات المدرسية، وسيتكرر شقاء الموت الحزين إلى ما لا نهاية!
في السنوات الماضية، رافقنا رعب أن يُنسى أطفالنا على مقاعد حافلات المدرسة، فيذهبون لغفوة أبدية تذيب نياط القلب والروح، لذا يتكبد بعض أولياء الأمور عبء توصيل أبنائهم بأنفسهم أو تأجير سيارات خاصة، كي لا يكون الثمن أغلى ما لديهم في الدنيا، ولكن الأغلبية لا يملكون ترف الوقت ولا ترف المال أيضا!
وكما يبدو لا يمكن أن يكون وراء عذابات من هذا النوع شخص واحد يأخذ عقابه وينتهي الأمر، فهنالك أسباب متشعبة ومتضافرة تصنع هذه الآلة الشريرة الحاصدة للأرواح، فهل ستفتح يوما ملفات مساءلة حولها؟
ولعلنا نسأل: كيف يمكن للإجراءات الاحترازية أن تتكثف في أماكن انتظار الطلبة، في توقيت دخولهم وخروجهم من الحافلات خاصةً في المناطق المزدحمة؟
حافلات بعضها متهالك، مفتقد لمعايير السلامة، وبطاقة استيعابية هائلة، فقد يبقى ربع الطلبة وقوفا، حيث إنّ ضربة واحدة على المكابح من سائق متهور، ستؤدي إلى تدافع لا تحمد عقباه!
أغلب الحافلات في المناطق لا تمر المنازل بيتا بيتا، وإنّما تذهب لنقاط تجمع بعيدة عن المنازل، مما يعني قطع الشوارع والمزارع واحتمالية التعرّض للأذى أو التحرش.. فالسائق معني بتوفير الوقت وحسب.
وعند العودة من المدارس، يُترك بعض الطلبة في منتصف الشارع ويُطلب منهم اتخاذ قرار العبور، وهم المحملون بشغف الركض، غير مدركين ما ينتظرهم من أهوال قاسية!
وبعودة التعليم المسائي، يتعقد موضوع الحافلات أكثر فأكثر، وتحديدا على الصغار المُنتظرين تحت فوهة الشمس، لأنّ راعي الحافلة قد يجلب أكثر من "تريب" واحد وعليهم البقاء حتى تفتح أبواب التعليم الصباحي ويسمح لهم بالدخول!
وإن كانت المؤشرات الأولية للحادثة تدل على إهمال واضح من قبل سائق الحافلة، أو رعونة من سائق السيارة القاتلة، فإننا لا بد أن نسأل: ما الضوابط التي يتم من خلالها اختيار سائقي الحافلات المدرسية ليكونوا مؤهلين لتحمّل هذه المسؤولية؟
فإن كان الهدف إعطاء السائق "عقد" دون التأكد من إمكانياته، فذلك يعني بالتأكيد أننا سنسمع حوادث مماثلة وبصورة مطردة.
من جهة أخرى علينا أن ننظر لسائقي هذه الحافلات نظرة واقعية قبل أن نرجمهم باللوم والتحامل، فرواتبهم متواضعة، وبالنسبة للسائق فهذا العمل هو محطة عبور إلى وظيفة أفضل، أو قد يكون عمله هذا جوار عمل آخر لتحسين أوضاعه المعيشية.
والسؤال: لماذا لا تتعاقد وزارة التربية والتعليم مع شركة نقل محترمة بإدارة تشغيلية مستقلة، تعمل على توفير رواتب ثابتة وجيدة للعمانيين على مدار العام، وستعود هذه الخطوة بالفائدة على الباحثين عن عمل من جهة وعلى الطلبة وأهاليهم والمعلمين من جهة أخرى، حيث يتم تدريب سائقي الحافلات على أهمية الالتزام بجميع قواعد السلامة المعتمدة دوليا.
هنالك من اقترح أن يُشكل بعض المتقاعدين مشروعا كهذا، شركة تُوكل إليها جميع عقود المدارس، فتتولى جميع المسؤوليات من صعود الطلبة صباحا ذهابا للمدرسة إلى العودة مساء إلى البيت، وكل ما يتعلق بصيانة الحافلات ومكيفاتها، وتوفير مشرفين ومشرفات.
ليس الأهالي والطلبة وحسب من سيهنأ بالهم، بل حتى المعلم المُكره -جوار أعباء التدريس، والذي يكابد إحباطات مستمرة- المُكره على المناوبة مع الحافلات المدرسية بعد يوم دراسي مُنهك، سيناله قسط من البهجة لو تحقق الأمر.
ومن أجل روح "حور" وأرواح من ذهبوا قبلها، على هذه الحادثة ألا تكون عابرة، فحكمة "يا رمضان دوك جرابك"، لن تُصلح العشوائية التي تُدار بها الحافلات المدرسية، وسيتكرر شقاء الموت الحزين إلى ما لا نهاية!