مع بداية كل عام دراسي تعود إلى السطح نقاشات كثيرة حول سلامة الطلاب خلال عملية نقلهم بالحافلات من وإلى المدرسة، وسبب عودة هذه النقاشات الحوادث المؤلمة التي تحدث بين فينة وأخرى ويروح ضحيتها طالب صغير لا ذنب له إلا أن نعاسًا غلبه فنام في الحافلة قبل أن يعثر عليه مفارقًا للحياة اختناقًا في حافلة مغلقة، أو أن سيارة دهسته وهو يسير أمام المدرسة أو أمام بيته خلال انتظاره للحافلة صباحًا. ورغم أن هذه الحوادث متباعدة إلا أنها ما زالت تحدث ولم نستطع تجاوزها حتى الآن وكل حادث يعيد فتح الحديث واستدعاء الحوادث الماضية.

وفي الحقيقة فإن الشعور بالمسؤولية هو محور كل هذه الحوادث، فعندما تشعر الأسرة بالمسؤولية فإنها ستعمل على صناعة وعي لدى أبنائها مهما كانوا صغارًا حول كيفية التعامل مع مثل هذه الحوادث حال حدوثها لا قدر الله، خاصة حوادث نسيان الطلاب في الحافلات بسبب عدم نزولهم من الحافلة ما يعرّضهم للاختناق، وعندما يشعر السائق بالمسؤولية فإنه سيتأكد قبل تركه للحافلة أن جميع الطلاب قد نزلوا منها وهذا الأمر لا يكلفه أكثر من نصف دقيقة، وعندما تشعر المدرسة بالمسؤولية فإنها ستبحث فورًا عن سبب غياب أي طالب من الطلاب، خاصة طلاب الحلقة الأولى.

وعندما يشعر سائق السيارة بالمسؤولية فإنه لن يقودها بسرعة أو تهور أمام المدارس أو في الحارات حيث التجمعات الطلابية الصباحية أو وقت العودة من المدارس، الشعور بالمسؤولية مهم جدًا في كل نواحي الحياة وفي النواحي التي يكون تركها سببًا في تعريض حياة الآخرين للخطر الحقيقي.

لكن التجارب أثبتت أن التعويل على المسؤولية، رغم أهميته، لا يضمن السلامة دائمًا، فتبقى نماذج الإهمال موجودة سواء من قبل الأسرة أو المدرسة أو السائق، لكن هذا لا يعني ترك الأمر على أمل ألا يحدث وعلى أن تنمو المسؤولية مع الوقت وتراكم تكرار المشاكل والحوادث، في ظل تقدم العلم ووجود حلول تقنية وسهلة لمثل هذه القضايا.

ومن بين تلك الحلول اعتماد المدارس على نظام آلي يستطيع إرسال رسالة نصية لولي الأمر تفيد بأن ابنه لم يحضر الحصة الأولى وهذا ما يجعل ولي الأمر الذي يعرف أن ابنه قد ذهب إلى المدرسة يتحرك للتواصل مع المدرسة ويجعل المدرسة تتحرك فورًا لمعرفة مكان الطالب، إضافة إلى وجود أجهزة حرارية تستطيع إعلام سائق الحافلة بأن ثمة طالبًا ما زال فيها ولم يغادرها، ويمكن ربط الجهاز الحراري بجهاز يصدر للسائق جرس تحذير عند محاولته إطفاء محرّك الحافلة لينتبه أن أحد الطلاب ما زال فيها.

أما موضوع القيادة المتهورة أمام المدارس فيمكن أن يعالج عبر قانون المرور من خلال تكثيف أجهزة ضبط السرعة وكاسراتها والتشدد في قيمة المخالفات في هذه الأماكن بشكل خاص واعتبار تجاوزها جريمة كبرى وليست عادية، وحفظ الله الجميع.