تعتمد الدول في إعداد خططها التنموية على الدراسات والبحوث التي من خلالها يمكن تحديد وتحليل معطيات الحاضر واستشراف اتجاهات المستقبل، ولذلك تعد البحوث الأكاديمية خير معين لواضعي السياسات وصناع القرار وهي ركيزة للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي.

وتشهد سلطنة عمان تطورًا مهمًا على صعيد البحث العلمي من حيث زيادة أعداد الدراسات وتنوع الإنتاج العلمي في الجامعات والمراكز البحثية وهو أمر مهم حيث أصبح تقدم الأمم وريادتها في الجانب التقني وفي اقتصاد المعرفة يعتمد على أسس متعددة من أهمها عدد الابتكارات والأبحاث والدراسات العلمية المنشورة في المجلات والنشرات العلمية المتخصصة في مختلف المجالات.

ويقدم الجهد الأكاديمي في سلطنة عمان مساهمات جيدة في هذا السياق، فقبل سنوات، بدأ مشروع طموح لمجلس البحث العلمي بالتعاون مع المكتبة الرئيسية بجامعة السلطان قابوس لإنشاء المستودع البحثي العماني من أجل تأسيس قاعدة بيانات إلكترونية للبحوث والدراسات العمانية ومقالات الدوريات والمستخلصات البحثية والإحصائيات الأكاديمية العمانية المتخصصة ومواد الابتكار وتوفيرها على شبكة الإنترنت العالمية ليسهل الحصول عليها والاستفادة منها للباحث والمبتكر. ومؤخرًا، فتحت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار باب التقدم للجائزة الوطنية للبحث العلمي في دورتها التاسعة متضمّنة ستة قطاعات بحثية أمام الباحثين والمختصين، هي التعليم والموارد البشرية، ونُظم المعلومات والاتصالات، والصحة وخدمة المجتمع، والثقافة والعلوم الاجتماعية والأساسية، والطاقة والصناعة، والبيئة والموارد الحيوية، كما قدمت جهات غير رسمية مساهمات لدعم البحث العلمي خاصة في الجانب الاقتصادي منها جوائز للدراسات الاقتصادية قدمتها الجمعية الاقتصادية العمانية وكذلك غرفة صناعة وتجارة عمان التي بادرت أيضًا بتمويل كرسي للدراسات الاقتصادية بجامعة السلطان قابوس، وشهدنا مؤخرًا العديد من المبادرات لتعزيز نمو قطاع الصناعة عبر مراكز الابتكار وغير ذلك من الجهود المقدرة لدعم البحث العلمي.

كل هذه الخطوات لا شك أنها تعزز تنفيذ استراتيجية سلطنة عمان نحو التنويع الاقتصادي والتحول إلى اقتصاد المعرفة لتحقيق طموحاتها الكبرى وإنجاح كافة مستهدفات رؤيتها المستقبلية في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

ومع حوكمة مؤسسات التعليم والرقي بجودة العنصر البشري في مختلف التخصصات سيتعاظم الإسهام الأكاديمي في اقتصاد المعرفة، كما سيشهد البحث العلمي في مختلف الجامعات والجهات نقلة جديدة في ظل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040، وسيقوم بدور أساسي ومتزايد في خدمة أهداف التنمية بالتحول إلى مشروعات وصناعات تقوم على التقنيات الرقمية والإبداع والابتكار.