صنعت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن الظروف سريعا، وفي الوقت نفسه أنضجتها بالسرعة نفسها، لكي تدمج الكيان الصهيوني في تحالف أمني ودفاعي شرق أوسطي ضد إيران وأذرعتها في المنطقة، وأصبح نشر شبكة دفاع جوية مضادة للصواريخ والطائرات المسيرة في المنطقة من المسلّم به الآن لبعض الدول الخليجية، والأخرى بين المقاومة والمساومة والإكراهات، وسيكون لهذا التحالف قواعد ومراكز للإنذار المبكر، وقدرات إلكترونية تربط دفاعات دول الخليج ودول عربية أخرى بالكيان، لملء الفراغ الذي سببه سحب إدارة بايدن أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكي «باتريوت وثاد» من الخليج بدواعي نقلها لمواجهة الصين.
وهنا ينكشف طبيعة المخطط المبيت له، فلولا الفراغ الأمني الذي أحدثه سحب تلكم الأنظمة من الخليج، ونجاح سقوط الطائرات المسيرة في قلب عواصم خليجية، فهل كانت فكرة التحالف ستمرر على مضض، ينتابني إحساس عميق بأن وراء ذلك توريطا خليجيا في عداوة وجودية مستدامة ومستحكمة مع شريكهم في الخليج العربي، فعندما يتم تشكيل هذا التحالف بمشاركة الكيان، فإن رسالته ستعني أن العداوة مع طهران قد تجاوزت الخط الأحمر، ولم يعد لها سقف سياسي للتعايش رغم الخلافات كما كانت سابقا.
والذي أخشاه صراحة، أن يتم تحطيم الخط الأحمر وتتأصل العداوة الوجودية بين عرب وفرس الخليج العربي، وينهار التحالف إذا ما قدر له التأسيس رغم أن احتمالات فشله أكثر من نجاحه – كما يرى بعض الخبراء – وانهياره إذا ما سلمنا بقيامه جدلا، مسألة واردة، سيترك الدول الخليجية تواجه مصير العداوة الوجودية مع جارتها لوحدها، عندئذ سيكون الصراع دون سقف للتعايش في ظل الجغرافيا السياسية المشتركة، والديموغرافيا المتداخلة، من هنا لا ينبغي الوثوق بديمومة هذا التحالف من جهة، كما أن سياسة الأحلاف لن تكون صالحة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها المتعددة النتائج.
وحتى لو أقيم هذا التحالف « افتراضا « فإن هناك تساؤلا لا بد أن يطرح الآن، وهو ما انعكاسات هذا التحالف على الدول الست جماعة وفرادى؟ فالأجندة الصهيونية لن تقتصر على البعدين الأمني والعسكري ـ وإنما سيكونان قاطرة لأجندات متعددة وشاملة مستدامة في الخليج، وستشكل مستقبل الصراع الجديد مع شعوب المنطقة.
وكل من يعمل فكره الاستشرافي، ستظهر نتائج تلكم التساؤلات واضحة تماما، وبعض مؤشراته بارزة فوق بعض العواصم الخليجية الآن، ففكرة هذا التحالف قد جاءت بعد اتفاقيات ما يسمى بإبراهام التي مهدت للوجود الصهيوني أرضية قانونية بنيت عليها إقامة مؤسسات أيديولوجية وثقافية واقتصادية ومالية وعقارية في بعض الدول الخليجية، وينتقل التطور بصورة دراماتيكية من التأسيس السياسي والمؤسسي الشامل إلى الأمني والعسكري، منظومة متكاملة تصاغ للوجود الصهيوني في الخليج العربي، ولن تجد إيران لوحدها في دائرة مواجهته... إذا ما اعتبرنا خلفية الشعوب الخليجية الأيديولوجية، وليس شرطا أن يكون بين الجانبين اتفاق، وإنما تلاقي في الأسباب الداخلية التي تصنع هذا الصراع.
وهذه الأسباب ستكون ضمن سياقات تلقائية متزامنة أو متوالية، وهنا ننبه لمشروع صراع محتدم في المنطقة سواء اندلعت الحرب على طهران - لا قدر الله - أم لا، وهذا سيناريو قد لا تستحضره الأنظمة الخليجية الآن لقوة الإكراهات والضغوطات التي تتعرض لها أو لاعتقادها بأنها في مرحلة المبادرة التي تجعلها تشكل المرحلة الجديدة بحلفاء جدد لـ50 سنة مقبلة، وهنا سيكون الإغراق في وهم المبادرة التي لا تصنع الاستدامة الأمنية لها بعدو شعوبها، وهي عداوة وجدانية، ويؤطرها الفكر الأيديولوجي للشعوب الخليجية.
كما أننا لا نفترض الاستدامة لهذا التحالف - لو أقيم فعلا - فما تشهده واشنطن والكيان المحتل، من مهددات داخلية ستغرقها في شأنها الداخلي إلى الأعماق، فلن ترفع رأسها لحماية غيرها، فالكيان يعيش حالة تخبط دائمة، والتوجه للانتخابات المبكرة المقبلة هي الخامسة منذ ثلاث سنوات، وصراعها الوجودي مع المرابطين في فلسطين المحتلة، سيفرغ مكونها الديموغرافي الذي جمع من أصقاع العالم، ودفاعاتها لم تحميها، فكيف تحمي غيرها ؟
وكذلك الشأن بالنسبة لواشنطن فمرحلة ما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، لن تجعلها القوة الأقوى المستفردة بالخارطة الجيوستراتيجية، فهذه حقبة قد ولت منذ الآن، كما تشكل المجموعات المسلحة الأيديولوجية اليمينية أكبر الإكراهات الداخلية للاستقرار والنظام الفيدرالي في ظل وجود نزعة انفصالية لبعض الولايات، هذا بخلاف الأزمات كالتضخم وارتفاع الأسعار ورفع أسعار الفائدة.. الخ.
وهذه رسالة عاجلة للدول الخليجية بعدم تحطيم الخط الأحمر في عداوتها مع جارتها إيران، لأن « نفس» التحالف الشرق أوسطي قصير جدا، وقد يحبس في مهده، وهو رغبة صهيونية لتأصيل العداوة بين ضفتي الخليج العربي حتى تجد من يشاركها في العداوة المستدامة، وهذا خطأ استراتيجي لن تغفره الجغرافيا السياسية الخليجية، فكيف إذا ما فجرت طهران مفاجآتها النووية، وأعقبتها على الأقل إحدى الدول الخليجية؟ وهذه الثنائية المتزامنة لن أستبعدها أبدا، لأنها نتاج السياسة الوقائية الصامتة.
الشعوب الخليجية جميعها ليست مع الاستعانة بعدوها الذي يراد له أن يصبح حارس أمن دولها أو بدول لها طموحات جيوستراتيجية كالهند التي يؤطرها فكر أيديولوجي، وقد شهدنا نماذج له في داخلها، وهي نماذج مخيفة لتطبيق الأيديولوجيا في دولة عرفت بالتعايش بين الأيديولوجيات، واشتهرت ديمقراطيتها عالميا، فمخططات مودي تحويل الهند إلى دولة عالمية هندوسية، وكل متابع للشأن الهندي، سيكتشف ذلك بسهولة ممكنة.
وقد سألني بعض زملاء المهنة في الخليج عن موقف مسقط من التحالف والتطبيع؟ وقد أرجعتهم إلى التاريخ لاستجلاء هذا الموقف، فمسقط ضد الأحلاف العسكرية والأمنية في المنطقة، ولم تقف ضد دولة شقيقة أو صديقة، فكيف بدولة جارة وشقيقة، وتحتفظ لها بتضامن تاريخي معها، لن تمحوها الذاكرة؟ لأنها في الوجدانيات، وحياد السلطنة الإيجابي الذي تمكنت من خلاله ديمومة استقرارها وأمنها الداخلي، وساهمت من خلاله في حل الكثير من النزاعات الإقليمية، أهم أركانه الأساسية عدم الدخول في أحلاف كيدية، وهذا يحصن موقفها من قضية التحالف ضد طهران، وموقف مسقط من اتفاقيات أبراهام يمكن أن يبنى عليه الموقف العماني من التحالف، فآخر تصريحات وزير خارجيتها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، كان واضحا وقاطعا في مفرداته ومضامينه، فقد قال « مسقط لن تنضم إلى اتفاقيات أبراهام.
وعندما عرج معاليه إلى التحالف، جاءت عبارته ما تفسر على عدم انضمام مسقط إليه، قائلا «إسرائيل ستدخل في تحالف دفاعي كناتو مع دول إقليمية» وهذه الفقرة ناطقة بالموقف العماني، ويؤكد هذا النطق العبارة التالية لمعاليه «أي نجاح لهذه الاتفاقيات يجب أن يحقق تسوية نهائية وعادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين» وهذا الموقف يمثل كل العمانيين، وهنا يتلاقى الموقفان السياسي والشعبي لسلطنة عمان، ومسقط أذكى من أن تنجر لهذا التحالف ضد جارتها إيران التي لا تبعد سواحلها عن السواحل العمانية سوى مرمى حجر، كما أنه ليس من مصلحة الأمن الإقليمي أن تفقد مسقط أهم أركان حيادها الإيجابي.
وهنا رسالة نوجهها لكل الدول الخليجية، مفادها أن التغييرات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، وتأسيس نهضتها المعاصرة، تحتم تصفير المشاكل في منطقة الخليج العربي « عربه وفرسه « وليس العكس، أو بقاء الخلافات في سقف التعايش، فلا ثقة في الكيان، ولا حاميه واشنطن وفق ما أوضحناه سابقا، فلا بد من الحوار الإقليمي لبناء ثقة جديدة في ظل حقيقة أن أمريكا لم تعد لوحدها قادرة على ضمان الأمن في الخليج، ولن يكون الكيان المحتل بديلا، وإنما يفتح صراعا جديدا مع شعوب الخليج العربية وإيران، لأن الوجود الصهيوني لن يكون في الأجواء فقط وإنما على الأرض - كما أوضحنا ذلك -.
شريطة أن يتوافق مع ذلك الإسراع في وحدة الدول الست وفق قرارات قمتي العلا والرياض 2020، على أن يكون عام 2025 عام الوحدة الاقتصادية النافعة لكل أهل الخليج، والضامنة لاستقرارهم وتضامنهم، وإقامة الجيش الخليجي على الأرض بفاعلية دفاعية معتبرة، ففي ذلكم الحل الخليجي لمواجهة كافة التحديات الداخلية والإقليمية، لكن للأسف، تشهد هذه القضايا الآن تراجعا عجيبا، فالخليج منشغل منذ فترة بإقامة تحالفات إقليمية جديدة، والآن شغل بالتحالف الشرق أوسطي، وهذا ليس في صالح الكل، ولا يعبر عن استفادة الخليج العربي من ماضيه.
وهنا ينكشف طبيعة المخطط المبيت له، فلولا الفراغ الأمني الذي أحدثه سحب تلكم الأنظمة من الخليج، ونجاح سقوط الطائرات المسيرة في قلب عواصم خليجية، فهل كانت فكرة التحالف ستمرر على مضض، ينتابني إحساس عميق بأن وراء ذلك توريطا خليجيا في عداوة وجودية مستدامة ومستحكمة مع شريكهم في الخليج العربي، فعندما يتم تشكيل هذا التحالف بمشاركة الكيان، فإن رسالته ستعني أن العداوة مع طهران قد تجاوزت الخط الأحمر، ولم يعد لها سقف سياسي للتعايش رغم الخلافات كما كانت سابقا.
والذي أخشاه صراحة، أن يتم تحطيم الخط الأحمر وتتأصل العداوة الوجودية بين عرب وفرس الخليج العربي، وينهار التحالف إذا ما قدر له التأسيس رغم أن احتمالات فشله أكثر من نجاحه – كما يرى بعض الخبراء – وانهياره إذا ما سلمنا بقيامه جدلا، مسألة واردة، سيترك الدول الخليجية تواجه مصير العداوة الوجودية مع جارتها لوحدها، عندئذ سيكون الصراع دون سقف للتعايش في ظل الجغرافيا السياسية المشتركة، والديموغرافيا المتداخلة، من هنا لا ينبغي الوثوق بديمومة هذا التحالف من جهة، كما أن سياسة الأحلاف لن تكون صالحة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها المتعددة النتائج.
وحتى لو أقيم هذا التحالف « افتراضا « فإن هناك تساؤلا لا بد أن يطرح الآن، وهو ما انعكاسات هذا التحالف على الدول الست جماعة وفرادى؟ فالأجندة الصهيونية لن تقتصر على البعدين الأمني والعسكري ـ وإنما سيكونان قاطرة لأجندات متعددة وشاملة مستدامة في الخليج، وستشكل مستقبل الصراع الجديد مع شعوب المنطقة.
وكل من يعمل فكره الاستشرافي، ستظهر نتائج تلكم التساؤلات واضحة تماما، وبعض مؤشراته بارزة فوق بعض العواصم الخليجية الآن، ففكرة هذا التحالف قد جاءت بعد اتفاقيات ما يسمى بإبراهام التي مهدت للوجود الصهيوني أرضية قانونية بنيت عليها إقامة مؤسسات أيديولوجية وثقافية واقتصادية ومالية وعقارية في بعض الدول الخليجية، وينتقل التطور بصورة دراماتيكية من التأسيس السياسي والمؤسسي الشامل إلى الأمني والعسكري، منظومة متكاملة تصاغ للوجود الصهيوني في الخليج العربي، ولن تجد إيران لوحدها في دائرة مواجهته... إذا ما اعتبرنا خلفية الشعوب الخليجية الأيديولوجية، وليس شرطا أن يكون بين الجانبين اتفاق، وإنما تلاقي في الأسباب الداخلية التي تصنع هذا الصراع.
وهذه الأسباب ستكون ضمن سياقات تلقائية متزامنة أو متوالية، وهنا ننبه لمشروع صراع محتدم في المنطقة سواء اندلعت الحرب على طهران - لا قدر الله - أم لا، وهذا سيناريو قد لا تستحضره الأنظمة الخليجية الآن لقوة الإكراهات والضغوطات التي تتعرض لها أو لاعتقادها بأنها في مرحلة المبادرة التي تجعلها تشكل المرحلة الجديدة بحلفاء جدد لـ50 سنة مقبلة، وهنا سيكون الإغراق في وهم المبادرة التي لا تصنع الاستدامة الأمنية لها بعدو شعوبها، وهي عداوة وجدانية، ويؤطرها الفكر الأيديولوجي للشعوب الخليجية.
كما أننا لا نفترض الاستدامة لهذا التحالف - لو أقيم فعلا - فما تشهده واشنطن والكيان المحتل، من مهددات داخلية ستغرقها في شأنها الداخلي إلى الأعماق، فلن ترفع رأسها لحماية غيرها، فالكيان يعيش حالة تخبط دائمة، والتوجه للانتخابات المبكرة المقبلة هي الخامسة منذ ثلاث سنوات، وصراعها الوجودي مع المرابطين في فلسطين المحتلة، سيفرغ مكونها الديموغرافي الذي جمع من أصقاع العالم، ودفاعاتها لم تحميها، فكيف تحمي غيرها ؟
وكذلك الشأن بالنسبة لواشنطن فمرحلة ما بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، لن تجعلها القوة الأقوى المستفردة بالخارطة الجيوستراتيجية، فهذه حقبة قد ولت منذ الآن، كما تشكل المجموعات المسلحة الأيديولوجية اليمينية أكبر الإكراهات الداخلية للاستقرار والنظام الفيدرالي في ظل وجود نزعة انفصالية لبعض الولايات، هذا بخلاف الأزمات كالتضخم وارتفاع الأسعار ورفع أسعار الفائدة.. الخ.
وهذه رسالة عاجلة للدول الخليجية بعدم تحطيم الخط الأحمر في عداوتها مع جارتها إيران، لأن « نفس» التحالف الشرق أوسطي قصير جدا، وقد يحبس في مهده، وهو رغبة صهيونية لتأصيل العداوة بين ضفتي الخليج العربي حتى تجد من يشاركها في العداوة المستدامة، وهذا خطأ استراتيجي لن تغفره الجغرافيا السياسية الخليجية، فكيف إذا ما فجرت طهران مفاجآتها النووية، وأعقبتها على الأقل إحدى الدول الخليجية؟ وهذه الثنائية المتزامنة لن أستبعدها أبدا، لأنها نتاج السياسة الوقائية الصامتة.
الشعوب الخليجية جميعها ليست مع الاستعانة بعدوها الذي يراد له أن يصبح حارس أمن دولها أو بدول لها طموحات جيوستراتيجية كالهند التي يؤطرها فكر أيديولوجي، وقد شهدنا نماذج له في داخلها، وهي نماذج مخيفة لتطبيق الأيديولوجيا في دولة عرفت بالتعايش بين الأيديولوجيات، واشتهرت ديمقراطيتها عالميا، فمخططات مودي تحويل الهند إلى دولة عالمية هندوسية، وكل متابع للشأن الهندي، سيكتشف ذلك بسهولة ممكنة.
وقد سألني بعض زملاء المهنة في الخليج عن موقف مسقط من التحالف والتطبيع؟ وقد أرجعتهم إلى التاريخ لاستجلاء هذا الموقف، فمسقط ضد الأحلاف العسكرية والأمنية في المنطقة، ولم تقف ضد دولة شقيقة أو صديقة، فكيف بدولة جارة وشقيقة، وتحتفظ لها بتضامن تاريخي معها، لن تمحوها الذاكرة؟ لأنها في الوجدانيات، وحياد السلطنة الإيجابي الذي تمكنت من خلاله ديمومة استقرارها وأمنها الداخلي، وساهمت من خلاله في حل الكثير من النزاعات الإقليمية، أهم أركانه الأساسية عدم الدخول في أحلاف كيدية، وهذا يحصن موقفها من قضية التحالف ضد طهران، وموقف مسقط من اتفاقيات أبراهام يمكن أن يبنى عليه الموقف العماني من التحالف، فآخر تصريحات وزير خارجيتها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، كان واضحا وقاطعا في مفرداته ومضامينه، فقد قال « مسقط لن تنضم إلى اتفاقيات أبراهام.
وعندما عرج معاليه إلى التحالف، جاءت عبارته ما تفسر على عدم انضمام مسقط إليه، قائلا «إسرائيل ستدخل في تحالف دفاعي كناتو مع دول إقليمية» وهذه الفقرة ناطقة بالموقف العماني، ويؤكد هذا النطق العبارة التالية لمعاليه «أي نجاح لهذه الاتفاقيات يجب أن يحقق تسوية نهائية وعادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين» وهذا الموقف يمثل كل العمانيين، وهنا يتلاقى الموقفان السياسي والشعبي لسلطنة عمان، ومسقط أذكى من أن تنجر لهذا التحالف ضد جارتها إيران التي لا تبعد سواحلها عن السواحل العمانية سوى مرمى حجر، كما أنه ليس من مصلحة الأمن الإقليمي أن تفقد مسقط أهم أركان حيادها الإيجابي.
وهنا رسالة نوجهها لكل الدول الخليجية، مفادها أن التغييرات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، وتأسيس نهضتها المعاصرة، تحتم تصفير المشاكل في منطقة الخليج العربي « عربه وفرسه « وليس العكس، أو بقاء الخلافات في سقف التعايش، فلا ثقة في الكيان، ولا حاميه واشنطن وفق ما أوضحناه سابقا، فلا بد من الحوار الإقليمي لبناء ثقة جديدة في ظل حقيقة أن أمريكا لم تعد لوحدها قادرة على ضمان الأمن في الخليج، ولن يكون الكيان المحتل بديلا، وإنما يفتح صراعا جديدا مع شعوب الخليج العربية وإيران، لأن الوجود الصهيوني لن يكون في الأجواء فقط وإنما على الأرض - كما أوضحنا ذلك -.
شريطة أن يتوافق مع ذلك الإسراع في وحدة الدول الست وفق قرارات قمتي العلا والرياض 2020، على أن يكون عام 2025 عام الوحدة الاقتصادية النافعة لكل أهل الخليج، والضامنة لاستقرارهم وتضامنهم، وإقامة الجيش الخليجي على الأرض بفاعلية دفاعية معتبرة، ففي ذلكم الحل الخليجي لمواجهة كافة التحديات الداخلية والإقليمية، لكن للأسف، تشهد هذه القضايا الآن تراجعا عجيبا، فالخليج منشغل منذ فترة بإقامة تحالفات إقليمية جديدة، والآن شغل بالتحالف الشرق أوسطي، وهذا ليس في صالح الكل، ولا يعبر عن استفادة الخليج العربي من ماضيه.