صنعاء-«عمان»- جمال مجاهد:- تشهد محافظة الحديدة (غرب اليمن) تصعيداً عسكرياً لافتاً بين القوات المشتركة من جهة وقوات «أنصار الله» من جهة ثانية، هو الأكبر منذ التوقيع على اتفاق ستوكهولم في ديسمبر عام 2018، بالتزامن مع تصعيد آخر في جبهات القتال في محافظتي الجوف (شمال شرق اليمن) ومأرب (شرق صنعاء). وتوسّعت رقعة المواجهات في جميع المحاور من حيس مروراً بالدريهمي والتحيتا والفازة والجبلية ومدينة الصالح، وصولاً إلى «كيلو16» شرق مدينة الحديدة مركز كبرى محافظات الساحل الغربي، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، وسط جهود سياسية ودبلوماسية لإنقاذ اتفاق ستوكهولم. وتضم القوات المشتركة قوات «المقاومة الوطنية» التي يقودها نجل شقيق الرئيس اليمني السابق العميد الركن طارق محمد عبد الله صالح، و«ألوية العمالقة» (الجنوبية) و«المقاومة التهامية». وفيما اتّهم «أنصار الله» القوات المشتركة بخرق وقف إطلاق النار في الحديدة الذي دخل حيّز التنفيذ في 18 ديسمبر 2018، عبر هجمات بريّة تحت غطاء جوي من مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية، أفاد الإعلام العسكري للقوات المشتركة بأنها تصدّت لهجمات شنّتها قوات «أنصار الله» على مواقعها في مديريتي حيس والدريهمي ومدينة الحديدة، ما كبّدها خسائر بشرية ومادية كبيرة. وكشف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث أنه أجرى لقاءً افتراضياً مع رئيس «المجلس السياسي الأعلى» بصنعاء مهدي المشّاط، جدّد فيه دعوته إلى وقف القتال في الحديدة. وذكر أنه ناقش مع الأخير «الحاجة الملحّة لإيجاد حل لخزّان صافر (النفطي العائم) وأزمة الوقود ومسار الإعلان المشترك». ويشمل اتفاق ستوكهولم 3 محاور رئيسية هي اتفاق حول مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وآلية تنفيذية حول تفعيل اتفاقية تبادل المحتجزين، وإعلان تفاهمات حول تعز. وقال المبعوث الأممي في بيان إنه «يتابع بقلق بالغ التصعيد العسكري الذي حدث مؤخّراً في محافظة الحديدة والتقارير الواردة حول وقوع عدد من الضحايا المدنيين بمن فيهم نساء وأطفال». واعتبر أن التصعيد العسكري «لا يمثّل انتهاكاً لاتفاقية وقف إطلاق النار في الحديدة فحسب بل يتعارض مع روح المفاوضات القائمة التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في كافة أنحاء اليمن وتدابير إنسانية واقتصادية واستئناف العملية السياسية». وأضاف المبعوث الخاص «إني أعمل مع جميع الأطراف، وأناشدهم لوقف القتال فوراً، واحترام التزاماتهم في اتفاق ستوكهولم والتفاعل مع آليات التنفيذ المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة». من جانبه، قال الناطق الرسمي لـ «أنصار الله» رئيس الوفد المفاوض المشترك محمد عبد السلام إنه يرحّب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث بخصوص التأكيد على الالتزام باتفاق ستوكهولم والتعامل الإيجابي والفعّال مع آليات التنفيذ المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة. وأكد عبد السلام في بيان أنه التقى على حدة سفراء الاتحاد الأوروبي هانس جروندبرج والصين كانغ يونغ وهولندا إرما ماري فان ديورون، حيث ناقش معهم «الوضع الإنساني والسياسي والحصار الظالم على الشعب اليمني، والملاحظات والمقترحات على الإعلان المشترك المقدّم من الأمم المتحدة، والوضع بخصوص سفينة صافر، ومسار تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى». في المقابل رحّبت وزارة الخارجية (في الحكومة المعترف بها دولياً) ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الداعي إلى احترام الالتزام باتفاق ستوكهولم. وأكدت الوزارة في بيان أن الحكومة اليمنية «حرصت وتحرص على الالتزام بما عليها منذ التوصّل لاتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018، وتفاعلت بإيجابية مع كل الدعوات والمبادرات بما في ذلك دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في مارس 2020». وشدّدت الوزارة على أن «التصعيد الأخير لأنصار الله في الحديدة، واستمرار انتهاكاتها الحالية والسابقة لوقف إطلاق النار، واستخدامها للحديدة كمنصّة لإطلاق الطائرات المسيّرة المفخّخة على الأحياء المدنية، والاستهداف الهمجي للمنشآت العامة والخاصة، وتعطيل وتقييد عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، هو ما شكّل خرقاً واضحاً وتعدياً على مقتضيات اتفاق الحديدة». كما أكد الناطق الرسمي للقوات المسلّحة «الموالي للشرعية» العميد الركن عبده مجلّي استمرار العملية العسكرية الهجومية الواسعة، التي تنفّذها القوات المسلّحة، مسنودة برجال «المقاومة الشعبية»، وبالضربات المركّزة من مقاتلات «تحالف دعم الشرعية»، في جبهات محافظتي الجوف ومأرب. ونقل «المركز الإعلامي للقوات المسلّحة» عن مصدر عسكري أن قوات الجيش الوطني مسنودة برجال القبائل ومشاركة فاعلة من طيران التحالف، استعادت مواقع جديدة بمنطقة الريّان بمديرية خب والشعف في محافظة الجوف. وأكد المصدر أن الجيش الوطني «حرّر جميع المواقع بجبهة النضود بالكامل بعد هجوم عسكري شنّه على أنصار الله المدعومة من الخارج»، مشيراً إلى أن المعارك انتقلت من النضود بالريّان إلى منطقة بئر المرازيق. ولفت المصدر إلى أن طيران التحالف العربي استهدف عددا من الآليات والأطقم التابعة للمسلّحين، مشيراً إلى أنهم تلقّوا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدّات في ظل استمرار تقدّم الجيش الوطني.