علّق أحد المتابعين تحت مقابلة لي حول الحياة بعد التقاعد: ما زلتم تريدون مزاحمتنا على الحياة، أما اكتفيتم، اذهبوا وموتوا، مضت أشهر طويلة على هذا الحديث لكنه ما فتئ يحضر عند الحديث عن التقاعد وعن المال بشكل عام، أحزن كثيرا على هؤلاء الأشخاص الذين ينظرون للحياة وكأنها (كعكة) إذا أخذ أحدهم منها قطعة تناقصت حتى لا يبقى منها شيء لهم، وهذا يجعلهم يتزاحمون تحت آبار السلالم عوضا عن محاولة الصعود للقمة التي عادة ما تكون خالية كما يضعها «زيغ زيغلار».

يختار البعض أن يظل اسمه في قائمة انتظار طويلة أملًا في وظيفة في قطاع معين، أقنع نفسه بأن الأمان يكمن فيها، والنجاح لا يتأتى إلا فيها، غافلين عن الوفرة التي حبا الله بها البشرية، الوفرة في كل شيء، وهذه إحدى سمات (الخلافة) فالله سبحانه عندما استخلفنا في الأرض وزع علينا بالتساوي مواردها، نغترف منها ما نشاء، ومن أجل ذلك وهبنا جلت قدرته الملكات والمواهب والقدرات، التي فضّل البعض منا تعطيلها، وإلقاء اللوم على الآخرين ممن سعوا إلى استغلالها وتفعيلها.

الله جلت قدرته عادل، وعدله مطلق لم يحرم إنسانًا ويعطي آخر، أبسط هذه النعم كما يراها البعض هي الأطراف، هناك من ينظر إلى أطرافه على أنها أدوات للحركة، وقضاء الحاجات الأساسية، وهناك من ينظر إليها على أنها ثروات فطرية حباه الله بها، ويعمل على استغلالها في الركل كلاعب كرة، أو عداء، يجني من خلالها الملايين، لكنها مجرد أطراف نحملها جميعا تقريبا.

أحب دائما مقولة كريستوفر ريفز بطل الفيلم الشهير (سوبرمان) عندما تعرض للحادث المأساوي الذي سبب له شللا كليا، في إحدى المقابلات التي أجريت معه سأله المذيع عن شعوره وهو عاجز عن الحركة فقال: أرى حولي الكثيرون ممن لهم أطراف لكنهم لا يستخدمونها، أنا لم أخسر شيئا.

القضية ليست قضية تفريغ المؤسسات من الوظائف ليتسنى لنا إيجاد وظيفة، ذلك أنه حتى لو حدث هذا إن لم نكن مؤهلين لشغل هذه الوظائف لن نحصل عليها، القضية ليست قضية عدم كفاية أحيانا، إنما القضية أننا لا نعتقد بأننا (كفاية).