تتحول الكتابة إلى حنين الإنسان إلى وطن غادره ولم يغادره، بمعنى أن الوطن ارتحل في ذات الكاتب المنفي
تجسد الرواية تناقضات المجتمع العربي وأمراضه الاجتماعية ونفاقه ومزاياه، وتسامحه السامي وعنصريته البغيضة
جسّد سلمان أحد أبطال رواية صوفيا، الشخصية التي تتقاطع زمانيا ومكانيا مع شخصية الكاتب رفيق شامي
هل يتوجب على الكاتب الخروج من بلده ليرى تفاصيله من الخارج بشكل أوضح، وهل الغربة بما تحمله من وحدة قاسية وألم وقلق وحنين مستبد، كفيلة بمنح الكاتب رؤية أبعد، وحس أعمق للتعبير عما يود الإفصاح عنه تجاه وطن يسكنه؟. ثم ما الذي افتقده الكاتب في بلده الأم واستعاده في المنفى، هل هي حريته في الرأي والمعتقد، وممارسته لحقوقه المدنية والسياسية وشعوره بالأمان، أم مزيج بين ذلك وتلك، أم هي حالة لا تمت لكل ما ذكر بصلة وإنما هي حالة من تدفق المشاعر والأحاسيس التي حرضتها أنماط الحداثة في المهجر على الخروج على أشكال تعبيرية متعددة، منحها السرد مساحة أكثر لمعالجة التفاصيل وتشريحها وشرحها، وربما تكون الرواية هي الفن الوحيد القادر على استيعاب شجون وشؤون الكاتب المُغترب، لذا تتحول الكتابة إلى حنين الإنسان إلى وطن غادره ولم يغادره، بمعنى أن الوطن ارتحل في ذات الكاتب المنفي، «الذي يميل إلى الإحساس أن فكرة الشقاء تسعده» مثلما وصفه إدوارد سعيد في كتابه المثقف والسلطة؟.
إذا كان هناك وصف يليق برواية صوفيا (ترجمة خالد الجبيلي، منشورات الجمل، 2021)، فهي مرآة المجتمع العربي بكل تناقضاته وتابواته، بأمراضه ونفاقه ومزاياه، بتسامحه السامي وعنصريته البغيضة، بتدينه الظاهري وفسوقه المستتر، بنظامي السياسي الملكي أو الجمهوري وبعشائريته البدائية، بشجاعة نسائه وخذلان بعض رجاله. كل ذلك وغيرها من الحكايات والخلفيات الاجتماعية والشخصيات الرئيسة والثانوية، أنطقها رفيق شامي عبر أبطال، تتقاطع مصائرهم مع صوفيا الشابة الجميلة والذكية العاشقة والمتيمة بحبيبها المسلم كريم، والتي رفضت الزواج منه لأنها تعرف أن الزواج بينهما مستحيل، لأنها تعتبر أن «أي حمار يمتلك هرمونات كافية، يمكنه أن يحب ويعشق، لكن الشخص الذي يمتلك مشاعر نبيلة هو الوحيد الذي يستطيع أن يحب حقا».
وحينما حاول كريم استعطافها، وأرسل لها نورا أخت صديقه فيليب، ردت عليه: «إنها لا تريد صديقا جبانا وإذا كان يحبها حقا، عليه أن يستجمع نفسه، لأن الحب يعني التمرد على الموت، أن عليه أن ينهض ويواجه الحياة بشجاعة، وإلا فإنها ستخجل من نفسها لأنها أمضت ساعة واحدة من حياتها معه».
تبدأ الأحداث التراجيدية حينما كلفت عشيرة كريم المسلم بقتل أخته صالحة التي تزوجت حبيبها الطبيب المسيحي، فأراد كريم الذهاب إلى دمشق لا لقتل أخته وإنما لرؤية حبيبته صوفيا المتزوجة من تاجر الذهب يوسف بلدي سليل أحد الناجين من مذبحة طائفية تعرض لها أهله المسيحيون في دمشق بتواطؤ من الوالي العثماني، ويقال: إن فرنسا حرضت على المذبحة للقضاء على صناعة الحرير الدمشقي. وذهب إلى بيت أخته «كانت أخته تعرف أنه جاء ليقتلها باسم العشيرة، قالت له لن تصرخ إذا قتلها لأنها تحبه، ولن تكرهه إذا فعل ذلك لأنها تعرف أنه يقوم بواجبه». نصح كريم الذي يحب أخته، زوجها بالهروب إلى خارج سوريا، لكن زوجها المؤمن بخيار الإنسان في الحب والزواج فضل مواجهة الواقع والمصير بدل الهروب، «ذهل كريم لسذاجة الطبيب الذي يظن أن حمله لأفكار معينة تغيّر مجتمعا بهذه السرعة».
وقعت الكارثة وانتهت بنهاية مأساوية كما توقعها كريم، إذ قُتلت صالحة وزوجها، وترك القاتل رسالة موقعة باسم كريم، يقول فيها إنه قتل أخته ليسترد شرف العائلة. أُلصقت بكريم تهمة قتل لم يرتكبها، وبدأت حملة مطاردة لكريم، مع أن المجرمين الذين يرتكبون تلك الجرائم «يُعاملون كأبطال وتصدر بحقهم أحكام مخففة، وأما الضحايا فأغلبهم من النساء كأنه لا يوجد لدى الرجال مكان يضعون فيه شرفهم فيخبئونه عند النساء».
جسّد سلمان أحد أبطال رواية صوفيا، الشخصية التي تتقاطع زمانيا ومكانيا مع شخصية الكاتب رفيق شامي. فدمشق مثلا بقيت حاضرة في نفس الكاتب والبطل معا. ومدينة هايدلبيرغ الألمانية الرومانسية، احتضنت الكاتب والبطل سلمان في بداية تكوينهما الأكاديمي.
تعامل رفيق شامي في رواية (صوفيا أو بداية كل الحكايات)، مع عدة شرائح من المجتمع السوري بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام، وتفاعل مع كل شخصية على حدة، وكأنه يجري معادلات كيميائية على المكونات السورية، هناك حيث تقبع العشائرية داخل كل فرد، وتُعشعش العنصرية والطائفية في الأنفس التي تدعي التسامح والانفتاح، لكنها تفشل في اختبار الحب، فبمجرد الاقتراب من الاقتران يرتد كل فرد إلى جحره الطائفي، وتظهر الحقيقة المُغلفة بالورع والتقوى والتسامح والمساواة، «مع أنهم يتفاخرون أن أشخاصا من ديانات أخرى يعيشون في حيهم الهادئ، فقد كانوا يرون هذا الحب تجاوزا للخط الأحمر الذي رسموه بأنفسهم، وكأن الحب يدقق في هويات البشر قبل أن يغزوا قلوبهم».
تكشف رواية صوفيا عن مناطق التخلف الاجتماعي في المجتمعات التي تناولتها، فالأعباء المعنوية التي أثقلت أبطال الرواية قد سبقتهم إلى الحياة، ولم تكن وليدة ولادتهم، فقد وجدوا أنفسهم ضحايا لأفكار وأيديولوجيات تطحن من يلوذ بها، وتدفن من يحتمي بها، تناقض الصورة البهية التي يحرص المروجون لها ترويجها عنها وتقديمها كملاجئ وحصون آمنة.
الطائفية المهددة للسلم الاجتماعي:
تتجذر الطائفية في الأجيال جيلا بعد آخر، كإرث لا يمكن التخلي عنه، فتطفو الصراعات بين الطوائف والمكونات الاجتماعية إلى السطح، وتتخذ عدة أشكال من العنف، يدفع فيها الجميع الثمن باهظا. وحين يفرغون من حرب وتهدأ النفوس، يبدأون بصراع آخر وحرب أخرى. وأمام هذه المعضلة المدمرة للروح الإنسانية يحاول الكتاب، تناول الألم من زوايا متعددة، الكاتب المؤمن بفكره يكتب بصدق عن معاناة مجتمعه، تدفعه إلى ذلك «المبادئ السامية، مبادئ الحق والعدل، إلى فضح الفساد والدفاع عن الضعفاء وتحدي السلطة المعيبة أو الغاشمة « (إدوارد سعيد، المثقف والسلطة).
تتغذى الطائفية على جهل أفراد المجتمع، عندما تتخلى السلطة السياسية عن دورها في ترسيخ قيم المواطنة والاعتزاز بالتنوع ضمن الهوية الجامعة، فإذا عجزت السلطة السياسية عن تحقيق العدالة وترسيخ شروط المساواة، فإنها تترك الفرصة ليسود سواد الحقد في النفوس، ويتفشى التعصب في الذوات.
كان كريم يعيش في عمر متقدم مع الخمسينية عايدة، التي تجاوره في الحي المسيحي، ويظهران معا في الحي ممسكين بأيادي بعضهما أو يتبادلان القبل أحيانا، وقد جلب عليهما ذلك كره الجيران، فلم يتقبلوا أن تعيش مسيحية مع مسلم، رغم أن كريم يقول: «أنا لست مسلما ولا مسيحيا ولا درزيا ولا يهوديا، الحب هو ديني أتفهمون؟». لكن هناك إشكالية لدى بعض أتباع الديانات، فمع أن رسائل أديانهم تدعو إلى السلام والتسامح والمحبة بين البشر، إلا أنهم يرتكبون أفظع الجرائم باسم الدين، وكأنهم عينوا أنفسهم وكلاء لله في الأرض ومحامين عنه، دون تكليف رباني لهم، فجيران عايدة يكرهون تخليها عن تعاليم دينهم، «مع أن معرفة أهالي الحي بالدين المسيحي لا تزيد في الغالب من ترديد صلاة السلام عليك يا مريم وأبانا الذي في السموات».
ليست الصورة معتمة كما وصفها الراوي العليم عن الحي المسيحي، فهناك العديد من الشخصيات المسيحية التي تشعر بالانتماء إلى ثقافتها وتعتز بهويتها العربية، رغم تساؤلات الراوي عن دوافع سلمان لانخراطه في الحركة اليسارية، جماعة الحرية الحمراء في الستينيات ومحاولاتها القتالية لإنقاذ بعض أفرادها من سجون السلطة، «هل دفعه لذلك مزيج خطير من الأفكار الرومانسية المتعلقة بأعمال التحرير البطولية والأفكار المسيحية المتعلقة بالتضحية بالنفس، وتحقيق المساواة والشهادة مع توق الأقلية المسيحية الأبدي للقيام بدور حاسم في المجتمع الإسلامي، لذلك ليس من قبل الصدفة أن المسيحيين كانوا دائما في طليعة – إن لم يكونوا من مؤسسي- الأحزاب القومية والاشتراكية في الدول العربية، ...لم يسع المسيحيون في البلدان العربية إلى ترسيخ مكانتهم فحسب، وإنما كانوا يهدفون إلى أن يُظهروا للأغلبية أنهم ينتمون إلى هذه البلدان أيضا».
الحب كمنقذ:
يأتي الحب كملاك حارس لمن أخلص له، فصوفيا المتيمة بكريم تنقذه من عشيرته التي ألصقت به قتل شقيقته في الجرائم المعروفة بجرائم الشرف أو غسل العار، الحاضرة في بعض المجتمعات العربية. ثم تأتي صوفيا لطلب المساعدة من كريم، لينقذ ابنها سلمان، من غدر ابن عمه إلياس ضابط المخابرات، الذي يحاول ابتزاز أبناء عمه والحصول على المال لصرفه على بيته وملذاته. قال كريم لصوفيا حين جاءت طالبة للمساعدة: «صوفيا، لقد وعدتك منذ زمن بأنني سأقف إلى جانبك دائما، وأنا عند كلمتي، تأكدي أنني سأبذل كل ما بوسعي لأساعدك أنتِ وابنكِ، سنجد وسيلة إلى ذلك». وكذلك فعلت ستيلا زوجة سلمان، حين أنقذته من بحثه عن الاستقرار العاطفي والمادي، فتخلى عن هايدلبيرغ ووظائفه غير المجدية في الترجمة والكتابة، واستقر معها في روما، وخلقت منه شخصية مرموقة في المجتمع وبين معارفها، ثم وقفت معه هي وابنها باولو، حين اختبأ في بيت كريم.
العمة اميليا والإيديولوجيات:
تعبر العمة اميليا الرواية عبورا خفيفا، لكنه مؤثر لدى سلمان ابن أخيها. فقد تركت اميليا المقيمة في بيروت بصمتها في تكوين شخصية سلمان. فقد كانت ضحية الطرد من عائلة جورج بلدي المسيحية الكاثوليكية، ليس لأنها تزوجت مسلما وهربت معه، وإنما لارتباطها بحبيب لبناني مسيحي من الطائفة البروتستنتية، فحرُمت من الميراث ومن زيارات رجال عائلة بلدي، باستثناء سلمان الذي لجأ إليها في هروبه الأول من سوريا، وأثناء مكوثه في بيت عمته ببيروت، تغيرت قناعات سلمان الراديكالية، وبدأ يفكر في مسار آخر غير الحركات المسلحة والإيديولوجيات الخانقة. وكانت نصائح اميليا هي البداية «اسمعني جيدا يا بُني لا شيء سيتغير ما دامت الثورة تهدف إلى تحقيق تغيير اجتماعي أو سياسي فقط، فقد ملأ رفاقك السذج الجبال بتضحيات كثيرة، ومهدوا طرقا عريقة بدموع الأمل، فقط ليأتي المجرمون ويدخلوا العاصمة وسط الرايات والشعارات الصاخبة ويثملوا من هتاف الحشود الغبية ويظنوا لا بل يصدقوا أنهم آلهة».
لم تترك العمة اميليا سلمان يصحو من صدمته، فواصلت حديثها معه، كأنها تحاول إخراج الأفكار الإيديولوجية التي حفظها مع رفاقه في الجامعة، دون حتى أن يناقشها ويتأكد من صلاحيتها للواقع، ثم أعطته رأيها الصريح في المجتمع العربي.
«لن يطرأ أي تغيير على البلدان العربية إذا لم يتم القضاء على البيئة القبلية التي تستعبدنا جسدا وروحا، فالعشيرة تقوم على الطاعة العمياء والولاء ولا تعير أي اهتمام للديمقراطية أو الحرية أو الكرامة الإنسانية إنها تتغلغل في كل شيء وتفسده، كالعفن الذي يتغلل في الخبز ويسممه، العشيرة تبني سلطتها على مبدأ العصا والجزرة: قليل من الأمان مقابل قدر ضئيل من الكرامة، نجد أنفسنا فجأة ننزلق على منحدر نبحث فيه عن السعادة فقط، ووسيلة لإرضاء غرائزنا وهناك حيث نصل إلى قاع المنحدر لن نجد أي تأثير للكرامة سنكتشف في لحظات قصيرة نصحو بها أننا لسنا سوى عبيد راضين بزعماء عشائرنا ثم نعود إلى الضباب المنحدر ونتفاخر أننا لم نعتقل بعد».
بعد أسابيع من مكوثه في بيروت قرر سلمان الهجرة إلى ألمانيا وحصل على التأشيرة، في هايدلبيرغ يجد سلمان مقولة عمته مجسدة في سلوكيات الطلاب العرب، الذين يقولون عنه: «إنه مغرور يهتم بسيقان النساء ووجبات الطعام اللذيذة أكثر مما يهتم بقضية فلسطين».
بينما يراهم هو في حالة من التناقض مع أنفسهم ومع المحيط، «يصبحون راديكاليين وفوضويين إلى أن يأتيهم شخص من أقاربهم فيتحولون إلى طلاب وديعين ويتنكرون لصديقاتهم وينسون المعتقدات السياسية التي كانوا يعتنقونها هذا التصرف الذي يصل إلى حدود الانفصام ما هو إلا ثمرة الخنوع للعشيرة».
العودة إلى وطن المكائد والمطاردات:
لم يأخذ سلمان بنصيحة الصياد اللبناني الذي تناول معه العرق في حانة الصيادين في بيروت قبل هجرته الأوروبية، «عندما تذهب لا ترجع لأنك تأخذ فضاءك معك، وإذا عدت لن يحبك الناس لأنك تأتي من ماضيهم، وسينظر كثيرون إليك على أنك شاهد غير مرحب به جئت لمحاكمتهم». ففي صيف 2010 قرر سلمان العودة إلى دمشق، وترك زوجته الإيطالية ستيلا وابنه باولو، وترك أيضا شركة ناجحة في التصدير والاستيراد وأصدقاء رائعين، واستسلم لحنين دمشق التي غادرها قبل أربعين سنة، «مع أنه قرأ قصصا وحكايات لمغتربين أدى حنينهم ورغبتهم في العودة إلى وطنهم، أو أحابيل وخدع أجهزة المخابرات، وأدى ذلك إلى اعتقالهم ما أن وضعوا أقدامهم خارج باب الطائرة وسجنهم وتعرضهم لجحيم التعذيب والذل» .
وبعد أيام من زيارته لأهله لفّق له ابن عمه اليأس عقيد المخابرات، تهمة قتل امرأة حدثت قبل مجيئه بأشهر، ونشر صوره في الصحف، وأصبح مطلوبا لدى مراكز الشرطة، وبدأت جولة أخرى من التخفي والمطاردة، ولعن قراره بالعودة إلى دمشق، واكتشف خذلان الأصدقاء ونفاق الأصحاب، ووقوف كريم وعائدة إلى جانبه.
لا أدري كيف تذكرت رواية التائهون (صدرت عن الفرنسية 2012) لأمين معلوف، المترجمة هي الأخرى عن الفرنسية، مثلما تُرجمت رواية صوفيا عن الألمانية، سواء من حيث الخلفية التاريخية لأحداث الروايتين، وخروج البطلين من وطنيهما بداية السبعينيات، وكذلك عودتهما مرة أخرى للوطن، وأيضا انخراطهما في مرحلة الشباب في حركات يسارية، ثم يتخليان عن اليسار.
* رفيق شامي: كاتب وروائي سوري/ ألماني، ولد في دمشق عام 1946، اسمه الحقيقي سهيل فاضل، درس الرياضيات والفيزياء والكيمياء في سوريا. ثم خرج منها عام 1971 ثم أكمل دراسته في الكيمياء في جامعة هايدلبيرغ وأنهى فيها دراسة الدكتوراه عام 1979، ثم اشتغل في شركة أدوية في بداية الثمانينات، قبل أن يتفرغ كليا للأدب منذ عام 1982، واجه في بداية مشواره الأدبي صعوبة جمة، فلم تقبل أعماله الأدبية المكتوبة باللغة العربية، في أي دار نشر في البلاد العربية، ثم أصدر العديد من القصص والروايات باللغة الألمانية، ولم يشتهر إلا بعد روايته الثالثة حكواتي الليل 1989. كتب للأطفال وألف مسرحيات، استقر في ألمانيا، لم يعد مطلقا إلى سوريا منذ أكثر من 50 سنة، ويُعد الآن من أهم الكتاب الألمان. وأحد أعضاء أكاديمية بافاريا للفنون الجميلة منذ 2002، تُرجمت أعماله إلى 33 لغة، صدر له باللغة العربية، التقرير السري عن الشاعر غوته ( 2005)، يدٌ ملأى بالنجوم (2008)، حكواتي الليل (2010)، قرعة جرس لكائن جميل (2012)، الجانب المظلم للحب (2015).
محمد الشحري قاص وروائي عماني
تجسد الرواية تناقضات المجتمع العربي وأمراضه الاجتماعية ونفاقه ومزاياه، وتسامحه السامي وعنصريته البغيضة
جسّد سلمان أحد أبطال رواية صوفيا، الشخصية التي تتقاطع زمانيا ومكانيا مع شخصية الكاتب رفيق شامي
هل يتوجب على الكاتب الخروج من بلده ليرى تفاصيله من الخارج بشكل أوضح، وهل الغربة بما تحمله من وحدة قاسية وألم وقلق وحنين مستبد، كفيلة بمنح الكاتب رؤية أبعد، وحس أعمق للتعبير عما يود الإفصاح عنه تجاه وطن يسكنه؟. ثم ما الذي افتقده الكاتب في بلده الأم واستعاده في المنفى، هل هي حريته في الرأي والمعتقد، وممارسته لحقوقه المدنية والسياسية وشعوره بالأمان، أم مزيج بين ذلك وتلك، أم هي حالة لا تمت لكل ما ذكر بصلة وإنما هي حالة من تدفق المشاعر والأحاسيس التي حرضتها أنماط الحداثة في المهجر على الخروج على أشكال تعبيرية متعددة، منحها السرد مساحة أكثر لمعالجة التفاصيل وتشريحها وشرحها، وربما تكون الرواية هي الفن الوحيد القادر على استيعاب شجون وشؤون الكاتب المُغترب، لذا تتحول الكتابة إلى حنين الإنسان إلى وطن غادره ولم يغادره، بمعنى أن الوطن ارتحل في ذات الكاتب المنفي، «الذي يميل إلى الإحساس أن فكرة الشقاء تسعده» مثلما وصفه إدوارد سعيد في كتابه المثقف والسلطة؟.
إذا كان هناك وصف يليق برواية صوفيا (ترجمة خالد الجبيلي، منشورات الجمل، 2021)، فهي مرآة المجتمع العربي بكل تناقضاته وتابواته، بأمراضه ونفاقه ومزاياه، بتسامحه السامي وعنصريته البغيضة، بتدينه الظاهري وفسوقه المستتر، بنظامي السياسي الملكي أو الجمهوري وبعشائريته البدائية، بشجاعة نسائه وخذلان بعض رجاله. كل ذلك وغيرها من الحكايات والخلفيات الاجتماعية والشخصيات الرئيسة والثانوية، أنطقها رفيق شامي عبر أبطال، تتقاطع مصائرهم مع صوفيا الشابة الجميلة والذكية العاشقة والمتيمة بحبيبها المسلم كريم، والتي رفضت الزواج منه لأنها تعرف أن الزواج بينهما مستحيل، لأنها تعتبر أن «أي حمار يمتلك هرمونات كافية، يمكنه أن يحب ويعشق، لكن الشخص الذي يمتلك مشاعر نبيلة هو الوحيد الذي يستطيع أن يحب حقا».
وحينما حاول كريم استعطافها، وأرسل لها نورا أخت صديقه فيليب، ردت عليه: «إنها لا تريد صديقا جبانا وإذا كان يحبها حقا، عليه أن يستجمع نفسه، لأن الحب يعني التمرد على الموت، أن عليه أن ينهض ويواجه الحياة بشجاعة، وإلا فإنها ستخجل من نفسها لأنها أمضت ساعة واحدة من حياتها معه».
تبدأ الأحداث التراجيدية حينما كلفت عشيرة كريم المسلم بقتل أخته صالحة التي تزوجت حبيبها الطبيب المسيحي، فأراد كريم الذهاب إلى دمشق لا لقتل أخته وإنما لرؤية حبيبته صوفيا المتزوجة من تاجر الذهب يوسف بلدي سليل أحد الناجين من مذبحة طائفية تعرض لها أهله المسيحيون في دمشق بتواطؤ من الوالي العثماني، ويقال: إن فرنسا حرضت على المذبحة للقضاء على صناعة الحرير الدمشقي. وذهب إلى بيت أخته «كانت أخته تعرف أنه جاء ليقتلها باسم العشيرة، قالت له لن تصرخ إذا قتلها لأنها تحبه، ولن تكرهه إذا فعل ذلك لأنها تعرف أنه يقوم بواجبه». نصح كريم الذي يحب أخته، زوجها بالهروب إلى خارج سوريا، لكن زوجها المؤمن بخيار الإنسان في الحب والزواج فضل مواجهة الواقع والمصير بدل الهروب، «ذهل كريم لسذاجة الطبيب الذي يظن أن حمله لأفكار معينة تغيّر مجتمعا بهذه السرعة».
وقعت الكارثة وانتهت بنهاية مأساوية كما توقعها كريم، إذ قُتلت صالحة وزوجها، وترك القاتل رسالة موقعة باسم كريم، يقول فيها إنه قتل أخته ليسترد شرف العائلة. أُلصقت بكريم تهمة قتل لم يرتكبها، وبدأت حملة مطاردة لكريم، مع أن المجرمين الذين يرتكبون تلك الجرائم «يُعاملون كأبطال وتصدر بحقهم أحكام مخففة، وأما الضحايا فأغلبهم من النساء كأنه لا يوجد لدى الرجال مكان يضعون فيه شرفهم فيخبئونه عند النساء».
جسّد سلمان أحد أبطال رواية صوفيا، الشخصية التي تتقاطع زمانيا ومكانيا مع شخصية الكاتب رفيق شامي. فدمشق مثلا بقيت حاضرة في نفس الكاتب والبطل معا. ومدينة هايدلبيرغ الألمانية الرومانسية، احتضنت الكاتب والبطل سلمان في بداية تكوينهما الأكاديمي.
تعامل رفيق شامي في رواية (صوفيا أو بداية كل الحكايات)، مع عدة شرائح من المجتمع السوري بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام، وتفاعل مع كل شخصية على حدة، وكأنه يجري معادلات كيميائية على المكونات السورية، هناك حيث تقبع العشائرية داخل كل فرد، وتُعشعش العنصرية والطائفية في الأنفس التي تدعي التسامح والانفتاح، لكنها تفشل في اختبار الحب، فبمجرد الاقتراب من الاقتران يرتد كل فرد إلى جحره الطائفي، وتظهر الحقيقة المُغلفة بالورع والتقوى والتسامح والمساواة، «مع أنهم يتفاخرون أن أشخاصا من ديانات أخرى يعيشون في حيهم الهادئ، فقد كانوا يرون هذا الحب تجاوزا للخط الأحمر الذي رسموه بأنفسهم، وكأن الحب يدقق في هويات البشر قبل أن يغزوا قلوبهم».
تكشف رواية صوفيا عن مناطق التخلف الاجتماعي في المجتمعات التي تناولتها، فالأعباء المعنوية التي أثقلت أبطال الرواية قد سبقتهم إلى الحياة، ولم تكن وليدة ولادتهم، فقد وجدوا أنفسهم ضحايا لأفكار وأيديولوجيات تطحن من يلوذ بها، وتدفن من يحتمي بها، تناقض الصورة البهية التي يحرص المروجون لها ترويجها عنها وتقديمها كملاجئ وحصون آمنة.
الطائفية المهددة للسلم الاجتماعي:
تتجذر الطائفية في الأجيال جيلا بعد آخر، كإرث لا يمكن التخلي عنه، فتطفو الصراعات بين الطوائف والمكونات الاجتماعية إلى السطح، وتتخذ عدة أشكال من العنف، يدفع فيها الجميع الثمن باهظا. وحين يفرغون من حرب وتهدأ النفوس، يبدأون بصراع آخر وحرب أخرى. وأمام هذه المعضلة المدمرة للروح الإنسانية يحاول الكتاب، تناول الألم من زوايا متعددة، الكاتب المؤمن بفكره يكتب بصدق عن معاناة مجتمعه، تدفعه إلى ذلك «المبادئ السامية، مبادئ الحق والعدل، إلى فضح الفساد والدفاع عن الضعفاء وتحدي السلطة المعيبة أو الغاشمة « (إدوارد سعيد، المثقف والسلطة).
تتغذى الطائفية على جهل أفراد المجتمع، عندما تتخلى السلطة السياسية عن دورها في ترسيخ قيم المواطنة والاعتزاز بالتنوع ضمن الهوية الجامعة، فإذا عجزت السلطة السياسية عن تحقيق العدالة وترسيخ شروط المساواة، فإنها تترك الفرصة ليسود سواد الحقد في النفوس، ويتفشى التعصب في الذوات.
كان كريم يعيش في عمر متقدم مع الخمسينية عايدة، التي تجاوره في الحي المسيحي، ويظهران معا في الحي ممسكين بأيادي بعضهما أو يتبادلان القبل أحيانا، وقد جلب عليهما ذلك كره الجيران، فلم يتقبلوا أن تعيش مسيحية مع مسلم، رغم أن كريم يقول: «أنا لست مسلما ولا مسيحيا ولا درزيا ولا يهوديا، الحب هو ديني أتفهمون؟». لكن هناك إشكالية لدى بعض أتباع الديانات، فمع أن رسائل أديانهم تدعو إلى السلام والتسامح والمحبة بين البشر، إلا أنهم يرتكبون أفظع الجرائم باسم الدين، وكأنهم عينوا أنفسهم وكلاء لله في الأرض ومحامين عنه، دون تكليف رباني لهم، فجيران عايدة يكرهون تخليها عن تعاليم دينهم، «مع أن معرفة أهالي الحي بالدين المسيحي لا تزيد في الغالب من ترديد صلاة السلام عليك يا مريم وأبانا الذي في السموات».
ليست الصورة معتمة كما وصفها الراوي العليم عن الحي المسيحي، فهناك العديد من الشخصيات المسيحية التي تشعر بالانتماء إلى ثقافتها وتعتز بهويتها العربية، رغم تساؤلات الراوي عن دوافع سلمان لانخراطه في الحركة اليسارية، جماعة الحرية الحمراء في الستينيات ومحاولاتها القتالية لإنقاذ بعض أفرادها من سجون السلطة، «هل دفعه لذلك مزيج خطير من الأفكار الرومانسية المتعلقة بأعمال التحرير البطولية والأفكار المسيحية المتعلقة بالتضحية بالنفس، وتحقيق المساواة والشهادة مع توق الأقلية المسيحية الأبدي للقيام بدور حاسم في المجتمع الإسلامي، لذلك ليس من قبل الصدفة أن المسيحيين كانوا دائما في طليعة – إن لم يكونوا من مؤسسي- الأحزاب القومية والاشتراكية في الدول العربية، ...لم يسع المسيحيون في البلدان العربية إلى ترسيخ مكانتهم فحسب، وإنما كانوا يهدفون إلى أن يُظهروا للأغلبية أنهم ينتمون إلى هذه البلدان أيضا».
الحب كمنقذ:
يأتي الحب كملاك حارس لمن أخلص له، فصوفيا المتيمة بكريم تنقذه من عشيرته التي ألصقت به قتل شقيقته في الجرائم المعروفة بجرائم الشرف أو غسل العار، الحاضرة في بعض المجتمعات العربية. ثم تأتي صوفيا لطلب المساعدة من كريم، لينقذ ابنها سلمان، من غدر ابن عمه إلياس ضابط المخابرات، الذي يحاول ابتزاز أبناء عمه والحصول على المال لصرفه على بيته وملذاته. قال كريم لصوفيا حين جاءت طالبة للمساعدة: «صوفيا، لقد وعدتك منذ زمن بأنني سأقف إلى جانبك دائما، وأنا عند كلمتي، تأكدي أنني سأبذل كل ما بوسعي لأساعدك أنتِ وابنكِ، سنجد وسيلة إلى ذلك». وكذلك فعلت ستيلا زوجة سلمان، حين أنقذته من بحثه عن الاستقرار العاطفي والمادي، فتخلى عن هايدلبيرغ ووظائفه غير المجدية في الترجمة والكتابة، واستقر معها في روما، وخلقت منه شخصية مرموقة في المجتمع وبين معارفها، ثم وقفت معه هي وابنها باولو، حين اختبأ في بيت كريم.
العمة اميليا والإيديولوجيات:
تعبر العمة اميليا الرواية عبورا خفيفا، لكنه مؤثر لدى سلمان ابن أخيها. فقد تركت اميليا المقيمة في بيروت بصمتها في تكوين شخصية سلمان. فقد كانت ضحية الطرد من عائلة جورج بلدي المسيحية الكاثوليكية، ليس لأنها تزوجت مسلما وهربت معه، وإنما لارتباطها بحبيب لبناني مسيحي من الطائفة البروتستنتية، فحرُمت من الميراث ومن زيارات رجال عائلة بلدي، باستثناء سلمان الذي لجأ إليها في هروبه الأول من سوريا، وأثناء مكوثه في بيت عمته ببيروت، تغيرت قناعات سلمان الراديكالية، وبدأ يفكر في مسار آخر غير الحركات المسلحة والإيديولوجيات الخانقة. وكانت نصائح اميليا هي البداية «اسمعني جيدا يا بُني لا شيء سيتغير ما دامت الثورة تهدف إلى تحقيق تغيير اجتماعي أو سياسي فقط، فقد ملأ رفاقك السذج الجبال بتضحيات كثيرة، ومهدوا طرقا عريقة بدموع الأمل، فقط ليأتي المجرمون ويدخلوا العاصمة وسط الرايات والشعارات الصاخبة ويثملوا من هتاف الحشود الغبية ويظنوا لا بل يصدقوا أنهم آلهة».
لم تترك العمة اميليا سلمان يصحو من صدمته، فواصلت حديثها معه، كأنها تحاول إخراج الأفكار الإيديولوجية التي حفظها مع رفاقه في الجامعة، دون حتى أن يناقشها ويتأكد من صلاحيتها للواقع، ثم أعطته رأيها الصريح في المجتمع العربي.
«لن يطرأ أي تغيير على البلدان العربية إذا لم يتم القضاء على البيئة القبلية التي تستعبدنا جسدا وروحا، فالعشيرة تقوم على الطاعة العمياء والولاء ولا تعير أي اهتمام للديمقراطية أو الحرية أو الكرامة الإنسانية إنها تتغلغل في كل شيء وتفسده، كالعفن الذي يتغلل في الخبز ويسممه، العشيرة تبني سلطتها على مبدأ العصا والجزرة: قليل من الأمان مقابل قدر ضئيل من الكرامة، نجد أنفسنا فجأة ننزلق على منحدر نبحث فيه عن السعادة فقط، ووسيلة لإرضاء غرائزنا وهناك حيث نصل إلى قاع المنحدر لن نجد أي تأثير للكرامة سنكتشف في لحظات قصيرة نصحو بها أننا لسنا سوى عبيد راضين بزعماء عشائرنا ثم نعود إلى الضباب المنحدر ونتفاخر أننا لم نعتقل بعد».
بعد أسابيع من مكوثه في بيروت قرر سلمان الهجرة إلى ألمانيا وحصل على التأشيرة، في هايدلبيرغ يجد سلمان مقولة عمته مجسدة في سلوكيات الطلاب العرب، الذين يقولون عنه: «إنه مغرور يهتم بسيقان النساء ووجبات الطعام اللذيذة أكثر مما يهتم بقضية فلسطين».
بينما يراهم هو في حالة من التناقض مع أنفسهم ومع المحيط، «يصبحون راديكاليين وفوضويين إلى أن يأتيهم شخص من أقاربهم فيتحولون إلى طلاب وديعين ويتنكرون لصديقاتهم وينسون المعتقدات السياسية التي كانوا يعتنقونها هذا التصرف الذي يصل إلى حدود الانفصام ما هو إلا ثمرة الخنوع للعشيرة».
العودة إلى وطن المكائد والمطاردات:
لم يأخذ سلمان بنصيحة الصياد اللبناني الذي تناول معه العرق في حانة الصيادين في بيروت قبل هجرته الأوروبية، «عندما تذهب لا ترجع لأنك تأخذ فضاءك معك، وإذا عدت لن يحبك الناس لأنك تأتي من ماضيهم، وسينظر كثيرون إليك على أنك شاهد غير مرحب به جئت لمحاكمتهم». ففي صيف 2010 قرر سلمان العودة إلى دمشق، وترك زوجته الإيطالية ستيلا وابنه باولو، وترك أيضا شركة ناجحة في التصدير والاستيراد وأصدقاء رائعين، واستسلم لحنين دمشق التي غادرها قبل أربعين سنة، «مع أنه قرأ قصصا وحكايات لمغتربين أدى حنينهم ورغبتهم في العودة إلى وطنهم، أو أحابيل وخدع أجهزة المخابرات، وأدى ذلك إلى اعتقالهم ما أن وضعوا أقدامهم خارج باب الطائرة وسجنهم وتعرضهم لجحيم التعذيب والذل» .
وبعد أيام من زيارته لأهله لفّق له ابن عمه اليأس عقيد المخابرات، تهمة قتل امرأة حدثت قبل مجيئه بأشهر، ونشر صوره في الصحف، وأصبح مطلوبا لدى مراكز الشرطة، وبدأت جولة أخرى من التخفي والمطاردة، ولعن قراره بالعودة إلى دمشق، واكتشف خذلان الأصدقاء ونفاق الأصحاب، ووقوف كريم وعائدة إلى جانبه.
لا أدري كيف تذكرت رواية التائهون (صدرت عن الفرنسية 2012) لأمين معلوف، المترجمة هي الأخرى عن الفرنسية، مثلما تُرجمت رواية صوفيا عن الألمانية، سواء من حيث الخلفية التاريخية لأحداث الروايتين، وخروج البطلين من وطنيهما بداية السبعينيات، وكذلك عودتهما مرة أخرى للوطن، وأيضا انخراطهما في مرحلة الشباب في حركات يسارية، ثم يتخليان عن اليسار.
* رفيق شامي: كاتب وروائي سوري/ ألماني، ولد في دمشق عام 1946، اسمه الحقيقي سهيل فاضل، درس الرياضيات والفيزياء والكيمياء في سوريا. ثم خرج منها عام 1971 ثم أكمل دراسته في الكيمياء في جامعة هايدلبيرغ وأنهى فيها دراسة الدكتوراه عام 1979، ثم اشتغل في شركة أدوية في بداية الثمانينات، قبل أن يتفرغ كليا للأدب منذ عام 1982، واجه في بداية مشواره الأدبي صعوبة جمة، فلم تقبل أعماله الأدبية المكتوبة باللغة العربية، في أي دار نشر في البلاد العربية، ثم أصدر العديد من القصص والروايات باللغة الألمانية، ولم يشتهر إلا بعد روايته الثالثة حكواتي الليل 1989. كتب للأطفال وألف مسرحيات، استقر في ألمانيا، لم يعد مطلقا إلى سوريا منذ أكثر من 50 سنة، ويُعد الآن من أهم الكتاب الألمان. وأحد أعضاء أكاديمية بافاريا للفنون الجميلة منذ 2002، تُرجمت أعماله إلى 33 لغة، صدر له باللغة العربية، التقرير السري عن الشاعر غوته ( 2005)، يدٌ ملأى بالنجوم (2008)، حكواتي الليل (2010)، قرعة جرس لكائن جميل (2012)، الجانب المظلم للحب (2015).
محمد الشحري قاص وروائي عماني