في طفولتنا، كنّا نزجي الوقت في صنع أشكال من الطين، كجزء من ألعاب تلك المرحلة من العمر، في مناطق لا يجد فيها الأطفال وفرة في الأشياء المادية، إلّا الطين! نحاكي بها الخيول، والطيور، والجِمال التي كان أصحابها، من الباعة المتجوّلين، ممن يعرضون بضاعتهم من ملح الطعام للبيع، ويضعون على ظهور الجِمال أكياس الملح، ولم أعلم أنني بعد نصف قرن، سأقف على قلائد، ومسابِح، وميداليات، منحوتة من عظام الجِمال خلال زيارتي لأحد معارض الحِرف في سلطنة عمان! ومن النحت على الطين إلى النحت على عظام الجِمال رحلة طويلة، فالإنسان، عرف فن النحت منذ نحو 4500 سنة ق.م، كما يعلم الكثيرون، وأكّدت لنا الآثار التي تركتها الحضارات القديمة، ومنها حضارة وادي الرافدين (السومرية، والأكدية البابلية والآشورية "الثور الوحشي مثالا") والفرعونية الحضارة المصرية القديمة (يعدّ أبو الهول أعظم ما خلّفت تلك الحضارة من آثار) والرومانية واليونانية، وفي كل ذلك عكست تلك المنحوتات تصوّرات الإنسان عن الكون، والمعتقدات الدينية، (التي وجدت في المعابد، مكان المنحوتات الدينيّة والطقوسيّة)، والأساطير، التي سردها على جدران الكهوف، والصخور، والحجارة، ولم تزل الأخيرة المادة المفضّلة للنحت في أماكن من بينها جزيرة تاهيتي، ثمّ التفت الإنسان في العصر الحديث إلى خامات أخرى كجذوع الأشجار، والأخشاب، والرمال، والشمع، والجص، ثم النحاس والصلب والألمنيوم.
وقد حاكى الإنسان في منحوتاته أشكال البشر (الملوك والشخصيات العامة التي توضع في الشوارع، والساحات، والقاعات) والأقنعة في الفن الأفريقي، والحيوانات، وصولا إلى المنحوتات الصغيرة كالأختام، والعملات المعدنية، والميداليات، والأوسمة، وعلينا ألا ننسى النحت على ريش الطيور، والقواقع والأصداف وتستخدم في القلائد كرقى لطرد الأرواح الشريرة، وهذا منتشر في الفن الأفريقي، وفي جزر بالمحيط الهادئ.
وفي كل ذلك كان الطين الخامة الأساسية في النحت للسهولة في صبه، كما كنّا نفعل في طفولتنا مقارنة بالحجارة، والعظام التي تحتاج آلات لثقب العظام الصلبة، ولا أدري كيف كان إنسان العصر الحجري، ينحت على عظام الحيوانات، كما تؤكّد الشواهد، فيما وفّرت التكنولوجيا أدوات حديثة، وكذلك يستخدم النحّاتون على عظام الحيوانات السكين والإزميل لحفر العظام والتشكيل عليها، بعد تنظيفها وتجفيفها.
صحيح أن النحت تطوّر، وصار فنا يزيّن الواجهات بعد أن استثمره المعماريون لتزيين واجهات الأبنية، والغرف، والقاعات، في مطلع القرن الماضي، بعد معرفتهم العلاقة بين النحت والعمارة، فجعلوا فن النحت جزءا من حياة الناس اليومية، فلم تعد المنحوتات مكانها المتاحف، بل البيوت، حتى إن البعض صاروا يضعوا منحوتات لرؤوس أُسود في الواجهات.
لكنّ النحت على عظام الحيوانات، المستخدم في العديد من الثقافات، يعد من الفنون القديمة، قِدم الإنسان على الأرض، وتعود إلى عصور سحيقة، فقد عثر الآثاريّون على تماثيل لوعول منحوتة من العظام، وإلى اليوم يشيع استخدام عظام الإبل والبقر والحيتان للنحت كخامة متوفرة من خامات البيئة، ورخيصة ومشروعة بعد المحاذير المفروضة على النحت على العاج الذي يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، المحظورة دوليا في مناطق كثيرة من العالم، رغم أنّ الرئيس الأمريكي السابق ترامب في 16 نوفمبر 2017م رفع الحظر المفروض على واردات العاج من زيمبابوي، وكان أوباما فرضه خشية انقراض الفيلة، فيما حظي العاج بأهمية خاصّة في فنون العصور الوسطى في أوروبا كونه مادة مثالية للنحت يقاوم الزمن، فوصلتنا تماثيل منحوتة على العاج تعود إلى اليونان القديمة، كما استخدم في أغلفة الكتب وتجليد المخطوطات النفيسة.
وفي عمان التي يعدّ فيها النحت على عظام الجِمال من الفنون والحرف التقليدية، يكاد أن يندثر، إذ أدار الفنّانون له ظهورهم، فصار هذا الفن محصورا لدى الحرفيين، خصوصا أنّ عظام الحيوانات بعد موتها لا يُستفاد منها، لذا بالإمكان إعادة تدويرها، وصنع عدّة أشكال فنية، فمن الضروري على الفنانين الالتفات لهذه الخامات، قبل أن ينقرض هذا النحت، مثلما انقرضت الديناصورات!
وقد حاكى الإنسان في منحوتاته أشكال البشر (الملوك والشخصيات العامة التي توضع في الشوارع، والساحات، والقاعات) والأقنعة في الفن الأفريقي، والحيوانات، وصولا إلى المنحوتات الصغيرة كالأختام، والعملات المعدنية، والميداليات، والأوسمة، وعلينا ألا ننسى النحت على ريش الطيور، والقواقع والأصداف وتستخدم في القلائد كرقى لطرد الأرواح الشريرة، وهذا منتشر في الفن الأفريقي، وفي جزر بالمحيط الهادئ.
وفي كل ذلك كان الطين الخامة الأساسية في النحت للسهولة في صبه، كما كنّا نفعل في طفولتنا مقارنة بالحجارة، والعظام التي تحتاج آلات لثقب العظام الصلبة، ولا أدري كيف كان إنسان العصر الحجري، ينحت على عظام الحيوانات، كما تؤكّد الشواهد، فيما وفّرت التكنولوجيا أدوات حديثة، وكذلك يستخدم النحّاتون على عظام الحيوانات السكين والإزميل لحفر العظام والتشكيل عليها، بعد تنظيفها وتجفيفها.
صحيح أن النحت تطوّر، وصار فنا يزيّن الواجهات بعد أن استثمره المعماريون لتزيين واجهات الأبنية، والغرف، والقاعات، في مطلع القرن الماضي، بعد معرفتهم العلاقة بين النحت والعمارة، فجعلوا فن النحت جزءا من حياة الناس اليومية، فلم تعد المنحوتات مكانها المتاحف، بل البيوت، حتى إن البعض صاروا يضعوا منحوتات لرؤوس أُسود في الواجهات.
لكنّ النحت على عظام الحيوانات، المستخدم في العديد من الثقافات، يعد من الفنون القديمة، قِدم الإنسان على الأرض، وتعود إلى عصور سحيقة، فقد عثر الآثاريّون على تماثيل لوعول منحوتة من العظام، وإلى اليوم يشيع استخدام عظام الإبل والبقر والحيتان للنحت كخامة متوفرة من خامات البيئة، ورخيصة ومشروعة بعد المحاذير المفروضة على النحت على العاج الذي يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، المحظورة دوليا في مناطق كثيرة من العالم، رغم أنّ الرئيس الأمريكي السابق ترامب في 16 نوفمبر 2017م رفع الحظر المفروض على واردات العاج من زيمبابوي، وكان أوباما فرضه خشية انقراض الفيلة، فيما حظي العاج بأهمية خاصّة في فنون العصور الوسطى في أوروبا كونه مادة مثالية للنحت يقاوم الزمن، فوصلتنا تماثيل منحوتة على العاج تعود إلى اليونان القديمة، كما استخدم في أغلفة الكتب وتجليد المخطوطات النفيسة.
وفي عمان التي يعدّ فيها النحت على عظام الجِمال من الفنون والحرف التقليدية، يكاد أن يندثر، إذ أدار الفنّانون له ظهورهم، فصار هذا الفن محصورا لدى الحرفيين، خصوصا أنّ عظام الحيوانات بعد موتها لا يُستفاد منها، لذا بالإمكان إعادة تدويرها، وصنع عدّة أشكال فنية، فمن الضروري على الفنانين الالتفات لهذه الخامات، قبل أن ينقرض هذا النحت، مثلما انقرضت الديناصورات!