جرت العادة أن أستيقظ قبل الفجر بقليل، ولم تتغير هذه العادة بعد التقاعد، ودائما ما أسمع تعليقا مثل هذا: (مو وازنك وأنت متقاعدة؟!) ممن حولي، لا أعرف ما علاقة هذا بالتقاعد، فما زالت لدي حياة أعيشها، وأعمال أنجزها.

الراحة التي يقصدها من حولي تعني ببساطة (اللاعمل) بمعنى أن أقضي جل يومي على شبكات التواصل الاجتماعي أو نائمة لأعوض عن السنوات التي قضيتها أعمل في وظيفة لم تكن متعبة إلى ذلك الحد، ففي نهاية المطاف لم أكن عاملة بناء أقضي جل يومي في حمل الطابوق على رأسي، أو عاملة مناجم أحمل معولي من الصباح إلى المساء.

لذا مفهوم الراحة عندي لا يرتبط بعدم العمل، فالعمل عبادة، والعبادة لا تتوقف إلا بتوقف نبض القلب، أما الراحة التي يطالبني بها من حولي والمتمثلة في السهر ليلا، والنوم نهارا، وقضاء ساعات على هاتفي، فهذه التعب بذاته، ذلك أن الراحة الحقيقية في العمل والحركة والتفاعل مع الحياة إيجابيا.

لا متعة تعادل عندي متعة الاستيقاظ صباحا والناس نيام، أبدأ يومي مع نسمة صباح منعشة، تمنحني دفعة قوية لبدء يومي، وقد تعودت أن أجهز ليومي كما كنت أتجهز للذهاب للعمل، برنامج العناية الشخصية، هذه الطقوس ترسل رسائل إلى جسدي أن اليوم قد بدأ، وحان موعد العمل، أشعر أن الإنتاجية تكون في أوجهها فترة الصباح بالنسبة لي، والحياة فيها الكثير من المتعة، مؤسف أن لا نكتشفها.

لا أعرف حقا من أين اكتسبت هذا السلوك، لعله برمجة حملتها من أيام طفولتي في القرية التي كانت تستيقظ مع صياح الديكة، حيث إنه من العيب أن يبقى المرء نائما بعد شروق الشمس، رغم أن هذه العادة بالنسبة لي لا علاقة لها بثقافة العيب تلك بقدر ما هي متعة وبهجة استمتع بها، وأشعر أن الحياة تنتظرني والعيب الوحيد هو أن لا أستغل هذه الفرصة وأعيشها.

والتعب الحقيقي بالنسبة لي هو في الكسل، والخمول، وغياب العمل، فهو يورث تعبا نفسيا أقسى من أي تعب جسدي، وصدق من قال: إن الحركة بركة، وتزداد بركتها بالنسبة لي إن بدأت باكرا.