hamdahus@yahoo.com

من منافع الجائحة الأخيرة أنها جعلتنا كأفراد نلجأ للسياحة الداخلية كتعويض عن السياحة الخارجية، مما جعلنا نكتشف عمان، أرضا وإنسانا بمناظرها الجميلة، وإنسانها الراقي وتاريخها العريق الذي لم تنصفه كتب التاريخ والجغرافيا حقا.

المُلفت أن هناك اهتماما كبيرا بإحياء الموروث في قطاع السياحة، والاستفادة منه اقتصاديا، أو كما بات يسمى (الاقتصاد البنفسجي)، ففي كثير من المشروعات التي اكتشفت خلال هذه الفترة أبدع الشباب العماني في استخدام الموروث وإحيائه بطرق إبداعية رائعة، ابتداءً من المشروعات الإنتاجية مثل (بيت نساء سداب) وبعض البوتيكات النسائية، ومشاغل الحلي العمانية، مرورا بكثير من المنازل الأثرية التي تحولت إلى متاحف ومزارات، مثل متحف قصرى في الرستاق، كما حول بعضها إلى مقاهٍ جميلة، مثل مطعم روغان بموقعه الفريد في مسفاة العبريين، ونزل جميلة ذات طابع عماني جميل.

الاقتصاد البنفسجي ببساطة شديدة يعني إضافة طابع ثقافي على الاقتصاد، بغرض التوفيق بين التنمية الاقتصادية والاستدامة، وهو بهذا أحد فروع الاقتصاد المستدام الذي ظهر مؤخرا، بهدف التركيز على أهمية الموروث والبعد الثقافي للمجتمعات الإنسانية، فضلا عن ترسيخ مبدأ المسؤولية الاجتماعية للشركات.

ولهذا فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بقيم وثقافة المجتمع، ويحقق التفاعل الإيجابي للإنسان مع مجتمعه، وحضارته وموروثه الثقافي، وبهذا تصبح الثقافة معززة وممكنة للاقتصاد كما في المشروعات التي ذكرت.

ويأتي اهتمام سلطنة عمان بالاقتصاد البنفسجي ضمن رؤية عمان 2040 التي تضمنت بعض الأولويات منها المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية، وكذلك التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، في رسالة واضحة أن التقدم يجب أن لا يتعارض مع القيم والمبادئ العمانية الراسخة، والموروث الثقافي والحضاري لسلطنة عمان.

المصطلح ظهر للمرة الأولى في المنتدى الدولي حول الاقتصاد البنفسجي برعاية كل من منظمة اليونيسكو والبرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية عام 2011 م، وظهرت في وقت لاحق مفاهيم جديدة مرتبطة به مثل الأعمال البنفسجية المرتبطة بشكل مباشر بالبيئة الثقافية مثل: تحويل المنازل الأثرية إلى متاحف، أو منح الجوائز والأوسمة المتعلقة بالثقافة للمؤسسات التي تسهم في المحافظة، وتطوير الموروث الثقافي للأمم، وترتبط بهذه الأعمال مهن مثل: الهندسة المعمارية والتاريخ، وترميم الآثار وما شابهه.

لدينا في سلطنة عمان بلا شك مخزون ثقافي وحضاري ضخم، يجعل الاستفادة منه اقتصاديا متاحا للغاية، للشباب الباحث عن التميز والإبداع.