أول وظيفة شغلتها كانت في الهيئة الأمريكية للمساعدات الدولية في مجال المالية، وهي هيئة تدير المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للدول، وأذكر أن أول ما لفت انتباهي بأنه كان يمنع منعا باتا شراء السلع والخدمات غير الأمريكية، سواء في مشاريع الهيئة التي تمولها في الدول أو في مقر الهيئة ذاتها، بدءا من القرطاسيات وانتهاء بالسيارات والمعدات.

كانت هذه السياسة ضمن حملة إعلامية ضخمة كانت تتخذ (اشتر أمريكا) كشعار لها، من أجل تشجيع المنتجات الأمريكية التي كانت المنافسة يومها شديدة بينها وبين المنتجات اليابانية، وكانت في الوقت الذي تلزم فيه المؤسسات بشراء منتجات أمريكية، كانت أيضا تشدد على جودة المنتجات والخدمات التي تورد.

الذي جعل المنتجات الأمريكية تنجح هو الدعم الحكومي بلا شك داخل أمريكا وخارجها، وربطه بالهوية الأمريكية وبالحلم الأمريكي، لكن أيضا من خلال ضبط الجودة حتى يستطيع الصمود أمام المنافسة العالمية، وهذا ما أتمنى أن نراه في المنتجات العمانية الفريدة.

فتشجيع سياسة شراء المنتج المحلي تحتاج الدول إلى ضبط الجودة وعدم الاكتفاء بإلزام المستهلك بالشراء بغض النظر عنها، فبالإضافة إلى أن هذه السياسة لا تشجع على الابداع، والكفاءة في تقديم الخدمة، فإنها تكون سياسة مضللة بالنسبة لرائد العمل الذي قد يظن أنه يستطيع أن يعتمد على الدعم دائما، وهذا ما نلاحظه أحيانا في بعض الإعلانات غير المدروسة على سبيل المثال: " يرجى دعم هذا التاجر فهو فقير"، لكن هذه السياسة لن تحقق لنا التنافسية التي نتطلع إليها ضمن رؤية عمان 2041 بأن تكون عمان في مصاف الدول المتقدمة.

سياسة انصر أخاك ظالما أو مظلوما لا تنفع في هذه الاستراتيجية، ما نريده أن نعي جميعا، بأن العالم أصبح مفتوحا بشكل مخيف، إن لم تسعَ لفرض نفسك بتقديم الأفضل، لن تستمر طويلا فيه.

اليوم لم تعد المنافسة من الداخل، ذلك أنه بضغطة زر على الهاتف، يستطيع المستهلك أن يطلب المنتج من أي مكان في العالم ويصله حتى باب بيته.

نحتاج حتى نحن المستهلكين أن نكون أكثر وعيا وصرامة في المطالبة بسلع وخدمات تستحق المبلغ الذي يدفع فيها، بهذا فقط ستكون المؤسسات أكثر حرصا على الجودة