لماذا الحتميات الآن؟ لدواعٍ متعددة، لن يختلف معي عليها أحد، وكلها ذات صبغة وطنية خالصة، وتنطلق من بواعث وطنية خالصة، وأنظر إليها من تعمق يجعلني على إلمام بكل زوايا الرؤية للمرحلة الوطنية، وقد تم اختيار عنوان المقال بما يتناسب مع ظرفية زمن إقليمي يتشكل بصورة غير مسبوقة، ومكان داخلي يتجدد بأجندات لم تأخذ بعين الاعتبار التحديات الداخلية والإقليمية الجديدة؛ لأنها لم تظهر في حينها، وإنما ظهرت خلال الأشهر الأخيرة، لذلك يستوجب وقفة وطنية عاجلة في إطار إطلاق مشروع التفاؤل، وينبغي أن يكون بصوت مرتفع من خلال سياسيات مالية واقتصادية جديدة وملموسة، ترفع المعنويات الاجتماعية، وتحدث الفارق الجوهري بين عام محبط ولى، وعام متفائل آتٍ
ستكون منهجية مقالي عبر محورين أساسيين هما:
أولا: مبررات التفاؤل بعام 2022.
ثانيا: طبيعة التحديات التي تواجه السيرورة «الزمنية» للنهضة المتجددة.
كما تلاحظون فقد بدأت بالتفاؤل لدواعي إكساب هذه القضية التأثير السياسي منذ الوهلة الأولى، والتأكيد بانتفاء الحجج التي كانت سببًا في صياغة التشاؤم عام 2021، وللتأكيد كذلك على أن عام 2022 يحمل من المبشرات الكبرى ما يجعلنا نبادر إلى سد الثغرات على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي التي أحدثها عام 2021 حتى لا تستغل لنجاح الاختراقات الأجنبية.
أولا: مبررات التفاؤل بعام 2022:
يمكنني حصرها في الآتي:
انخفاض كبير في العجز المالي للدولة.
ارتفاع كبير في إيرادات الغاز الطبيعي بنسبة متداولة أيضًا، تصل إلى «51 %» في مرحلة بدأت فيها البلاد في رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي منذ أكتوبر الماضي بنسبة «10.5 %».
تحسن أسعار النفط إلى مستويات الاطمئنان رغم عدم استقرارها.
افتتاح مشاريع نفطية واقتصادية ضخمة، مثل صلالة للغاز، مجمع لوى للبلاستيك، حقول جديدة للنفط، وكذلك إقامة مشاريع مماثلة سترى النور في الأجل المنظور.
إقامة شراكات واعدة مع الرياض والدوحة وتركيا.. إلخ وإقبال الاستثمارات الخليجية الخاصة على الاستثمار في بلادنا.
أكثر من مليار ريال مساهمة الضرائب والرسوم في الخزانة العامة للدولة خلال عشرة أشهر فقط.
معالي رئيس جهاز الاستثمار العماني يقول: إن توفير 50 ألف فرصة عمل سنويًا في البلاد لا تشكل تحديًا، وفي عام 2021، كان خبراؤنا وكبار اقتصادينا يقرون بعدم قدرة اقتصادنا على إنتاج فرص عمل.
سنكتفي بتلكم المؤشرات الإيجابية، وهى تعكس الفارق من حيث - النوع والكم معًا -بين عامي 2021 و2022 في الوضع المالي لبلادنا، بل لا مجال للمقارنة بينهما، فهناك عوائد مالية كبيرة قد أصبحت تضخ لخزينة الدولة، وأخرى مرتقبة، لذلك ما بني في عام 2021، ينبغي إعادة النظر فيه عام 2022 من المنظور السياسي، وهذا لا يعني أنني أسقط من اعتبارات المرحلة الراهنة قضية حل ما تبقى من المديونية، بل العكس، ستظل هاجس الإطار الزمني السنوي، لكن ينبغي أن يكون أقل قلقًا بكثير من قلق عام 2021.
ثانيًا: طبيعة التحديات التي تواجه السيرورة «الزمنية» للنهضة المتجددة.
رسمت في مقالين سابقين خارطة عامة بتفاصيل دقيقة عن ماهيات التحديات الفكرية والثيولوجية والديموغرافية والسياسية التي تواجه الدول الست، وأوضحت أن الخطورة لم تعد متخيلة، أو في أجندات قد نتقف عليها أو نختلف في تفاصيلها، وإنما قد انتقلت إلى طور التطبيق، وحددت ماهيات بعينها وبشخوصها التي تقود اختراق الجغرافيات الوطنية الخليجية - يراجع مقالي «الأول معنون باسم: تحولات فكرية داخل منطقتنا الخليجية.. غير بريئة، والثاني معنون باسم «ما يجري في الخليج يفوق التطبيع» وما زلت أتأمل أن يتم البحث والدراسة فيما يطرحه هذين المقالين من معلومات، وما يرسمان من مخاطر وجودية تمس كيانات ومجتمعات الدول الست دون استثناء، لن نكرر ما ذكرناه، ونحيل إليهما لكي نشير إلى ما أحدثه عام 2021 من بيئات قد تتقاطع معها وبسهولة التحديات الكبرى الداخلية وتلك التي تقف بالقرب منا حدوديًا.
ويمكن حصرها في نقاط عامة على النحول الآتي:
إضعاف المقدرة المالية للمجتمع بسبب مجموعة سياسات مالية غير مسبوقة.
التأثير على التوازن الطبيعي بين الطبقات الثلاث في المجتمع.
استياءات اجتماعية من مسارات تنتجها السياسية المالية.
تغلغل الهاجس المالي في الذهنيات الاجتماعية في مرحلة الاختراقات الفكرية والسياسية، والمرشحة أن تتزايد في عام 2022.
وتحت كل بند من هذه البنود يمكن التفصيل فيها، لكنها تغني في حد ذاتها، وهنا، نتساءل، ماذا يستوجب الآن فعله بصورة عاجلة؟ سأركز هنا على ثلاث مسائل مهمة للاختصار، وهي:
أولا: إعادة النظر في خطة التوازن المالي 2021 - 2024 سياسيًا، فتغليب المنظور المالي، يستحيل عليه رؤية التحديات الكبرى التي تواجه البلاد «داخليًا وخارجيةً» لأن الفكر المالي يكون دائمًا غارقًا في حسابات مالية صرفة، ربما كان هناك مبرر سياسي لتسليم الفكر المالي المرحلة عام 2021، وذلك لوجود حالة قلق مرتفعة من مالات انهيار أسعار النفط، في ظل انكشاف حجم المديونية في البلاد.
والآن، أرى أن الحتمية الوطنية تلح على إعادة النظر في الإدارة المالية للمرحلة في ضوء تلكم التطورات الاقتصادية وعوائدها المالية الواعدة، بحيث ينبغي أن تسود فلسفة المسار التنموي الذي أنتج الاستقرار والسلم المجتمعي طوال العقود الماضية، وهو يكمن في المعادلة لتالية «1+2 لا يساوي 3، وإنما يساوي استقرارًا اجتماعيًا وفكريًا مع التسليم بمستوى مقبول للعجز سنويا، وهذه المعادلة، قد سبق أن أشرت إليها في مقال سابق، وقد ازدادت نضوجًا في عام 2021.
وهي معادلة يمكن من خلالها تطوير المجتمع في عهد النهضة المتجددة، في ضوء انتقال دور الدولة الجديد في الاقتصاد والمجتمع، وموجبات هذا التطور ينبغي أن ينطلق من تاريخية الثوابت الاجتماعية وولاءاتها الفوقية، وانتماءاتها التحتية، مع إحداث الديناميكية الاجتماعية للتفاعل مع مقتضيات التحولات في دور الدولة.
ثانيًا: التقويم لمدى فعالية وكفاءة التعيينات الوزارية وما في حكمها، والتجربة التي قضتها في الوظيفة العمومية حتى الآن كافية للحكم، ولأن المتغيرات الإيجابية في المجالين المالي والاقتصادي، وكذلك انفتاح البلاد على شراكات استراتيجية تعطيني المشروعية الوطنية في طرح مطلب هذا التقويم وفق سقف سياسي عنوانه، أن عام 2022، ينبغي أن يحدث الفارق الملموس في الدولة والمجتمع، تراه وتدركه كل الحواس الاجتماعية، وصولًا للمرحلة النهائية لمستقبل النهضة المتجددة.
ثالثا: وهو ما يعبر عنه التساؤل الآتي: هل نحتاج لإعادة هيكلة جديدة للجهاز الإداري للدولة للعلميات التالية: الدمج مجدد (استحداث) إلغاء، لماذا؟ لأن انفتاح بلادنا المخطط له يواجه مجموعة إكراهات وتحديات كبرى اقتصاديا وفكريا واجتماعيا وأيديولوجيا.. لم تكن حاضرة أثناء صياغة الخطط الاستراتيجية، كما أرى الحاجة القصوى لمركز دراسات - مقترح سابق - يرصد ويبين ويكشف نتائج التحولات الإرادية واللاإرادية وتأثيراتها على التوازنات الشاملة في البلاد، لدواعي مواجهتها بسياسات مرحلية، وفي وقتها حتى لا تترسخ في بنياتنا، وتمس مسيرنا الجديد.
د. عبدالله باحجاج كاتب عماني متخصص في الشأن الخليجي
ستكون منهجية مقالي عبر محورين أساسيين هما:
أولا: مبررات التفاؤل بعام 2022.
ثانيا: طبيعة التحديات التي تواجه السيرورة «الزمنية» للنهضة المتجددة.
كما تلاحظون فقد بدأت بالتفاؤل لدواعي إكساب هذه القضية التأثير السياسي منذ الوهلة الأولى، والتأكيد بانتفاء الحجج التي كانت سببًا في صياغة التشاؤم عام 2021، وللتأكيد كذلك على أن عام 2022 يحمل من المبشرات الكبرى ما يجعلنا نبادر إلى سد الثغرات على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي التي أحدثها عام 2021 حتى لا تستغل لنجاح الاختراقات الأجنبية.
أولا: مبررات التفاؤل بعام 2022:
يمكنني حصرها في الآتي:
انخفاض كبير في العجز المالي للدولة.
ارتفاع كبير في إيرادات الغاز الطبيعي بنسبة متداولة أيضًا، تصل إلى «51 %» في مرحلة بدأت فيها البلاد في رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي منذ أكتوبر الماضي بنسبة «10.5 %».
تحسن أسعار النفط إلى مستويات الاطمئنان رغم عدم استقرارها.
افتتاح مشاريع نفطية واقتصادية ضخمة، مثل صلالة للغاز، مجمع لوى للبلاستيك، حقول جديدة للنفط، وكذلك إقامة مشاريع مماثلة سترى النور في الأجل المنظور.
إقامة شراكات واعدة مع الرياض والدوحة وتركيا.. إلخ وإقبال الاستثمارات الخليجية الخاصة على الاستثمار في بلادنا.
أكثر من مليار ريال مساهمة الضرائب والرسوم في الخزانة العامة للدولة خلال عشرة أشهر فقط.
معالي رئيس جهاز الاستثمار العماني يقول: إن توفير 50 ألف فرصة عمل سنويًا في البلاد لا تشكل تحديًا، وفي عام 2021، كان خبراؤنا وكبار اقتصادينا يقرون بعدم قدرة اقتصادنا على إنتاج فرص عمل.
سنكتفي بتلكم المؤشرات الإيجابية، وهى تعكس الفارق من حيث - النوع والكم معًا -بين عامي 2021 و2022 في الوضع المالي لبلادنا، بل لا مجال للمقارنة بينهما، فهناك عوائد مالية كبيرة قد أصبحت تضخ لخزينة الدولة، وأخرى مرتقبة، لذلك ما بني في عام 2021، ينبغي إعادة النظر فيه عام 2022 من المنظور السياسي، وهذا لا يعني أنني أسقط من اعتبارات المرحلة الراهنة قضية حل ما تبقى من المديونية، بل العكس، ستظل هاجس الإطار الزمني السنوي، لكن ينبغي أن يكون أقل قلقًا بكثير من قلق عام 2021.
ثانيًا: طبيعة التحديات التي تواجه السيرورة «الزمنية» للنهضة المتجددة.
رسمت في مقالين سابقين خارطة عامة بتفاصيل دقيقة عن ماهيات التحديات الفكرية والثيولوجية والديموغرافية والسياسية التي تواجه الدول الست، وأوضحت أن الخطورة لم تعد متخيلة، أو في أجندات قد نتقف عليها أو نختلف في تفاصيلها، وإنما قد انتقلت إلى طور التطبيق، وحددت ماهيات بعينها وبشخوصها التي تقود اختراق الجغرافيات الوطنية الخليجية - يراجع مقالي «الأول معنون باسم: تحولات فكرية داخل منطقتنا الخليجية.. غير بريئة، والثاني معنون باسم «ما يجري في الخليج يفوق التطبيع» وما زلت أتأمل أن يتم البحث والدراسة فيما يطرحه هذين المقالين من معلومات، وما يرسمان من مخاطر وجودية تمس كيانات ومجتمعات الدول الست دون استثناء، لن نكرر ما ذكرناه، ونحيل إليهما لكي نشير إلى ما أحدثه عام 2021 من بيئات قد تتقاطع معها وبسهولة التحديات الكبرى الداخلية وتلك التي تقف بالقرب منا حدوديًا.
ويمكن حصرها في نقاط عامة على النحول الآتي:
إضعاف المقدرة المالية للمجتمع بسبب مجموعة سياسات مالية غير مسبوقة.
التأثير على التوازن الطبيعي بين الطبقات الثلاث في المجتمع.
استياءات اجتماعية من مسارات تنتجها السياسية المالية.
تغلغل الهاجس المالي في الذهنيات الاجتماعية في مرحلة الاختراقات الفكرية والسياسية، والمرشحة أن تتزايد في عام 2022.
وتحت كل بند من هذه البنود يمكن التفصيل فيها، لكنها تغني في حد ذاتها، وهنا، نتساءل، ماذا يستوجب الآن فعله بصورة عاجلة؟ سأركز هنا على ثلاث مسائل مهمة للاختصار، وهي:
أولا: إعادة النظر في خطة التوازن المالي 2021 - 2024 سياسيًا، فتغليب المنظور المالي، يستحيل عليه رؤية التحديات الكبرى التي تواجه البلاد «داخليًا وخارجيةً» لأن الفكر المالي يكون دائمًا غارقًا في حسابات مالية صرفة، ربما كان هناك مبرر سياسي لتسليم الفكر المالي المرحلة عام 2021، وذلك لوجود حالة قلق مرتفعة من مالات انهيار أسعار النفط، في ظل انكشاف حجم المديونية في البلاد.
والآن، أرى أن الحتمية الوطنية تلح على إعادة النظر في الإدارة المالية للمرحلة في ضوء تلكم التطورات الاقتصادية وعوائدها المالية الواعدة، بحيث ينبغي أن تسود فلسفة المسار التنموي الذي أنتج الاستقرار والسلم المجتمعي طوال العقود الماضية، وهو يكمن في المعادلة لتالية «1+2 لا يساوي 3، وإنما يساوي استقرارًا اجتماعيًا وفكريًا مع التسليم بمستوى مقبول للعجز سنويا، وهذه المعادلة، قد سبق أن أشرت إليها في مقال سابق، وقد ازدادت نضوجًا في عام 2021.
وهي معادلة يمكن من خلالها تطوير المجتمع في عهد النهضة المتجددة، في ضوء انتقال دور الدولة الجديد في الاقتصاد والمجتمع، وموجبات هذا التطور ينبغي أن ينطلق من تاريخية الثوابت الاجتماعية وولاءاتها الفوقية، وانتماءاتها التحتية، مع إحداث الديناميكية الاجتماعية للتفاعل مع مقتضيات التحولات في دور الدولة.
ثانيًا: التقويم لمدى فعالية وكفاءة التعيينات الوزارية وما في حكمها، والتجربة التي قضتها في الوظيفة العمومية حتى الآن كافية للحكم، ولأن المتغيرات الإيجابية في المجالين المالي والاقتصادي، وكذلك انفتاح البلاد على شراكات استراتيجية تعطيني المشروعية الوطنية في طرح مطلب هذا التقويم وفق سقف سياسي عنوانه، أن عام 2022، ينبغي أن يحدث الفارق الملموس في الدولة والمجتمع، تراه وتدركه كل الحواس الاجتماعية، وصولًا للمرحلة النهائية لمستقبل النهضة المتجددة.
ثالثا: وهو ما يعبر عنه التساؤل الآتي: هل نحتاج لإعادة هيكلة جديدة للجهاز الإداري للدولة للعلميات التالية: الدمج مجدد (استحداث) إلغاء، لماذا؟ لأن انفتاح بلادنا المخطط له يواجه مجموعة إكراهات وتحديات كبرى اقتصاديا وفكريا واجتماعيا وأيديولوجيا.. لم تكن حاضرة أثناء صياغة الخطط الاستراتيجية، كما أرى الحاجة القصوى لمركز دراسات - مقترح سابق - يرصد ويبين ويكشف نتائج التحولات الإرادية واللاإرادية وتأثيراتها على التوازنات الشاملة في البلاد، لدواعي مواجهتها بسياسات مرحلية، وفي وقتها حتى لا تترسخ في بنياتنا، وتمس مسيرنا الجديد.
د. عبدالله باحجاج كاتب عماني متخصص في الشأن الخليجي