منذ أن بدأ "مؤشر السعادة العالمي" في العام 2012 بإصدار تقديره الأول الذي يرصد انعكاس التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية على حياة الناس في المجتمعات ومدى شعورهم بالسعادة والرفاه، وهو يطوِّر في أدواته وآليات القياس التي يستخدمها؛ حيث جاء في مقدمة تقرير (مؤشر السعادة العالمي 2021) الصادر عن شبكة (حلول التنمية المستدامة) في الأمم المتحدة، أنه " تم إعداد تقرير السعادة العالمي الأول في معهد الأرض بجامعة كولومبيا، بدعم بحثي من مركز الأداء الاقتصادي، والمعهد الكندي للأبحاث المتقدمة، من خلال مِنحهما التي تدعم الأبحاث في مدرسة فانكوفر للاقتصاد في جامعة كولومبيا البريطانية".
ولقد استندت تلك التقارير على خطط التنمية المستدامة للعلاقة الوطيدة بين تحقيق مؤشرات متقدمة في أهداف التنمية وتحقيق مؤشر (السعادة والرفاه) المجتمعي، إلاَّ أن التقرير العاشر للمؤشر لهذا العام ركَّز على آثار كوفيد 19 على حياة المجتمعات، الذي عطَّل في كثير من بلدان العالم مسيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ فتحت عنوان (عام 2020 عاما لا مثيل له) يبدأ التقرير في الكشف عن أهدافه ومرتكزاته التي تأسس عليها لهذا العام؛ حيث كان هناك هدفان رئيسان " أولهما التركيز على تأثيرات كوفيد 19 على منظومة حياة الناس وجودتها، وثانيهما وصف كيفية تعامل الحكومات في جميع أنحاء العالم مع الوباء وتقييمه" – بحسب التقرير -.
لذا فإن التقرير يكشف التحديات التي واجهت المجتمعات في ظل تفشي الوباء، وآثار ذلك على الأمن الاجتماعي والاقتصادي على وجه الخصوص؛ فالإضافة إلى تزايد عدد الوفيات بسبب الوباء في عام 2020 إلى ما نسبته (4%) – بناء على التقرير -، فإن العالم واجه (خسارات خطيرة في الرعاية الاجتماعية)، و(انعدام الأمن الاقتصادي)، و(القلق)، و(الإجهاد)، و(تحديات الصحة العقلية والبدنية)، وهي تحديات أثَّرت في شعور الناس بـ (الرضا) و(الثقة في الآخر) خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المؤسسات العامة.
ولعل الشعار الذي رفعه تقرير السعادة العالمي 2021 (عش مديدا، وابقى صحيحا)، يمثل نهجا لتقييم التقدم الاجتماعي لقياس (جودة الحياة)، و(طول العمر)، وهما مؤشران يقدمان تصورا لصانعي السياسات عن مؤشر الرفاه والسعادة، ولهذا فقد اعتمد التقرير على (استطلاعات جالوب العالمي) لتوفير تقييم لتصنفيات السعادة بشكل سنوي، وكذلك الاستفادة من "تقرير المخاطر العالمية ... وبيانات الرضا عن الحياة التي تم جمعها خلال عام 2020 من (مركز بيانات كوفيد) الذي تديره جامعة إمبريال لندن وفريق يوجوف لبحوث الأسواق" – كما ورد في التقرير -.
إن تلك البيانات كلها تسعى إلى تصنيف (149) دولة على مستوى العالم بناء على مجموعة من العوامل والمؤشرات من بينها (إجمالي الناتج المحلي للفرد)، و(الحياة الصحية والاجتماعية والثقافية)، لحساب آثار ذلك على نمط حياة الأفراد، ولهذا فإن توفر البيانات المرتبطة بالمعايير المعتمدة في هذا المؤشر هو ما يحدد مرتبتها من بين الدول التي شملها التقرير، إلاَّ أن سلطنة عُمان لم تظهر في هذا المؤشر، على الرغم من أن (رفاه المجتمع وسعادته) أحد أهم الأهداف المرتبطة بالتنمية المستدامة في الدولة؛ إضافة إلى أن ما قامت به الحكومة من سياسات في مواجهة تداعيات كوفيد 19 على المستوى الصحي والاجتماعي على وجه الخصوص كفيل بأن يجعلها ضمن الدول المتقدمة، ناهيك عن مستوى الحريات والثقة في المؤسسات، ومؤشرات الصحة العامة ومتوسط حياة الأفراد، إضافة إلى خطط التحفيز والتعافي الاقتصادي التي عملت عليها الدولة في سبيل الحد من تداعيات الجائحة وتأثيرها على حياة أفراد المجتمع.
لقد غابت عُمان عن تقرير (مؤشر السعادة العالمي 2021)؛ فلم تتوفر بيانات عن تقييم الحياة فيها، أو المشاعر الإيجابية أو السلبية لأفراد المجتمع، ولعل تداعيات جائحة كوفيد19 حالت دون الحصول على بيانات العديد من الدول في تقرير استثنائي ظهرت فيه (فنلندا) باعتبارها (أسعد دولة في العالم)، بينما تصدرت المملكة العربية السعودية دول العالم العربي. إن هذا التصنيف بما يقدمه من بيانات على المستوى الاجتماعي والثقافي والصحي والاقتصادي، يُعد من بين أهم تلك المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم السياسات المحلية التي تعمل عليها الدول من أجل تمكين الأفراد وتعزيز مشاركتهم الفاعلة في التنمية الوطنية المستدامة.
والحق أن عُمان قدَّمت من خلال سياساتها المرنة المتوافقة مع المستجدات الوطنية والعالمية، مجموعة من المبادرات الداعمة التي أسهمت في الحد من آثار كوفيد 19 وتداعياته، مما انعكس إيجابيا على حياة الأفراد في المجتمع العماني. ولأن الرفاه والسعادة هما الهدف الأسمى الذي تصبو إليه الدول، فإن تحقق ذلك بعد (التنمية الاجتماعية والاقتصادية) لا يكون سوى بالتمكين المجتمعي من ناحية، والتمكين الإعلامي والثقافي من ناحية أخرى؛ ذلك لأنهما يمثلان قطاعا حيويا متكاملا في دعم التنمية والأعمال، إضافة إلى قدرة تكامل هذه القطاعات على تحسين الحياة النفسية وتعزيز الثقة بالمؤسسات.
إن مؤشرات السعادة والرفاه التي تعتمد نهجا علميا في القياس، لا تفيد في قياس معايير السعادة وعلاقتها بالتنمية المستدامة وحسب، بل أيضا التنمية الاقتصادية وقدرة الدول على إيجاد سياسات فاعلة ومرنة سواء في التوظيف والعمل، أو في الاستثمار والابتكار؛ ذلك لأن هذه المؤشرات تقيس مستوى السعادة والرفاه بناء على أسبابهما، وبالتالي فإن الدول السعيدة هي تلك التي استطاعت منح أفراد مجتمعها فرصا مرنة، وسخاء على المستوى الاجتماعي والصحي والاقتصادي، لهذا فإن الفكرة التي انطلق منها (مؤشر السعادة العالمي) كانت اجتماعا رفيع المستوى حمل عنوان (السعادة والرفاه. تحديد نموذج اقتصادي جديد)؛ حيث قدمت نتائجه مبادرات ورؤى لأهمية السعادة والرفاه في الإنتاج الاقتصادي والابتكار، بما يدعم قدرة المجتمعات على تحقيق أهدافها التنموية والوصول إلى رفاهية الأفراد باعتبارها نتيجة وركيزة تنموية.
ولعل ارتباط (السعادة) بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية يُعد من أهم مؤشرات تحقيق الأهداف التنموية، غير أن الثقافة والسياحة ترتبطان بمستوى الرفاه والسعادة في المجتمع، حيث تقدم إحصائيات مدى إقبال أفراد المجتمع على تنظيم التظاهرات الثقافية والمبادرات، بل وقدرة المبدعين على الإنتاج والابتكار، إضافة إلى توجههم إلى السياحة سواء أكانت داخلية أو خارجية، مؤشرات واضحة عن مستوى السعادة والرفاه، ناهيك عن قدرتها على تعزيز هذه المستويات ودعمها بما ينعكس على إمكانات أفراد المجتمع على الإسهام الفاعل في التنمية الإيجابية.
لهذا فإن التمكين الثقافي والاجتماعي والإعلامي للمؤسسات باعتبارها قوى داعمة ومحفزة من ناحية، ومسهمة في تحقيق الأهداف التنموية من ناحية أخرى؛ يؤدي إلى الدعم المجتمعي الهادف إلى تمكين الأفراد أنفسهم، وبالتالي دعم قدراتهم، وتعزيز شعورهم بالاستقلالية والرفاه؛ فغاية أي تنمية تحقيق السعادة، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون سوى بالتمكين المجتمعي الفاعل بعد إعداد السياسات المرنة الداعمة.
ولقد استندت تلك التقارير على خطط التنمية المستدامة للعلاقة الوطيدة بين تحقيق مؤشرات متقدمة في أهداف التنمية وتحقيق مؤشر (السعادة والرفاه) المجتمعي، إلاَّ أن التقرير العاشر للمؤشر لهذا العام ركَّز على آثار كوفيد 19 على حياة المجتمعات، الذي عطَّل في كثير من بلدان العالم مسيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ فتحت عنوان (عام 2020 عاما لا مثيل له) يبدأ التقرير في الكشف عن أهدافه ومرتكزاته التي تأسس عليها لهذا العام؛ حيث كان هناك هدفان رئيسان " أولهما التركيز على تأثيرات كوفيد 19 على منظومة حياة الناس وجودتها، وثانيهما وصف كيفية تعامل الحكومات في جميع أنحاء العالم مع الوباء وتقييمه" – بحسب التقرير -.
لذا فإن التقرير يكشف التحديات التي واجهت المجتمعات في ظل تفشي الوباء، وآثار ذلك على الأمن الاجتماعي والاقتصادي على وجه الخصوص؛ فالإضافة إلى تزايد عدد الوفيات بسبب الوباء في عام 2020 إلى ما نسبته (4%) – بناء على التقرير -، فإن العالم واجه (خسارات خطيرة في الرعاية الاجتماعية)، و(انعدام الأمن الاقتصادي)، و(القلق)، و(الإجهاد)، و(تحديات الصحة العقلية والبدنية)، وهي تحديات أثَّرت في شعور الناس بـ (الرضا) و(الثقة في الآخر) خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المؤسسات العامة.
ولعل الشعار الذي رفعه تقرير السعادة العالمي 2021 (عش مديدا، وابقى صحيحا)، يمثل نهجا لتقييم التقدم الاجتماعي لقياس (جودة الحياة)، و(طول العمر)، وهما مؤشران يقدمان تصورا لصانعي السياسات عن مؤشر الرفاه والسعادة، ولهذا فقد اعتمد التقرير على (استطلاعات جالوب العالمي) لتوفير تقييم لتصنفيات السعادة بشكل سنوي، وكذلك الاستفادة من "تقرير المخاطر العالمية ... وبيانات الرضا عن الحياة التي تم جمعها خلال عام 2020 من (مركز بيانات كوفيد) الذي تديره جامعة إمبريال لندن وفريق يوجوف لبحوث الأسواق" – كما ورد في التقرير -.
إن تلك البيانات كلها تسعى إلى تصنيف (149) دولة على مستوى العالم بناء على مجموعة من العوامل والمؤشرات من بينها (إجمالي الناتج المحلي للفرد)، و(الحياة الصحية والاجتماعية والثقافية)، لحساب آثار ذلك على نمط حياة الأفراد، ولهذا فإن توفر البيانات المرتبطة بالمعايير المعتمدة في هذا المؤشر هو ما يحدد مرتبتها من بين الدول التي شملها التقرير، إلاَّ أن سلطنة عُمان لم تظهر في هذا المؤشر، على الرغم من أن (رفاه المجتمع وسعادته) أحد أهم الأهداف المرتبطة بالتنمية المستدامة في الدولة؛ إضافة إلى أن ما قامت به الحكومة من سياسات في مواجهة تداعيات كوفيد 19 على المستوى الصحي والاجتماعي على وجه الخصوص كفيل بأن يجعلها ضمن الدول المتقدمة، ناهيك عن مستوى الحريات والثقة في المؤسسات، ومؤشرات الصحة العامة ومتوسط حياة الأفراد، إضافة إلى خطط التحفيز والتعافي الاقتصادي التي عملت عليها الدولة في سبيل الحد من تداعيات الجائحة وتأثيرها على حياة أفراد المجتمع.
لقد غابت عُمان عن تقرير (مؤشر السعادة العالمي 2021)؛ فلم تتوفر بيانات عن تقييم الحياة فيها، أو المشاعر الإيجابية أو السلبية لأفراد المجتمع، ولعل تداعيات جائحة كوفيد19 حالت دون الحصول على بيانات العديد من الدول في تقرير استثنائي ظهرت فيه (فنلندا) باعتبارها (أسعد دولة في العالم)، بينما تصدرت المملكة العربية السعودية دول العالم العربي. إن هذا التصنيف بما يقدمه من بيانات على المستوى الاجتماعي والثقافي والصحي والاقتصادي، يُعد من بين أهم تلك المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم السياسات المحلية التي تعمل عليها الدول من أجل تمكين الأفراد وتعزيز مشاركتهم الفاعلة في التنمية الوطنية المستدامة.
والحق أن عُمان قدَّمت من خلال سياساتها المرنة المتوافقة مع المستجدات الوطنية والعالمية، مجموعة من المبادرات الداعمة التي أسهمت في الحد من آثار كوفيد 19 وتداعياته، مما انعكس إيجابيا على حياة الأفراد في المجتمع العماني. ولأن الرفاه والسعادة هما الهدف الأسمى الذي تصبو إليه الدول، فإن تحقق ذلك بعد (التنمية الاجتماعية والاقتصادية) لا يكون سوى بالتمكين المجتمعي من ناحية، والتمكين الإعلامي والثقافي من ناحية أخرى؛ ذلك لأنهما يمثلان قطاعا حيويا متكاملا في دعم التنمية والأعمال، إضافة إلى قدرة تكامل هذه القطاعات على تحسين الحياة النفسية وتعزيز الثقة بالمؤسسات.
إن مؤشرات السعادة والرفاه التي تعتمد نهجا علميا في القياس، لا تفيد في قياس معايير السعادة وعلاقتها بالتنمية المستدامة وحسب، بل أيضا التنمية الاقتصادية وقدرة الدول على إيجاد سياسات فاعلة ومرنة سواء في التوظيف والعمل، أو في الاستثمار والابتكار؛ ذلك لأن هذه المؤشرات تقيس مستوى السعادة والرفاه بناء على أسبابهما، وبالتالي فإن الدول السعيدة هي تلك التي استطاعت منح أفراد مجتمعها فرصا مرنة، وسخاء على المستوى الاجتماعي والصحي والاقتصادي، لهذا فإن الفكرة التي انطلق منها (مؤشر السعادة العالمي) كانت اجتماعا رفيع المستوى حمل عنوان (السعادة والرفاه. تحديد نموذج اقتصادي جديد)؛ حيث قدمت نتائجه مبادرات ورؤى لأهمية السعادة والرفاه في الإنتاج الاقتصادي والابتكار، بما يدعم قدرة المجتمعات على تحقيق أهدافها التنموية والوصول إلى رفاهية الأفراد باعتبارها نتيجة وركيزة تنموية.
ولعل ارتباط (السعادة) بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية يُعد من أهم مؤشرات تحقيق الأهداف التنموية، غير أن الثقافة والسياحة ترتبطان بمستوى الرفاه والسعادة في المجتمع، حيث تقدم إحصائيات مدى إقبال أفراد المجتمع على تنظيم التظاهرات الثقافية والمبادرات، بل وقدرة المبدعين على الإنتاج والابتكار، إضافة إلى توجههم إلى السياحة سواء أكانت داخلية أو خارجية، مؤشرات واضحة عن مستوى السعادة والرفاه، ناهيك عن قدرتها على تعزيز هذه المستويات ودعمها بما ينعكس على إمكانات أفراد المجتمع على الإسهام الفاعل في التنمية الإيجابية.
لهذا فإن التمكين الثقافي والاجتماعي والإعلامي للمؤسسات باعتبارها قوى داعمة ومحفزة من ناحية، ومسهمة في تحقيق الأهداف التنموية من ناحية أخرى؛ يؤدي إلى الدعم المجتمعي الهادف إلى تمكين الأفراد أنفسهم، وبالتالي دعم قدراتهم، وتعزيز شعورهم بالاستقلالية والرفاه؛ فغاية أي تنمية تحقيق السعادة، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون سوى بالتمكين المجتمعي الفاعل بعد إعداد السياسات المرنة الداعمة.