بعد مشاهدتي مسرحية الأطفال "أصابع جميل" التي قدّمتها فرقة مسرح الدن للثقافة والفن، بالتعاون مع الجمعية العُمانية للسينما والمسرح مساء الأحد الماضي على مسرح الكلية المصرفية بمسقط، وجدتُ أنّ أكثر من حسنة يمكن وضعها في ميزان الفرقة، أوّلها أنّها قدّمت عرضا مخصّصا للأطفال، وكلنا نعرف صعوبة إنتاج هذا النوع من المسرح، الذي يعتمد على الأغاني، والرقصات، والمجاميع، والديكورات، والأكسسوارات، لكنّها صعدت المركب الصعب، وقدّمت عرضا بعد توقّف بسبب الوباء، يستحقّ التقدير.
والعرض من تأليف وإخراج: أسعد السيابي الذي شاهدنا له من قبل عرض الأطفال "سأصير شجرة" الحائز على جوائز، ويوجّه كلا العرضين، رسائل تربوية، وجمالية، ومن بينها: الاحتفاء بالبيئة وغرس حب الأشجار في نفوس الأطفال، إلى جانب التمسّك بالأخلاق، والقيم المجتمعية، ومناقشة ظاهرة التنمّر بين الأطفال، وإظهار دور الأسرة، والمجتمع في تعزيز ثقة الطفل بنفسه، والنظر للاختلاف كميزة، وليس كإعاقة تحول بين الطفل، والاندماج مع أفراد المجتمع، من خلال حكاية طفل له أصابع خضر، وبدلا من جعلها ميزة سبّبت له مشكلة لعدم تقبل أقرانه لذلك الاختلاف حتى أنّهم وصفوه بالوحش، ولم تجد القفازات التي وضعها على أصابعه نفعا، إذ قابلها أصدقاؤه بالسخرية! لكنه بعد محاولات عديدة يكتشف أن لتلك الأصابع فائدة كونها تتناغم مع البيئة، وتدخل في حوار مع الأشجار عن طريق الإشارة، فتكبر، وتصغر بإشارة من تلك الأصابع، وبذلك لا تصبح عيبا، وإنما ميزة.
لكن الحسنة الأثقل في عرض "أصابع جميل" هي الاعتماد على الأطفال "عمر السيابي، وراشد الهنائي، وعيسى الدرعي، وهود الهنائي، وحمود الرواحي، وسالم السيابي" ليكونوا أبطاله، إلى جانب الأم "إخلاص الحارثي"، وهذا الأمر في غاية الأهمية، لرفد المسرح العماني بدماء جديدة، من خلال احتضان مواهب يبدأ المشتغلون في المسرح العمل معها منذ الصغر، ويندرج، هذا المسعى، ضمن أهداف الفرقة الاستراتيجية التي تقوم على تهيئة كوادر تضمن مستقبل الفرقة، وهو أمر نادر في المسرح العماني، وأذكر أن فرقة عمانية دخلت المنافسة مع فرقة جزائرية عريقة، في مهرجان دوليّ، لكنّ الفرقة المنافسة قطفت في النهاية جائزة أفضل عرض متكامل، متفوّقة على الفرقة العمانية كونها طعّمت العرض بممثلين أطفال في مسرح يوجه خطابه للطفل، ومن الطبيعي أن يحوز مقبولية أكبر.
لقد غامرت فرقة "مسرح الدن" عندما قدّمت عرضا يخلو من نجومها، ومن الواضح أن المخرج بذل جهدا في تدريب الأطفال، وتحفيظهم الحوارات الطويلة، ومحاولة نطق الكثير منها باللغة العربية الفصحى، رغم أنهم بحاجة إلى المزيد من التدريب، خصوصا أن العرض كشف عن خامات تعد بالكبير لو واصلت "أخصّ بالذكر هود الهنائي وصاحب الظل الخفيف راشد الهنائي"، ومن هنا ضرورة صقل تلك المواهب عن طريق إقامة الورش الفنية، ومشاهدة العروض، والتدريب خصوصا أنّ الممثلين الأطفال يقفون للمرّة الأولى على خشبة المسرح، كما علمت، وربما قدّموا أعمالا في مدارسهم، فالأداء المدرسي كان واضحا على بعضهم.
وقد عزّزت الفرقة مسعاها في احتضان المواهب حين أسندت مهمة تقديم فقرات لحفل لواحد من الأطفال، وحتى إدارة المسرح أوكلتها لطفلين "علي الهنائي ومحمد الخليلي"، بل أنّها أسندت مهمة إلقاء كلمة الفرقة لطفل يتهجّى الحروف، فنال إعجاب وتصفيق الجمهور.
حسنة أخرى أجدها مهمّة في العرض، تتمثّل في الاشتغال على الجانب النفسي في المسرح العماني من خلال إظهار المشاعر السلبية للطفل "جميل"، عن طريق وضع معادلات بصرية ضمن فضاء العرض المسرحي، وبالمقابل تحاول الأمّ بكل ما تستطيع ليّ عنق تلك المشاعر ودفنها، من عبارات تعزّز ثقة ولدها بنفسه وترديد جملة من أغنية فريد الأطرش "جميل جمال مالوش مثال" على مسامعه.
لقد ساهم سينوغرافيا العرض في تأثيث فضائه، وإبهار الجمهور في بعض المشاهد التي حرّك بها الممثلون قطع الديكور، ورسم مشاهد تعبيرية، تقترب من مسرح الكبار، كمشهد الطاولة التي جعلها الأطفال شبيهة بخشبة صلب تجمعوا حولها وقام "جميل" بفرش ذراعيه عليها.
وقد حاولت الرقصات، وحركة المجاميع المتقنة، والمؤثرات الصوتية من أغان جميلة، من بينها أغنية الختام وتحية الممثلين للجمهور، والضوئية صنع فرجة مسرحية تشد أسماع وأنظار الجمهور الذي كان معظمه من الكبار كون العرض كان خاصا، رغم وقوع بعض الارتباكات في الإضاءة خلال العرض، وهذه تحدث في العروض الأولى عادة.
ولا بدّ من الإشارة أن إيقاع العرض يحتاج إلى تضبيط أكثر، عن طريق ضغط زمن العرض، خصوصا أن الطفل من الصعب عليه متابعة عرض يبلغ زمنه أكثر من ساعة، أمضيناها، نحن الكبار، مستمتعين بعرض أبطاله أطفال المسرح العماني الجميلون.
والعرض من تأليف وإخراج: أسعد السيابي الذي شاهدنا له من قبل عرض الأطفال "سأصير شجرة" الحائز على جوائز، ويوجّه كلا العرضين، رسائل تربوية، وجمالية، ومن بينها: الاحتفاء بالبيئة وغرس حب الأشجار في نفوس الأطفال، إلى جانب التمسّك بالأخلاق، والقيم المجتمعية، ومناقشة ظاهرة التنمّر بين الأطفال، وإظهار دور الأسرة، والمجتمع في تعزيز ثقة الطفل بنفسه، والنظر للاختلاف كميزة، وليس كإعاقة تحول بين الطفل، والاندماج مع أفراد المجتمع، من خلال حكاية طفل له أصابع خضر، وبدلا من جعلها ميزة سبّبت له مشكلة لعدم تقبل أقرانه لذلك الاختلاف حتى أنّهم وصفوه بالوحش، ولم تجد القفازات التي وضعها على أصابعه نفعا، إذ قابلها أصدقاؤه بالسخرية! لكنه بعد محاولات عديدة يكتشف أن لتلك الأصابع فائدة كونها تتناغم مع البيئة، وتدخل في حوار مع الأشجار عن طريق الإشارة، فتكبر، وتصغر بإشارة من تلك الأصابع، وبذلك لا تصبح عيبا، وإنما ميزة.
لكن الحسنة الأثقل في عرض "أصابع جميل" هي الاعتماد على الأطفال "عمر السيابي، وراشد الهنائي، وعيسى الدرعي، وهود الهنائي، وحمود الرواحي، وسالم السيابي" ليكونوا أبطاله، إلى جانب الأم "إخلاص الحارثي"، وهذا الأمر في غاية الأهمية، لرفد المسرح العماني بدماء جديدة، من خلال احتضان مواهب يبدأ المشتغلون في المسرح العمل معها منذ الصغر، ويندرج، هذا المسعى، ضمن أهداف الفرقة الاستراتيجية التي تقوم على تهيئة كوادر تضمن مستقبل الفرقة، وهو أمر نادر في المسرح العماني، وأذكر أن فرقة عمانية دخلت المنافسة مع فرقة جزائرية عريقة، في مهرجان دوليّ، لكنّ الفرقة المنافسة قطفت في النهاية جائزة أفضل عرض متكامل، متفوّقة على الفرقة العمانية كونها طعّمت العرض بممثلين أطفال في مسرح يوجه خطابه للطفل، ومن الطبيعي أن يحوز مقبولية أكبر.
لقد غامرت فرقة "مسرح الدن" عندما قدّمت عرضا يخلو من نجومها، ومن الواضح أن المخرج بذل جهدا في تدريب الأطفال، وتحفيظهم الحوارات الطويلة، ومحاولة نطق الكثير منها باللغة العربية الفصحى، رغم أنهم بحاجة إلى المزيد من التدريب، خصوصا أن العرض كشف عن خامات تعد بالكبير لو واصلت "أخصّ بالذكر هود الهنائي وصاحب الظل الخفيف راشد الهنائي"، ومن هنا ضرورة صقل تلك المواهب عن طريق إقامة الورش الفنية، ومشاهدة العروض، والتدريب خصوصا أنّ الممثلين الأطفال يقفون للمرّة الأولى على خشبة المسرح، كما علمت، وربما قدّموا أعمالا في مدارسهم، فالأداء المدرسي كان واضحا على بعضهم.
وقد عزّزت الفرقة مسعاها في احتضان المواهب حين أسندت مهمة تقديم فقرات لحفل لواحد من الأطفال، وحتى إدارة المسرح أوكلتها لطفلين "علي الهنائي ومحمد الخليلي"، بل أنّها أسندت مهمة إلقاء كلمة الفرقة لطفل يتهجّى الحروف، فنال إعجاب وتصفيق الجمهور.
حسنة أخرى أجدها مهمّة في العرض، تتمثّل في الاشتغال على الجانب النفسي في المسرح العماني من خلال إظهار المشاعر السلبية للطفل "جميل"، عن طريق وضع معادلات بصرية ضمن فضاء العرض المسرحي، وبالمقابل تحاول الأمّ بكل ما تستطيع ليّ عنق تلك المشاعر ودفنها، من عبارات تعزّز ثقة ولدها بنفسه وترديد جملة من أغنية فريد الأطرش "جميل جمال مالوش مثال" على مسامعه.
لقد ساهم سينوغرافيا العرض في تأثيث فضائه، وإبهار الجمهور في بعض المشاهد التي حرّك بها الممثلون قطع الديكور، ورسم مشاهد تعبيرية، تقترب من مسرح الكبار، كمشهد الطاولة التي جعلها الأطفال شبيهة بخشبة صلب تجمعوا حولها وقام "جميل" بفرش ذراعيه عليها.
وقد حاولت الرقصات، وحركة المجاميع المتقنة، والمؤثرات الصوتية من أغان جميلة، من بينها أغنية الختام وتحية الممثلين للجمهور، والضوئية صنع فرجة مسرحية تشد أسماع وأنظار الجمهور الذي كان معظمه من الكبار كون العرض كان خاصا، رغم وقوع بعض الارتباكات في الإضاءة خلال العرض، وهذه تحدث في العروض الأولى عادة.
ولا بدّ من الإشارة أن إيقاع العرض يحتاج إلى تضبيط أكثر، عن طريق ضغط زمن العرض، خصوصا أن الطفل من الصعب عليه متابعة عرض يبلغ زمنه أكثر من ساعة، أمضيناها، نحن الكبار، مستمتعين بعرض أبطاله أطفال المسرح العماني الجميلون.