ينظر العالم اليوم إلى جائحة كوفيد 19 بوصفها أبرز الأزمات الإنسانية التي عانى منها العالم في العصر الحديث، من حيث التأثيرات على جوانب الحياة جميعها، ولهذا فقد قدَّم المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دراسة خاصة بالتأثيرات الناجمة عن جائحة كوفيد19، جاءت في سلسلة تكشف تلك الآثار المالية للعمليات الإحصائية الناجمة عن الجائحة، والآثار الاقتصادية، والاجتماعية، والتأثيرات على قطاع السفر والسياحة، محاولا الإجابة عن تساؤل (كيف أحدث كوفيد 19 تغيرا على العالم)، حيث تمثل هذه الدراسة مختارات من النسخة الثالثة من التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة لتنسيق النشاطات الإحصائية، الصادر في أبريل 2021.
تكشف هذه السلسلة وفق إحصائياتها الرسمية أن الجائحة تسببت في "إهدار 8.8٪ من ساعات العمل العالمية، أي ما يعادل (255) مليون وظيفة بدوام كامل"، وهو ما يعادل (أربعة أضعاف) من تأثيرات الأزمة المالية السابقة ـ حسب الدراسة ـ ، وبالتالي التأثيرات المباشرة على تراجع التنمية البشرية، إضافة إلى "ما يُقدَّر بـ 124.119 مليون شخص دفعتهم الجائحة إلى براثن الفقر"، ناهيك عن التأثيرات في الحركة الجوية والسياحة التي انخفضت بنسبة (74٪)، وتلك التأثيرات على قطاع التجارة العالمية، وسوق العمل والحركة البحرية.
ولعل التأثيرات الاجتماعية للجائحة كانت أكثر وأخطر، مما أدت إلى التراجع في التقدم المحرز في مؤشر التنمية البشرية بما "يعادل سبع سنوات"ـ كما جاء في التقريرـ ولهذا فإن تلك التأثيرات جميعها تنعكس على التنمية الوطنية في الدول؛ فما زالت الجائحة تلقي بظلالها على إمكانات تطلعات الدول وتحقيق رؤاها المستقبلية، غير أن الأمر يتطلَّب إيجاد مجموعة من الخيارات، والإجراءات لفتح منافذ الخروج من هذه الأزمة.
والحق أن سلطنة عُمان في تعاملها على تداعيات الجائحة عملت جاهدة من خلال قطاعاتها المتنوعة كلها، على إيجاد السُبل والإجراءات والبرامج المختلفة، التي تسهم في احتواء الجائحة وبالتالي تأثيراتها، الأمر الذي جعلها تحصد المرتبة (25) عالميا في مؤشر (كفاءة الاستجابة لتداعيات وباء كوفيد 19) ـ حسب المؤشر العالمي للقوة الناعمة 2021 الصادر عن مؤسسة (Brand Finance)، وتلك الإجراءات التي تسهم في الاستقرار المالي وتنوع مصادر الدخل، والتي أسهمت في تحفيز النمو الاقتصادي من ناحية، والمساهمة في التخفيف من أزمة التوظيف من ناحية أخرى.
ولهذا فإن البرامج التي نفَّذتها السلطنة من خلال (الخطط التحفيزية لاستعادة النمو الاقتصادي) أو التنوع الاقتصادي، أو الحماية الاجتماعية للأفراد، أثبتت جدارتها في وقت قصير، بفضل الرؤية الثاقبة للحكومة الرشيدة، وإيمان المجتمع (حكومة، ومؤسسات، وأفراد) بأن عُمان قادرة على تخطي هذه الأزمة كما تخطت العديد من الأزمات سابقا. لذا فإنه على الرغم من تأثيرات جائحة كوفيد19 على شتى مناحي الحياة، إلا أن استراتيجية التنويع الاقتصادي وخطط التحفيز يمكن لها أن تحقق أهدافها وأكثر إذا ما كُنَّا جميعا مسهمين وفاعلين إيجابيين.
يستعرض التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي 2021 (بناء أفضل للمستقبل) تحت عنوان (نحو مستقبل أخضر ورقمي يتسم بالاحتوائية)، برنامجا حديثا ينطلق من تداعيات الجائحة وتأثيراتها، يُبنى على إجراءات (تعزيز صلابة الشعوب والكوكب) ـ بحسب التقريرـ” حيث يدعو الحكومات إلى إيجاد برامج استثمار في (البنية التحتية الخضراء)، و(الحماية الاجتماعية)، و(التحول الرقمي). إنها برامج تقوم على نتائج تأثيرات الجائحة على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بُغية تحقيق تعافٍ (أكثر إنصافا واستدامة)، وبالتالي أكثر قدرة على الصمود.
لذلك فإن التقرير يجعل من هذا البرنامج (فرصة) من أجل توجيه الموارد نحو اقتصاد جديد "يستثمر في رأس المال البشري، ويُعزِّز صلابة الأعمال والمجتمعات"ـ حسب ما جاء فيه ـ. إن هذا البرنامج يتأسس على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، وهما استثماران كشفت أهميتهما جائحة كوفيذ19 خاصة أثناء الإغلاقات التي طالت العالم؛ ذلك لأن الأمن الغذائي واحد من بين أهم تلك الاستثمارات التي أصبحت تشغل الدول، فكلما أمَّنت الدولة غذاءها محليا كان ذلك مؤشرا على صلابة مجتمعها وقدرته على احتواء الأزمات.
أما التحول الرقمي فإنه يمِّثل اليوم قدرة الدول ومدى صمودها وصلابتها في تخطي الأزمات من ناحية، وإمكانات استمرارية الأعمال بشتى أنواعها في ظل التداعيات المختلفة من ناحية أخرى، لذا فإن برامج التحول الرقمي التي تنشدها سلطنة عُمان، إضافة إلى برامج الاقتصاد الرقمي الطموحة، عليها أن تمضي نحو تفعيل الصناعات الرقمية الابتكارية وفق سياسات متوازنة بين القطاعات خاصة الإبداعية منها، بما يحقق صلابة تلك القطاعات واستدامتها.
ولهذا فإن التقرير يُصِّر على (تخضير التعافي الاقتصادي) وربط الاقتصاد بالمناخ، مؤكدا أن التعافي من كوفيد 19 مرتبط بقدرة الدول على الحفاظ على المناخ، وبالتالي فإن القرارات الحالية التي تتخذها الدول في سياساتها للتعافي قد (ترسم معالم المناخ العالمي في العقود القادمة)، مما "يستدعي من صُنَّاع سياسات المالية العامة العمل على (تخضير) استجاباتهم لمواجهة الأزمة"ـ بحسب التقرير ـ؛ فكلما استطعنا التسريع من وتيرة هذا التحوُّل نحو الاقتصاد الأخضر الذي تُطلق عليه (كريستالينا غورغييفا) المديرة العامة للصندوق (التحوُّل التاريخي)، كلما استطعنا الوصول إلى اقتصاد أكثر خضرة وأكثر صلابة.
والحال أن عُمان تعمل على هذين البرنامجين ضمن (الخطة التنموية العاشرة) باعتبارهما أسس تنموية، وهذا يظهر جليا في الخطط التنفيذية للقطاعات المختلفة، وقد أسهمت الجائحة في تسريع وتيرة العمل في هذه البرامج والخطط المتعلقة بتنفيذها؛ ذلك لأن عُمان تنشد من خلال رؤية 2040 تحقيق (مجتمع المعرفة)؛ فالتحول الرقمي والرقمنة بشكلها العام، يشكِّل أساس البنية التحتية التي تقوم عليها مجتمعات المعرفة، وتتأسس عليها الصناعات الإبداعية والابتكارية، التي تعوِّل عليها في انطلاقها نحو (الريادة العالمية).
ولهذا فإن (حوكمة البنية التحتية)، ومتابعة تنفيذ الخطط من ناحية، وزيادة الشفافية والمساءلة من ناحية أخرى، تمثلان أسس الوصول إلى تلك الريادة، خاصة إذا ما أردنا تحقيق النتائح والأهداف حسب الخطة الزمنية لرؤية عمان 2040. ذلك لأن ما تحقق في المجالات الاقتصادية، والمالية، والاجتماعية والثقافية خلال المدة الماضية رغم تأثيرات الجائحة، يُعد ركيزة أساسية للعمل على القطاعات التنموية، وإنعاش الإبداع والابتكار في شتى المجالات.
إن ما قدمته السلطنة من إنجازات خلال هذه المرحلة المكتنزة بالتحديات، يبشر بالكثير من العمل وفق سياسات وحوكمة قادرة على تقييم المنجزات، وتقديم المقترحات بما يضمن تيسير آفاق الإبداع والابتكار في شتى المجالات، ويتخذ من المرونة والعدالة في الفرص ركيزة تجعل المجتمع أكثر صلابة وصمودا، إضافة إلى تمكين الشباب وتنمية قدراتهم لتحقيق المزيد من الاستقرار والاحتواء في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص.
تكشف هذه السلسلة وفق إحصائياتها الرسمية أن الجائحة تسببت في "إهدار 8.8٪ من ساعات العمل العالمية، أي ما يعادل (255) مليون وظيفة بدوام كامل"، وهو ما يعادل (أربعة أضعاف) من تأثيرات الأزمة المالية السابقة ـ حسب الدراسة ـ ، وبالتالي التأثيرات المباشرة على تراجع التنمية البشرية، إضافة إلى "ما يُقدَّر بـ 124.119 مليون شخص دفعتهم الجائحة إلى براثن الفقر"، ناهيك عن التأثيرات في الحركة الجوية والسياحة التي انخفضت بنسبة (74٪)، وتلك التأثيرات على قطاع التجارة العالمية، وسوق العمل والحركة البحرية.
ولعل التأثيرات الاجتماعية للجائحة كانت أكثر وأخطر، مما أدت إلى التراجع في التقدم المحرز في مؤشر التنمية البشرية بما "يعادل سبع سنوات"ـ كما جاء في التقريرـ ولهذا فإن تلك التأثيرات جميعها تنعكس على التنمية الوطنية في الدول؛ فما زالت الجائحة تلقي بظلالها على إمكانات تطلعات الدول وتحقيق رؤاها المستقبلية، غير أن الأمر يتطلَّب إيجاد مجموعة من الخيارات، والإجراءات لفتح منافذ الخروج من هذه الأزمة.
والحق أن سلطنة عُمان في تعاملها على تداعيات الجائحة عملت جاهدة من خلال قطاعاتها المتنوعة كلها، على إيجاد السُبل والإجراءات والبرامج المختلفة، التي تسهم في احتواء الجائحة وبالتالي تأثيراتها، الأمر الذي جعلها تحصد المرتبة (25) عالميا في مؤشر (كفاءة الاستجابة لتداعيات وباء كوفيد 19) ـ حسب المؤشر العالمي للقوة الناعمة 2021 الصادر عن مؤسسة (Brand Finance)، وتلك الإجراءات التي تسهم في الاستقرار المالي وتنوع مصادر الدخل، والتي أسهمت في تحفيز النمو الاقتصادي من ناحية، والمساهمة في التخفيف من أزمة التوظيف من ناحية أخرى.
ولهذا فإن البرامج التي نفَّذتها السلطنة من خلال (الخطط التحفيزية لاستعادة النمو الاقتصادي) أو التنوع الاقتصادي، أو الحماية الاجتماعية للأفراد، أثبتت جدارتها في وقت قصير، بفضل الرؤية الثاقبة للحكومة الرشيدة، وإيمان المجتمع (حكومة، ومؤسسات، وأفراد) بأن عُمان قادرة على تخطي هذه الأزمة كما تخطت العديد من الأزمات سابقا. لذا فإنه على الرغم من تأثيرات جائحة كوفيد19 على شتى مناحي الحياة، إلا أن استراتيجية التنويع الاقتصادي وخطط التحفيز يمكن لها أن تحقق أهدافها وأكثر إذا ما كُنَّا جميعا مسهمين وفاعلين إيجابيين.
يستعرض التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي 2021 (بناء أفضل للمستقبل) تحت عنوان (نحو مستقبل أخضر ورقمي يتسم بالاحتوائية)، برنامجا حديثا ينطلق من تداعيات الجائحة وتأثيراتها، يُبنى على إجراءات (تعزيز صلابة الشعوب والكوكب) ـ بحسب التقريرـ” حيث يدعو الحكومات إلى إيجاد برامج استثمار في (البنية التحتية الخضراء)، و(الحماية الاجتماعية)، و(التحول الرقمي). إنها برامج تقوم على نتائج تأثيرات الجائحة على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بُغية تحقيق تعافٍ (أكثر إنصافا واستدامة)، وبالتالي أكثر قدرة على الصمود.
لذلك فإن التقرير يجعل من هذا البرنامج (فرصة) من أجل توجيه الموارد نحو اقتصاد جديد "يستثمر في رأس المال البشري، ويُعزِّز صلابة الأعمال والمجتمعات"ـ حسب ما جاء فيه ـ. إن هذا البرنامج يتأسس على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، وهما استثماران كشفت أهميتهما جائحة كوفيذ19 خاصة أثناء الإغلاقات التي طالت العالم؛ ذلك لأن الأمن الغذائي واحد من بين أهم تلك الاستثمارات التي أصبحت تشغل الدول، فكلما أمَّنت الدولة غذاءها محليا كان ذلك مؤشرا على صلابة مجتمعها وقدرته على احتواء الأزمات.
أما التحول الرقمي فإنه يمِّثل اليوم قدرة الدول ومدى صمودها وصلابتها في تخطي الأزمات من ناحية، وإمكانات استمرارية الأعمال بشتى أنواعها في ظل التداعيات المختلفة من ناحية أخرى، لذا فإن برامج التحول الرقمي التي تنشدها سلطنة عُمان، إضافة إلى برامج الاقتصاد الرقمي الطموحة، عليها أن تمضي نحو تفعيل الصناعات الرقمية الابتكارية وفق سياسات متوازنة بين القطاعات خاصة الإبداعية منها، بما يحقق صلابة تلك القطاعات واستدامتها.
ولهذا فإن التقرير يُصِّر على (تخضير التعافي الاقتصادي) وربط الاقتصاد بالمناخ، مؤكدا أن التعافي من كوفيد 19 مرتبط بقدرة الدول على الحفاظ على المناخ، وبالتالي فإن القرارات الحالية التي تتخذها الدول في سياساتها للتعافي قد (ترسم معالم المناخ العالمي في العقود القادمة)، مما "يستدعي من صُنَّاع سياسات المالية العامة العمل على (تخضير) استجاباتهم لمواجهة الأزمة"ـ بحسب التقرير ـ؛ فكلما استطعنا التسريع من وتيرة هذا التحوُّل نحو الاقتصاد الأخضر الذي تُطلق عليه (كريستالينا غورغييفا) المديرة العامة للصندوق (التحوُّل التاريخي)، كلما استطعنا الوصول إلى اقتصاد أكثر خضرة وأكثر صلابة.
والحال أن عُمان تعمل على هذين البرنامجين ضمن (الخطة التنموية العاشرة) باعتبارهما أسس تنموية، وهذا يظهر جليا في الخطط التنفيذية للقطاعات المختلفة، وقد أسهمت الجائحة في تسريع وتيرة العمل في هذه البرامج والخطط المتعلقة بتنفيذها؛ ذلك لأن عُمان تنشد من خلال رؤية 2040 تحقيق (مجتمع المعرفة)؛ فالتحول الرقمي والرقمنة بشكلها العام، يشكِّل أساس البنية التحتية التي تقوم عليها مجتمعات المعرفة، وتتأسس عليها الصناعات الإبداعية والابتكارية، التي تعوِّل عليها في انطلاقها نحو (الريادة العالمية).
ولهذا فإن (حوكمة البنية التحتية)، ومتابعة تنفيذ الخطط من ناحية، وزيادة الشفافية والمساءلة من ناحية أخرى، تمثلان أسس الوصول إلى تلك الريادة، خاصة إذا ما أردنا تحقيق النتائح والأهداف حسب الخطة الزمنية لرؤية عمان 2040. ذلك لأن ما تحقق في المجالات الاقتصادية، والمالية، والاجتماعية والثقافية خلال المدة الماضية رغم تأثيرات الجائحة، يُعد ركيزة أساسية للعمل على القطاعات التنموية، وإنعاش الإبداع والابتكار في شتى المجالات.
إن ما قدمته السلطنة من إنجازات خلال هذه المرحلة المكتنزة بالتحديات، يبشر بالكثير من العمل وفق سياسات وحوكمة قادرة على تقييم المنجزات، وتقديم المقترحات بما يضمن تيسير آفاق الإبداع والابتكار في شتى المجالات، ويتخذ من المرونة والعدالة في الفرص ركيزة تجعل المجتمع أكثر صلابة وصمودا، إضافة إلى تمكين الشباب وتنمية قدراتهم لتحقيق المزيد من الاستقرار والاحتواء في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص.