أول مرة أخرج فيها من قريتي الصغيرة في ثمانينيات القرن المنصرم كانت في رحلة لأوائل الإعدادية العامة على مستوى المناطق آنذاك، كانت زيارة لدولة الكويت التي استضافتنا بكرم في فندق 5 نجوم، الزيارة أيضا تضمنت دعوة على الغداء في بيت ولي العهد آنذاك.
بعدها بثلاث سنوات أكرمني المولى جلّت قدرته ببعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في بداية الفصل تمت استضافتنا في بيت رئيس الجامعة الذي ذكّرني ببيت ولي عهد الكويت.
خلال تلك السنة عرضت عليّ زميلة إماراتية من عائلة ثرية مشاركتها السكن في شقتها الفخمة التي استأجرها لها والدها في أرقى أحياء المدينة.
تلك المشاهد تركت في نفسي أثرًا لا ينسى، لأول مرة في حياتي أدرك بوجود نمط حياة مختلف عن ذاك الذي كنت أعيشه في قريتي، وأن احتمالات وصولي له ممكنة ومتاحة، وأن أسلوب حياة سكان قريتي ليس هو الأسلوب الوحيد المتاح، أسلوب الرفاهية الذي رأيته في تلك الفترة زرع في قلبي أحلاما كبيرة، وتجرأت على الحلم والتطلع لحياة أفضل من تلك التي كنت أعيشها، شيء ما في قلبي كان يحدثني بأن ذلك ممكن، والأهم من ذلك أنني أستحقه.
ذلك الحلم الجريء كان الدافع لكل ما تجرأت على القيام به فيما بعد، وكان الحافز والدافع للتغلب على أصعب مخاوفي والتطلع لما هو أفضل كل يوم.
اليوم عندما أسمع من يستنكر على الآخرين وخاصة الناجحين استعراض مظاهر الوفرة التي يعيشونها، بحجة استفزاز مشاعر الفقراء، استحضر مسيرتي، ماذا لو أنني لم أطلع على تلك التجارب في بداية حياتي، ترى هل كنت سأسعى؟ أم كنت سأظل أعتقد بأن الحياة البسيطة في قريتي هي أفضل ما تتيحه الحياة.
ماذا لو لم يخرج شاب من قريته، ويعود براتب خيالي بمقياس الستينيات، فشيّد بيتًا إسمنتيًا جميلًا لأسرته، وأتى بمقتنيات لم يرها الجيران قبل ذلك، وهي سياسة الحكومة التي انتهجت في سبعينيات القرن الماضي، ترى لو لم يسع ذلك الشاب، ويقاوم خوفه ويخرج للدراسة، ويحصل على وظيفة، هل كنا سنرى عجلة التنمية تسير بهذه الوتيرة في قرى كانت مقطوعة تماما عن العالم؟
أرى شخصيًا أن الفقير بحاجة لأن يستفز ليعرف أن هناك ما يستحق الكفاح من أجله، والسعي خلفه، فالكثير من الأثرياء اليوم من حولنا صنعوا ثرواتهم من شرارة حلم أضاءت في قلوبهم من مشاهدة نجاح رأوها حولهم وسعوا لها، فكما يقال لولا بساطة الكوخ ما كانت للقصر قيمة.
كل منا وجد نفسه في وضع معين، وضع اضطره بأن يقارن وضعه بمن حوله، وتجرأ على طرح السؤال: لما لا؟
بعدها بثلاث سنوات أكرمني المولى جلّت قدرته ببعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في بداية الفصل تمت استضافتنا في بيت رئيس الجامعة الذي ذكّرني ببيت ولي عهد الكويت.
خلال تلك السنة عرضت عليّ زميلة إماراتية من عائلة ثرية مشاركتها السكن في شقتها الفخمة التي استأجرها لها والدها في أرقى أحياء المدينة.
تلك المشاهد تركت في نفسي أثرًا لا ينسى، لأول مرة في حياتي أدرك بوجود نمط حياة مختلف عن ذاك الذي كنت أعيشه في قريتي، وأن احتمالات وصولي له ممكنة ومتاحة، وأن أسلوب حياة سكان قريتي ليس هو الأسلوب الوحيد المتاح، أسلوب الرفاهية الذي رأيته في تلك الفترة زرع في قلبي أحلاما كبيرة، وتجرأت على الحلم والتطلع لحياة أفضل من تلك التي كنت أعيشها، شيء ما في قلبي كان يحدثني بأن ذلك ممكن، والأهم من ذلك أنني أستحقه.
ذلك الحلم الجريء كان الدافع لكل ما تجرأت على القيام به فيما بعد، وكان الحافز والدافع للتغلب على أصعب مخاوفي والتطلع لما هو أفضل كل يوم.
اليوم عندما أسمع من يستنكر على الآخرين وخاصة الناجحين استعراض مظاهر الوفرة التي يعيشونها، بحجة استفزاز مشاعر الفقراء، استحضر مسيرتي، ماذا لو أنني لم أطلع على تلك التجارب في بداية حياتي، ترى هل كنت سأسعى؟ أم كنت سأظل أعتقد بأن الحياة البسيطة في قريتي هي أفضل ما تتيحه الحياة.
ماذا لو لم يخرج شاب من قريته، ويعود براتب خيالي بمقياس الستينيات، فشيّد بيتًا إسمنتيًا جميلًا لأسرته، وأتى بمقتنيات لم يرها الجيران قبل ذلك، وهي سياسة الحكومة التي انتهجت في سبعينيات القرن الماضي، ترى لو لم يسع ذلك الشاب، ويقاوم خوفه ويخرج للدراسة، ويحصل على وظيفة، هل كنا سنرى عجلة التنمية تسير بهذه الوتيرة في قرى كانت مقطوعة تماما عن العالم؟
أرى شخصيًا أن الفقير بحاجة لأن يستفز ليعرف أن هناك ما يستحق الكفاح من أجله، والسعي خلفه، فالكثير من الأثرياء اليوم من حولنا صنعوا ثرواتهم من شرارة حلم أضاءت في قلوبهم من مشاهدة نجاح رأوها حولهم وسعوا لها، فكما يقال لولا بساطة الكوخ ما كانت للقصر قيمة.
كل منا وجد نفسه في وضع معين، وضع اضطره بأن يقارن وضعه بمن حوله، وتجرأ على طرح السؤال: لما لا؟