يشعر البعض منا بالاستياء تجاه شعور الغيرة، ويحاول إخفاءه بأي طريقة كانت خجلًا من أن يعترف لنفسه به، لكن الغيرة أمر جميل فهو محفز ودافع للتقدم، فكثير من الأمور التي أنجزتها في حياتك لو عدت لها لاكتشفت أن غيرة ما هي التي أثارت الطموح في نفسك وجعلتك تسعى لتحقيقها.

أنت لا يمكن أن تغار من شيء لا تريده ولا ترغب به بشدة، لذا المرة القادمة التي ينتابك فيها الشعور انتبه له، واسأل نفسك ما الذي أثار غيرتي في هذا الشخص، ولماذا؟ وعوضا عن الشعور بالذنب، تجاه غيرتك هذه، اشكرها لكونها نبهتك لأمر جميل بإمكانك السعي خلّفه، لكن لا تسمح لهذه الغيرة الإيجابية أن تتحول إلى حسد مدمر، بل استخدمها كغذاء للطموح، فما عند الله لا ينفد لمجرد أنه أعطى الآخرين.

لم يخلق الله جلّت قدرته شيئا عبثا على الإطلاق، كل شيء له هدف، وهدف نافع وإيجابي دائما، وإن كنا أحيانا لعدم إدراكنا لبعض الأمور نميل إلى إعطائها أسماء سلبية، فأنت لو لم تغر من تفوق زملائك في الدراسة ما سعيت للتفوق ربما، لو لم تغر من النجاح المهني لزملاء العمل ما سعيت للمنصب، لو لم تثر غيرتك سيارة صديقك ما بذلت جهدا للكسب من أجل شراء سيارة مماثلة، لو لم تغاري من هندام جارتك، لما سعيت للتأنق والظهور بأحسن صورة.

إنها الغيرة التي تقف وراء كل هذا، حتى إن أنكرناها، لا أحد في الواقع لا يغار، مهما وصل به النجاح، ومهما بلغ حجم ما يملك سيشعر دائما بغبطة شخص ما يملك ما لا يملكه، إنها سنة كونية، تطبق حتى على الحيوانات، لو أن عندك حيوان أليف في المنزل ستجد أن الغيرة تتملكه لدخول حيوان آخر، وأحيانا تغار الحيوانات حتى من وجود طفل يستولي على انتباه الوالدين.

الفرق أن الإنسان واعٍ، ويستطيع التحكم في مشاعره، والاستفادة منها بما فيها الغيرة، لأن الغيرة كما أسلفنا يمكن أن تتحول إلى مرض مؤلم كالحسد، أو الغيرة المرضية التي تجعل الإنسان يميل إلى التملك، سواء مع الأشياء أو الأشخاص الذين يحب، أو يخيل له أنه يحبهم، لأن الحب شعور نبيل لا يمكن أن يتحول إلى خناق يشد به المرء رقبة من يحب.

غير الكلمة من غيرة إلى حافز، واحتفي بشعور الغيرة واستقبله برضا، لأنه الدينامو المحرك للهمم والعزيمة والطموح.