كانت الحرب العالمية على الإرهاب التي تقودها أميركا، والتي بدأت قبل عشرين عاما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضد الولايات المتحدة، متعثرة بالفعل قبل أن يتولى الرئيس جو بايدن منصبه. الآن قد لا تتعافى من الضربة التي تلقتها بسبب الخطأ التاريخي الفادح الذي ارتكبه بايدن بتسهيل عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان. وفي الذكرى السنوية العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، سيرفرف فوق كابول علم الإرهابيين الأكثر دموية في العالم ــ المسؤولين عن مقتل أكثر من 2000 جندي أميركي منذ عام 2001.
بتمكين طالبان، ساعد بايدن في تمكين الجماعات الإسلامية العنيفة، مما جعل انبعاث الإرهاب العالمي إلى الحياة مرة أخرى أمرا مرجحا للغاية. وبخيانة أحد الحلفاء ــ الحكومة الأفغانية ــ جعل حلفاء أميركا الآخرين يشعرون أن الولايات المتحدة قد تتخلى عنهم هم أيضا، عندما تسوء الأمور.
إنه أعظم انتصار حققه الجهاديون في العصر الحديث، وقريبا سيؤدي إلى ظهور دولة إرهابية عظمى ــ ملاذ للمتطرفين العابرين للحدود ومغناطيس للمتشددين الإسلاميين من مختلف أنحاء العالم الذين يسعون إلى الحصول على التدريب لتنفيذ هجمات في أوطانهم. سوف تُرسي "إمارة طالبان الإسلامية" الأساس لخلافة دولية من ذلك النوع الذي سعى إلى إقامته زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن ومختطفو الطائرات الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
في حين شغلت "خلافة" الدولة الإسلامية (داعش) التي لم تدم طويلا الفراغ السياسي في شمال سوريا قبل أن تتوسع إلى العراق، فإن إمارة طالبان كانت وليدة هزيمة أعتى قوة في العالم. وعلى هذا فإن انتصار حركة طالبان سيعطي الحركة الجهادية الدولية دَفعَة غير مسبوقة، بما في ذلك تجنيد أفراد جدد، وسوف تمتد العواقب لسنوات عديدة. ومع تكاثر جبهاتها، ستزداد صعوبة الحرب على الإرهاب، التي تمتد من الشرق الأوسط وجنوب أوروبا إلى أفريقيا وآسيا.
يأتي هذا في وقت حيث يعمل انحطاط توسع أميركا الإمبريالي المتسارع فعليا على إضعاف قدرتها على فرض إرادتها على الدول الأخرى، مما يشجع بالتالي توسع الصين العالمي. في مواصلته لسياسة خفض الإنفاق العسكري التي انتهجها سلفه دونالد ترمب، تعهد بايدن مؤخرا بإنهاء مهمة الولايات المتحدة القتالية في العراق هذا العام.
أنفقت الولايات المتحدة قدرا هائلا من الموارد على حربها ضد الإرهاب، فشنت عمليات مكافحة الإرهاب في عشرات البلدان. وفقا لتقرير صادر مؤخرا عن مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون، بلغت تكاليف حروب أميركا بعد الحادي عشر من سبتمبر، بما في ذلك الجهود المبذولة لتأمين أراضيها، نحو 8 تريليونات دولار، وتسببت في مقتل ما يقدر بنحو 900 ألف إنسان، بما في ذلك مدنيين وعاملين في مجالات الإغاثة الإنسانية. لكن هذه الحروب لم تسفر عن نتائج دائمة.
السبب الرئيسي هو أن أميركا نسيت منذ فترة طويلة دروس الحادي عشر من سبتمبر، بما في ذلك الحاجة إلى تجنب مسار النفعية. نتيجة لهذا، تسبب تسييس الحرب على الإرهاب في منع تنظيم هجوم إيديولوجي منسق على التيار الجهادي العنيف.
من جانبه، يرسم بايدن خطوطا فارقة خادعة بين الإرهابيين "الصالحين" و"الطالحين"، في محاولة لإخفاء أهمية استيلاء حركة طالبان على أفغانستان وتواصل إدارته معها. على سبيل المثال، يزعم بايدن أن "الإرهابيين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" هم "عدو لدود لحركة طالبان"، دون أن يعترف بأن حركة طالبان ــ مثلها في ذلك كمثل تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" في خراسان ــ عدو لدود للعالم. على نحو مماثل، سارع بايدن إلى تبرئة طالبان من المسؤولية عن التفجير الإرهابي الأخير في مطار كابول بإلقاء اللوم على تنظيم "داعش" في خراسان، في حين قال وزير الخارجية أنطوني بلينكين إن الولايات المتحدة مستعدة للعمل على "مكافحة الإرهاب" مع النظام الجديد في كابول.
لكن حركة طالبان، وتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان جماعات تتبنى جميعها إيديولوجية مشتركة وملتزمة بالجهاد العنيف، كما يختلط أعضاؤها بل وينتقلون من جماعة إلى أخرى. وكما اعترفت وزارة الدفاع الأميركية، أطلقت حركة طالبان المنتصرة سراح الآلاف من سجناء تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان. ووفقا لتقرير صادر مؤخرا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "تظل حركة طالبان وتنظيم القاعدة متحالفين بشكل وثيق".
من ناحية أخرى، سعت وزارة الخارجية إلى نشر أسطورة من خلال الادعاء بأن حركة طالبان وقواتها الخاصة، شبكة حقاني، "كيانان منفصلان". الواقع أن حركة طالبان وشبكة حقاني من أجنحة "الدولة العميقة" في باكستان. فزعيم الشبكة، سراج الدين حقاني، هو نائب زعيم طالبان. ويؤكد وصول رئيس وكالة الاستخبارات الباكستانية المارقة إلى كابول حتى قبل أن تشكل طالبان حكومتها على أن المنتصر الحقيقي في أفغانستان هو باكستان، التي اكتسبت فعليا السيطرة بالوكالة على جارتها.
على الرغم من هذا، فإن إدارة بايدن، بتأكيدها على العوامل الجيوسياسية وراء الحرب على الإرهاب، من غير المرجح أن تعاقب باكستان، "الحليفة الرئيسية من خارج حلف شمال الأطلسي"، على تخطيطها لهزيمة أميركا المنكرة المذلة في أفغانستان. بل إنها تعتمد على باكستان وراعية أخرى قديمة للجهاديين، لتوطيد العلاقة مع الدكتاتورية التي يحكمها رجال الدين في كابول.
انتهت الولايات المتحدة إلى نقطة البداية عندما تنازلت عن السيطرة على أفغانستان لذات المنظمة التي أعطت بن لادن القاعدة التي خطط منها لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. كانت هذه الهجمات ناتجة عن علاقات أميركا المزعجة مع جماعات إسلامية منذ ثمانينيات القرن العشرين، عندما استخدم الرئيس رونالد ريجان الإسلام كأداة إيديولوجية لتشجيع المقاومة المسلحة للاحتلال السوفييتي في أفغانستان. ومن المعروف أن بن لادن وغيره من قادة تنظيم القاعدة، بما في ذلك مؤسس شبكة حقاني، شحذوا مهاراتهم واكتسبوا الخبرة في تلك الحرب المستترة التي أدارتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. والآن يتولى رئاسة نظام طالبان أحد قدامى المشاركين في تلك الحرب ــ محمد حسن أخوند، المدرج على قائمة الأمم المتحدة ومهندس هدم تماثيل بوذا الأثرية في باميان عام 2001.
ولكن في غضون عشر سنوات من الحادي عشر من سبتمبر، عادت الولايات المتحدة إلى تدريب الجهاديين ونقل أسلحة فتاكة إليهم في حروب تغيير النظام، كتلك في سوريا وليبيا، وأسفرت الحرب السرية التي أدارتها وكالة الاستخبارات المركزية بتكلفة مليار دولار للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد عن صعود تنظيم الدولة الإسلامية. كما مولت الولايات المتحدة باكستان المارقة الجاحدة في حين كانت تؤوي شبكة القيادة والسيطرة في طالبان.
أدى نسيان دروس الحادي عشر من سبتمبر فعليا إلى إخراج الحرب العالمية على الإرهاب عن مسارها. ومن الواضح أن إعادتها إلى المسار الصحيح، برغم أنها مهمة تشكل تحديا شاقا، ضرورة أساسية إذا لم نكن راغبين في تحول بَلية النزعة الجهادية العنيفة إلى الأزمة الأعظم في قرننا هذا.
بتمكين طالبان، ساعد بايدن في تمكين الجماعات الإسلامية العنيفة، مما جعل انبعاث الإرهاب العالمي إلى الحياة مرة أخرى أمرا مرجحا للغاية. وبخيانة أحد الحلفاء ــ الحكومة الأفغانية ــ جعل حلفاء أميركا الآخرين يشعرون أن الولايات المتحدة قد تتخلى عنهم هم أيضا، عندما تسوء الأمور.
إنه أعظم انتصار حققه الجهاديون في العصر الحديث، وقريبا سيؤدي إلى ظهور دولة إرهابية عظمى ــ ملاذ للمتطرفين العابرين للحدود ومغناطيس للمتشددين الإسلاميين من مختلف أنحاء العالم الذين يسعون إلى الحصول على التدريب لتنفيذ هجمات في أوطانهم. سوف تُرسي "إمارة طالبان الإسلامية" الأساس لخلافة دولية من ذلك النوع الذي سعى إلى إقامته زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن ومختطفو الطائرات الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
في حين شغلت "خلافة" الدولة الإسلامية (داعش) التي لم تدم طويلا الفراغ السياسي في شمال سوريا قبل أن تتوسع إلى العراق، فإن إمارة طالبان كانت وليدة هزيمة أعتى قوة في العالم. وعلى هذا فإن انتصار حركة طالبان سيعطي الحركة الجهادية الدولية دَفعَة غير مسبوقة، بما في ذلك تجنيد أفراد جدد، وسوف تمتد العواقب لسنوات عديدة. ومع تكاثر جبهاتها، ستزداد صعوبة الحرب على الإرهاب، التي تمتد من الشرق الأوسط وجنوب أوروبا إلى أفريقيا وآسيا.
يأتي هذا في وقت حيث يعمل انحطاط توسع أميركا الإمبريالي المتسارع فعليا على إضعاف قدرتها على فرض إرادتها على الدول الأخرى، مما يشجع بالتالي توسع الصين العالمي. في مواصلته لسياسة خفض الإنفاق العسكري التي انتهجها سلفه دونالد ترمب، تعهد بايدن مؤخرا بإنهاء مهمة الولايات المتحدة القتالية في العراق هذا العام.
أنفقت الولايات المتحدة قدرا هائلا من الموارد على حربها ضد الإرهاب، فشنت عمليات مكافحة الإرهاب في عشرات البلدان. وفقا لتقرير صادر مؤخرا عن مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون، بلغت تكاليف حروب أميركا بعد الحادي عشر من سبتمبر، بما في ذلك الجهود المبذولة لتأمين أراضيها، نحو 8 تريليونات دولار، وتسببت في مقتل ما يقدر بنحو 900 ألف إنسان، بما في ذلك مدنيين وعاملين في مجالات الإغاثة الإنسانية. لكن هذه الحروب لم تسفر عن نتائج دائمة.
السبب الرئيسي هو أن أميركا نسيت منذ فترة طويلة دروس الحادي عشر من سبتمبر، بما في ذلك الحاجة إلى تجنب مسار النفعية. نتيجة لهذا، تسبب تسييس الحرب على الإرهاب في منع تنظيم هجوم إيديولوجي منسق على التيار الجهادي العنيف.
من جانبه، يرسم بايدن خطوطا فارقة خادعة بين الإرهابيين "الصالحين" و"الطالحين"، في محاولة لإخفاء أهمية استيلاء حركة طالبان على أفغانستان وتواصل إدارته معها. على سبيل المثال، يزعم بايدن أن "الإرهابيين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" هم "عدو لدود لحركة طالبان"، دون أن يعترف بأن حركة طالبان ــ مثلها في ذلك كمثل تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" في خراسان ــ عدو لدود للعالم. على نحو مماثل، سارع بايدن إلى تبرئة طالبان من المسؤولية عن التفجير الإرهابي الأخير في مطار كابول بإلقاء اللوم على تنظيم "داعش" في خراسان، في حين قال وزير الخارجية أنطوني بلينكين إن الولايات المتحدة مستعدة للعمل على "مكافحة الإرهاب" مع النظام الجديد في كابول.
لكن حركة طالبان، وتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان جماعات تتبنى جميعها إيديولوجية مشتركة وملتزمة بالجهاد العنيف، كما يختلط أعضاؤها بل وينتقلون من جماعة إلى أخرى. وكما اعترفت وزارة الدفاع الأميركية، أطلقت حركة طالبان المنتصرة سراح الآلاف من سجناء تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان. ووفقا لتقرير صادر مؤخرا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "تظل حركة طالبان وتنظيم القاعدة متحالفين بشكل وثيق".
من ناحية أخرى، سعت وزارة الخارجية إلى نشر أسطورة من خلال الادعاء بأن حركة طالبان وقواتها الخاصة، شبكة حقاني، "كيانان منفصلان". الواقع أن حركة طالبان وشبكة حقاني من أجنحة "الدولة العميقة" في باكستان. فزعيم الشبكة، سراج الدين حقاني، هو نائب زعيم طالبان. ويؤكد وصول رئيس وكالة الاستخبارات الباكستانية المارقة إلى كابول حتى قبل أن تشكل طالبان حكومتها على أن المنتصر الحقيقي في أفغانستان هو باكستان، التي اكتسبت فعليا السيطرة بالوكالة على جارتها.
على الرغم من هذا، فإن إدارة بايدن، بتأكيدها على العوامل الجيوسياسية وراء الحرب على الإرهاب، من غير المرجح أن تعاقب باكستان، "الحليفة الرئيسية من خارج حلف شمال الأطلسي"، على تخطيطها لهزيمة أميركا المنكرة المذلة في أفغانستان. بل إنها تعتمد على باكستان وراعية أخرى قديمة للجهاديين، لتوطيد العلاقة مع الدكتاتورية التي يحكمها رجال الدين في كابول.
انتهت الولايات المتحدة إلى نقطة البداية عندما تنازلت عن السيطرة على أفغانستان لذات المنظمة التي أعطت بن لادن القاعدة التي خطط منها لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. كانت هذه الهجمات ناتجة عن علاقات أميركا المزعجة مع جماعات إسلامية منذ ثمانينيات القرن العشرين، عندما استخدم الرئيس رونالد ريجان الإسلام كأداة إيديولوجية لتشجيع المقاومة المسلحة للاحتلال السوفييتي في أفغانستان. ومن المعروف أن بن لادن وغيره من قادة تنظيم القاعدة، بما في ذلك مؤسس شبكة حقاني، شحذوا مهاراتهم واكتسبوا الخبرة في تلك الحرب المستترة التي أدارتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. والآن يتولى رئاسة نظام طالبان أحد قدامى المشاركين في تلك الحرب ــ محمد حسن أخوند، المدرج على قائمة الأمم المتحدة ومهندس هدم تماثيل بوذا الأثرية في باميان عام 2001.
ولكن في غضون عشر سنوات من الحادي عشر من سبتمبر، عادت الولايات المتحدة إلى تدريب الجهاديين ونقل أسلحة فتاكة إليهم في حروب تغيير النظام، كتلك في سوريا وليبيا، وأسفرت الحرب السرية التي أدارتها وكالة الاستخبارات المركزية بتكلفة مليار دولار للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد عن صعود تنظيم الدولة الإسلامية. كما مولت الولايات المتحدة باكستان المارقة الجاحدة في حين كانت تؤوي شبكة القيادة والسيطرة في طالبان.
أدى نسيان دروس الحادي عشر من سبتمبر فعليا إلى إخراج الحرب العالمية على الإرهاب عن مسارها. ومن الواضح أن إعادتها إلى المسار الصحيح، برغم أنها مهمة تشكل تحديا شاقا، ضرورة أساسية إذا لم نكن راغبين في تحول بَلية النزعة الجهادية العنيفة إلى الأزمة الأعظم في قرننا هذا.