د. سعاد الإسماعيلية: تدفق المرضى فاق قدرات الأنظمة الصحية مع نقص حاد في كوادر الرعاية واللوازم الأساسية
د. هدى الخليلية: برتوكول علاج كوفيد19 يخضع باستمرار للمراجعة والتدقيق والتجديد حسب الدراسات العالمية
جميلة المبسلية: إخضاع الممرضات لبرنامج تدريبي في المهارات الحرجة للتعامل مع مرضى وحدة العناية المركزة
-تعيين أكثر من 100 ممرضة وممرض للعمل في أقسام كوفيد19
-الجائحة أظهرت تعاضد الطاقم الطبي واستعداده لمواجهة الأزمات رغم صعوبتها وقسوتها
كتبت- عهود الجيلانية -
أوضح المستشفى السلطاني أنه شكل لجنة لإدارة جائحة كوفيد19 للوقف على كل المستلزمات المطلوبة لمواجهة الجائحة تعمل كحلقة وصل بين المستشفى ووزارة الصحة، مع وضع خطة واضحة ومدروسة شملت بعض الإجراءات التي قام بها المستشفى وهي تهيئة مبنى متكامل منفصل عن بقية أقسام المستشفى لاستقبال مرضى كوفيد19 ذوي الحالات المستقرة والحرجة ورفع طاقته الاستيعابية بأقسام العناية المركزة لتصل إلى 80 سريراً وتوفير كافة الأسرة والموارد البشرية، وأجهزة التنفس الصناعي في حال تصاعد الحالات كما حدث في الموجة الأخيرة حفاظا على جودة الخدمة المقدمة للمرضى مع الطلب المتزايد على الخدمات المقدمة وإلغاء الخدمات غير الأساسية مثل الجراحات الاختيارية أو التشخيصية غير الطارئة، كما قامت وزارة الصحة بتعيين أكثر من 100 ممرض وممرضة في شهري يونيو وأغسطس 2020 من ذوي الخبرة للعمل في أقسام كوفيد19.
وفي هذا الجانب قالت الدكتورة سعاد بنت سالم الإسماعيلية طبيبة استشارية أولى مديرة دائرة الجودة وسلامة المرضى بالمستشفى السلطاني في تصريح خاص لـ"عمان": قام المستشفى بتجنيد معايير الجودة للتأقلم مع الظروف المستجدة مع الجائحة، فإدارة الجودة ترتكز على مجموعة من المبادئ منها التركيز على العميل وتلبية احتياجاته وتوقعاته: ومن هذا المنظور ركز المستشفى على كيفية توفير الرعاية الصحية لمصابي كورونا دون التقصير مع المرضى الآخرين، كما عمل المستشفى على تشكيل لجنة إدارة جائحة كورونا للوقف على كل المستلزمات المطلوبة لمواجهة الجائحة، تعمل كحلقة وصل بين المستشفى ووزارة الصحة، مع اتخاذ الإجراءات الإداريّة والتنظيميّة اللازمة لضمان استمراريّة إسداء الخدمات الصحيّة في أفضل الظروف، فوضعت خطة كاملة للاستجابة للجائحة وحددت مسؤوليات كل الكوادر الصحية لضمان تنفيذ الخطة. وإشراك العاملين في مختلف المستويات فهم جوهر المستشفى ليكونوا جزءا من لجنة إدارة الجائحة ولكي تتمكن اللجنة من العمل بفعالية وكفاءة والنظر مباشرة في المعوقات لحلها، ويقوم الفريق القائم على الجائحة بمراجعة التغيرات المستمرة لإعداد المصابين مع توجيه الموارد حسب الحاجة وإدخال آليات جديدة للحفاظ على مستوى الخدمة المقدمة للمريض.
وأضافت: قام المستشفى السلطاني بمراجعة بيانات كوفيد19 من أعداد الإصابات الجديدة وحالات الوفيات بشكل دوري لتخطيط الموارد المطلوبة، كتوسعة الطاقة الاستيعابية للتنويم وما يلزمه من موارد، فمثال تمت مراجعة البيانات والمخرجات السابقة للتخطيط السليم لمواجهة الموجة الأخيرة. وللوقاية من الأخطاء قبل وقوعها عمل على مراجعة جميع حالات الوفيات والمراضة الحادثة في أقسام الكوفيد19 للتأكد من اتباع البروتوكولات الطبية وتعديلها إذا لزم الأمر، كما تمت مراجعة الاستراتيجية التي استخدمت في بداية الجائحة مع إضافة التعديلات اللازمة لتفادي الصعوبات وتسهيل تنفيذ الخطة المعدلة. ولتنمية إمكانيات ورفع كفاءة الموظفين وزيادة قدرتهم للتعامل مع مرضى كوفيد خصوصا في أقسام الرعاية المركزة؛ تم وضع خطة تدريبية شاملة لكل الموظفين الجدد المنتدبين إلى أقسام الكوفيد، شملت الوقاية من العدوى ومكافحتها والإدارة السريرية.
الاستفادة الإيجابية
وعرجت الدكتورة بحديثها عن طرق الاستفادة الإيجابية من أزمة كورونا في تحسين جودة الخدمات الصحية، فأوضحت: الجائحة أظهرت مدى تعاضد الطاقم الطبي واستعداده لمواجهة التحديات والأزمات رغم صعوبتها وقسوتها، متناسـين الخـوف والقلـق مـن فيـروس شـرس يتربـص بهـم فـي كل لحظـة، مؤكدة أن هناك دروس إيجابية مستفادة من الجائحة، فقالت: من الضروري التحضير لمواجهة الجوائح والحالات الطارئة بخطة واضحة، والإعداد المبكر للأطقم الطبية للتقليل من الضغوطات النفسية، مع وجوب إدارة الموارد المتوفرة لتقديم الرعاية الصحية المطلوبة مع استخدام مبادئ التطوير المستمر –اللين- في تحسين العمليات والخدمات الصحية المقدمة من المستشفى، و لمواجهة أي وباء أو موجة طوارئ، يتعين علينا وضع خطة شاملة ومرنة مع إدراج المستشفيات المرجعية ومستشفيات القطاع الخاص وغيرها من المؤسسات في البلد ضمن الخطة، كما يجب علينا إيجاد البدائل الطبية والمعدات بشكل دائم وإعداد خطط بديلة، و مراجعة مستوى الأداء المستمر أثناء الجائحة ما اسهم في تحديد نقاط الضعف في النظام الصحي الحالي وسوف يساهم في تحسينه في المستقبل، وهناك أهمية في اتباع نظام مرن في العمــل وإمكانيــة الاعتماد علي النظــام الرقمــي لتقديم الكثير من الخدمات الصحية.
وحول إستراتيجية العمل في الأزمات الصحية التي اتبعها المستشفى، ذكرت الإسماعيلية: لقد فاق التدفق الهائل للمرضى قدرات الأنظمة الصحية الوطنية وسط النقص الحاد في موظفي الرعاية الصحية الأكفاء واللوازم الطبية الأساسية، فكان محتماً وضع خطة واستراتيجية متكاملة للتأهب لمواجهة جائحة كورونا والتي ارتكزت على العمل بالقدرة القصوى للمستشفى وإدارة الحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها والموارد البشرية و استمرارية الخدمات الصحية الأساسية ورعاية المرضى من غير مرضى فيروس كورونا، ووضع سياسة واضحة لمراقبة ورصد الوضع الوبائي بالمستشفى، و توفير بيئة عمل آمنة من خلال التركيز على تطبيق إجراءات صارمة للمحافظة على سلامة وصحة العاملين بالمستشفى، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لتخفيف الضغط النفسي والتوتر المصاحب للإجهاد لدى الموظفين، وضمان إدارة نظام الاتصالات والخدمات اللوجستية وإدارة اللوازم بما في ذلك الأدوية وخدمات المختبرات وخدمات الدعم الأساسية.
العناية المركزة
ومن جانب آخر أكدت الدكتورة هدى الخليلية استشارية العناية المركزة الكبار بالمستشفى السلطاني أن عنصر الموارد البشرية من أهم العناصر الذي وجب التركيز عليها لضمان وجود أعداد كافية من الموظفين لاستمرارية العمليات في المستشفى، وللتعامل مع موجة كورونا الأخيرة تم وضع خطط جديدة لمواجهة الجائحة ركزت على عوامل عدة أولها في العوامل البشرية الذي انقسم الاهتمام فيه إلى عدة أقسام منها الكادر الطبي حيث كان في المرحلة الأولى لابد من توجيه كامل أطباء العناية المركزة لتغطية حالات كوفيد19 مع مبادرة خفض عدد المنومين في العناية العامة من الحالات الجراحية الاختبارية والتي قد تستلزم مراقبة مع بعد الإجراء الجراحي في قسم العناية. وشملت المرحلة الثانية الاستعانة بفريق أطباء التخدير العاملين في غرف العمليات بشكل تدريجي لتغطية الزيادة المتسارعة في حالات كوفيد وذلك بتقليص عدد غرف العلميات الجراحية الغبر طارئة لمختلف التخصصات الجراحية. أما في المرحلة الثالثة فقد تم استدعاء أطباء تخدير من المؤسسات الصحية الأخرى لتساهم في رعاية مرضى كوفيد لكون المستشفى السلطاني هو الواجهة الرئيسية لمرضى عناية كوفيد في السلطنة. والمرحلة الرابعة تضمنت استدعاء الأطباء من مختلف التخصصات الأخرى العاملين في المستشفى مع مراعاة تقديم الفرق التي ساهمت في رعاية مرضى كوفيد في السابق لما لها من معرفة وخبرة مسبقة، وتوزيع المهام في مجموعات محددة لتشمل تواجد أهل الخبرة من العناية والتخدير في جميع هذه المجموعات لضمان جودة الرعاية.
أما في العناية بالكادر التمريضي فقد تركزت الخطوة الأولى في الاستعانة بطاقم التمريض الداخلي في المستشفى، وإعادة تكليفه في أقسام الكوفيد المختلفة وكانت هناك استجابة فورية من المديرية العامة للتمريض لتوفير وتسهيل انتداب طاقم تمريض من المستشفيات المرجعية والمراكز الصحية إلى المستشفى السلطاني بالإضافة إلى ذلك قامت الوزارة بتعين أكثر من مائة ممرضة وممرض بين يونيو وأغسطس 2020 من ذوي الخبرات المختلفة للعمل في أقسام كوفيد19.
وأضافت الخليلية أن الاهتمام أيضا انصب على الكوادر الصحية الأخرى من فريق الصيدلة، فريق العلاج الطبيعي، فريق العلاج التنفسي، فريق منع الأمراض المعدية وفريق الأشعة السينية وفريق الأشعة القلبية الفوق الصوتية حيث تم وضع برامج لتخصيص فرق من الأقسام المذكورة لتغطية ما يلزمه مريض كوفيد بشكل دوري لضمان استمرارية جودة الرعاية.والعمل على توفير الكوادر الطبية من التخصصات الإكلينكية والدقيقة من خلال استدعاء ما يلزم من التخصصات بحسب حاجة المريض وبحسب استعجال الوضع الصحي ضمن ما تم الاتفاق عليه مسبقا وبالتنسيق مع الأقسام الطبية لتفادي التأخير في الرعاية المقدمة. وهناك دور متواصل من فرق المختبرات الطبية للنهوض بالفحوصات المخبرية لتشخيص المرض بشكل سريع مقارنة بالعوائق الكثيرة في الموجات السابقة مما ساهم في تسهيل وسرعة وصول المرضى لأقسام العناية.
ا
تجديد البروتوكول العلاجي
وعن عامل البرتوكول العلاجي، فقد أوضحت الدكتورة هدى بأن البرتوكول العلاجي الخاص بفيروس كوفيد19 تم وضعه من أهل الاختصاص في الأمراض المعدية بالسلطنة، يخضع باستمرار للمراجعة والتدقيق والتجديد بحسب الدراسات الطبية العالمية وبحسب ما تقره المؤسسات العالمية الكبرى، وفي أثناء الموجة الأخيرة اعتمدت السلطنة بالتعاون مع بقية دول الخليج العربي بروتوكول علاجي موحد بعد الدراسات المستفيضة في هذا المجال، وهناك بروتوكول علاجي لمرضى كوفيد19 في العناية المركزة يشمل تفاصيل لما يحتاجه المريض في العناية المركزة لجميع وظائف الجسم مع النظر في الجوانب التي أظهرت فاعليتها بشكل خاص في مرضى كوفيد19، وتم تفعيل المنصات الإلكترونية لإقامة الندوات الطبية بهدف توحيد ومشاركة المعرفة بين الكوادر الطبية في مختلف المؤسسات الطبية في السلطنة.
وبينت الدكتورة: رفــع المستشفى الطاقــة الاستيعابية لأقسام العنايــة المركــزة وتوسعيها لتصل إلى 80 سريراً مما يضمن توفير المســتوى المطلــوب مــن الجــودة والثبــات فــي تقديــم خدمــات الرعايــة المتقدمـة وذلك بناء على ما اكتسب من معرفة في الموجات السابقة مما جعل الأمر أكثر مرونة لاستقبال الأعداد المتزايدة من المرضى. وتفعيل فرق الدعم لضمان استمرارية الكوادر الطبية في القيام بما يتطلبه الأمر حيث تم تفعيل فرق الرعاية النفسية وفرق الدعم الصحي وتوظيف الموارد اللازمة مع ارتفاع ضغط العمل والضغط النفسي للعاملين الصحيين، و استغلال التقنية بشكل أكبر في الموجة الأخيرة للتواصل بين المرضى وذويهم بالإضافة إلى تسهيل لغة التواصل مع أسر المرضى بالتعاون مع الفرق المعنية بتحسين تجربة المرضى في المؤسسة.
وعن التنسيق مع قطاع الاستجابة الطبية والصحة العامة بوزارة الصحة، أفادت الدكتورة هدى بأنه تم تفعيل القطاع بشكل كبير لتولي مهمة متابعة توافر أسرة العناية المركزة والتنسيق بين المؤسسات الصحية لتسيهل وصول المرضى للرعاية المركزة في أقصر فترة ممكنة، وكان للقطاع الدور الفاعل في تخفيف العبء عن كاهل أطباء العناية بالقيام بهذا الأمر مما أسهم في توجيه جهد الأطباء للرعاية المباشرة للمرضى.
إجراءات السلامة
وعن توفير أعلى مستويات الجودة وسلامة المرضى في ظل الظروف الصحية وتسارع الأحداث وتزايد عدد الحالات، أوضحت الدكتورة: للحفاظ على جودة الخدمة المقدمة للمرضى مع السعي لزيادة القدرة الاستيعابية الاعتيادية لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات المقدمة بسبب الحالات المتزايدة من فيروس كورونا المستجد، قام المستشفى بوضع خطة واضحة ومدروسة شملت بعض الإجراءات مثل تهيئة مبنى متكامل منفصل عن بقية أقسام المستشفى لاستقبال مرضي الكوفيد ذوي الحالات المستقرة والحرجة على حد السواء وتم احتساب القدرة الاستيعابية القصوى لقبول المرضى وإدخالهم للمستشفى، وتوفير الأسرة والموارد البشرية، وأجهزة التنفس الصناعي وموارد أخرى في حال تصاعد الحالات كما حدث في الموجة الأخيرة. وضع خطة ثانوية لتحديد طرق لتوسيع قدرة المستشفى الداخلية في حال الوضع استدعى توسعات إضافية بما في ذلك المساحة المادية والموظفين واللوازم والعمليات، وإلغاء الخدمات غير الأساسية مثل الجراحات الاختيارية أو التشخيصية غير الطارئة وتخفيض عدد الأسرة المتاحة لهذا الغرض، و مراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية) KPI (في العناية المركزة، على سبيل المثال: نسبة عدوى المستشفيات المكتسبة والتقرحات الفراشية لضمان تقديم خدمة طبية عالية المستوى.
تدريب طاقم التمريض
ومن جانبها قالت الممرضة جميلة المبسلية رئيسة أقسام العناية المركزة عن توفير الموارد البشرية مع الحفاظ على جودة الخدمة المقدمة: اتبعت دائرة التمريض عدة خطوات منها الحفاظ على نسبة عدد المرضى المخصصين لكل ممرضة في وحدة العناية المركزة (1: 1)، وتم تخفيضها في الموجة الأخيرة إلى ( 2: 1 ) للحفاظ على جودة الخدمات المقدمة، إلا أن العديد من المستشفيات الدولية فشلت في الحفاظ على هذه النسبة، كما لمواجهة نقص الخبرة عند الأطقم المنتدبة كان لا بد من خلط المهارات لتفادي تدهور المريض خصوصا في أقسام العناية المركزة، وتم إقران الممرضات من الأقسام العامة بممرضات من وحدة العناية المركزة لتقديم المساعدة المطلوبة والحفاظ على سلامة المرضى، أما بالنسبة للطاقم الجديد قام الفريق بإجراء تدريب مكثف في غضون أسبوعين؛ بدعم من المدرب السريري وممرضي ذوي الخبرة في وحدة العناية المركزة؛ لينضم الموظفون إلى موكب العناية لتقديم الخدمة، وبين ديسمبر ومارس 2021، خضع 60٪ من الممرضات لبرنامج تدريبي للمهارات الحرجة والسلامة للتعامل مع مرضى وحدة العناية المركزة، وبالإضافة إلى ذلك، نشر كتيب لوحدة العناية المركزة في وقت قصير ليكون في متناول أيدي الجميع مع سهولة تحميله في النظام والأجهزة الذكية، و قام الفريق بإنشاء مقاطع تعليمية صغيرة تحتوي على معظم الإجراءات المهمة المستخدمة في العناية المركزة وتحميلها على الأجهزة الذكية، وكان التواصل المستمر من أحد العناصر الرئيسية التي حافظت على سلامة المرضى، وكان هناك إشراف مستمر وتوجيه مباشر مع طاقم التمريض فيما يتعلق بأدائهم لتحسين مهاراتهم.
د. هدى الخليلية: برتوكول علاج كوفيد19 يخضع باستمرار للمراجعة والتدقيق والتجديد حسب الدراسات العالمية
جميلة المبسلية: إخضاع الممرضات لبرنامج تدريبي في المهارات الحرجة للتعامل مع مرضى وحدة العناية المركزة
-تعيين أكثر من 100 ممرضة وممرض للعمل في أقسام كوفيد19
-الجائحة أظهرت تعاضد الطاقم الطبي واستعداده لمواجهة الأزمات رغم صعوبتها وقسوتها
كتبت- عهود الجيلانية -
أوضح المستشفى السلطاني أنه شكل لجنة لإدارة جائحة كوفيد19 للوقف على كل المستلزمات المطلوبة لمواجهة الجائحة تعمل كحلقة وصل بين المستشفى ووزارة الصحة، مع وضع خطة واضحة ومدروسة شملت بعض الإجراءات التي قام بها المستشفى وهي تهيئة مبنى متكامل منفصل عن بقية أقسام المستشفى لاستقبال مرضى كوفيد19 ذوي الحالات المستقرة والحرجة ورفع طاقته الاستيعابية بأقسام العناية المركزة لتصل إلى 80 سريراً وتوفير كافة الأسرة والموارد البشرية، وأجهزة التنفس الصناعي في حال تصاعد الحالات كما حدث في الموجة الأخيرة حفاظا على جودة الخدمة المقدمة للمرضى مع الطلب المتزايد على الخدمات المقدمة وإلغاء الخدمات غير الأساسية مثل الجراحات الاختيارية أو التشخيصية غير الطارئة، كما قامت وزارة الصحة بتعيين أكثر من 100 ممرض وممرضة في شهري يونيو وأغسطس 2020 من ذوي الخبرة للعمل في أقسام كوفيد19.
وفي هذا الجانب قالت الدكتورة سعاد بنت سالم الإسماعيلية طبيبة استشارية أولى مديرة دائرة الجودة وسلامة المرضى بالمستشفى السلطاني في تصريح خاص لـ"عمان": قام المستشفى بتجنيد معايير الجودة للتأقلم مع الظروف المستجدة مع الجائحة، فإدارة الجودة ترتكز على مجموعة من المبادئ منها التركيز على العميل وتلبية احتياجاته وتوقعاته: ومن هذا المنظور ركز المستشفى على كيفية توفير الرعاية الصحية لمصابي كورونا دون التقصير مع المرضى الآخرين، كما عمل المستشفى على تشكيل لجنة إدارة جائحة كورونا للوقف على كل المستلزمات المطلوبة لمواجهة الجائحة، تعمل كحلقة وصل بين المستشفى ووزارة الصحة، مع اتخاذ الإجراءات الإداريّة والتنظيميّة اللازمة لضمان استمراريّة إسداء الخدمات الصحيّة في أفضل الظروف، فوضعت خطة كاملة للاستجابة للجائحة وحددت مسؤوليات كل الكوادر الصحية لضمان تنفيذ الخطة. وإشراك العاملين في مختلف المستويات فهم جوهر المستشفى ليكونوا جزءا من لجنة إدارة الجائحة ولكي تتمكن اللجنة من العمل بفعالية وكفاءة والنظر مباشرة في المعوقات لحلها، ويقوم الفريق القائم على الجائحة بمراجعة التغيرات المستمرة لإعداد المصابين مع توجيه الموارد حسب الحاجة وإدخال آليات جديدة للحفاظ على مستوى الخدمة المقدمة للمريض.
وأضافت: قام المستشفى السلطاني بمراجعة بيانات كوفيد19 من أعداد الإصابات الجديدة وحالات الوفيات بشكل دوري لتخطيط الموارد المطلوبة، كتوسعة الطاقة الاستيعابية للتنويم وما يلزمه من موارد، فمثال تمت مراجعة البيانات والمخرجات السابقة للتخطيط السليم لمواجهة الموجة الأخيرة. وللوقاية من الأخطاء قبل وقوعها عمل على مراجعة جميع حالات الوفيات والمراضة الحادثة في أقسام الكوفيد19 للتأكد من اتباع البروتوكولات الطبية وتعديلها إذا لزم الأمر، كما تمت مراجعة الاستراتيجية التي استخدمت في بداية الجائحة مع إضافة التعديلات اللازمة لتفادي الصعوبات وتسهيل تنفيذ الخطة المعدلة. ولتنمية إمكانيات ورفع كفاءة الموظفين وزيادة قدرتهم للتعامل مع مرضى كوفيد خصوصا في أقسام الرعاية المركزة؛ تم وضع خطة تدريبية شاملة لكل الموظفين الجدد المنتدبين إلى أقسام الكوفيد، شملت الوقاية من العدوى ومكافحتها والإدارة السريرية.
الاستفادة الإيجابية
وعرجت الدكتورة بحديثها عن طرق الاستفادة الإيجابية من أزمة كورونا في تحسين جودة الخدمات الصحية، فأوضحت: الجائحة أظهرت مدى تعاضد الطاقم الطبي واستعداده لمواجهة التحديات والأزمات رغم صعوبتها وقسوتها، متناسـين الخـوف والقلـق مـن فيـروس شـرس يتربـص بهـم فـي كل لحظـة، مؤكدة أن هناك دروس إيجابية مستفادة من الجائحة، فقالت: من الضروري التحضير لمواجهة الجوائح والحالات الطارئة بخطة واضحة، والإعداد المبكر للأطقم الطبية للتقليل من الضغوطات النفسية، مع وجوب إدارة الموارد المتوفرة لتقديم الرعاية الصحية المطلوبة مع استخدام مبادئ التطوير المستمر –اللين- في تحسين العمليات والخدمات الصحية المقدمة من المستشفى، و لمواجهة أي وباء أو موجة طوارئ، يتعين علينا وضع خطة شاملة ومرنة مع إدراج المستشفيات المرجعية ومستشفيات القطاع الخاص وغيرها من المؤسسات في البلد ضمن الخطة، كما يجب علينا إيجاد البدائل الطبية والمعدات بشكل دائم وإعداد خطط بديلة، و مراجعة مستوى الأداء المستمر أثناء الجائحة ما اسهم في تحديد نقاط الضعف في النظام الصحي الحالي وسوف يساهم في تحسينه في المستقبل، وهناك أهمية في اتباع نظام مرن في العمــل وإمكانيــة الاعتماد علي النظــام الرقمــي لتقديم الكثير من الخدمات الصحية.
وحول إستراتيجية العمل في الأزمات الصحية التي اتبعها المستشفى، ذكرت الإسماعيلية: لقد فاق التدفق الهائل للمرضى قدرات الأنظمة الصحية الوطنية وسط النقص الحاد في موظفي الرعاية الصحية الأكفاء واللوازم الطبية الأساسية، فكان محتماً وضع خطة واستراتيجية متكاملة للتأهب لمواجهة جائحة كورونا والتي ارتكزت على العمل بالقدرة القصوى للمستشفى وإدارة الحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها والموارد البشرية و استمرارية الخدمات الصحية الأساسية ورعاية المرضى من غير مرضى فيروس كورونا، ووضع سياسة واضحة لمراقبة ورصد الوضع الوبائي بالمستشفى، و توفير بيئة عمل آمنة من خلال التركيز على تطبيق إجراءات صارمة للمحافظة على سلامة وصحة العاملين بالمستشفى، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لتخفيف الضغط النفسي والتوتر المصاحب للإجهاد لدى الموظفين، وضمان إدارة نظام الاتصالات والخدمات اللوجستية وإدارة اللوازم بما في ذلك الأدوية وخدمات المختبرات وخدمات الدعم الأساسية.
العناية المركزة
ومن جانب آخر أكدت الدكتورة هدى الخليلية استشارية العناية المركزة الكبار بالمستشفى السلطاني أن عنصر الموارد البشرية من أهم العناصر الذي وجب التركيز عليها لضمان وجود أعداد كافية من الموظفين لاستمرارية العمليات في المستشفى، وللتعامل مع موجة كورونا الأخيرة تم وضع خطط جديدة لمواجهة الجائحة ركزت على عوامل عدة أولها في العوامل البشرية الذي انقسم الاهتمام فيه إلى عدة أقسام منها الكادر الطبي حيث كان في المرحلة الأولى لابد من توجيه كامل أطباء العناية المركزة لتغطية حالات كوفيد19 مع مبادرة خفض عدد المنومين في العناية العامة من الحالات الجراحية الاختبارية والتي قد تستلزم مراقبة مع بعد الإجراء الجراحي في قسم العناية. وشملت المرحلة الثانية الاستعانة بفريق أطباء التخدير العاملين في غرف العمليات بشكل تدريجي لتغطية الزيادة المتسارعة في حالات كوفيد وذلك بتقليص عدد غرف العلميات الجراحية الغبر طارئة لمختلف التخصصات الجراحية. أما في المرحلة الثالثة فقد تم استدعاء أطباء تخدير من المؤسسات الصحية الأخرى لتساهم في رعاية مرضى كوفيد لكون المستشفى السلطاني هو الواجهة الرئيسية لمرضى عناية كوفيد في السلطنة. والمرحلة الرابعة تضمنت استدعاء الأطباء من مختلف التخصصات الأخرى العاملين في المستشفى مع مراعاة تقديم الفرق التي ساهمت في رعاية مرضى كوفيد في السابق لما لها من معرفة وخبرة مسبقة، وتوزيع المهام في مجموعات محددة لتشمل تواجد أهل الخبرة من العناية والتخدير في جميع هذه المجموعات لضمان جودة الرعاية.
أما في العناية بالكادر التمريضي فقد تركزت الخطوة الأولى في الاستعانة بطاقم التمريض الداخلي في المستشفى، وإعادة تكليفه في أقسام الكوفيد المختلفة وكانت هناك استجابة فورية من المديرية العامة للتمريض لتوفير وتسهيل انتداب طاقم تمريض من المستشفيات المرجعية والمراكز الصحية إلى المستشفى السلطاني بالإضافة إلى ذلك قامت الوزارة بتعين أكثر من مائة ممرضة وممرض بين يونيو وأغسطس 2020 من ذوي الخبرات المختلفة للعمل في أقسام كوفيد19.
وأضافت الخليلية أن الاهتمام أيضا انصب على الكوادر الصحية الأخرى من فريق الصيدلة، فريق العلاج الطبيعي، فريق العلاج التنفسي، فريق منع الأمراض المعدية وفريق الأشعة السينية وفريق الأشعة القلبية الفوق الصوتية حيث تم وضع برامج لتخصيص فرق من الأقسام المذكورة لتغطية ما يلزمه مريض كوفيد بشكل دوري لضمان استمرارية جودة الرعاية.والعمل على توفير الكوادر الطبية من التخصصات الإكلينكية والدقيقة من خلال استدعاء ما يلزم من التخصصات بحسب حاجة المريض وبحسب استعجال الوضع الصحي ضمن ما تم الاتفاق عليه مسبقا وبالتنسيق مع الأقسام الطبية لتفادي التأخير في الرعاية المقدمة. وهناك دور متواصل من فرق المختبرات الطبية للنهوض بالفحوصات المخبرية لتشخيص المرض بشكل سريع مقارنة بالعوائق الكثيرة في الموجات السابقة مما ساهم في تسهيل وسرعة وصول المرضى لأقسام العناية.
ا
تجديد البروتوكول العلاجي
وعن عامل البرتوكول العلاجي، فقد أوضحت الدكتورة هدى بأن البرتوكول العلاجي الخاص بفيروس كوفيد19 تم وضعه من أهل الاختصاص في الأمراض المعدية بالسلطنة، يخضع باستمرار للمراجعة والتدقيق والتجديد بحسب الدراسات الطبية العالمية وبحسب ما تقره المؤسسات العالمية الكبرى، وفي أثناء الموجة الأخيرة اعتمدت السلطنة بالتعاون مع بقية دول الخليج العربي بروتوكول علاجي موحد بعد الدراسات المستفيضة في هذا المجال، وهناك بروتوكول علاجي لمرضى كوفيد19 في العناية المركزة يشمل تفاصيل لما يحتاجه المريض في العناية المركزة لجميع وظائف الجسم مع النظر في الجوانب التي أظهرت فاعليتها بشكل خاص في مرضى كوفيد19، وتم تفعيل المنصات الإلكترونية لإقامة الندوات الطبية بهدف توحيد ومشاركة المعرفة بين الكوادر الطبية في مختلف المؤسسات الطبية في السلطنة.
وبينت الدكتورة: رفــع المستشفى الطاقــة الاستيعابية لأقسام العنايــة المركــزة وتوسعيها لتصل إلى 80 سريراً مما يضمن توفير المســتوى المطلــوب مــن الجــودة والثبــات فــي تقديــم خدمــات الرعايــة المتقدمـة وذلك بناء على ما اكتسب من معرفة في الموجات السابقة مما جعل الأمر أكثر مرونة لاستقبال الأعداد المتزايدة من المرضى. وتفعيل فرق الدعم لضمان استمرارية الكوادر الطبية في القيام بما يتطلبه الأمر حيث تم تفعيل فرق الرعاية النفسية وفرق الدعم الصحي وتوظيف الموارد اللازمة مع ارتفاع ضغط العمل والضغط النفسي للعاملين الصحيين، و استغلال التقنية بشكل أكبر في الموجة الأخيرة للتواصل بين المرضى وذويهم بالإضافة إلى تسهيل لغة التواصل مع أسر المرضى بالتعاون مع الفرق المعنية بتحسين تجربة المرضى في المؤسسة.
وعن التنسيق مع قطاع الاستجابة الطبية والصحة العامة بوزارة الصحة، أفادت الدكتورة هدى بأنه تم تفعيل القطاع بشكل كبير لتولي مهمة متابعة توافر أسرة العناية المركزة والتنسيق بين المؤسسات الصحية لتسيهل وصول المرضى للرعاية المركزة في أقصر فترة ممكنة، وكان للقطاع الدور الفاعل في تخفيف العبء عن كاهل أطباء العناية بالقيام بهذا الأمر مما أسهم في توجيه جهد الأطباء للرعاية المباشرة للمرضى.
إجراءات السلامة
وعن توفير أعلى مستويات الجودة وسلامة المرضى في ظل الظروف الصحية وتسارع الأحداث وتزايد عدد الحالات، أوضحت الدكتورة: للحفاظ على جودة الخدمة المقدمة للمرضى مع السعي لزيادة القدرة الاستيعابية الاعتيادية لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات المقدمة بسبب الحالات المتزايدة من فيروس كورونا المستجد، قام المستشفى بوضع خطة واضحة ومدروسة شملت بعض الإجراءات مثل تهيئة مبنى متكامل منفصل عن بقية أقسام المستشفى لاستقبال مرضي الكوفيد ذوي الحالات المستقرة والحرجة على حد السواء وتم احتساب القدرة الاستيعابية القصوى لقبول المرضى وإدخالهم للمستشفى، وتوفير الأسرة والموارد البشرية، وأجهزة التنفس الصناعي وموارد أخرى في حال تصاعد الحالات كما حدث في الموجة الأخيرة. وضع خطة ثانوية لتحديد طرق لتوسيع قدرة المستشفى الداخلية في حال الوضع استدعى توسعات إضافية بما في ذلك المساحة المادية والموظفين واللوازم والعمليات، وإلغاء الخدمات غير الأساسية مثل الجراحات الاختيارية أو التشخيصية غير الطارئة وتخفيض عدد الأسرة المتاحة لهذا الغرض، و مراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية) KPI (في العناية المركزة، على سبيل المثال: نسبة عدوى المستشفيات المكتسبة والتقرحات الفراشية لضمان تقديم خدمة طبية عالية المستوى.
تدريب طاقم التمريض
ومن جانبها قالت الممرضة جميلة المبسلية رئيسة أقسام العناية المركزة عن توفير الموارد البشرية مع الحفاظ على جودة الخدمة المقدمة: اتبعت دائرة التمريض عدة خطوات منها الحفاظ على نسبة عدد المرضى المخصصين لكل ممرضة في وحدة العناية المركزة (1: 1)، وتم تخفيضها في الموجة الأخيرة إلى ( 2: 1 ) للحفاظ على جودة الخدمات المقدمة، إلا أن العديد من المستشفيات الدولية فشلت في الحفاظ على هذه النسبة، كما لمواجهة نقص الخبرة عند الأطقم المنتدبة كان لا بد من خلط المهارات لتفادي تدهور المريض خصوصا في أقسام العناية المركزة، وتم إقران الممرضات من الأقسام العامة بممرضات من وحدة العناية المركزة لتقديم المساعدة المطلوبة والحفاظ على سلامة المرضى، أما بالنسبة للطاقم الجديد قام الفريق بإجراء تدريب مكثف في غضون أسبوعين؛ بدعم من المدرب السريري وممرضي ذوي الخبرة في وحدة العناية المركزة؛ لينضم الموظفون إلى موكب العناية لتقديم الخدمة، وبين ديسمبر ومارس 2021، خضع 60٪ من الممرضات لبرنامج تدريبي للمهارات الحرجة والسلامة للتعامل مع مرضى وحدة العناية المركزة، وبالإضافة إلى ذلك، نشر كتيب لوحدة العناية المركزة في وقت قصير ليكون في متناول أيدي الجميع مع سهولة تحميله في النظام والأجهزة الذكية، و قام الفريق بإنشاء مقاطع تعليمية صغيرة تحتوي على معظم الإجراءات المهمة المستخدمة في العناية المركزة وتحميلها على الأجهزة الذكية، وكان التواصل المستمر من أحد العناصر الرئيسية التي حافظت على سلامة المرضى، وكان هناك إشراف مستمر وتوجيه مباشر مع طاقم التمريض فيما يتعلق بأدائهم لتحسين مهاراتهم.