تتواصل هذه الأيام عملية البحث عن نبات الفطر الملكي في أودية وسهول أرياف جبال محافظة ظفار، من ولاية مرباط شرقا وحتى ولاية ضلكوت غربا، حيث تنتعش الحياة الفطرية في جبال ظفار مع موسم الخريف ويسمى محليا (القمبأ)، وهو فطر بري وموسمي يبدأ من منتصف شهر يوليو وينتهي نهاية شهر أغسطس الحالي، ويتكاثر كلما تساقط المطر والرذاذ بشكل متواصل ومستمر.

جريدة (عمان) التقت مع المواطن سالم بن سعيد شماس من ولاية رخيوت بمحافظة ظفار الذي شاركته (عمان) بالبحث عن نبات الفطر في أودية ولاية رخيوت ولمدة تقارب ثلاثة ساعات متواصلة حيث قال: تعد رحلة البحث عن (القمبأ) هواية ممتعة لعشاق الفطر الملكي الذي ينبت في هذا الموسم، وهذا النوع يعتبر من أفضل أنواع الفطر وأفضلها قيمة غذائية، إذ تصنف الدراسات العلمية فطر المحار الملكي ضمن المأكولات التي تعزز النظام المناعي للجسم، نظرا لاحتوائه على عناصر ومواد مهمة تساعد في تعزيز مناعة الجسم ضد الأمراض.

كيفية استخراج القمبأ

وأضاف شماس أنه يتم استخراج (القمبأ) عن طريق آلة حادة من خشب أو حديد يتم الحفر بها للحصول على كل مكونات الفطر ، حيث تتم عملية الحفر بعناية عالية وحرفية كبيرة حتى لا تؤثر على أجزاء الفطر، ومن جانب آخر للمحافظة على تربة (الشدر) التي تنبت عليها الفطر من العبث والتخريب.

وقال سالم شماس: الفطر كان له دور كبير في تغذية شريحة كبيرة من المجتمع المحلي في أرياف جبال ظفار تحديدا نظرا لشح الموارد الغذائية بل وعدمها في بعض الأحيان لبعض الناس. من هنا اكتسب هذا المورد المتواضع كميته والمحصور مكانه والمحدود زمانه أهمية كبرى لدى المستفيدين منه.

رحلة البحث عن الفطر

وأشار إلى أنه بعد بزوغ عصر النهضة وتنوع السلة الغذائية للمواطن استمرت رمزية القمبأ ووقعها في نفوس الذين عاصروها يأبى أن ينفك عنهم، لذا تجد الكثير من المواطنين في الجبل بمجرد أن يبدأ الموسم يشكلون فرقا من شخصين فأكثر، ويشرعون في عملية البحث وجمع الفطر المحلي. البعض يقوم بتلك الرحلة من أجل الرياضة واستكشاف المواقع والتمتع بطهي الفطر على الطرق المحلية المختلفة. والبعض الآخر يقوم بذلك لأجل الكسب المادي حيث يبيع ما استطاع جمعه للمواطنين والسياح. وقد تتراوح قيمة الفطر بين 20-50 ريالا للكيلوجرام الواحد. إن مبلغا كهذا بشكل يومي يعد رافدا ولو مؤقتا للبعض خصوصا ذوي الظروف المادية الصعبة. ومما يؤسف له أنه ظهر في السنوات الأخيرة انخراط بعض العمالة الوافدة في منافسة المعنيين من أهالي الجبل في هذه العملية. ويلاحظ بما لا يدع مجالا للشك أن العمالة الوافدة لا تتبع الطرق السليمة والتعليمات الصحيحة في البحث والاستخراج تحديدا. كما أن عملية استخراج الفطر لها أسلوب متوارث ومتعارف عليه، حيث أن الفطر عادة ما ينبت في أماكن تجمع تراب الشجر العتيقة اليابسة والتي يتحول جذعها وجزء من ساقها إلى طين بفعل دابة الأرض التي تحول الحطب إلى تراب كجزء من تكامل النظام البيئي الذي أودعه الله في كونه. ومن هنا تتجدد التربة لتعوض عن الفقدان الناتح عوامل انجراف التربة الطينية. بهذا نفهم أن الفطر أكثر ما ينبت على أكوام التربة الطينية، والتي ترتفع عن مستوى الأرض المحيطة بها. لذلك فإن الوافد حين يقوم بحفر الفطر ولكي يستفيد من ساقها المتجذر في التربة يزيح الطين ويخرجه من تجمعه مما يجعل التربة أكثر عرضة للانجراف ونسبة استمرار ظهور الفطر مستقبلا أقل بكثير بسبب فقدان التربة المتجمعة.

كما نوه شماس بأن هناك نوعا آخر من أنواع الفطر الذي يظهر في نفس الموسم وفي نفس المواقع أحيانا وهو ما يسمى بالمحلي بقنبا اقيريحتي، يعني فطر الحمير وهو ضار ولا يؤكل وربما ضرره يرقى إلى درجة السموم وكثير من الوافدين لا يفرقون بينهما نظرا لتشابهما. من هنا نتمنى أن يكون لهذا المورد قوانين تقننه وتضع حدا للعابثين بموروث البلد والذين لا يهمهم سوى الكسب الآني غير أبهين بما تساهم به أيديهم من أضرار على البيئة والمجتمع.