محمد جميل أحمد
الأفكار الحية لها القدرة عل اختبار دلالتها الكاشفة عن قيمة إنتاج المعنى من خلال تمثلات قد يراها الناس في تعبيرات كثيرة وفي مفردات متعددة، تأخذ أحياناً طابع العادة، مثلاً، لكنها في الحقيقة تتجاوز تلك الحالة العادية إذا ما تأمل فيها الفرد.
ذلك أن تواطؤ المجتمعات الإنسانية على العادات التي تنطوي على الأفكار الحية عادة ما تكون انعكاساً لأحداث تاريخية مؤسسة يكون فعلها في تأسيس تلك الأفكار كناموس اجتماعي قوي، لكن، وحده، المفكر والفيلسوف، من يمكنه التأمل في القدرة على الفرز في القيم التي تنطوي على الأفكار الحية، من خلال قراءاته وملاحظاته المتماسكة.
فحين نقع على عادات معينة في طقس ديني مثلاً، أو حين نتأمل في مؤسسة إنسانية عريقة كمؤسسة الأسرة؛ التي تعتبر الشرط الشارط لسوية النشأة الإنسانية للفرد ضمن الحاضنة المجتمعية؛ فإننا إذ نفكر في تلك العادة المعينة في الطقس الديني، أو في طبيعة الأسرة كوحدة اجتماعية تاريخية موغلة في القدم، قد لا نفكر فيهما تفكيراً نقدياً أو فلسفياً يرصدهما كظاهرة تحتاج إلى أن نكوّن عنهما رأياً محايداً ومستقلاً عن المزاج التقليدي الذي غالباً ما يهيمن على قاعات وعينا الباطن، بحيث لا نملك قدرة مستقلة تعيد لنا رؤية جديدة للأفكار الحية في ذاتها متى ما نظرنا إليها بذلك النظر الفلسفي العميق.
ربما كان من أهم الاعتبارات التي أعادت التفكير في إمكانية رؤية ما «للدين العاقل» بحسب الفيلسوف الألماني الكبير «يورغن هابرماز» هو النظر العميق في قيم اجتماعية معينة ؛ كقيمة الأسرة وامتدادها القديم، قدم التاريخ، وحيثيتها الضرورية لأن تكون شرطاً شارطاً لسوية نشأة الفرد الإنساني، في كل عصر وكل مكان؛ فنظام الأسرة الذي هو وحدة اجتماعية تنتظم كل المجتمعات الإنسانية على الإطلاق لا يمكننا التفكير فيه باعتباره فكرة أو اختراعا إنسانيا، لأنه بما أننا جزء من ذلك النظام العريق فسنفكر بالضرورة عن قيمة عليا جعلت من ذلك النظام الأسري على تلك السوية التي لابد منها لكي يكون الفرد البشري منتمياً لحاضنة فطرية تمنحه كل الامتيازات التي تجعل من إنسانيته معبرة عن معناها الكريم والمستحق عبر تلك العلاقات التربوية والإنسانية التي تنتجها مؤسسة الأسرة البشرية.
وإزاء تفكير نقدي فلسفي كهذا في هوية الأسرة الإنسانية وأصل نشأتها لا يمكننا أن نتفادى أبداً التفكيرَ في استحقاق تشريع ديني قديم للإنسانية تواطأت عبره على الانتظام الطبيعي في مؤسسة الأسرة البشرية.
هنا سيكون تفكيرنا في علاقة ضرورية تمثل أولوية مطلقة للدين بتشريع قانون الأسرة البشرية القديم متصلاً على نحو اضطراري بما يمكن أن نسميه الأفكار الحية التي لا تموت، وسنقع على نمط من التفكير والاستنتاج يجعلنا أكثر قدرةً على الاستقلالية في تكوين آرائنا بعيداً عن القوالب النظرية التي يتم اعتمادها في بعض الأفكار المادية للحداثة.
ومن جملة الأفكار الحية التي يمكننا التأمل فيها بنظر غير تقليدي لتدلنا على قيمتها التأسيسية في الإسلام؛ سنجد عادة قد يراها كثير من المسلمين طبيعية جداً وبلا غرابة، لكن حين التأمل فيها عميقاً ستلفتنا إلى المعنى الذي يعيد لنا تعريف مفهوم الأفكار الحية.
فمثلاً حين نأخذ قيمة المساواة في أداء شعيرة الصلاة عند المسلمين في عموم المساجد، سنجد أن ظاهرة اصطفاف المسلمين لأداء الصلاة في صف واحد يجمع بين جميع المصلين بمختلف حيثياتهم وألوانهم ومقاماتهم بغض النظر عن أي اعتبار لطبقات المصلين أو هوياتهم الدنيوية؛ فهذا الطقس التعبيري الذي يراه كثير من المسلمين عادياً وبلا غرابة هو في الحقيقة ليس كذلك، إذا عرفنا مثلاً أن في الغرب كانت هناك كنائس يصلي فيها الناس بحسب طبقاتهم! أي بمعنى أن تلك العادية التي تجعل المسلم الغني مثلاً، لا يستنكف من الوقوف في الصلاة إلى جانب فقير، هي جزء من نظام للقيم في الإسلام ينظر إلى المساواة باعتبارها مبدأً لا يقبل المساومة حين يقف المسلمون للعبادة أمام الخالق.
هكذا سنجد كثيراً من الأفكار الحية التي نقع على تعبيراتها في مفردات حياتنا، دون أن ندرك بالفعل أنها أفكار حية؛ وحينئذ سيكون السبب الحصري في رؤيتنا التقليدية تلك؛ هو أننا ننظر إليها بعيداً عن التفكير النقدي المستحق.
الأفكار الحية لها القدرة عل اختبار دلالتها الكاشفة عن قيمة إنتاج المعنى من خلال تمثلات قد يراها الناس في تعبيرات كثيرة وفي مفردات متعددة، تأخذ أحياناً طابع العادة، مثلاً، لكنها في الحقيقة تتجاوز تلك الحالة العادية إذا ما تأمل فيها الفرد.
ذلك أن تواطؤ المجتمعات الإنسانية على العادات التي تنطوي على الأفكار الحية عادة ما تكون انعكاساً لأحداث تاريخية مؤسسة يكون فعلها في تأسيس تلك الأفكار كناموس اجتماعي قوي، لكن، وحده، المفكر والفيلسوف، من يمكنه التأمل في القدرة على الفرز في القيم التي تنطوي على الأفكار الحية، من خلال قراءاته وملاحظاته المتماسكة.
فحين نقع على عادات معينة في طقس ديني مثلاً، أو حين نتأمل في مؤسسة إنسانية عريقة كمؤسسة الأسرة؛ التي تعتبر الشرط الشارط لسوية النشأة الإنسانية للفرد ضمن الحاضنة المجتمعية؛ فإننا إذ نفكر في تلك العادة المعينة في الطقس الديني، أو في طبيعة الأسرة كوحدة اجتماعية تاريخية موغلة في القدم، قد لا نفكر فيهما تفكيراً نقدياً أو فلسفياً يرصدهما كظاهرة تحتاج إلى أن نكوّن عنهما رأياً محايداً ومستقلاً عن المزاج التقليدي الذي غالباً ما يهيمن على قاعات وعينا الباطن، بحيث لا نملك قدرة مستقلة تعيد لنا رؤية جديدة للأفكار الحية في ذاتها متى ما نظرنا إليها بذلك النظر الفلسفي العميق.
ربما كان من أهم الاعتبارات التي أعادت التفكير في إمكانية رؤية ما «للدين العاقل» بحسب الفيلسوف الألماني الكبير «يورغن هابرماز» هو النظر العميق في قيم اجتماعية معينة ؛ كقيمة الأسرة وامتدادها القديم، قدم التاريخ، وحيثيتها الضرورية لأن تكون شرطاً شارطاً لسوية نشأة الفرد الإنساني، في كل عصر وكل مكان؛ فنظام الأسرة الذي هو وحدة اجتماعية تنتظم كل المجتمعات الإنسانية على الإطلاق لا يمكننا التفكير فيه باعتباره فكرة أو اختراعا إنسانيا، لأنه بما أننا جزء من ذلك النظام العريق فسنفكر بالضرورة عن قيمة عليا جعلت من ذلك النظام الأسري على تلك السوية التي لابد منها لكي يكون الفرد البشري منتمياً لحاضنة فطرية تمنحه كل الامتيازات التي تجعل من إنسانيته معبرة عن معناها الكريم والمستحق عبر تلك العلاقات التربوية والإنسانية التي تنتجها مؤسسة الأسرة البشرية.
وإزاء تفكير نقدي فلسفي كهذا في هوية الأسرة الإنسانية وأصل نشأتها لا يمكننا أن نتفادى أبداً التفكيرَ في استحقاق تشريع ديني قديم للإنسانية تواطأت عبره على الانتظام الطبيعي في مؤسسة الأسرة البشرية.
هنا سيكون تفكيرنا في علاقة ضرورية تمثل أولوية مطلقة للدين بتشريع قانون الأسرة البشرية القديم متصلاً على نحو اضطراري بما يمكن أن نسميه الأفكار الحية التي لا تموت، وسنقع على نمط من التفكير والاستنتاج يجعلنا أكثر قدرةً على الاستقلالية في تكوين آرائنا بعيداً عن القوالب النظرية التي يتم اعتمادها في بعض الأفكار المادية للحداثة.
ومن جملة الأفكار الحية التي يمكننا التأمل فيها بنظر غير تقليدي لتدلنا على قيمتها التأسيسية في الإسلام؛ سنجد عادة قد يراها كثير من المسلمين طبيعية جداً وبلا غرابة، لكن حين التأمل فيها عميقاً ستلفتنا إلى المعنى الذي يعيد لنا تعريف مفهوم الأفكار الحية.
فمثلاً حين نأخذ قيمة المساواة في أداء شعيرة الصلاة عند المسلمين في عموم المساجد، سنجد أن ظاهرة اصطفاف المسلمين لأداء الصلاة في صف واحد يجمع بين جميع المصلين بمختلف حيثياتهم وألوانهم ومقاماتهم بغض النظر عن أي اعتبار لطبقات المصلين أو هوياتهم الدنيوية؛ فهذا الطقس التعبيري الذي يراه كثير من المسلمين عادياً وبلا غرابة هو في الحقيقة ليس كذلك، إذا عرفنا مثلاً أن في الغرب كانت هناك كنائس يصلي فيها الناس بحسب طبقاتهم! أي بمعنى أن تلك العادية التي تجعل المسلم الغني مثلاً، لا يستنكف من الوقوف في الصلاة إلى جانب فقير، هي جزء من نظام للقيم في الإسلام ينظر إلى المساواة باعتبارها مبدأً لا يقبل المساومة حين يقف المسلمون للعبادة أمام الخالق.
هكذا سنجد كثيراً من الأفكار الحية التي نقع على تعبيراتها في مفردات حياتنا، دون أن ندرك بالفعل أنها أفكار حية؛ وحينئذ سيكون السبب الحصري في رؤيتنا التقليدية تلك؛ هو أننا ننظر إليها بعيداً عن التفكير النقدي المستحق.