كابول - (أ ف ب): تعمل حركة طالبان منذ امس الثلاثاء على إعادة تشغيل المرافق والمؤسسات في كابول بعد سيطرتها عليها عبر دعوة الموظفين الحكوميين للعودة إلى العمل، على الرغم من حذر السكان.

في الأثناء، يحاول عشرات الآلاف الفرار من أفغانستان خشية من حكم طالبان «المتشدد» أو خوفًا من «الانتقام» منهم لتأييدهم الحكومة التي دعمتها الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين.

استؤنفت رحلات الإجلاء من مطار كابول امس الثلاثاء بعد الفوضى التي شهدها الاثنين مع تدفق أعداد ضخمة احتشدت على مدرج المطار حتى أن اليأس دفع البعض للتشبث بطائرة عسكرية أمريكية أثناء استعدادها للإقلاع.

قادت حركة طالبان نظامًا نبذه المجتمع الدولي بين 1996 و2001 بسبب أحكامه القاسية.

سقط حكم طالبان بعدما غزت القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر ردا على توفير الملاذ لتنظيم القاعدة.

وتسعى طالبان مع عودتها إلى السلطة إلى إشاعة أجواء من الهدوء والظهور بمظهر معتدل عبرت عنه امس الثلاثاء بإعلان عفو عام عن موظفي الحكومة.

وجاء في بيان طالبان أن «أولئك الذين يعملون في أي قسم أو دائرة حكومية يجب أن يستأنفوا عملهم برضا تام وأن يواصلوا أداء واجباتهم من دون أي خوف».

كذلك أعيد فتح بعض المحلات التجارية مع عودة شرطة المرور إلى الشوارع، فيما يستعد مسؤولو طالبان لعقد أول اجتماع دبلوماسي مع السفير الروسي.

وقال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف امس الثلاثاء إن بلاده تؤيد إطلاق «حوار وطني» في أفغانستان «بمشاركة جميع القوى السياسية والاثنية والطائفية» بعد انتصار طالبان.

واعتبر ان تطمينات طالبان بشأن احترام حرية التعبير عن الرأي في أفغانستان «إيجابية».

احترام الحقوق الإنسانية

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع طارئ لمجلس الامن إن العالم «يتابع» ما يجري. وأضاف أن «على المجتمع الدولي توحيد صفوفه لضمان عدم استخدام أفغانستان مجددا منصة أو ملاذا لتنظيمات ارهابية».

كذلك، دعا «مجلس الامن والمجتمع الدولي برمته الى تشكيل جبهة والعمل معا والتحرك معا، واستخدام كل الادوات المتاحة لهما للقضاء على التهديد الارهابي العالمي في افغانستان وضمان احترام الحقوق الانسانية الاساسية».

من جانب آخر، أفادت وزارة الجيوش الفرنسية وكالة فرانس برس أن طائرة إيرباص تحمل 45 مواطنا فرنسيا ومن دول شريكة أجلتهم السلطات الفرنسية من كابول.

وسيطرت طالبان على البلاد الأحد عندما فر الرئيس أشرف غني ودخل مقاتلوها إلى كابول من دون مقاومة بعد سيطرتها بسرعة على جميع مدن البلاد في خلال عشرة أيام مع حصيلة متدنية نسبيًا للقتلى بعد عقدين من الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.

وبدأت طالبان هجومها بعدما أعلن الرئيس جو بايدن سحب القوات الأمريكية.

بايدن يدافع عن قراره

في أول تصريح له منذ انتصار طالبان، اعترف بايدن بأن تقدم الحركة جرى أسرع مما كان متوقعا.

لكنه وجه انتقادات إلى حكومة غني، وأصر على أنه لا يشعر بأي ندم، مؤكدًا أن القوات الأمريكية لا تستطيع الدفاع عن دولة «استسلم قادتها وفروا».

وقال بايدن في خطابه بالبيت الأبيض: «أعطيناهم كلّ فرصة لتقرير مستقبلهم. لا يمكننا إعطاؤهم الإرادة للقتال من أجل مستقبلهم... لا يمكن للقوات الأمريكية ولا ينبغي لها أن تقاتل في حرب وأن تُقتل في حرب لا ترغب القوات الأفغانية في خوضها».

وتعرضت الولايات المتحدة لانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع عمليات إجلاء الأفغان. فقد أرسلت 6000 جندي لضمان الإخلاء الآمن لموظفي سفارتها وكذلك للأفغان الذين عملوا كمترجمين أو في أدوار دعم أخرى.

كذلك نظمت حكومات أخرى، بما في ذلك ألمانيا وأستراليا، رحلات طيران مستأجرة لإجلاء رعايا وموظفين.

لكن الاثنين، أظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مئات الرجال وهم يجرون إلى جانب طائرة عسكرية أمريكية وهي تتقدم على المدرج وقد تشبث البعض بها.

وفي مقاطع فيديو أخرى، اندفع مدنيون لدخول طائرة مزدحمة بالركاب. وأظهرت إحدى الصور التي نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية طائرة نقل عسكرية تكدس فيها الأفغان الذين قيل إن عددهم قارب 640 شخصًا بعدما تسلق بعضهم المنزلق في اللحظة الأخيرة قبل إغلاقه تمامًا.

اعتبر الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير امس الثلاثاء أن صور الأفغان اليائسين في مطار كابول منذ أن استولت طالبان على السلطة في أفغانستان «عار على الغرب».

وقال إن «مشاهد اليأس في مطار كابول عار على الطبقة السياسية في الغرب»، مشددا على «المأساة الإنسانية» التي عاشها الأفغان أثناء محاولتهم بيأس مغادرة البلاد «ونحن مشاركون في المسؤولية عنها»، وقال الرئيس الألماني أيضا إنها «عملية بتر سياسية تهزنا وستغير العالم».

وأعلنت الحكومة الألمانية امس الثلاثاء تعليق مساعداتها التنموية لأفغانستان. وقال وزير التنمية غيرد مولر في مقابلة مع صحيفة رينيش بوست اليومية إن «التعاون الحكومي من أجل التنمية معلق في الوقت الحالي». وكانت ألمانيا تخصص سنويًا مساعدات بقيمة 430 مليون يورو لأفغانستان.

وواصلت الصين هجماتها على الولايات المتحدة بسبب الوضع في افغانستان. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ للصحافيين إن واشنطن «تركت فوضى مخيفة من العنف والانقسام والعائلات المشتتة».

«فشل السلطات الأفغانية»

انتقد الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ امس الثلاثاء «فشل السلطات الافغانية» في التصدي لطالبان ومنعها من السيطرة على كابول، مدافعا عما قامت به قوات الحلف في البلاد.

وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي إن قوات الاطلسي «قاتلت بشجاعة» في أفغانستان «لكنها لم تنجح في تأمين البلاد»، والسبب «في نهاية المطاف أن السلطات السياسة الافغانية فشلت في التصدي لطالبان والتوصل الى حل سلمي»، مؤكدا أن «إخفاق السلطات الافغانية هو ما أفضى الى ما نشهده اليوم».