تفاؤل بصعود الأسعار مع بداية 2022 -

كتبت - رحمة الكلبانية -

منذ بداية العام الجاري وأسعار النفط تعكس التعافي الذي شهده الاقتصاد العالمي بعد عام من محاولة التغلب على فيروس كورونا، ومع زيادة أعداد الخاضعين للقاح حول العالم وتخفيف قيود التنقل فقد ارتفع سعر البرميل لـ75 دولارًا منتصف هذا العام وهو مستوى غير مسبوق منذ 3 أعوام مضت. إلا أن ظهور متحورات جديدة للفيروس في آسيا والصين على وجه التحديد حد من آمال التعافي وأرجع مستويات الأسعار لما دون الـ70 دولارًا.

وتوقع مجموعة من الباحثين والخبراء في لقاءات أجروها لـ«عمان» أن تواصل الأسعار مستوياتها الحالية في الربع الأخير من العام وأن تتراوح عند مستوى 70 - 75 دولارًا للبرميل مع مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي وتخفيف القيود على السفر واستمرار توزيع اللقاحات وفي حال لم تطرأ مفاجآت تؤثر على مستويات العرض والطلب من قبل كبار المنتجين مع احتمالية للصعود مع بداية عام 2022. في حين توقع أحد الباحثين بلوغ سعر البرميل 80 دولارًا أمريكيا نهاية العام الجاري إذا ما سارت الأوضاع الاقتصادية والصحية على نحو أفضل من المتوقع.

مواصلة التذبذب

وأشار علي بن عبدالله الريامي، خبير وأخصائي تسويق في مجال الطاقة والنفط أنه من المتوقع أن تستمر الأسعار بالتذبذب بين صعود وهبوط خلال النصف الأخير من السنة الجارية مع عودة المخاوف بانتشار متحورات جديدة لفيروس كورونا والقيود التي تفرضها الدول. وقال: مع انتشار حالات جديدة للفيروس في آسيا وخاصة الصين وعودة الحذر بثت المؤسسات المالية والاقتصادية مؤشرات أقل تفاؤلا مما كانت عليه في بداية العام، وأخذت أسعار النفط بالتراجع حتى بلغ نفط عمان مؤخرًا 68 دولارا للبرميل، ومن المتوقع أن تستمر وتيرة الانخفاض لما دون الـ70 دولارا للبرميل حتى نهاية الربع الأخير من العام.

بوادر أمل

وقال الريامي بأن أداء الأسعار في النصف الأول من العام كان جيدًا جدًا، وذلك في ظل انتشار توزيع اللقاحات ضد فيروس كورونا في الكثير من دول العالم وتخفيف القيود وفتح الموانئ والمطارات بالإضافة إلى عودة الحياة الاقتصادية إلى وضعها شبه الطبيعي في كل من أوروبا وأمريكا وبعض المناطق في آسيا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى 75 دولارا للبرميل.

ويتوقع الريامي أن يشهد العالم ارتفاعا مماثلا للأسعار التي شهدها النصف الأول من العام الجاري مع بداية عام 2022 وذلك مع استمرار توزيع اللقاح وانفتاح اقتصادات العالم وانخفاض قيود السفر الأمر الذي سيضاعف الحاجة إلى الطاقة وسيرفع بدوره أسعار النفط بصورة ملحوظة.

أولويات الاقتصاد المحلي

وليحقق اقتصاد السلطنة استفادة فعلية من ارتفاع أسعار النفط، قال الريامي بإن سعر البرميل يجب أن لا يقل عن مستوى 75 إلى 80 دولارا. وأضاف: من خلال الاطلاع على موازنة عام 2021 يمكننا القول بإن الأولوية الآن تتمثل في الاستفادة من ارتفاع الأسعار في تغطية العجز المالي، الأمر الذي سيقلل الحاجة للاقتراض من البنوك الدولية والسحب من الاحتياطيات. ولكي تستطيع السلطنة أن تحقق استفادة فعلية من ارتفاع أسعار النفط في بدء مشاريع جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي فعلى البرميل أن يبلغ 80 دولارا على أقل تقدير.

أسعار مرضية

ومن جانبه، قال حمد الوهيبي، عضو الجمعية الاقتصادية العمانية بإن أسعار النفط الحالية والتي تتراوح في حدود ٧٠ دولارا للبرميل تعتبر مرضية للمستهلكين والمصدرين. وتوقع أن تستمر الأسعار في حدود ٦٥ إلى ٧٥ دولارا وذلك بسبب عدة عوامل منها اتفاق أوبك بزيادة الإنتاج التدريجي بداية من أغسطس والذي قد يؤثر على الأسعار سلبا ولكن هناك تكهنات بأن أوبك لا ترغب في زيادة إضافية للإنتاج بالرغم من مطالبة وضغط أمريكي بزيادة الإمدادات. بالإضافة إلى تراجع إنتاج المصافي بالصين بعد تفشٍ جديد لفيروس كورونا، وارتفاع مخزونات النفط بالصين مما سوف يؤثر على الطلب ومن ثم انخفاض الأسعار. وعليه فإن بقاء الطلب والعرض على المستويات الحالية سوف يحافظ على بقاء الأسعار في المستوى الحالي.

وأضاف الوهيبي أن أسعار النفط بالعموم في اتجاه تصاعدي منذ بداية العام بسبب تعافي الاقتصاد العالمي التدريجي من تداعيات الجائحة. وقال: وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية فإنه من المتوقع نمو الطلب العالمي على النفط الخام خلال العام الجاري بنحو ٥.٣ مليون برميل يوميا ليصل إلى ٩٦.٢ مليون برميل يوميا.

ويرى الوهيبي أنه من المهم الاستفادة من أرباح النفط في دفع المستحقات السابقة للشركات الصغيرة والمتوسطة والتي باتت على وشك الإفلاس. موضحًا أن السلطنة تحتاج إلى انتعاش اقتصادي من خلال دعم المشاريع التنموية والشركات الصغيرة والمتوسطة الأمر الذي سيسهم في نمو الناتج المحلي وتوفير فرص وظيفية.

ارتفاع غير مسبوق

وتوقع د. نصر أحمد أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس أن يرتفع سعر النفط بصورة أكبر في الربع الأخير من العام الجاري وأن يتراوح ما بين 72-75 دولارًا أمريكيًا. وقال: أما في حال سارت الأوضاع الاقتصادية والصحية على نحو أفضل من المتوقع فقد يصل سعر البرميل إلى 80 دولارًا أمريكيا بنهاية العام الجاري.

وأوضح د. نصر قائلا: يقترب سعر نفط عمان في الوقت الحالي من 70 دولارا للبرميل، وقد استمر في الارتفاع منذ شهر أبريل، ومن المتوقع أن تستمر موجة الصعود هذه مع استمرارية تخفيف القيود على السفر واستمرار توزيع اللقاحات ضد فيروس كورونا، وتنامي المشاريع الاقتصادية والاستثمارات إضافة إلى النتائج الواعدة التي يحملها اتفاق إيران النووي مع الولايات المتحدة. إلا أنه مع هيمنة بعض الدول على الإمدادات وكمية العرض فأنه من الصعب الجزم بأنه لن تكون هناك أية صدمات سلبية قادمة كما أن مستجدات كورونا غير المتوقعة قد ترسم اتجاهًا آخر للأسعار.

توقعات عالمية

وتشير أحدث توقعات منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» إلى ارتفاع الطلب العالمي على النفط خلال عام 2021 بنحو 6 ملايين برميل في اليوم، كما من المتوقع أن يتأثر الطلب على النفط في النصف الثاني من العام بشكل إيجابي من خلال انتعاش اقتصادي أقوى مما كان عليه في التوقعات السابقة، وذلك بدعم من برامج التحفيز والمزيد من التخفيف لإجراءات الإغلاق المرتبطة بجائحة كورونا. وقد شهدت أسعار النفط الخام الآجلة ارتفاعًا ملحوظًا منذ مطلع عام 2021، ويرجع ذلك إلى رفع كل من وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» لتوقعاتهما بشأن الطلب العالمي على النفط في عام 2021 وبخاصة خلال النصف الثاني منه ، مدفوعة بتنبؤات أفضل حيال نمو الاقتصاد العالمي لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية والصين. إضافة إلى انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي الذي يقيس أدائه مقابل سلة من ست عملات رئيسية متأثرا بانخفاض العائد على سندات الخزانة الأمريكية، ليصبح النفط المسعر أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى.