No Image
المحافظات

اللامركزية الإدارية والاقتصادية .. خطوة حيوية نحو تنمية مستدامة في المحافظات

05 نوفمبر 2024
لتعزيز الميزات التنافسية وتمكين المجتمع المحلي
05 نوفمبر 2024

المبادرة الوطنية لتطوير القيادات تُعدّ مسارا تأهيليا مستداما تستهدف الولاة وأعضاء المجالس البلدية

تمكين الإدارة المحلية والمشاركة المجتمعية فـي صنع القرارات وتقييم المشروعات

«كل عُمان» برنامج اتصالي لتحسين الإجراءات وتوعية موظفـي الوحدات الحكومية

تتجه سلطنة عُمان فـي تنمية المحافظات وجلب الاستثمارات إلى إعطاء دور أكبر للمحافظات فـي إدارة الموارد الاقتصادية وتوفـير بيئة استثمارية من خلال توظيف المقومات المكانية وتفعيل مختلف الجوانب الاقتصادية بناءً على مكوناتها ونسيجها كميزة نسبية لكل محافظة، بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي فـي المحافظات الـ11، وصولًا إلى تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة على المستوى الوطني.

‫وتحظى التنمية المستدامة وتأسيس المدن الذكية وتطوير المحافظات وتمكينها من استقطاب الاستثمارات باهتمام «رؤية عُمان 2040»، فـي إطار تنمية شاملة ومتوازنة تشمل جميع محافظات سلطنة عُمان وتتميز باللامركزية الإدارية والاقتصادية.

وتتطلع «رؤية عُمان 2040»، فـي أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة، من خلال أهدافها وتوجهها الإستراتيجي إلى الاستخدام المستدام للأراضي وتأسيس مناطق حضرية وريفـية ذات تراث طبيعي وثقافـي تتميز بالمرونة والقدرة العالية على التعامل مع المتغيرات المناخية فـي إطار تنمية متوازنة وعادلة تعزز الميزة النسبية والتنافسية للحواضر والمحافظات، كما تهتم الرؤية بالمدن الذكية المستدامة والريف الحيوي، بحيث تتميز هذه المدن بجودة عمرانية عالية للمعيشة والعمل والترفـيه، وبنية أساسية عالمية المستوى، ووسائل نقل متنوعة وسهلة الوصول، ومتكاملة مع التنمية العمرانية.

وتسعى الرؤية إلى الاهتمام بمحور «اللامركزية الإدارية والاقتصادية» حيث يمثل تفعيل اللامركزية خطوة أساسية نحو تحقيق أهداف أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة فـي إطار «رؤية عُمان 2040»، بدءًا من تعزيز المشاركة المجتمعية وتمكين المحافظات فـي اتخاذ القرارات وتوزيع الثروات والفرص، بما يعزز التوازن الاقتصادي والتنمية العادلة بين المحافظات ويعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. ‬

ومن أبرز الإنجازات التي تحققت على صعيد تفعيل اللامركزية إصدار المرسوم السلطاني رقم 2022/36 حول نظام المحافظات، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الإدارة المحلية وتمكين المحافظين.

كما تم رفع المبالغ المخصصة لبرنامج تنمية المحافظات من 10 ملايين ريال عُماني إلى 20 مليون ريال عُماني لكل محافظة، تعزيزًا لنهج الشفافـية والمساءلة، ودعمًا لمشاركة المجتمع المحلي فـي صنع القرارات التنموية، مما يحقق التنمية المستدامة للمدن والمحافظات، وبالتوازي مع ذلك تم إطلاق عدة برامج تستهدف بناء القيادات الاقتصادية فـي المحافظات، من ضمنها برامج الأكاديمية السلطانية للإدارة، التي استهدفت عدة مستويات كالمحافظين والولاة وغيرها من البرامج.

المشاركة المجتمعية

يعد تطوير مهارات الإدارة المحلية جزءًا أساسيًا من جهود تعزيز اللامركزية الإدارية وتحقيق التنمية المستدامة، وفـي هذا الجانب تم تنظيم العديد من البرامج التدريبية التي شارك فـيها نخبة من الموظفـين التابعين للإدارات المحلية، كما تم توقيع اتفاقيات شراكة مع بعض الجامعات والمؤسسات التعليمية لتقديم برامج تدريبية مخصصة لموظفـي الإدارات المحلية.

كما أن تفعيل المجالس البلدية له دور كبير فـي تعزيز الإدارة المحلية والمشاركة المجتمعية فـي صنع القرارات، وقد شهد تفعيل هذه المجالس العديد من الجهود التي تمثلت فـي إطلاق تطبيق «تنمية»، الذي أنشأته وزارة الداخلية كواجهة رقمية للمجالس البلدية وحلقة وصل بين المجتمع العُماني والمجالس البلدية فـي المحافظات، بهدف تعزيز التواصل والشفافـية والثقة بين الأفراد والمؤسسات لتحقيق التنمية المستدامة، ويسمح التطبيق للمواطنين والمقيمين بالمشاركة فـي صنع القرارات المحلية وتقديم الملاحظات والتقييمات والمقترحات، كما يوفر معلومات شاملة حول القضايا المحلية والمشروعات التنموية الجارية والمستقبلية، ويسمح للمستخدمين بمتابعة تنفـيذ المشروعات وتقييمها والمشاركة بتعليقاتهم، ويسعى لتمكين المجتمع العُماني من المشاركة الفعّالة فـي صنع القرارات المحلية وتحقيق التنمية المحلية المستدامة.

ويأتي رفع مخصصات أعضاء المجالس البلدية ضمن أهم القرارات التي أتت لتمكين أعضاء المجالس من أداء أدوارهم وممارسة عملهم، والعمل على تعزيز دورهم فـي خدمة مجتمعهم وعملهم البلدي، وزيادة تفاعلهم ونشاطهم بما ينسجم مع تطلعات الحكومة والمجتمع وأدوارهم المهمة.

تأهيل القيادات

سيتم تنفـيذ عدد من البرامج من قبل الأكاديمية السلطانية للإدارة، حيث أطلقت الأكاديمية المبادرة الوطنية لتطوير الإدارة المحلية تماشيًا مع التوجيه السامي لمولانا جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- واهتمام جلالته بتنمية المحافظات، جاءت المبادرة الوطنية بصفتها مسارًا تأهيليًا مستدامًا يتم تنفـيذها بالتعاون مع أصحاب الخبرات العالمية، كما راعت الأكاديمية فـي تصميم المبادرة الأطر التشريعية المحلية وأفضل الممارسات الدولية، والتدرج فـي تنفـيذها، ومنها برنامج الولاة، وبرنامج القدرات للتخطيط والاقتصاد بالمحافظات، وبرنامج أعضاء المجالس البلدية.

كما تسعى العديد من الوحدات المركزية إلى تنفـيذ مجموعة من الخطط والمبادرات لمنح مزيد من الصلاحيات لفروعها فـي المحافظات وإداراتها المحلية، وتقوم وحدة متابعة تنفـيذ رؤية عُمان 2040 ضمن برنامجها الاتصالي «كل عُمان» بتخصيص زيارات للمحافظات، تركز فـيها على إبراز الميزات التنافسية للمحافظات وتمكين المجتمع المحلي، وتهدف هذه الزيارات إلى غرس ثقافة التحسين المستمر من خلال عقد حلقات عمل لنقل المعرفة حول آليات تبسيط الإجراءات مع موظفـي الوحدات الحكومية فـي المحافظات، وقد تم الانتهاء من زيارة أربع محافظات، على أن تكتمل زيارة بقية المحافظات فـي منتصف عام 2025.

التطور العمراني

ولتوجيه النمو العمراني خلال العشرين عامًا القادمة بما يحقق التوازن بين أبعاد التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، تأتي الإستراتيجية العمرانية، التي تم إطلاقها فـي عام 2021، كإحدى الخطط الداعمة لتنمية المحافظات، وبالتالي تُعد مُمكنًا أساسيًا لتحقيق «رؤية عُمان 2040»، كما تضمن تنافسية المدن وقدرتها على الصمود أمام المتغيرات المختلفة، وتتسق فـي أهدافها مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030. تحدد الإستراتيجية العمرانية الأماكن المناسبة للسكن والعمل، والفرص الوظيفـية فـي المحافظات، وأنماط التنقل، والبيئة الطبيعية التي يجب المحافظة عليها.

وتم تطوير الإستراتيجية العمرانية على المستوى الوطني ومستوى المحافظات وفق منهج تفاعلي بمشاركة مختلف أطياف المجتمع والقطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وتسعى الإستراتيجية العمرانية إلى معالجة القضايا والتحديات العمرانية من خلال إطار عام للتخطيط العمراني، مركزة فـي رؤيتها على تنمية عمرانية مستدامة لمجتمعات مزدهرة، وتشمل الإستراتيجية العمرانية تنفـيذ المخطط الهيكلي لمدينة مسقط الكبرى، وإعداد المخطط الهيكلي لـ14 مدينة أخرى، منها 3 مدن كبرى هي صحار، وصلالة، ونزوى، بالإضافة إلى 11 مدينة أخرى هي عبري، وهيماء، والرستاق، وصور، والبريمي، وإبراء، والمضيبي، وسناو، وصحم، والخابورة، والسويق.

وشهد عام 2023 العديد من الجهود لاستكمال إعداد المخططات الهيكلية لهذه المدن، ومعالجة مخرجات المخطط الهيكلي والتفصيلي لمحافظتي شمال الباطنة وجنوب الباطنة، ويشمل المخطط الهيكلي لمحافظة شمال الباطنة أربع ولايات هي السويق، والخابورة، وصحم، وشناص، فـيما يشمل المخطط الهيكلي لمحافظة جنوب الباطنة ولايتي بركاء والمصنعة.

وتتضمن الخطط المستقبلية لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني استكمال العمل فـي إعداد المخططات الهيكلية والتفصيلية للمدن الكبرى والمدن الأخرى التي تتوزع على جميع المحافظات، وسيتم العمل على اعتماد 3 مخططات تفصيلية لمخطط مصيرة الهيكلي، واعتماد المخطط الهيكلي والتفصيلي لمحافظة شمال الباطنة، والبدء فـي تنفـيذ المرحلة الثانية من تخطيط الأراضي بجانبي طريق الباطنة الساحلي بمحافظتي شمال الباطنة وجنوب الباطنة، كما تتضمن الخطة العمل على مبادرة التجديد الحضري التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتطوير المدن والمجتمعات، وتعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية فـي 5 محافظات هي مسقط، وظفار، والبريمي، ومسندم، وجنوب الباطنة.