No Image
رأي عُمان

الانتخابات الأمريكية.. صراع بين «يقينيات» ترامب «وتحالفات» هاريس

04 نوفمبر 2024
04 نوفمبر 2024

في الوقت الذي يتجه فيه الأمريكيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لفترة تمتد لأربع سنوات يراقب العالم بكثير من القلق مسارات الانتخابات ونتائجها التي تنعكس على العالم أجمع. وتدور المنافسة بشكل شرس جدا بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس. ويمثل كل منهما رؤية مختلفة لمستقبل أمريكا ودورها في العالم باعتبارها ما زالت القوة الأكبر سواء في الجانب العسكري أو الاقتصادي. وشهدت الحملة الانتخابية لكل من ترامب وهاريس صياغة رسائل تبرز مخاوف وتطلعات الأمريكيين من القضايا الداخلية وتبرز أيضا الكثير من القضايا والتحديات التي تعصف بالعالم في الوقت الراهن.

حشد ترامب أنصاره تحت راية «أمريكا أولا» وهذا شعار مستمر منذ رئاسته السابقة مركزا على فكرة الانتعاش الاقتصادي وإعادة السيادة الأمريكية على حد تعبيره والموقف الصارم بشأن الهجرة والتجارة. ووعد ترامب خلال رسائله الانتخابية بالعودة إلى السياسات الحازمة لإدارته السابقة، التي أعطت الأولوية للصفقات الثنائية على التعاون متعدد الأطراف. ويقدر أنصار ترامب توجهه الصارم في السياسة الخارجية، وخاصة موقفه من الصين وإصراره على زيادة الإنفاق العسكري. ولكن خطاب ترامب كان في كثير من الأحيان سبباً في تأجيج الاستقطاب، وهو العامل الذي قد يحشد قاعدته ولكنه، أيضا، يثني الناخبين المترددين الذين يخشون الانقسام في الداخل وعدم القدرة على القراءة المستقبلية لأحداث الخارج.

أمّا كامالا هاريس فإنها تجسد الاستمرارية لإدارة الرئيس جو بايدن ولكنها تقدم رؤية معدلة لأمريكا المتغيرة.

تؤكد حملة هاريس على بناء التحالفات، ليس فقط في الداخل ولكن، أيضًا، على المستوى الدولي في لحظة يبدو فيها العالم في أمس الحاجة إلى تحالفات تجتمع حول قيم إنسانية آخذة في التآكل. وتتحدث هاريس عن معالجة تغير المناخ، وتعزيز التحالفات، وتوسيع السياسات الاجتماعية لدعم الفئات الضعيفة اقتصاديًا.. ولاقى خطابها صدى بين الناخبين الشباب والأقليات، على الرغم من أن المنتقدين يزعمون أن رؤيتها تفتقر إلى السرعة اللازمة لمواكبة توترات العالم المتصاعدة بشكل فظيع، وفي ظل غياب اليقين في الجوانب الاقتصادية.

ورغم ذلك ينظر الكثيرون إلى ترشيح هاريس باعتباره قوة استقرار، تسعى إلى إصلاح العلاقات العالمية المتوترة واستعادة سمعة أمريكا كحليف يمكن الاعتماد عليه.

وأظهرت استطلاعات الرأي سباقًا متقاربًا، حيث انقسم الناخبون على أسس أيديولوجية. لا تزال القاعدة الأساسية لترامب قوية، وتستمد قوتها من وعوده بالنهضة الاقتصادية والفخر الوطني. ومع ذلك، تتقدم هاريس قليلاً في بعض الاستطلاعات، وخاصة في المناطق الحضرية والضواحي، حيث تلاقي رسائلها الانتخابية الكثير من الترحيب. لكن لا يمكن أن يبنى على هذه الاستطلاعات رؤية دقيقة حول مسار اليوم الانتخابي خاصة وأن جمهور الناخبين انقسامه واضح وفق ما توضحه الاستطلاعات، وستكون قدرة كل مترشح على الحشد في هذا اليوم لها دور محوري في تحديد النتيجة.

لكن الانتخابات الأمريكية ليست شأنا داخليا أمريكيا إنها، أيضا، شأن عالمي يراقبه حلفاء أمريكا وخصومها على حد سواء. وتكشف مواقف كل من ترامب وهاريس التباين في المواقف السياسية الخارجية المختلفة.

قد يعني إعادة انتخاب ترامب تحولا إضافيا بعيدا عن التعددية، وهو التحول الذي يجده بعض الحلفاء أنه مقلق. على النقيض من ذلك، تشير هاريس إلى العودة إلى المشاركة الدبلوماسية والمسؤولية المشتركة، وهذه القيم التي تكشفها رسائل هاريس الانتخابية تتماشى بشكل أفضل مع عالم يفترض أنه مترابط، ولكن حتى هذه الرؤية يشكك مؤيدوها في مدى قدرة أمريكا على الالتزام بها حيث إن شراكاتها لم تعد قادرة على البقاء على المدى الطويل.

ومن سيراقب المشهد اليوم في أمريكا وفي متابعة العالم له سيستطيع أن يقرأ رؤيتين متنافستين: رؤية تسعى لاستعادة «اليقينيات» القديمة ورؤية تسعى لبناء مستقبل تعاوني.. وفي جميع الأحوال فإن الرؤيتين لا تستطيعان العودة بالزمن إلى الوراء حيث كان القرن الأمريكي يسيطر على كل شيء.