No Image
عمان اليوم

الكثافة الصفية.. تحد يواجه المعلم ويؤثر على التحصيل

05 أكتوبر 2024
تربويون: أهمية توفير بيئة تعليمية تعزز التفاعل والانضباط
05 أكتوبر 2024

يواجه المعلمون تحديات كبيرة في الفصول الدراسية ذات الكثافة الطلابية العالية، مع عدم قدرتهم على استخدام طرق ووسائل التدريس الحديثة بسبب ضيق المساحة وكثافة العدد، مما يؤثر على مستوى التحصيل الدراسي للطالب ويشكل عبئا نفسيًا على المعلم.

وأكد أخصائيون، أن الكثافة الطلابية تؤثر سلبًا على جودة العملية التعليمية ومخرجات التعلم، مؤكدين ضرورة توفير بيئة صفية ذات جو إيجابي وتنافسي تتيح للطلبة التعلم التعاوني.

وقالت مديرة إحدى مدارس الحلقة الأولى: وجود عدد كبير من الطلبة في الصف الواحد يشكل صعوبة في تقديم الاهتمام الفردي لكل طالب، مما يؤثر سلبًا على قدرة بعض الطلبة على فهم الدروس والتحكم في السلوكيات والتفاعل، موضحة، أن الأمر يصبح أكثر تعقيدًا مع زيادة العدد الذي يؤثر على التركيز، وتقل فرص التفاعل مما يؤثر على بناء العلاقات وتطوير مهارات التعاون بين الطلبة، وقد يكون من الصعب توفير الموارد التعليمية اللازمة لكل الطلبة، مثل الكتب والأدوات، مما يؤثر على جودة التعليم، كما أن تقييم الأداء بشكل عادل ودقيق قد يصبح تحديًا، حيث يحتاج المعلم إلى وقت إضافي لتصحيح الواجبات والاختبارات في ظل شعورهم بالإرهاق والتوتر، وتؤثر هذه التحديات على العملية التعليمية بشكل عام، حيث قد تؤدي إلى انخفاض جودة التعليم وتقليل فرص التعلم الفعالة.

وأشارت معلمة رياضيات في فصل يضم بين 35 - 40 طالبة: مع كثافة الطلبة في الفصل الواحد يصعب تطبيق العمل الجماعي وذلك بسبب عدم القدرة على تقسيم الطلاب إلى مجموعات وضيق الفصل الدراسي، أو قد تكون المجموعة الواحدة تحتوي على أعداد كبيرة من الطلاب مما يؤدي إلى حرمان بعض الطلاب من العمل والتفاعل مع المعلم في بعض الأنشطة، ومن ناحية المعلم يواجه صعوبة في متابعة جميع الطلاب خلال الحصة خصوصًا في الأنشطة الفردية بسبب ضيق زمن الحصة ووجود أعداد كبيرة من الطلاب.

ضعف الاستيعاب والتفاعل

أفادت معلمة لغة عربية تدرس صفوفًا تضم بين 33 إلى 36 طالبًا: عادة ما يصيب المعلم الضغط النفسي لكثافة الطلبة في الصف ومحاولة ضبطهم، ويصعب عليه توصيل المعلومة لجميع الطلبة، فالكثافة تؤثر سلبًا على صحة الطالب وضعف الاستيعاب والتحصيل الدراسي، يتم اللجوء إلى الدروس الخصوصية تعويضًا عن الفاقد الدراسي داخل الصف، كما أن زيادة نصاب الحصص على المعلم تُصعِّب تجويد عملية التعلم، كما تُشكِّل عبئًا على المعلم في تصحيح الدفاتر ومتابعة جميع الأعمال التحريرية للتلاميذ في نفس الحصة.

وذكرت معلمة تُدرِّس صفا يضم 36 طالبًا أن كثرة أعداد الطلبة في الصف تؤثر على مستوى أداء المعلم وتُقلِّل فرصة مشاركة جميع الطلبة، خاصة الطلبة المستجدين بالصف الأول حيث يتطلب التركيز جيدًا على هذه الفئة من أجل التأسيس الصحيح. كما أن كثافة الطلبة تؤثر على أداء المعلم وقدرته على الاطلاع على مناهج ووسائل تعليمية حديثة.

وأوضحت إحدى المعلمات قائلة: يصعب التعامل مع 38 طالبًا في صف واحد ومساحته غير مناسبة لهذا العدد، نعاني من ضغط نفسي سواء على المعلم أو الطالب، بالإضافة إلى كثرة التنمر بين الطلبة بسبب تنوع الجنسيات حيث تُعد هذه السنة سنة مختلفة تمامًا فقد تم قبول عدد كبير من الوافدين ولم يتم النظر إلى تنوع الثقافات وأثرها على الطالب العماني، وعدم استقرار الشعب في أعداد الطلبة حيث إن النقل متاح طوال العام.

ذكرت معلمة التربية الإسلامية: لا بد من مراعاة الفروق الفردية لأنها تتطلب جهدًا وتنوعًا أكثر في الاستراتيجيات والوسائل التعليمية. للأسف، تكثر الفوضى والأحاديث الجانبية في الفصول المزدحمة التي تضم أكثر من 30 طالبًا، مما يسبب استنزاف طاقة المعلم من حيث الصوت والتصحيح، وعدم حصول الطالب على نصيبه من التعليم، مثلًا القراءة، حيث لا يستطيع الطالب أن يكون له دور بسبب كثافة العدد، ولا يستطيع الطالب أن يحصل على نصيب من حيث التعزيز والتحفيز. ويضغط على المعلم من حيث التصحيح وإعطاء الطالب النشاط.

وقالت إحدى المعلمات التي تدرس في صف يضم (40 طالبًا): نواجه تحديًا كبيرًا في الفصول ذات الكثافة الطلابية العالية، حيث يحد عدد الطلاب الكبير من قدرة المعلم على التفاعل مع كل طالب على حدة، مما يجعل من الصعب تلبية الاحتياجات الفردية والتعرف على مستوى كل طالب بشكل دقيق. وفي الفصول المكتظة، يكون من الصعب السيطرة على سلوكيات الطلاب والحفاظ على الانضباط، مما قد يؤثر على سير العملية التعليمية. وتزداد صعوبة تصحيح الواجبات وتقديم الملاحظات الفردية عندما يكون عدد الطلاب كبيرًا، مما يقلل من فعالية التغذية الراجعة التي يحتاجها الطلاب لتحسين أدائهم. وفي الفصول المكتظة، يقل الوقت المتاح للنقاشات الجماعية والأنشطة التفاعلية التي تعزز من فهم الطلاب للمادة، ويزداد العبء على المعلم مع تزايد عدد الطلاب، مما قد يؤدي إلى الإرهاق وعدم القدرة على تقديم أفضل ما لديه في الشرح والتوجيه.

وقالت إحدى المعلمات: إن المعلم لن يتمكن من متابعة الطلبة بشكل جيد في حال كان الصف مزدحمًا، لأنه بهذا العدد يحرم الطالب حقه بالمشاركة، ولا يتمكن من تطبيق بعض الاستراتيجيات بسبب ضيق مساحة الصف، كما يصعب عليه تخصيص المزيد من الوقت للطلبة محدودي المستوى، ناهيك عن صعوبة ضبط الطلبة ومتابعة أنشطتهم داخل الغرفة الصفية أثناء تنفيذ أنواع التقويم القبلي والتكويني والختامي وتقديم التغذية الراجعة المناسبة لكل طالب. وبعض الطلبة يعانون مشاكل صحية مثل الربو وضيق المساحة يؤثر سلبًا عليهم بالتالي يقل تركيزهم وجودة تعلمهم.

تعزيز التعليم

وحول تعزيز طريقة التعليم في ظل الكثافة الطلابية قالت الدكتورة أمل بنت محمد الهدابية أستاذة علم النفس التربوي بجامعة السلطان قابوس: تلعب الكثافة الطلابية في الصف الدراسي دورًا محوريًا في جودة العملية التعليمية التعلمية سواء للمعلم أو الطالب على حد سواء. لا يقتصر هذا التأثير على جودة التعليم، وإنما يمتد تأثيره الكبير على التحصيل الأكاديمي للطلبة باعتباره أهم مخرج تسعى كافة المؤسسات التعليمية للارتقاء به. وإجمالًا، كلما قلت الكثافة الطلابية في الصف الواحد، زادت قدرة المعلم على تقديم خدمات تعليمية موجهة تتوافق مع احتياجات ومستوى كل طالب مما يسهم في تعزيز دافعية الطلبة للتعلم، وبناء علاقة بناءة بين الطالب والمعلم، واندماج الطلبة في البيئة الصفية والبيئة المدرسية بشكل عام.

وأضافت: تشير الأدبيات النفسية إلى أن معلمي الصفوف ذات الكثافة الطلابية القليلة لديهم احتمالية أكبر للتنويع في الطرق التدريسية، والاستجابة الفعالة لاحتياجات الطلبة وتساؤلاتهم وتقديم التغذية الراجعة المناسبة، وإيجاد بيئة تعليمية جاذبة. كما يظهر الطلبة في الصفوف قليلة الكثافة انضباطًا أعلى، ودرجات عالية، وتعلمًا أكبر. وأظهرت إحدى الدراسات النفسية الحديثة التي درست وضع 21903 معلمات في أكثر من 80 مدرسة، أن أنسب حجم للصف الدراسي هو 27 طالبًا في كل صف دراسي. وفي هذا الإطار، نجد أن امتعاض بعض أعضاء الهيئة التدريسية من زيادة الكثافة الطلابية التي تجاوزت 35 طالبًا أمر مشروع لما يضيفه من عبء إضافي قد يؤثر سلبًا على جودة العملية التدريسية ومخرجات التعلم.

ولكن عملية التدافع الصحيح، تستدعي توضيح الأسباب الإدارية والمالية التي قد ترتبط بهذه الزيادة في الكثافة الطلابية. على سبيل المثال، من مسببات زيادة الكثافة الطلابية في الصفوف الدراسية هي زيادة الكثافة السكانية، ومحدودية الموارد المالية لتوفير وظائف تدريسية إضافية، ومحدودية المدارس والفصول الدراسية رغم الجهود المبذولة والمقدرة من قبل وزارة التربية والتعليم لبناء مدارس جديدة وطرح وظائف تدريسية إضافية وتوفير فترتين لدوام الطلبة وبالتحديد الفترة الصباحية والمسائية.

وبينت الهدابية أن التعامل الأمثل مع هذه الأسباب، يظهر أهمية تطبيق عملية اتخاذ القرار القائم على البيانات التي تقدم رؤية شاملة للبيانات الفعلية السابقة في الأعوام أو الفصول السابقة، وفي ضوئها يمكن تقديم مقترحات عملية والتخطيط الأمثل لما سيحدث في العام الحالي أو الفصل الدراسي اللاحق. وهذا بدوره يمنح مرونة أكبر في التخطيط المسبق، وتقديم المقترحات المتنوعة، وإجراء التعديلات المطلوبة قبل بدء العام الدراسي. ومن أهم المقترحات المقدمة للمعلمين الذين يدرسون الفصول ذات الكثافة العالية هو استخدام طرق التدريس النشط التي تتيح للطلبة التعلم كفرق مصغرة، والتعلم التعاوني، والتعليم من خلال المنصات الإلكترونية القائمة على الذكاء الاصطناعي مثل كاهوت وكوزلت وغيرها. وهذا بدوره يخلق بيئة صفية ذات جو إيجابي وتنافس شريف وتعاون كبير بين الطلبة. كذلك، مسألة التهيئة النفسية للمعلمين والطلبة على نحو سواء، وتفهم الأسباب لمثل هذه الكثافة الطلابية والتي تكون في بعض الأحيان خارج نطاق عمل الوزارة والتي ترتبط بجهات خارجية.