.. وتكتشف بأنك أضعت حياتك خوفا مما سيقال

01 سبتمبر 2024
01 سبتمبر 2024

تابعت تسجيلات مصورة لرجل دين شاب أصيب بمرض عضال أخذه على حين غرة وهو في أوج شبابه، وجه صرخة تنبيه لمتابعيه بأن يعيشوا الحياة الطيبة التي أرادها لنا الخالق، دون إفراط ولا تفريط، ومن أهم ما قال: ألا تهتم كثيرًا بكلام الناس من حولك، فالحياة قصيرة جدًا، وفي غمضة عين قد يغادر الإنسان هذه الحياة، فبسبب اهتمامه بكلام الناس والضغط النفسي الذي يعيشه بسبب الصراع بين رغبة ممارسة الحياة أسوة بالشباب في عمره، وبين عيش توقعات الناس منه كرجل دين ملتزم، عرض نفسه للإصابة بالمرض الذي يظن أنه جاء نتيجة لهذه الضغوطات اليومية التي عاشها.

سبحان الله، ذكرني هذا الشاب بقصص كثيرة عايشتها لأناس انتهجوا (التزمت) منهج حياة وحرموا أنفسهم ومن حولهم طيبات ما أحل الله رغم نهي الخالق عنها بقوله عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة

فاتسعت دائرة الحرام عند هؤلاء عليهم وعلى من حولهم، ولم يكتفوا بتطبيق معتقداتهم الصارمة هذه على أنفسهم، بل أنهم يحاولون فرضها على من حولهم، هؤلاء لا يعترفون بجنة الدنيا التي قال عنها خاتم الأنبياء والمرسلين: (إن هذه الدنيا حلوة خضرة) ولم يتأسوا بسيرة الأنبياء والمرسلين مثل سيدنا محمد الذي حبب له النساء والطيب، وكذا كان أنبياء الله من أغنى أغنياء أمتهم مثل سيدنا يوسف الذي طلب أن يكون على خزائن مصر، وسيدنا سليمان الذي طلب ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده.

هؤلاء فهموا السنن الكونية، وكرم الله ولطفه ببني البشر الذين طلب منهم شكر النعم بإظهارها، والاستمتاع بما يجود به هذا الكوكب من ثمر وخيرات، بعيدًا عن الإسراف، مهتدين بهدي النبوة، يعيشون باعتدال بلا إسراف أو تقتير، مدركين أن هذه الحياة تجربة فريدة لا تتكرر، ولم يخلقنا المولى فيها لنشقى ونتعذب بقدر ما هي دار عبور، تختار أنت فيها طريقًا وعرًا، أو طريقًا ممهدًا سهلًا.

ستكشف لك الأيام أن كلام الناس لم يكن بالحجم الذي صورت لنفسك، وأن الناس لا تتذكر بقدر ما تظن، فالجميع مشغول بنفسه، وبرأي الناس فيه أكثر من انشغاله بك.