حزب الله يقصف عمق اسرائيل بمئات الصواريخ ويجبرها على اعلان الطوارىء
أطلقت "حزب الله" اللبناني مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل في وقت مبكر من اليوم الأحد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف لبنان بنحو 100 طائرة مقاتلة في ضربة استباقية لتفادي هجوم أكبر وزعم أن الدفاعات الجوية اعترضت جميع الطائرات المسيرة التي أطلقت على إسرائيل.
ويأتي ذلك في واحدة من أكبر جولات تبادل إطلاق النار المستمرة بين الجانبين منذ أكثر من 10 شهور على الحدود اللبنانية.
وشوهدت الصواريخ وهي تنطلق في ظلام الفجر مخلفة سحب دخان داكن، بينما دوت صفارات الإنذار في إسرائيل وأضاء انفجار بعيد الأفق، بينما تصاعد الدخان فوق المنازل في بلدة الخيام في جنوب لبنان.
وتأكد استشهاد ثلاثة في لبنان، دون سقوط قتلى في إسرائيل حيث ظلت الأضرار محدودة وفق الرواية الاسرائيلية. وأشارت جماعة حزب الله إلى أنها لم تخطط بعد لمزيد من الضربات، فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي إن إسرائيل لا تسعى إلى حرب شاملة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوهدد أن الرد كان "خطوة أخرى نحو تغيير الوضع في الشمال وإعادة سكاننا بسلام إلى منازلهم" وأن "هذه ليست نهاية القصة".
و قال مسؤول في جماعة حزب الله إن هجوم الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل الذي جاء ردا على مقتل القائد العسكري الكبير فؤاد شكر الشهر الماضي تأخر لاعتبارات سياسية، على رأسها المحادثات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف المسؤول، في تعليقات مكتوبة نشرتها وسائل إعلام، إن الجماعة عملت للتأكد من أن ردها على مقتل فؤاد شُكر في 30 يوليو لن يشعل حربا واسعة النطاق.
وقالت جماعة حزب الله إنها أطلقت 320 صاروخا من طراز كاتيوشا على إسرائيل وأصابت 11 هدفا عسكريا. وأضافت أن هذا القصف أكمل "المرحلة الأولى" من الرد على اغتيال فؤاد شكر، أحد كبار القادة العسكريين بالجماعة، الشهر الماضي.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه أحبط هجوما أكبر بكثير عبر تنفيذ ضربات استباقية بنحو 100 طائرة ضربت أكثر من 40 موقع إطلاق لحزب الله في جنوب لبنان، وذلك بعد تقييم يفيد بأن حزب الله يستعد لإطلاق وابل الصواريخ.
وأعلن الجيش أن الضربات الاستباقية أدت إلى تدمير آلاف من قاذفات الصواريخ التي كانت تستهدف بشكل أساسي شمال إسرائيل مع بعض الأهداف في الوسط.
ونفى حزب الله صحة رواية إسرائيل بشأن إحباط الضربات الاستباقية لهجومه، وقال في بيان إنه تمكن من إطلاق الطائرات المسيرة وفقا للخطة وإن باقي رده على اغتيال شكر سوف يستغرق "بعض الوقت".
وزادت توقعات التصعيد بين الجانبين منذ أن أدى هجوم صاروخي على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل الشهر الماضي إلى استشهاد 12 طفلا وكذلك قيام الجيش الإسرائيلي باغتيال شكر في بيروت.
واجتمع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اليوم وأعلن وزير الدفاع يوآف جالانت حالة الطوارئ، كما قال وزير الخارجية يسرائيل كاتس إن إسرائيل ستتصرف وفقا للتطورات على الأرض لكنها لا تسعى لحرب شاملة.
وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي اجتماعا مع وزراء في جلسة للجنة الطوارئ الوطنية. وقالت جماعة حزب الله إن الأمين العام للجماعة حسن نصر الله سيتحدث عبر التلفزيون في وقت لاحق.وتم تعليق الرحلات الجوية من وإلى مطار بن جوريون في تل أبيب لمدة 90 دقيقة تقريبا.
وتوقفت بعض الرحلات الجوية من وإلى بيروت، مما أدى إلى تقطع السبل بالمسافرين. وقالت رنا سعادة،
ودوت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل وسُمع دوي انفجارات في عدة مناطق حيث أسقطت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية (القبة الحديدية) صواريخ قادمة من جنوب لبنان.
وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داوود الحمراء) إنها في حالة تأهب قصوى في أنحاء إسرائيل وإنه لم ترد بعد بلاغات عن خسائر بشرية.
وأصدر الجيش الإسرائيلي تعليمات تقيد التجمعات لكنه رفع القيود بعد ذلك، وقال إنه يمكن للسكان بالذهاب إلى العمل إذا كان بالإمكان الوصول إلى ملاجئ الاحتماء من الضربات الجوية سريعا. وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية إن القصف الذي ضرب مناطق في الشمال ألحق أضرارا ببعض المنازل لكن الجيش الإسرائيلي اعلن لاحقا مقتل أحد جنود البحرية وإصابة اثنين آخرينبعد أن أطلق حزب الله اللبناني وابلا من الصواريخ والمسيّرات على الكيان المحتل.
وقال الجيش في بيان "سقط ديفيد موشيه بن شطريت (21 عاما) جندي من الأسطول 914 في البحرية الإسرائيلية أثناء قتال في شمال إسرائيل"، مضيفا أن اثنين آخرين أصيبا. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل..
وأفاد مصدر أمني في لبنان بأن إسرائيل شنت ما لا يقل عن 40 غارة على بلدات مختلفة في جنوب البلاد في واحدة من أعنف عمليات القصف منذ بدء الأعمال القتالية في أكتوبر.
وقال مصدران أمنيان إن إحدى الضربات على بلدة الخيام أسفرت عن مقتل أحد مقاتلي حركة أمل المتحالفة مع حزب الله. وأعلنت حركة أمل في وقت لاحق مقتله.
وذكر مصدر أمني وآخر طبي أن غارة إسرائيلية على بلدة الطيري أسفرت عن مقتل شخصين آخرين، ولم يتضح بعد ما إذا كانا من المسلحين أم المدنيين.
وقال أحد سكان بلدة زبقين في جنوب لبنان، على بعد نحو سبعة كيلومترات من الحدود، "لأول مرة بنفيق على هدير الطيارات وفرقعة الصواريخ بالقوة.. قبل أذان الفجر كأن القيامة قامت".
وذكر البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن يتابع الأحداث عن كثب.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي شون سافيت "بناء على توجيهاته، يتواصل كبار المسؤولين الأمريكيين بشكل مستمر مع نظرائهم الإسرائيليين. وقال سنواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وسنستمر في العمل من أجل الاستقرار الإقليمي".
ودعت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار، ووصفا التطورات التي حدثت خلال الليل بأنها "مقلقة".
وحذرت مصر، وهي من الوسطاء في المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان.
وقال مكتب الرئيس المصري في بيان إن السيسي حذر رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال براون من "أن الوضع الإقليمي الراهن يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولي وجميع الأطراف الفاعلة، لبذل كافة المساعي وتكثيف الضغوط، لنزع فتيل التوتر، ووقف حالة التصعيد التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل محذرا في هذا الصدد من مخاطر فتح جبهة جديدة في لبنان، ومؤكدا ضرورة صون استقرار لبنان وسيادته".
كما حذر الأردن اليوم من أن التصعيد المتزايد بين إسرائيل وجماعة حزب الله قد يؤدي إلى "حرب إقليمية" تهدد الاستقرار.
ونقلت وسائل إعلام رسمية أردنية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية سفيان القضاة القول "استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والفشل في التوصل إلى اتفاق تبادل يفضي إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، يضع المنطقة كلها في مواجهة خطر توسع الصراع إقليميا".
ولاحقا قال دبلوماسيان إن إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية تبادلا رسائل عبر وسطاء اليوم من أجل منع المزيد من التصعيد في أعقاب واحدة من أكبر عمليات تبادل إطلاق النار بين العدوين في عشرة أشهر.
وقال دبلوماسي إن الرسالة الرئيسية كانت أن الجانبين يعتبران أن تبادل القصف المكثف اليوم الأحد "انتهى" وأن أيا من الجانبين لا يريد حربا شاملة. وتحدث الدبلوماسيان شريطة عدم نشر اسميهما.
وأشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم بالهجوم الذي نفذه حزب الله على إسرائيل ردّا على اغتيال القائد العسكري فيه فؤاد شكر، واعتبرت أنه يشكّل "صفعة" في وجه الكيان المحتل.
وقالت الحركة في بيان "نشيد ونبارك" بـ"الردّ النوعي والكبير الذي نفّذه مجاهدو حزب الله ضد عدة أهداف حيوية واستراتيجية في عمق الكيان الصهيوني"، مضيفا أنه "يعدّ صفعة في وجه حكومة الاحتلال الفاشية". وندّد البيان أيضا بمواصلة إسرائيل "قصفها الوحشي والإجرامي ضدّ الأراضي والمدنيين في لبنان"، معتبرا أنه "انتهاك صارخ لكل المواثيق والأعراف الدولية".
كماهنأت جماعة أنصار الله اليمنية حليفتها جماعة حزب الله على ما وصفته بالهجوم "الكبير والشجاع" على إسرائيل.
وأطلق حزب الله صواريخ على إسرائيل مباشرة عقب العدوان الاسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر . ومنذ ذلك الحين، يتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار باستمرار، مع تجنب أي تصعيد كبير مع احتدام الحرب في غزة.
لكن يبدو أن هذا التوازن الهش قد شهد تحولا بعد الضربة على هضبة الجولان، والتي نفى حزب الله مسؤوليته عنها، وبعد اغتيال شكر، أحد أكبر القادة العسكريين لحزب الله في بيروت في وقت لاحق.
وسرعان ما أعقب مقتل شكر في غارة جوية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، الأمر الذي دفع إيران إلى التعهد بالثأر من إسرائيل.