أصداء أزمة النفط عام 1973
إن الهجوم على إسرائيل في الذكرى الخمسين لحرب يوم الغفران ينبغي أن يذكّرنا بذكرى أخرى، وهي ذكرى الحظر النفطي العربي في عام 1973. بدأت الحرب في السادس من أكتوبر، وخفضت منظمة البلدان المصدرة للنفط الإنتاج ورفعت الأسعار في 17 أكتوبر. وبحلول نهاية الحظر في مارس 1974، ارتفعت التكلفة العالمية للنفط بنسبة 300٪ تقريبًا، وأصبحت لافتات «نفاد الوقود» سمة من سمات الحياة الأمريكية. كان البيت الأبيض يطبع بطاقات الحصص التموينية سرا (ولحسن الحظ لم تستخدم أبدا)، وكان الرئيس (ريتشارد نيكسون) يفكر في القيام بعمل عسكري للاستيلاء على حقول النفط في المملكة العربية السعودية والكويت وأبوظبي.إن صدمة قطع إمدادات النفط التي حدثت في أكتوبر 1973 كانت بمثابة تخلي أمريكا عن استقلالها في مجال الطاقة، وما تلا ذلك من عواقب خطيرة، التي لها ظروف مشابهة ومثيرة للقلق اليوم. في عام 1960، استوردت أمريكا 10% فقط من النفط الذي تستهلكه. ولكن مع ارتفاع الطلب وتكاليف الإنتاج المحلي، أصبحت الواردات أرخص. وبحلول عام 1973، عشية الأزمة، بلغ إجمالي واردات النفط 34% من الاستهلاك، وكان أغلبها من الشرق الأوسط الذي كان يشهد اضطرابا متصاعدا.
عندما رفعت أوبك أسعار النفط بين عشية وضحاها، وفرض أعضاؤها العرب حظرا على الولايات المتحدة والدول الأخرى التي دعمت إسرائيل، تعثر الاقتصاد العالمي. وفي 28 ديسمبر، رفعت أوبك الأسعار مرة أخرى. فبرميل النفط الذي كان سعره 2.59 دولارًا في يناير 1973 أصبح يكلف 11.65 دولارًا بعد عام.
في أمريكا، ارتفع التضخم من 3.2% في عام 1972 إلى 11.04% في عام 1974، في حين انخفض النمو الاقتصادي من 5.6% في عام 1973 إلى سالب 0.5% في عام 1974. كان هناك تطور جديد فيما يتعلق بصناعة النفط المحلي في ستينيات القرن العشرين، مما يعني أنه كان سيخفف الضغوط، حيث اكتشف النفط في خليج (برودهو)، ألاسكا، في عام 1967، وكان الاكتشاف الأكبر في أمريكا الشمالية، إلا أنّ أنصار حماية البيئة حصلوا على أمر قضائي بإغلاق خط الأنابيب الضروري وأجبروا إدارة نيكسون على وقف عمليات الحفر البحرية الجديدة في كاليفورنيا، وهو مصدر آخر كان سيسهم في تعويض نقص الإمدادات.
وحتى افتتاح خط أنابيب ألاسكا في عام 1977 لم يتمكن من إبعاد الاقتصاد الأمريكي عن اعتماده على النفط المستورد. ولم تتخذ الولايات المتحدة أول خطوة كبيرة نحو استقلال الطاقة إلا في أواخر التسعينيات، مع ظهور التكسير الهيدروليكي والحفر الموجه.
إذا كان بوسع أمريكا أن تتعلم أي شيء من أزمة النفط في عام 1973، فهو أن استقلال الطاقة لا يمكن اعتباره أمرًا مسلّمًا به، فهو يتطلب جهدًا متواصلًا وإرادة سياسية، وخاصة ضد أولئك الذين يعارضونه لأسباب أيديولوجية أو مصالح ذاتية. وإلا فإننا نسلّم مستقبل أمريكا لأولئك الذين لا يريدون لها الخير، سواء في الداخل أو في الخارج.