No Image
عمان العلمي

كيف تتحدى مضادات الأكسدة الشيخوخة؟

21 يونيو 2023
21 يونيو 2023

«مضادات الأكسدة» هي مركبات طبيعية تشمل مضادات الأكسدة الغذائية، والفيتامينات مثل (أ) و(ج) و(هـ)، والمعادن مثل النحاس والزنك والمنجنيز والسلينيوم. كما يعتقد أن المركبات الغذائية الأخرى، مثل المواد الكيميائية النباتية التي يمكن الحصول عليها من التغذية على النباتات، لها تأثيرات مضادات الأكسدة التي قد تكون أكبر من الفيتامينات أو المعادن. هذه تسمى مضادات الأكسدة غير المغذية وتشمل المواد الكيميائية النباتية مثل الليكوبين الموجود في الطماطم والأنثوسيانين الموجود في الفراولة. يُعتقد أن هناك المئات وربما الآلاف من المواد التي يمكن أن تعمل كمضادات للأكسدة، لكل منها دوره الخاص ويمكنه التفاعل مع المركبات الأخرى لمساعدة الجسم على العمل بفعالية. «مضادات الأكسدة» ليست في الحقيقة اسم مادة، لكنها تصف ما يمكن أن تفعله مجموعة من المواد في جسم الكائن الحي.

تؤدي عملية الأكسدة في جسم الإنسان إلى إتلاف وتدمير أغشية الخلايا والمركبات الأخرى، بما في ذلك البروتينات والدهون والأحماض النووية، فينتج الجسم نتيجة ذلك جزيئات غير مستقرة تسمى الشقوق الحرة، والشقوق الحرة هي نفايات أو بقايا تنتجها الخلايا حيث يعالج الجسم الطعام ويتفاعل مع البيئة. إذا لم يتمكن الجسم من معالجة وإزالة الشقوق الحرة بكفاءة، فقد ينتج عن ذلك الإجهاد التأكسدي. هذا يمكن أن يضر الخلايا ووظيفة الجسم بأكمله ويشعر الشخص بإجهاد عام. فالشقوق الحرة تنزع الإلكترونات من الجزيئات الأخرى، مما يتسبب في تلف الأحماض النووية وشيخوخة الخلايا. يمكن للجسم أن يتعامل مع بعض الشقوق الحرة التي يحتاجها للعمل بفعالية. ومع ذلك، فإن الضرر الناجم عن زيادة تركيز هذه الشقوق بمرور الوقت قد يصبح غير قابل للإصلاح ويؤدي إلى أمراض مختلفة بما في ذلك أمراض القلب والكبد وبعض أنواع السرطان مثل سرطانات الفم والمريء والمعدة والأمعاء. يمكن أن تكون العوامل التي تزيد من إنتاج الشقوق الحرة في الجسم داخلية مثل الالتهابات، أو خارجية مثل التلوث والتعرض للأشعة فوق البنفسجية ودخان السجائر، فالشقوق الحرة ينتجها الجسم كرد فعل على الضغوط البيئية وغيرها من الضغوط.

يمكن لمضادات الأكسدة أن تمنع أو تبطئ تلف الخلايا الذي تسببه الشقوق الحرة وقد تمنع بعض الأضرار التي تسببها هذه الشقوق من خلال تحييدها أو مسكها. على هذا وبصورة كبيرة يقلل النظام الغذائي المتزن الغني بمضادات الأكسدة من خطر الإصابة بالعديد من هذه الأمراض حيث تزيل مضادات الأكسدة الشقوق الحرة من خلايا الجسم وتمنع أو تقلل الضرر الناجم عن الأكسدة. وتستمر دراسة التأثير الوقائي لمضادات الأكسدة في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، الرجال الذين يتناولون الكثير من الليكوبين المضاد للأكسدة الموجود في الفواكه والخضروات الحمراء مثل الطماطم والجريب فروت الوردي والبطيخ قد يكونون أقل عرضة للإصابة بسرطان البروستاتا من الرجال الآخرين، وقد تم ربط الليكوبين أيضًا بتقليل خطر الإصابة بداء السكري من الدرجة الثانية. كما وجد أن اللويتين، الموجود في السبانخ والذرة، يساعد على انخفاض معدل حدوث تنكس عدسة العين وفقدان البصر المرتبط به لدى كبار السن. تشير الأبحاث أيضًا إلى أن اللويتين الغذائي قد يحسن الذاكرة ويقلل من العرضة لمرض الزهايمر. كما تشير الدراسات إلى أن الأطعمة الغنية بالفلافونويدات تمنع بعض الأمراض بما في ذلك الأمراض المرتبطة بالتمثيل الغذائي والسرطان. ويعتبر التفاح والعنب والحمضيات والتوت والشاي «باعتدال» والبصل وزيت الزيتون هي المصادر الأكثر شيوعًا لمركبات الفلافونويدات.

تعتبر الأطعمة النباتية مصادر غنية بمضادات الأكسدة حيث تتواجد بكثرة في الفواكه والخضروات، بالإضافة إلى الأطعمة الأخرى بما في ذلك المكسرات والحبوب الكاملة وبعض اللحوم والدواجن والأسماك، وغالبًا ما يشار إلى الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة على أنها «أطعمة فائقة الجودة» أو «طعام وظيفي». يوجد هنا دليل متزايد على أن مضادات الأكسدة تكون أكثر فعالية عند الحصول عليها من الأطعمة الكاملة، بدلا من عزلها عن الطعام وتقديمها في شكل أقراص. حيث تُظهر الأبحاث أن بعض مكملات الفيتامينات يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. على سبيل المثال، ارتبط فيتامين «أ» (بيتا كاروتين) بانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، ولكن زيادة في حالات أخرى مثل سرطان الرئة لدى المدخنين إذا تمت تنقية فيتامين «أ» من المواد الغذائية. وجدت دراسة لفحص تأثيرات فيتامين «هـ» أنه لم يقدم نفس الفوائد عند تناوله كمكمل غذائي. أيضًا يمكن أن تعمل المعادن أو الفيتامينات المضادة للأكسدة كمواد مؤكسدة أو تضر بـ «المؤكسدات» إذا تم استهلاكها بمستويات أعلى بكثير من الكميات الموصى بها في النظام الغذائي. من الأفضل اتباع نظام غذائي متوازن، الذي يتضمن تناول مضادات الأكسدة من الأطعمة الكاملة بدلا من المكملات الغذائية إلا في الحالات المرضية حيث تنقسم الأبحاث حول ما إذا كانت المكملات المضادة للأكسدة تقدم نفس الفوائد الصحية مثل مضادات الأكسدة في الأطعمة.

لتحقيق نظام غذائي صحي ومتوازن، يوصى بتناول مجموعة متنوعة من المجموعات الغذائية الخمس الرئيسية كل يوم: الخضروات والبقوليات والفاكهة والأطعمة المصنوعة من الحبوب الكاملة والحبوب واللحوم الخالية من الدهون والدواجن أو البدائل مثل الأسماك والبيض والمكسرات وبدائل الألبان والألبان والتي يفضل أن يكون معظمها قليل الدسم. لتلبية احتياجاتك الغذائية ومقاومة الشيخوخة وإعطاء الجسم كمية كافية من مضادات الأكسدة، كحد أدنى، حاول أن تستهلك حصة من الفاكهة والخضروات يوميًا. على الرغم من أن أحجام الوجبات تختلف باختلاف الجنس والعمر ومرحلة العمر، إلا أن المحافظة على تناول الفاكهة والخضروات يوميا بما يوفر خمسة ألوان مختلفة مثل الأحمر من الطماطم أو البطيخ أو البنجر، والأخضر من الجرجير أو الخس أو الفلفل، والأبيض من الثوم أو البصل، والبرتقالي من الجزر، والأصفر من الموز أو المانجو وهكذا.. يمكن أن تفي الجسم باحتياجاته من مضادات الأكسدة. هذا ويمكن أن يؤدي طهي أطعمة معينة إلى زيادة مستويات مضادات الأكسدة أو تقليلها. الليكوبين هو أحد مضادات الأكسدة التي تعطي الطماطم لونها الأحمر الغني. عندما يتم معالجة الطماطم بالحرارة أثناء الطبخ، يصبح الليكوبين متاحًا بيولوجيًا أكثر، مما يعني أسهل على أجسامنا في المعالجة والاستخدام. ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات أن نباتات القرنبيط والبسلة وقرع الكوسة تفقد الكثير من نشاطها المضاد للأكسدة في عملية الطهي. لذا من المهم تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، المطبوخة والنيئة.

لا يوجد دليل يومي محدد موصى به لمضادات الأكسدة، لكن تناول كميات كبيرة من المنتجات النباتية الطازجة يعتبر صحيًا. ويؤخذ في الاعتبار أيضًا أن مضادات الأكسدة والمكونات الوقائية الأخرى من الخضروات والفاكهة تحتاج إلى استهلاكها بانتظام حتى تكون فعالة. ومن المهم معرفة أن كل مضاد أكسدة يخدم وظيفة مختلفة ولا يمكن استبداله بآخر. هذا هو السبب في أهمية اتباع نظام غذائي متنوع. كما يجب الحرص على الحصول على مضادات الأكسدة من الأطعمة الكاملة وإذا كنت بحاجة إلى تناول مكمل غذائي، فاطلب المشورة من طبيبك أو اختصاصي التغذية واختر المكملات التي تحتوي على جميع العناصر الغذائية بالمستويات الموصى بها. حيث لا تسمح الأدلة الحالية بالتوصية بمكملات مضادات الأكسدة كوسيلة مفيدة لمنع التعديلات الفيزيولوجية المرضية المرتبطة بالعمر والظروف السريرية، وتوجد العديد من المخاوف ليس فقط بشأن فعاليتها، ولكن أيضًا بشأن سلامتها. لن يتم تقديم أي توصية حتى تظهر صورة أوضح للآليات الكامنة وراء عملية الشيخوخة، والشبكة الموجودة بين جزيئات مضادات الأكسدة المختلفة، والعلاقة بين عامل الأكسدة والعامل المضاد للأكسدة، والتسبب في الضرر التأكسدي -الأمراض ذات الصلة، وسيتم توفير علامات موثوقة لمستويات الأكسدة ومضادات الأكسدة.

أ.د. هيثم زكي أستاذ مشارك بقسم التقنية الحيوية التطبيقية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصور