العودة للمدارس.. مفاهيم يلزم تصحيحها
مع كل مناسبة تتزايد فيها حركة السوق وإقبال المستهلكين ترتفع الأسعار بشكل تلقائي، غير مبرر أحيانا، لكنه يفرض على المجتمع تغيير ثقافته الاستهلاكية، بما يتناسب مع إمكانات الأفراد وأوضاعهم المعيشية.
وليس بخافٍ أن السوق المحلية، كغيرها من الأسواق حول العالم، تأثرت بالأزمات السياسية والاقتصادية التي أثرت على إمدادات السلع، وبالتالي تسببت في ارتفاع الأسعار، لكن هذا الأمر لا ينبغي أن يتخذه التجار ذريعة للمغالاة في الأسعار وتعميق معاناة المجتمعات التي تمر هي الأخرى بظروف معيشية ومادية صعبة.
ولا شك أن تجهيزات العودة للمدارس تفرض نفسها على المشهد الاجتماعي هذه الأيام، حيث يشكل توفير المستلزمات المدرسية الضرورية محور اهتمام الأسر وذروة انشغالها، وهو ما يستدعي من الجهات المعنية تكثيف الرقابة على الأسواق لضمان توفر المتطلبات المدرسية بأسعار مناسبة.
ولأن القدرات الشرائية تتفاوت بين أسرة وأخرى، يتوجب على الأسواق التنويع في عروضها وخياراتها المطروحة لتناسب مختلف الشرائح، كما يتوجب على كل أسرة إدارة مشترياتها من المستلزمات المدرسية بما لا يزيد عن حاجات أبنائها الضرورية وإمكاناتها المتاحة.
ولا شك أن تغيير نظرة أبنائنا إلى المستلزمات والأدوات المدرسية باعتبارها مجرد وسائل لطلب العلم، وليست للتفاخر بها ومباهاة أقرانهم، يمكن أن يشكل فارقا كبيرا عند التسوق، يسعف القدرات الشرائية للأسرة إلى جانب تصحيح المفاهيم الاستهلاكية لدى أبنائهم وتعويدهم على ترشيد الإنفاق والادخار.
إن التحضيرات للعام الدراسي لا يجب أن تقتصر على توفير الحقائب والدفاتر والأقلام وغيرها من المستلزمات المدرسية، فالعودة إلى مقاعد الدراسة مرحلة جديدة في حياة أبنائنا، تتطلب أن نسخر لهم الأجواء الأسرية المستقرة والتهيئة المعنوية المحفزة لاستقبال عام جديد، يثري فكرهم ويصقل مواهبهم ويحصدون من خلاله المزيد من ثمار العلوم والمعارف، وهو ما يرسخ في أذهانهم رسالة مفادها أن العلم لا يدرك بامتلاك حقيبة غالية الثمن وإنما بالانضباط والمواظبة وبالعقل الواعي المستنير.