فتاوى رمضان 2
من نوى الإفطار من الليل لأنه يقصد السفر، ولكن طلع عليه الفجر قبل أن يغادر وطنه، فهل يمسك أم يفطر؟
يلزمه قضاء يومه على كل حال، لأنه لا صيام لمن لـم يبيّت النية من الليل، وهذا قد بيت الإفطار، وأما الأكل بعد مغادرته ففيه خلاف، والأرجح جوازه، والأحوط تركه، والله أعلم.
هل يجوز للمرأة أن تستأجر صياما عن رجل أجنبي هالك؟
يجوز ذلك عند من أباح للأجنبي أن يصوم عن الميت بأجرة، والله أعلم.
أيهما أفضل الفطر أم الصوم في السفر؟جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام الربيع رحمه الله عن طريق أنس رضي الله عنه أنه قال: (سافرنا مع رسـول اللہ ﷺ فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم من المفطـر ولا المفطر من الصائـم)، وروى الحديث الشيخان وغيرهما، بلفظ: (فلم يعب الصائم على المفطـر ولا المفطر على الصائم)، وعلى كلتا الروايتين للحديث حكـم الرفع، فأما على رواية الربيـع فإنه نفى أن يكون رسول اللہ ﷺ عاب صائما من مفطر ولا مفطرا من صائم، أي: لم يقرهم على الصوم وحده دون الإفطار، ولم يقرهم على الإفطار وحده دون الصوم، بل كانوا جميعا سواء في الحكم، وبذلك أقرهم صلى الله عليه وسلم على ما هم عليه.
أما على الرواية الأخرى، فإن الحديث يدل على أنهم كانوا متقارنين على الصيام والإفطار معـا، وكان ذلك باطلاع النبي صلى الله عليه وسلم إذ السـفر كان بصحبته، وفي هذا ما يدل على أن هـذا الحكم أقره صلى الله عليه وسلم وتقريـره كفعله وكقوله، فيعطى الحديث حكم الرفع.
أما من حيث الأفضلية فالنـاس مختلفون في ذلك، فمنهم من فضل الصيام لقوله تعالى: (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) ولكن الآية ليست نصا في الموضوع، فهي جاءت بعد ذكر الفدية لمن كان مطيقا للصيام، وفي ذلك أخذ أنهم اختلفوا في هذه الفدية: هل حكمها باق أو هو منسـوخ؟ كما هو مبسـوط في كتب التفسير والفقه.
أما الذين قالوا بتفضيل الإفطار على الصيام فقد استدلوا ببعض الروايات منها: حدیث: «ليس من البر الصيام في السـفر»، وهو حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري من طريق جابر بن عبد الله، ولكن في رواية الحديث ما يدل على السبب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلـم رأى رجلا قد ظلل عليه يلقى في صيامه، فقال صلى الله عليه وسلـم: «ليس من البر الصيام في السـفر»، أي: إذا بلغ الإنسان إلى مثل هذه الحالة.
والحديث وإن استدل به الذين لم يجيزوا الصيام في السفر حتى قالوا: (من صام في سفره كمن أفطر في حضره) أخـذا بظاهر هذا الحديث، وأمر النبي صلى الله عليه وسلـم أصحابه أن يفطـروا في عام الفتح، إلا أنه لا حجة في الروايتين على ذلك.
أما حديث: «ليس من البر الصيام في السفر» فهو وإن ورد بسبب خاص وكان بصيغـة عامة، وقد قال العلماء: (لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ)، إلا أن هنالك قرائن تدل على مراعاة هذا السبب في مثل هذا الحكم مع الجمع بينه وبين الروايات الأخرى، هذه القرائن هي: أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسـه صام في السفر وأفطر، والصحابة كانوا يصومون ويفطرون، فمع وجود مثل هذه القرائن يتبين أنه ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أراد تطبيق هذا الحكم على من وصل إلى هذه الدرجة من الضعف بسبب صيامه في سفره، فليس من البر أن يصوم، ومن العلماء من قال إن ذلك ليس من البر الذي بلغ حد الكمال، ولا يعني أن ضده فجور، ومثله مثل قوله تعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)، مع أن الإنسان إذا أنفق في نفقات التبرع من رديء ماله لا يقال إنه ليس مـن الأبرار، وأن عمله هـذا من الفجور، ولكن ليس ذلك من البر البالغ حد الكمال. وفعله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح وأمره لأصحابه أن يفطروا إنما كان لأجل مواجهة العـدو، وقد كان صلى الله عليه وسلم في بداية الأمر أقر أصحابه من أراد منهم الصيام، فقد صام هو وأصحابه حتى بلغوا الكديد فأفطر، وأمر أصحابه بادئ الأمر بالإفطار فكانت رخصة ـ كما يقول أبو سعيد الخدري ـ، ثم قال بعد ذلـك: «إنكم مصبحـو عدوكم فأفطروا فالفطر أقوى لكم فكانت عزيمة»، أي: تحولت الرخصة إلى عزيمة من أجل مواجهة العدو، ولا يعني ذلك أن الفطر في السفر واجب على من كان قادرا على الصوم بل هو مخير بين الإفطـار والصيام، وإنما يترجح الإفطار عندما يواجه الإنسان مشقة، ويترجح الصيام عندما يكون في راحة من غير مشقة، لأن مشروعية الفطر في السفر من أجل دفع الضرر ونفي الحرج، ومع انتفاء الضرر ورفع الحرج يترجح الصيام في الشهر الفضيل، حرصا على أن يكسب الصائم في ذلك فضل الشهر بجانب كسبه فضل الصيام، والله أعلم.
هل يلزم المسافر إذا رجع إلى بلده أثناء النهار الإمساك إذا كان مفطرا؟
استحب له بعض الناس الإمساك، ولكن لا دليل على هذا، والقول الراجح أنه لا مانع من أن يفطر، إذ الإمساك لا يجديه شيئا وقد أصبح مفطرا، وفطره كان بوجه شرعي سائغ له، وقد ذكر في بعض الكتب أن الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه رجع من سفره وكان مفطرا، ووجد امرأته طهرت من حيضها فواقعها في نهار رمضان، وهذا يدل على أنه ترجح عنده القول بعدم الإمساك، والله أعلم.
السؤال:
رجل غادر من بلده سنوات عديدة ولم يصم في سفره، ثم رجع إلى بلده وصام ما فاته من السنوات تقريبا، فهل عليه كفارات؟لا يلزم المسافر إن عاد إلى بلده وقد أفطر في سفره غير قضاء ما أفطر والله أعلم.
ما قولكم في استئجار الصيام عن الميت للمرأة والرجل؟ لم أجد دليلا في السنة على جواز أخذ الأجرة على النيابة في الصيام عن الميت، وإنما ترخص فـي ذلك أصحابنا من أهل المشـرق، ولا أقوى على الأخـذ بهذه الرخصة لعـدم الدليل عليها، فلذلـك لا أرى إباحة ذلك لرجل ولا لامرأة، والله أعلم.
إذا لم يستطع الرجل أن يصوم عن نفسه في حياته، فهل له أن يستأجر من يصوم عنه؟
إذا لم يستطع الصوم فليطعم عن كل يوم نوى صومه مسكينا واحدا، ولا يستأجر غيره للصيام عنه لعدم مشروعيته، والله أعلم.
هل لي أن أدفع لمن يصوم عـن والدي، علما أنه ليس عليه قضاء أو كفارة، وإنما وددت ذلك من قبيل التطوع والثواب؟
الجواب
ليس ذلك واجبا عليك، والصدقة عنه أولى، والله أعلم.
السؤال:
امرأة عليها كفارة شهرين متتابعين، صامت الأول فهل لها أن تؤجر من يصوم عنها الشهر الثاني، لأنها متعبة ولا تتحمل الصوم؟
الجواب:
لا يجوز لها ذلك، فإن عجزت عن الصيام عدلت إلى إطعام المساكين، وهم ستون مسكينا، والله أعلم.
السؤال:
امرأة عجوز لا تستطيع الصوم، فأرادت أن تؤجر صوم شهرين تطوعا عنها، فما قولكم؟
لا تؤجر، ولكـن تتصدق بمـا أرادت التأجيـر عنه، فذلـك خير لها، والله أعلم.
السؤال:
استأجر رجل من آخر صيام شهر واحد بمبلغ معين، ثم اتفق المستأجر أن تصوم زوجته عنه نصف الشهر، ويصوم هو (المستأجر) الباقي؟
الجواب:
عليه أن يتم الشهر كله بنفسه حسب الاتفاق، والله أعلم.
السؤال:
هل يجوز أن يقتسم الورثة الصيام بينهم (أي الصيام عن وليهم)؟
الجواب:
نعم يجوز ذلك بل هو الأصل، ولكن الذين يصومون الشهر ينسقون بينهم، بحيث يفطر السابق عند صيام اللاحق، والله أعلم.