رسائل النبي إلى الملوك والزعماء: رسالتا النبي إلى «فروة ورفاعة الجذامي» «يقاتلون الكفار.. وينصرون الله ورسوله»
الاثنين / 21 / رمضان / 1440 هـ - 22:40 - الاثنين 27 مايو 2019 22:40
إعـــــــداد: مـــــــيرفت عزت -
يذكر «لأبى محمد عبد الملك بن هشام»، تحقيق،محمد محى الدين عبد الحميد في «كتاب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم»، جذام هو «عمرو» بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهى إحدى القبائل العربية القحطانية اليمانية الأصل، وكانت منازل هذه القبيلة في الجاهلية شمال الجزيرة العربية، وأبرزها مدن تبوك وحسمي ومدين، وحقل العقبة، ثم انتشرت بعد الفتح الإسلامي في بلاد الشام ومصر.
ومن القبائل الجذامية التي حكمت الأندلس، بنو هود: من ملوك الأندلس أيام الطوائف، وهم بنو هود بن عبد الله بن موسى بن سالم الجذامي ويقال: إنهم من ولد روح بن زنباع، وأول من ملك منهم سليمان المستعين «بسرقسطة (الصفحة غير موجودة)» بسرقسطة، ودام ملكهم مدة ودانوا بطاعة خلفاء «بني العباس» بني العباس وبنو مردنيش: من ملوك «بلنسية» من الأندلس في جملة ملوك الطوائف. قال في العبر: وأول من ملك منهم عبد الله بن سعد بن مردنيش الجذامي. وبقي الملك فيهم إلى أن غلبهم الطاغية صاحب «برشلونة» برشلونة من «الأندلس».
يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن حديدة الأنصاري في كتاب» المصباح المضيء في كتاب النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ورسله إلى ملوك الأرض»، روى ابن الجوزي عن رامل بن عمرو الجذامي قال: كان فروة بن عمرو ابن النافرة الجذامي ثم التعاثي عاملا للروم على من يليهم من العرب، وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام، فأسلم وبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا بإسلامه، وأهدى له بغلة بيضاء، وفرس وحمار وأثواب وقباء سندس محوص بالذهب. فكتب له الرسول صلى الله عليه وسلم:
نص الرسالة:
«من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فروة بن عمرو، وأما بعد:
فقد قدم علينا رسولك وبلغ ما أرسلت به، وخبر عما قبلكم، وأتانا بإسلامك، وإن الله هداك بهداه».
وأمر بلالا فأعطى رسوله اثنتي عشرة أوقية ونشا. قال الجوهري: النشا: عشرون درهما وهو نصف أوقية.
وبلغ ملك الروم إسلام فروة فدعاه فقال له: ارجع من دينك. قال لا أفارق دين محمد صلى الله عليه وسلم، وإنك تعلم أن عيسى قد بشر به، ولكنك تضن بملكك، فحبسه. فقال في محبسه ذلك
طرقت سليمى موهنا أصحابي
والروم بين الباب والقروان
صد الخيال وساءه ما قد رأى
وهممت أن أغفى وقد أبكاني
لا تكحلن العين بعدي إثمدا
سلمى ولا تدين للإتيان
ولقد علمت أبا كبيشة أنني
وسط الأعزة لا يحص لساني
فلئن هلكت لتفقدن أخاكم
ولئن بقيت ليعرفن مكاني
ولقد جمعت أجل ما جمع الفتى
من جودة وشجاعة وبيان
فلما أجمعت الروم على صلبه على ماء لهم يقال له: عفرى بفلسطين قال:
ألا هل أتى سلمى بأن حليلها
على ماء عفرى فوق إحدى الرواحل
على ناقة لم يضرب الفحل أمها
مشذبه أطرافها بالمناجل
قال: وزعم الزهري أنهم لما قدموه ليقتلوه قال:
بلغ سراة المسلمين بأنني سلم لربي أعظمي ومقامي
قال: ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ذلك الماء، رحمه الله، ورضي عنه وأرضاه، وجعل الجنة مثواه.
يضيف، شيخ الإسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن على في كتاب «رسائل ورسل رسول الله إلى الملوك والأشراف»، وممن كتب إليهم صلى الله عليه وسلم: رفاعة الجذامي ثم الضبيني:
قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية قبل خيبر: رفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيني، فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً.
قال ابن عبد البر: غلاماً أسود، المسمى بمدعم المقتول بخيبر، وأسلم رفاعة وحسن إسلامه، وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى قومه.
نص الرسالة:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله لرفاعة بن زيد، أنى بعثته إلى قومه عامة، ومن دخل فيهم، يدعوهم إلى الله وإلى رسوله، فمن أقبل منهم ففي حزب الله وحزب رسوله، ومن أدبر فله أمان شهرين».
فلما قدم رفاعة على قومه أجابوا وأسلموا، ثم سار إلى الحرة، حرة الرجلاء فنزلها- حرة الرجلاء بفتح أوله ممدود في ديار جذام، قاله لبكرى.
قال ابن عبد البر: أهل النسب يقولون الضبينى من بنى ضبينة بالنون من جذام.
ويذكر الحافظ ابن كثير أنه بعدما ضرب عنق فروة بن عمرو بن النافرة الجذامي وصلبه على ماء عفرى أياما، لم يكن يعلم الذين صلبوه أن هذا البطل العربي المعاني خلــد اسمه رضي الله عنه وأرضاه في سفر التاريخ الإسلامي كأول شهيد للإسلام في بلاد الشام، ولتزهر بذرة شهادته بعد عام من استشهاده فينطلق من معان وفد من جذام برئاسة رفاعة بن زيد لمقابلة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة للهجرة ليعلنوا إسلامهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكرمهم صلى الله عليه وسلم بهذه الشهادة النبوية الكريمة: «الإيمان يمان هكذا، وهكذا بني جذام، صلوات الله على بني جذام، يقاتلون الكفار على رؤوس الشعب، وينصرون الله ورسوله».