روضة الصائم

اســـــــتراحة: لماذا أنت في الدنيا ؟

اختيارات: مــــــنار العــــــدوية - البطولة أن تؤمن بالآخرة .. أن تعمل للآخرة .. أن تنقل اهتماماتك للآخرة .. أن تعرف لماذا أنت في الدنيا ..؟ أنت في الدنيا من أجل أن تعرف الله .. ومن أجل أن تنضبط بمنهجه .. ومن أجل أن تحسن إلى خلقه .. لتكون المعرفة والانضباط والإحسان سببا لدخول الجنة .. جنة عرضها السماوات والأرض .. جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت .. ولا خطر على قلب بشر .. كن ساجدًا ما الذي يبطئك عن الله ؟ ما الذي يجعلك تتأخر عن الانضمام لركب الأوّاهين الأوّابين الذين يرتلون كلامه في جوف الليل ؟ شكل الجنين في بطن أمه قريب جدًا من شكل الساجد لله ! فكن في حياتك ساجدًا كما كنت في بطن أمك، يكفيك الله رزقك ويجعل أضيق الأماكن أهنأها، ويحيطك برحمته . كن ساجدا بقلبك، وإن رفعت رأسك . قل بنبضاتك: سبحان ربي الأعلى.. وإن كنت ضاحك الثغر . اهمس بشرايينك: يا جابر المنكسرين اجبر كسري، ثم تأمل في المعجزة وهي تشكّل روحك من جديد.. اللهم اجبر كسر قلوبنا، وكسر أرواحنا، وكسر أجسادنا، إنك على كل شيء قدير . يحبك مبتسما يجلس بانكسار بعد صلاة المغرب يستغفر الله، جيبه خاوٍ إلا من ريالات لا تصنع أمام احتياجات الحياة شيئًا، يكاد الناظر إليه من بعيد يدرك مدى الفاقة، وكمية الخدوش المتناثرة في نفسه، ولكن الجبّار كان ينظر إليه من أعلى سماواته، فما كتب عليه تلك الليلة أن ينام إلا وقد سدّ فاقته بما لم يكن يتوقعه أو يتخيله . يحبك سبحانه مبتسما، فيصنع من جميل أقداره ما يعين ثغرك على الافترار، ويجعل الابتسامة تطرد ملامح الكرب عن وجهك. إذا رأيته منكسرا فاجبر كسره، كن أنت الذي يستخدمك الله لجبر الكسور، لا تنم وجارك جائعا، لا تضحك وأخوك يبكي، لا تنعم بدفء بيتك وهناك من هدهدت رياح الشتاء أبدانهم الضعيفة. وسع صدرك تسعد حتى يعيش الإنسان منا حياة هادئة إيجابية.. ينصحنا المشتغلون والباحثون في العلاقات الإنسانية، بعدد من الأمور، منها سعة الصدر والأفق، خاصة إذا أوقعت أحدنا الظروف في أن يتعامل مع آخرين متنوعي الفكر والميول والأهواء. وقد نتساءل ها هنا ونقول: لماذا يجب علينا أن نكون أصحاب آفاق واسعة، ولماذا يجب أن تكون صدورنا متسعة للكل بغثهم وغثيثهم ؟ تساؤل مشروع ويحتاج إلى التوقف بعض الشيء. تخيل ما سيحدث لو قمنا بتضييق الآفاق وإغلاق الصدور، ونحن نتعامل مع الآخرين من حولنا. على اختلاف أفهامهم وأمزجتهم.. إن مآلنا نهاية الأمر أن ننعزل عن الناس، بل سيبدأ الناس قبل ذلك باعتزالنا وتركنا وحدنا نسبح في عالم من الخيالات والرؤى الزائفة، لماذا ؟ لأننا لن نجد أناسا وفق مقاييسنا ورغباتنا، كما لو كانوا أجهزة وآلات ميكانيكية، نصممها وفق ما نرغب ونشاء.. لا، الأمر يختلف تماما مع البشر، وكلنا يعلم ويدرك هذه الحقيقة . حين نضيّق آفاقنا، فإنه يعني كإعلان صريح على عدم استعدادنا لتقبل الآراء المخالفة لآرائنا، ولو كانت بها نسبة ضئيلة من الصواب. ذلك أن الشخص ضيّق الأفق، يعتقد أن الرأي هو ما يذهب إليه، فيما غير ذلك من آراء، لا تستحق النظر فيها أو الاهتمام بها، بل ربما وجدته يبذل من الجهد الكثير لأجل دحر أو سحق ما لا يتوافق معه من آراء ! حتى نعيش سعداء إذن ومتفاعلين مع الغير، إيجابيين في الأخذ والعطاء والتعاطي مع أفراد المجتمع، لابد أن تتسع صدورنا لتقبل آراء الجميع وبشيء من التفهم، خاصة المخالفة لآرائنا، لسبب بسيط جدا هو أن الرأي المخالف لا يمكن أن يكون خاطئا كله، بل من المؤكد أن هناك نسبة من الصواب فيه وحوله، وهي النسبة التي يجب التنبه إليها ونتعاطى معها أولا قبل نقاط الاختلاف، فلعل منها يكون الخير على الطرفين ..